الوضع المظلم
الأربعاء ٢٥ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
اتفاق بنس- أردوغان شرعنة الاحتلال.
محمود كمال بكو 

بين تصريح أردوغان "سحق رؤوس الأكراد" وتصريح ترامب "إعادة توطينهم في أمكان جديدة" يظهر مدى التناغم والانسجام والتوافق الإدارتين أمريكية - التركية فيما يتعلق بالغزو التركي لشمال شرق سوريا؛  وعلى ضوء ذلك تتم الآن ترجمة هذه التصريحات ميدانياً بانسحاب سريع للقوات الأمريكية من قواعدها في المنطقة والضغط على قوات سوريا الديمقراطية للالتزام باتفاق وقف إطلاق النار، بينما تتقدم القوات التركية وفصائل المعارضة الجهادية في المناطق التي تنسحب منها قوات سوريا الديمقراطية في إطار تنفيذ اتفاق إطلاق النار في شمال شرق سوريا.


 


اتفاق وقف إطلاق النار 


      بعد دخول العملية التركية المسماة "نبع السلام" شمال- شرق سوريا أسبوعها الثاني؛ أعلن نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس مساء الأربعاء 17 أكتوبر- تشرين الأول الجاري من أنقرة، بالتوصل مع الجانب التركي إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في شمال -شرق سوريا.


نص الاتفاق على بنود تجيز بموجبها الولايات المتحدة الامريكية للقوات التركية بالسيطرة على المنطقة الآمنة وبعمق تصل إلى 20 ميل داخل الأراضي السورية كما نص الاتفاق، وعلى تعهدٍ أمريكي بسحب الأسلحة الثقيلة من قوات سورية الديمقراطية؛ وبذلك تكون الولايات المتحدة الأمريكية انقذت حليفتها تركيا من الغرق في رمال مغامرتها عسكرية وساعدتها في تحقيق أهداف عملتها العسكرية كما أضفت شرعية على الاحتلال التركي لباقي مناطق شمال – شرق سوريا.  


 


الغطاء الديني للغزو التركي


      مساء يوم الأربعاء 9 أكتوبر – تشرين الأول الجاري شنَّ الجيش التركي – المحمدي - كما وصفه الرئيس التركي عدوانه على مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية شمال شرق سوريا، بمؤازرة عشرات الألاف من الجهاديين السوريين المنضويين تحت راية الجيش الوطني؛ الذي أسسته الاستخبارات التركية قبل أسابيع من بدء العملية العسكرية التركية المسماة نبع السلام.


صباح يوم الثاني من بدء العملية العسكرية التركية عنونت صحف التركية الغزو التركي بالحرب على الكفار وبثت قنوات التلفزة التركية الرسمية مشاهد للجنود الأتراك وهم يتوجهون إلى ساحة القتال على وقع تلاوة سورة فتح من القرآن، في محاولة للحكومة التركية إضفاء شرعية الدينية على عمليتها العسكرية من جهة ودغدغة مشاعر الجهاديين من جهة أخرى لحثهم على القتال الى جانب قوات التركية، إلى ذلك  زج الجيش التركي  بالفصائل الجهادية  المسلحة المدرّبة  في معسكراته كرأس حربة في جبهات؛ لما يُعرف عن تلك الفصائل من البطش والإجرام بغية ترهيب المدنيين وحملها على الفرار؛ لاحقاً ارتكب  تلك الفصائل جرائم بشعة واعدامات ميدانية بحق المدنيين والإعلاميين والفرق الإسعاف قرب مدينة رأس العين – سري كانييه تصنف كجرائم حرب.


 


الضوء الأخضر


     رغم نفي الإدارة الأمريكية مراراٌ أعطاءها الضوء الأخضر للغزو التركي إلا أن تغريدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المتلاحقة، تظهر تخليه عن الأكراد مقابل صفقة تجارية مع الرئيس التركي إثر اتصال هاتفي جرى بينهما في السادس من أكتوبر –تشرين الأول المنصرم.


