-
إخوان سوريا.. "الماريونيت" الذي يتحكّم قصر المهاجرين بخيوطه
لم تتفق التيارات السياسية المعارضة في سوريا على رأي بقدر اتفاقها على أن تنظيم الإخوان في سوريا هو من أوصل حال الثورة السورية إلى ما وصلت إليه من تبعية وتشرذم، حيث باتت كل التيارات تتهم تنظيم الإخوان بتدمير كل الأجسام السياسية المعارضة بعلاقاتها مع الدول الإقليمية المؤثرة على المعارضة السورية، في مقدمتها تركيا وقطر اللتان اتقنتا لعبة تدمير أي جسم سياسي معارض يحاول العمل دون تدخلات، من خلال إنشاء جسم آخر بتمويل ضخم وشراء ذمم والدفع باتجاه شرعنته أمام المجتمع الدولي، عبر أذرع الإخوان المنتشرة في كل مكان، وتحت أسماء وهمية، وإنكار التبعية للتنظيم، على اعتبار أنّهم بعرفون سلفاً أن السوريين سواء كانوا سياسيين أو مواطنين عاديين باتوا بعرفون ان الإخوان يدمرون كل شيء من أجل مصالحهم. إخوان سوريا
تنظيم الإخوان المسلمين في سوريا أصبح واقعاً، وصاحب نفوذ منذ بدايات تشكيل التنظيم الأم في مصر، وعمل في حقل السياسة في خمسينيات القرن الماضي، وتصادم مع حزب البعث الذي حكم سوريا بعد انقلاب 1963، حيث بدأ هذا الصدام في حماه عام 1964 وتم القضاء عليه بوحشية مفرطة، بنفس الطريقة التي تم القضاء على تمردهم ضد حافظ الأسد في الثمانينيات من القرن الماضي، ومنذ تلك الأحداث الدامية استطاع هذا التنظيم أن يحظى بتعاطف شعبي إلى حد كبير .خاصة وان الخصم هو الأسد الأب الذي كان يصفه السوريون بالطاغية و"فرعون العصر"؛ هذا الطاغية أطلق يد أخيه الذي كان يقود ما يسمى "سرايا الدفاع" ونفّذت جريمة هزت العالم الذي بقي صامتاً بعد قتل نحو (40 ألف) مدنياً من أهالي مدينة حماه، رغم أن الأرقام أثبتت أن الطليعة المقاتلة التابعة لتنظيم الإخوان التي كانت تتحصن في حماه لا يتجاوز عددها 400 مقاتل، حيث بدا أنه انتقام طائفي من أهالي حماه.
استطاع التنظيم عبر مظلوميته وادّعائه بأنه يقاتل نظاماً طائفياً أن يشكّل حاضنة شعبية متعاطفة معه بعد تلك الأحداث، إلا أن ممارسات قيادات التنظيم والاستثمار في المظلومية لبناء ثروات طائلة، وزرع فتن بين المكونات السورية، ما جعل هذه الحاضنة تنفض عنهم بشكل تدريجي إلى أن اندلعت الثورة السورية في عام 2011 وسقط قناع الإخوان عن هدفهم الرئيسي.
- مناورات الإخوان بعد توريث الحكم في سوريا
مات حافط الأسد في 10حزيران 2000، وبات توريث الحكم لابنه الثاني بشار مسألة وقت بعد تعديل الدستور السوري في مجلس الشعب، في جلسة لم تستمر لأكثر من 15 دقيقة ليصبح "بشار الأسد" المرشح الوحيد للقيادة القطرية لحزب البعث الحاكم، لتأتي وزيرة خارجية الولايات المتحدة آنذاك "مادلين أولبرايت"وتبارك هذا التوريث بجملتها الشهيرة "هو يعرف ما يفعل".
