الوضع المظلم
الجمعة ٠٣ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
إيران تسطو على مراكز البحث العلمي السورية 2
أحمد رحال

بعد اندلاعِ الثورة السورية، قام نظام الأسد وبمساعدة الإيرانيين بنقل جميع الآليات والأجهزة من مركز البحوث العلمية بمنطقة السفيرة في حلب إلى مصياف وأحيط بكادر جديد من الطائفة العلوية.

ومن مصياف إلى تقسيس جنوب شرقِ حماة، حيث يقع مركز بحث علمي ثان تابع للمشروع "99"، وهو متخصص في إنتاج صواريخ أرض أرض متطورة، وهو المركز الأكبر لوجود أنفاق ومستودعات تحت الأرض يصعب كشفها كونه في الأصل كان مقراً لقيادة اللواء 47 مدرعات التابع لجيشِ النظام قبل أن يتحول (مؤخراً) وبقرار إيراني إلى قاعدة عسكرية، خاصة بالحرس الثوري الإيراني عبر فيلق القدس.

أمّا المركز الثالث والأخطر ضمن المشروع "99"، فهو يقع على أطرافِ بحيرة قطينة غرب حمص، حيث يتواجد فيه عناصر لحزب الله، وخطورته تكمن بوجودِ أنفاق تحت الأرض تنقله لداخل الأراضي اللبنانية أو تصله مباشرة بمطار الضبعة (في ريف حمص على الحدود اللبنانية) حيث يتمُ اسخدام مستودعاتِ المطار المحصنة والمموهة لتخزينِ الطائرات المسيرة.

تعرض هذا المركز للقصف الإسرائيلي أكثرَ من مرة، وتم تفتيشه من قبل الأمم المتحدة، غير أن الأسلحةَ الكيماوية كانت قد هربت ونقلت قبل جولات التفتيش الأممية إلى داخل الأراضي اللبنانية عبرَ أنفاق خاصة حفرها عناصر حزب الله، بينما هرب القسم الآخر إلى مستودعاتٍ سرية في صحراء تدمر أو إلى مستودعات خاصة في الساحل السوري في جبال اللاذقية.

ولكن ما هي أنواع الصواريخ التي ينتجها مشروع "99"؟

أنتجَ "المشروع 99" عدة أطرزة من صواريخَ "سكود" بالتعاون مع خبراء كوريا الشمالية، ولاحقاً مع خبراء إيرانيين وهي:

_ جولان 1 بمدى 600 كم، وهو نسخة محلية الصنع مطورة لصواريخ SCUD C.

_ جولان 2 وهو صاروخ مطور محلياً لطراز صاروخ SCUD، يصل مداه إلى 850 كم.

_ شهاب 1 هو نسخة إيرانية مطورة لسكود B بطول يصل إلى أحد عشر متراً وبمدى 330 كيلومتراً.

_ كما ينتج مشروع "99" صواريخ "تشرين" التي هي نسخة مطورة عن صواريخ فاتح 110 الإيرانية، دقيقة الإصابة بمدى 300 كم.

أما عمليات التحصين لمبانٍ ومنشآت مراكز الدراسات والبحث العلمي السورية، والتي قام بها خبراء كوريون شماليون وطورها الإيرانيون بدرجة تجعل من الوصول إليها أو التأثير عليها أمراً بالغ الصعوبة، ولنعلم مدى تحصين تلك المراكز يمكن أخذ موقع جمرايا بدمشق، الخاص بإنتاج وتطوير الأسلحة الكيماوية مثالاً على ذلك.

تحصينات مركز جمرايا

هذا المركز الذي يتواجد شمال غرب دمشق على بعد كيلومترات قليلة من القصر الرئاسي السوري في جبل قاسيون، ويعتبر من أهم المراكز الاستراتيجية العسكرية للنظام السوري، وتنتشر في محيطه أهم قطعات الجيش السوري من وحدات الحرس الجمهوري، يتستر موقع جمرايا باسم مؤسسة مدنية لتغطية أكبر مواقع النظام بإنتاج الأسلحة الكيماوية المحرمة دولياً، لذلك يحاط الموقع بأشد الإجراءات الأمنية والسرية لإخفائه عن أعين الجميع، بما فيهم السوريون، حتى العاملون فيه يخضعون لإجراءات رقابية صارمة لمنع أي تسريبات، والاتصال بهم يكون محدوداً وتحت السيطرة ويمنع تواصلهم مع الأجانب أو أي وكالات أجنبية منعاً باتاً.

المركز -كما أسلفنا- يضم خبراء روساً وإيرانيين وكوريين، إضافة للسوريين، والإيرانيون استحدثوا داخل المركز قسماً خاصاً بهم لتطوير وإنتاج الطائرات المسيرة، وسنبين بالتالي لماذا تم استهداف المركز أكثر من مرة، ولماذا لم يتأثر المركز من الداخل بعمليات القصف بعد كل تلك الضربات، سواء الضربات الصاروخية الإسرائيلية أو القصف الجوي.

