-
إخوان تونس 2020: تصدّعات عقب اللقاءات بتركيا والتدخلات في ليبيا (الجزء1)
لم يخلُ العام 2020، من الانتكاسات والخيبات على صعيد تنظيم الإخوان المسلمين في تونس منذ بدايته وحتى نهايته، فشهد محاولات ضمن البرلمان التونسي لمواجهة الإسلام السياسي المتمثّل في شخص رئيس البرلمان، راشد الغنوشي، وتوسّع لاحقاً ليشهد حالات انكفاء واستقالات من التنظيم ومشتقاته على مختلف مسمياته، والأهم من هذا وذاك، إدراك الشارع التونسي لمخاطر التنظيمات التي تتلحّف بالدين، لتصل إلى السلطة، فتتسلّط على رقاب الجماهير وتتحوّل إلى أداة فرز بينهما، على أساس الإيمان المُعتمد بدرجة التبعية العمياء لقيادات الإخوان المسلمين.
خلال الربع الأول من العام 2020
شهد يناير، زيارة مفاجئة لرئيس حركة النهضة ورئيس البرلمان، راشد الغنوشي، إلى تركيا، التقى خلالها بالرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، مما أثار السّجال داخل الساحة السياسية في تونس، فيما يعيش البرلمان التونسي منذ تنصيب الغنوشي، على صفيح ساخن وفق متابعين، مع سيطرة الخصومات والخلافات والنقاشات الحادّة بين الأطراف السياسية الممثلّة فيه، على أغلب جلساته.
وهو ما حصل منتصف يناير، عندما شهد البرلمان التونسي منتصف يناير، فوضى وصراخاً وتلاسناً حاداً بين النواب، احتجاجاً على زيارة رئيس البرلمان، راشد الغنوشي، إلى تركيا، ولقائه برئيسها رجب طيب أردوغان، تطوّرت إلى نقاشات حادّة ومناوشات كلامية بعد تطرّق عدد من النواب من مختلف الكتل إلى زيارة رئيس البرلمان، راشد الغنوشي، الأخيرة إلى تركيا، بينما رفع نواب كتلة الحزب الحر الدستوري، منذ انطلاق الجلسة، لافتات تعتبر مواصلة الغنوشي على رأس المجلس خطراً على الأمن القومي مع مطالبتهم بسحب الثقة منه.
وخلال الربع الثاني من العام 2020
قالت النائبة في البرلمان التونسي، عبير موسى، بداية مايو، إنّ تهديدات بالقتل استهدفتها، معتبرةً ذلك تسليطاً للضوء على التحريض الذي يقوم به تنظيم الإخوان المتشدّد في البلاد منذ 2011، وأشارت النائبة عن كتلة الحزب الدستوري الحر ورئيسة لجنة الطاقة بالبرلمان، عبير موسي، أنّ هذا التحريض قاد في سنوات مضت إلى جرائم اغتيال المحامي، شكري بلعيد، وعضو المجلس الوطني التأسيسي سابقاً، محمد البراهمي، وأنّ القياديين اللذين كانا يعارضان تنظيم الإخوان ويكشفان خططه، اغتيلا أمام بيتهما في وضح النهار، ولم يُحاسب، حتى الآن، من حرّض على قتلهما أو تورّط في إراقة دمهما.
وعقبها، طالبت كتلة الحزب الدستوري الحر التونسي، برئاسة عبير موسي، بسحب الثقة من رئيس البرلمان، راشد الغنوشي، واصفة إياه بأنّه خطر على الأمن القومي للبلاد، وقالت موسى إنّ “مواصلة الغنوشي على رأس البرلمان خطر على الأمن القومي”، مضيفة أنّ “سحب الثقة من الغنوشي واجب وطني”.
أما في الربع الثالث من عام 2020 فكان التدخل في الشأن الليبي
وفي نهاية مايو، دانت سبعة أحزاب سياسية تونسية، في بيان مشترك، الاتصال الهاتفي الذي أجراه راشد الغنوشي، رئيس البرلمان، بفائز السراج، رئيس حكومة طرابلس الليبية (المحسوبة على الإخوان المسلمين)، إذ اعتبرت أحزاب (التيار الشعبي، والعمال، وحركة تونس إلى الأمام، والحزب الاشتراكي، والحزب الوطني الديمقراطي الاشتراكي، والقطب، وحركة البعث) الاتصال “تجاوزاً لمؤسسات الدولة، وتوريطاً لها في النزاع الليبي إلى جانب جماعة الإخوان وحلفائها”.
وطالبت الأحزاب، في بيان مشترك، الرئيس قيس سعيد بالرد على ما ورد من مواقف راشد الغنوشي، “وهي مواقف تصبّ في خانة الاتهامات الموجّهة لتونس بتقديم الدعم اللوجستي لتركيا في عدوانها على ليبيا”، داعيةً القوى والمنظمات الوطنية لـ”اتخاذ موقف حازم” تجاه الغنوشي وجماعته، الذين “يحاولون الزجّ بتونس في النزاع الليبي، وتوريطها مع الاحتلال التركي، وهو ما يشكل خطراً كبيراً على تونس والمنطقة”، فيما كان قد هنّأ الغنوشي خلال الاتصال الهاتفي مع السراج، بسيطرة الميليشيات الإخوانية المدعومة بالمرتزقة السوريين على قاعدة الوطية الجوية، بفضل الدعم التركي.