في تلك الفترة لم يكن لتنظيم الإخوان أي تأثير سوى تعاطف شعبي بدأ يخبو مع خروج بعض أعضاء التنظيم من سجن تدمر ،سيء الصيت، وبعض الأحاديث عن خيانات القادة والنجاة بأنفسهم، وترك صغار الأعضاء فريسة الموت داخل السجن، أو التغييب القسري لسنوات طويلة. إخوان سوريا
إقرأ المزيد: فضائح النظام القطري المتتالية… التحرش الجنسي أهم فصولها
بدأ الحراك المدني في سوريا عبر "منتديات المجتمع المدني"، ولكن دون أي تأثير يذكر لتنظيم الإخوان، كونهم خاضعين لقانون 49 الذي يحكم بالإعدام على منتسبي الجماعة في سوريا، لكنهم انتظروا حتى عام 2005 عندما اجتمعت تيارات من المجتمع المدني وأعلنوا عن تجمع معارض تحت اسم "إعلان دمشق" حينها انبرى المراقب العام آنذاك "علي صدر اليدين البيانوني" مؤيداً هذا الحراك ليعود إلى الظهور مرة أخرى.
بعد انشقاق عبد الحليم خدام، نائب الرئيس السوري آنذاك، والذي كان يوصف أنه قائد الحرس القديم في النظام السوري، والذي شعر أن نهايته باتت قريبة بعد تصفيه "غازي كنعان" رجل المخابرات القوي في لبنان ثم وزير الداخلية والذي قتل في مكتبه بالوزارة، وطرد "حكمت الشهابي" رئيس أركان الجيش السوري، والذي كان أقوى رجل في القوات المسلحة، ثم اغتيال "رفيق الحريري" رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق؛ شعر خدام أن نهايته قريبة فآثر الهروب، وهنا وجدها المرشد العام البيانوني فرصة ذهبية لعقد اتفاق مع الرجل الذي قد يقنع العالم بإنهاء نظام الأسد ودخول الإخوان مع خدام لحكم سوريا، أو الضغط على بشار الأسد باتجاه الذهاب إلى محادثات مع الإخوان لعمل شراكة في السلطة وتحقيق الحلم الذي عاشوا عليه طويلاً وهو حكم سوريا، وتم عقد اتفاق لتأسيس ما يسمى "جبهة الخلاص الوطني" في 5 حزيران 2006، وبعد ثلاث سنوات أي في نيسان 2009، أعلنت جماعة الإخوان خروجها من جبهة الخلاص، حينها أكد عبد الحليم خدام أن الإخوان كانوا يشكلون عبئاً على الجبهة خاصة بعد المحادثات السرية التي يجرونها مع النظام السوري.
- جماعة الإخوان المسلمين يفككون المعارضة السورية
لا أحد يعرف اللحظة الأولى التي انخرط فيها تنظيم "الإخوان المسلمون" في الثورة، لكن ما يجمع عليه الكل، بمن فيهم "الإخوان" أنفسهم، أنهم لم يكونوا من صنّاعها، مثلهم في ذلك مثل كل القوى والتيارات المعارضة الأخرى. إخوان سوريا
لكن النظام السوري ومنذ المظاهرة الأولى في درعا يصرّ أن هذه الاحتجاجات تقف خلفها جماعة "الإخوان المسلمين" والسلفيون، بهدف إقامة إمارة إسلامية. وهي الاتهامات التي ردّ عليها المتظاهرون يومها بهتاف معروف يقول: "لا سلفية ولا إخوان ثورتنا ثورة إنسان".
وأكد أيضاً علي صدر الدين البيانوني، الذي كان آنذاك نائباً للمراقب العام، في آذار/مارس 2011 في إحدى الفضائيات التلفزيونية، أن "الاخوان المسلمين" لا علاقة لهم بالحراك الشعبي ضد النظام السوري، وإن كانوا يؤيدونه.