يعود سبب عدم تأثره للمستوى العالي والشديد من أعمال التحصين والشديدة السرية التي يتمتع بها المركز، مساحة المركز حوالي 3 كيلو متر مربع، له خمسة بوابات دخول رئيسة، واحدة بالشمال واثنتان بالجنوب واثنتان بالجنوب الغربي، وله مدخل احتياطي بالجزء الشمالي الشرقي، إضافة لمدخلين سريين بالشمال لا يظهران للعيان، داخل المركز هناك 51 نفقاً سرياً على عمق 100 متر تحت سطح الأرض، وهناك أقسام وخطوط إنتاج يصل عمقها لحوالي 300 متر تحت الأرض، وتلك الأعماق تمنع التأثير عليها فيما لو قصف المركز بقنابل ذرية تكتيكية، يضم المركز قاعات وصالات وخطوط إنتاج وغرف اجتماعات على أعماق متفاوتة تصل مساحتها لمساحة أربعة ملاعب كرة قدم، أما جدرانه فمصممة بشكل خاص لمنع تأثرها بالاهتزازات الأرضية أو التفجيرات الجانبية بعد استقدام مواد من كوريا الشمالية، خاصة بامتصاص الصدمات، تصل سماكات بوابات المركز لحوالي 2,5 متر مصنوعة من الإسمنت والفولاذ، مما يصعب عملية اختراقها، وتتصل تلك البوابات بسكك حديدية داخلية تخرج منها منصات صواريخ متطورة بعيدة المدى يمكنها أن تقوم بالإطلاق والعودة للداخل مباشرة لمنع استهدافها. (تقرير لقناة الحدث)

كيف تؤمن المواد الأولية لصناعة الأسلحة الكيماوية؟

المواد التي تدخل في تركيب صناعة المواد الكيماوية هي مواد أولية يتم استيرادها من الخارج بشكل منفصل عبر مؤسسات مدنية من بقية وزارات الدولة، باعتبارها مواداً ذات استخدام مزدوج، وأنها ستستخدم بالمجال الطبي أو الصناعي أو في مخابر وزارة الزراعة، ثم يستلمها علماء مراكز الأبحاث في مراكز جمرايا وأبو الشامات والفرقلس، وهناك يعيدون خلطها وتركيبها من جديد لتصبح أسلحة كيماوية، ثم ترسل لمستودعات التخزين المنتشرة بالبادية السورية أو في مجنبات طريق دمشق حمص في منطقة "التنايا"، أو في جبال محافظة اللاذقية (هناك حوالي 50 مستودعاً لتخزين الأسلحة الكيماوية قسم منها اعترف النظام بها أثناء حملة تفتيش الأمم المتحدة لكن بعد أن أفرغها من محتوياتها).

قطاع مركز البحوث العلمية في "مصياف" السورية، أو ما يعرف بالمشروع الإيراني "99"، هو مركز شغلَ الإسرائيليينَ لخطورتِه وتعرض لقصفٍ جويّ متعدد وبلا هوادة.

ماذا يحدث في هذا المركز؟ ولماذا هذا الإصرار على تدميره من قبل إسرائيل؟

خطورة المشروع 99 تكمن بكونهِ مركزاً أساسياً لإنتاج وتطوير الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، ومؤخراً أصبح ينتج حبيبات الكربون (cv) الخاصة بصناعة المعادن الخفيفة التي تستخدم بصناعة الصواريخ والطائرات المسيرة، وهو يخضع بشكل كامل لسيطرة الحرس الثوري الإيراني وعناصر حزب الله.

يقع المركز تحديداً في قرية الزاوية بريف محافظة حماة، ويبعد نحوَ 8 كيلومتراتٍ عن مصياف في منطقةٍ جبلية وعرة، أمّا أمنياً فهو محصنٌ بدرجةٍ عالية من السرية، لأن كل أدوات خطوط إنتاجه وتصنيعه تقع تحتَ الأرض بالكامل وبأعماقِ لا تقل عن 25 متراً، ومنشآت المركز محصنة بسماكةِ أسمنتٍ وحديدٍ ورصاصٍ على أسقف الأبنية في الداخل ما بين 3 إلى 4 أمتار، وبالتالي هو عصيٌّ عن الضربات الجوية الإسرائيلية، تماماً كمركز البحث العلمي "جمرايا" في دمشق، الأشد تحصيناً ومناعة.

بهذا الشكل يتضح تماماً أن الضربات الإسرائيلية لم تكن تستهدف خطوط الإنتاج داخل مراكز البحث العلمي السورية، لعلمها المسبق باستحالة إصابتها وتدميرها على تلك الأعماق السحيقة التي تتموضع فيها، إنما يتم استهداف فقط الأرتال الخارجة من مواقع التصنيع وهي بطريقها لمستودعات التخزين التي تشحن لها تلك الصواريخ أو الطائرات المسيرة بعد إنتاجها، أو تقصف تلك الشحنات بعد وصولها لمستودعات التخزين، أو عندما تكون تلك الشحنات بطريقها لحزب الله داخل الأراضي اللبنانية أو بطريقها للميليشيات الإيرانية المنتشرة داخل الجغرافية السورية.

 

ليفانت - أحمد رحال  

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!