بذلك أدارت الإدارة الأمريكية ظهرها لقوات سوريا الديمقراطية الحليف الميداني للتحالف الدولي المناهض لتنظيم داعش الإرهابي، رغم أن هذه القوات أبدت مرونة وتعاون مع واشنطن لتبديد مخاوف أنقرة فيما تتعلق بالمنطقة الأمنة، وإبعاد مقاتلي الحزب العمال الكردستاني عن حدود التركية الجنوبية.


كما أقدمت قوات سورية الديمقراطية وبطلب من واشنطن على ردم تحصيناتها الدفاعية وسحب أسلحتها الثقيلة من حدودها مع تركيا، وبذلك أصبحت تلك القوات المكشوفة الظهر أمام الجيش التركي، عدا عن قيام الجيش التركي بجمع معلومات استخباراتية من خلال قيامه بثلاثة جولات ميدانية برفقة الجيش الأمريكي داخل المناطق التي عدّت فيما بعد مسرحاً للعمليات العسكرية التركية، ضمن اتقاق مزمع على إنشاء المنطقة الآمنة وبذلك تكون إدارة أمريكية قد قدمت خدمات لوجستية خطيرة للجيش التركي.


 


خفايا الغزو التركي


      إعلامياً تكيل تركيا اتهامات عديدة لقوات سوريا الديمقراطية وتصفها بأنها جزءٍ لا يتجرأ من حزب العمال الكردستاني الذي تحاربه أنقرة منذ بداية ثمانيات القرن الماضي، وتتهمها بأنها تهدد وحدة الأراضي السورية من خلال السعي لإنشاء كيان مستقل للأكراد في شمال – شرق سوريا.  إلا أنّ جوهر أهداف الغزو التركي يمكن تلخيصه فيما يلي:



  • استكمال احتلال لما تبقى من الأراضي السورية الواقعة على حدوها الجنوبية بأعماق متفاوتة تتناسب طرداً مع عمق الديمغرافي للتواجد الكردي، بغية استبدال سكان المنطقة بالمهجرين السوريين الذين تم إجلاؤهم إلى شمال- غرب سورية من مناطق التي كانت تحت سيطرة المعارضة السورية المسلحة في ريف دمشق وحمص وحماة؛ بعد سيطرة قوات نظام بشار الأسد وروسيا على تلك المناطق.

  • إنشاء مخيمات للاجئين السوريين داخل الأراضي السورية المزمع احتلالها "نحو 20 ميل" والتي نصت عليها أيضاً الاتفاق بنس –أردوغان، هذه المخيمات خططت لها أن تأوي نحو ثلاثة ملايين لاجئ وسوف يتم إجبار هؤلاء على الانتقال من كافة انحاء تركيا إلى تلك المنطقة الآمنة.

  • السيطرة على مخيمات وسجون تنظيم داعش الإرهابي بغية تحقيق هدفين استراتيجيين:



  1. التخلص من عناصر تنظيم داعش الإرهابي الذين لهم ارتباط وثيق بالاستخبارات التركية، كذلك الذين يمتلكون معلومات دامغة عن التعاون والتساهل القائم بين تركيا من جهة وبين تنظيم داعش الإرهابي من جهة أخرى.

  2. ابتزاز العالم ولا سيما الأوربيين بورقة معتقلي عناصر تنظيم داعش الارهابي لحملهم على إسهام في بناء المخيمات المنشودة في المنطقة الآمنة شمال – شرق سورية، بعد أن رفض الأوربيين الاسهام في مخطط تركيا لإنشاء تلك المنطقة.


اتفاق بنس- أردوغمحمود كمال بكو ان شرعنة الاحتلال. اتفاق بنس- أردوغان شرعنة الاحتلال. 


محمود كمال بكو 


باحث في قسم دراسات جيوسياسة جامعة لوميير فرنسا


....


العلامات

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!