لكنهم سرعان ما انخرطوا في الحراك الشعبي السوري، خاصة وأن رقعة المظاهرات باتت تتسع بشكل هائل في المدن السورية، وجد تنظيم الإخوان فيها فرصة ذهبية بعد انهاء التحالف مع خدام وفشل المفاوضات مع النظام، حيث سارعت قيادات التنظيم للتواصل مع الدول الإقليمية الراعية للتنظيم لقيادة المعارضة السياسية، وكان لهم ذلك بفضل الدعم التركي - القطري، ففي 2 تشرين الأول (أكتوبر) 2011 في إسطنبول، وبقوة دافعة تركية تم تأسيس المجلس الوطني السوري، وهو جماعة سياسية سورية تضم أغلب أطياف المعارضة منها جماعة الإخوان، التي يمثل أعضاؤها ربع المجلس، البالغ عددهم 310 أعضاء، بفضل الرافعات التركية وتعدد الهيئات التي أقامتها خارج سوريا.
باتت جماعة الإخوان في سوريا قابضة على مفاصل المعارضة السورية سياسياً وعسكرياً، حيث باتت تتحكم بتشكيل الحكومة السورية المؤقتة، وتسمية رئيس الائتلاف، وطبيعة التحالفات مع الدول بتوجيهات من الداعمين الرئيسيين تركيا وقطر، وعملت الجماعة بشكل دؤوب على تصفية خصومها في المعارضة السورية من خلال بث الشائعات وتدمير الرموز السياسية التي كانت ترفض ممارساتهم الكيدية، للتفرد بصوت المعارضة وبالتالي الوصول للسلطة، عبر تقاسمها مع النظام السوري وفرض حوار بين الطرفين على اعتبارها تمثل المعارضة بعد تدمير كل المؤسسات التي ترفض بقاء النظام. إخوان سوريا
إقرأ المزيد: المرتزقة السوريون في ليبيا.. أداة مساومة وتغيير ديموغرافي
ولأنّ الجماعة، لم تكن تملك وجوداً مادياً حقيقياً في سوريا، قبل الثورة، فإنه من الطبيعي خلال الثورة ألا تملك أي تأثيرٍ مباشرٍ لها هناك، وهو ما جعلها تقيم تحالفاتٍ سرية مع جماعاتٍ مسلحةٍ في سوريا، وتقدم لها الدعم هناك، حتى تخدم مصالحها، وفي تقريرٍ لمعهد "كارنيغي" على موقعه الرسمي، في تشرين الأول (أكتوبر) العام 2013؛ يؤكد أعضاء لم يذكر اسمهم من جماعة الإخوان في سوريا وجود "هيئة دروع الثورة، التي تتجاوز العلاقة معها مجرد تقاربٍ عقائدي مع الإخوان، إذ يبلغ عدد هذه القوة 10 آلاف مقاتل، يحصلون على دعمٍ عسكريٍ وسياسي من الجماعة التي تتحرك محاولةً وضع فصائل عديدة تحت جناحها آنذاك
ففي ريف حماة كان للإخوان لواء درع شباب محمد، ولواء الحق المقاتل، ولواء درع الصديق، ولواء درع حماة، ولواء درع أفاميا، ولواء درع الإخلاص، وكتائب درع الحق، ولواء درع سرايا النصر.
وفي ريف حمص لواء درع أحرار حمص، ودرع الوفاء، ولواء درع حلب الشهباء، ولواء درع الحرية.
وفي دمشق وريفها لواء درع الشام، ولواء درع العاصمة، ولواء درع العدالة، ودرع سرايا علماء الشام، وكتيبة دعم الفاروق. أما في درعا، فكان لها كتيبة بابا عمرو، وكتيبة المهام الخاصة، والكتيبة الخضراء، وكتيبة المصطفى. إخوان سوريا
حيث دعمت تركيا جهود الجماعة طوال الوقت لتبقى عن طريق هذه الأجنحة العسكرية على تواصل مع مجريات الأمور داخل الفصائل والكتائب المسلحة، ولمعرفة ما يدور على الأرض، والبقاء على استعداد، للعمل المباشر عند وصول الأمور الى مرحلة التدخل، وكان جزءاً أساسياً في دعم جبهة النصرة بشكل كامل، التي صنّفت على قوائم الإرهاب،لتُحل و تصبح فيما بعد (فتح الشام)، ثم هيئة تحرير الشام ضمن تجمع يضم عدة فصائل.
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!