انسحابات من التنظيم
لتتعالى الأصوات في تونس بداية يونيو، مُطالبة بعزل رئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي، من منصبه في رئاسة البرلمان، وذلك بعد انحيازه لطرف على حساب الأمن الداخلي لدول الجوار، مما أثار الغضب في الشارع التونسي وبين الأوساط السياسية، بينما ندّد الاتحاد العام التونسي للشغل، الذي يعتبر من أكبر القوى النقابية في تونس، وله وزن سياسي يفوق العديد من الأحزاب، ضمن بيان صادر عنه، بما تقوم به عدد من الدول بنقل آلاف الإرهابيين من الجبهة السورية إلى ليبيا، مما يشكل تهديداً مباشراً لأمن تونس واستقرارها.
مواقفٌ وأحداث، كان لها وقعها حتى داخل حركة النهضة عينها، حيث انسحب عبد الفتاح مورو، نائب رئيس حركة “النهضة” ومرشحها للانتخابات الرئاسية التي جرت في تونس العام 2019، بشكل رسمي من الحركة، معلناً اعتزاله العمل السياسي، وقال مورو، الذي شغل في العهدة البرلمانية السابقة، منصب نائب رئيس البرلمان، إنّه اعتزل العمل السياسي و”مزّق تذكرة السياسة”، مما أشار بوضوح إلى زيادة تعمّق حالة التصدّع داخل الحركة التي تعيش خلافات غير مسبوقة بسبب مؤتمرها الحادي عشر، وفق مراقبين.
محاولات تونسيّة لإنهاء خطر الإخوان
ومنتصف يونيو، أعلنت رئيسة الحزب الدستوري الحرّ، عبير موسي، أن كتلتها البرلمانية تقدمت بلائحة جديدة إلى البرلمان، لتصنيف جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية مناهضة للدولة المدنية، وأوضحت موسي، أنّ هذه اللائحة تطالب الحكومة بإعلان هذا التصنيف رسمياً، واعتبار كل شخص طبيعي أو معنوي تونسي له ارتباطات مع هذه الجماعة.
إخفاق البرلمان بسحب الثقة
كما لفتت أنّ “عناصر إخوانية منعت الإعلام من دخول البرلمان لعدم رصد جرائمهم”، وعرضت موسي مقطع فيديو يفنّد الاتهامات التي وجهها عناصر من النهضة لأعضاء في حزبها، ويظهر كذبهم، وأظهر مقطع فيديو عناصر من النهضة يحاولون منع أعضاء من “الدستوري الحر” من الوقوف على منصّة البرلمان الفارغة، خلال اعتصامهم، والاعتداء عليهم، فيما ارتفعت حدّة المواجهة بين الحزب الدستوري الحر برئاسة عبير موسي، وحركة النهضة، بعد أن قطع نواب الأول جلسة للبرلمان كانت مخصصة للإعلان عن إعداد الاستراتيجية الوطنية للحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد خلال السنوات الخمس المقبلة، 2021-2025، إذ قاطع نواب الدستوري الحر الكلمة الافتتاحية للغنوشي، رافعين شعار” لا للإرهاب بمجلس النواب”.
تشكيل حكومي جديد
ونهاية أغسطس، رجّح مراقبون أن يعلن رئيس الحكومة التونسية المكلف، هشام المشيشي، تركيبة حكومته الجديدة، متوقعين أن تكون من مستقلين، وقالت وسائل إعلام حينها إنّ الغنوشي استشعر الخطر من جديد ولجأ إلى المناورة، بعدما ضاق الخناق أكثر عليه وعلى حركة النهضة، إذ دعا إلى تغيير النظام الانتخابي في البلاد، ضمن ما اعتبرها مراقبون مناورة للضغط على الخصوم السياسيين وتحويل الرأي العام، حيث قال النائب فيصل التبيني إنّه “لم يبقَ للنهضة ورئيسها سوى حاشية الغنوشي وهي تريد أن تبين أنّها ما زالت بقوتها المعهودة، أما في حال إعادة الانتخابات وحل البرلمان فلن تستطيع أن تحصد أكثر من 15 نائباً”.
وخلال الربع الرابع من العام 2020
فيما كانت أهم الأحداث التي ترتبط بحركة النهضة في تونس، في بداية نوفمبر، عندما قال راشد الغنوشي بأنّه لن يترشّح مجدداً لرئاسة حركة النهضة، وذلك عقب تعرّضه لانتقادات من عشرات المسؤولين في حركته يطالبونه باحترام مبدأ التداول على القيادة، وذكر الغنوشي، البالغ من العمر 79 عاماً، أنّه “ليس لدي النية للترشّح لرئاسة حركة النهضة خلال الفترة القادمة” وأنّه لا نية له كذلك في الترشّح للانتخابات الرئاسية المقبلة، حيث جاء قرار الغنوشي، قبل انعقاد المؤتمر الـ11 لحركة النهضة، وفي ظلّ خلافات وجدل واسع بخصوص العديد من القضايا داخل هياكل الحزب.
وعلى الرغم من عدم ثقة المراقبين، ومن ضمنهم الموالون حتى لحركة النهضة من التزام الغنوشي بقراره، خاصةً أنّ الرجل مرضّي عليه في أنقرة، التي قد تدفعه كما دفعت سابقاً، قرينه في ليبيا، فايز السراج، إلى التراجع عن الاستقالة من رئاسة حكومة الوفاق، لكن التونسيين، كما بدا منذ بداية العام في البرلمان، متنبهون تماماً لخطورة مسلكيات تنظيمات الإسلام السياسي على اختلاف مسمياتها، وبالتالي فإنّ الغنوشي وحركة النهضة، لن يخرجوا غالباً من تحت الأضواء، إلى الحين الذي يجري فيه إلزامهم بالقضايا التونسية الداخلية، مع تجنّب الاصطفافات الإقليمية الضارة بتونس أولاً، ومحيطها العربي ثانياً.
ليفانت نيوز
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!