الوضع المظلم
السبت ١٨ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
أين ستتم مُحاكمة الدواعش الأوروبين؟
اين ستتم مُحاكمة الدواعش الاوروبين؟

لطالما دعت أمريكا الجانب الأوروبي إلى استقبال مقاتليهم من داعش، في ظل رفض غالبية الدول الأوروبية للأمر، حيث يسعى الأوروبيون في مجملهم إلى إنشاء محكمة في الشرق الأوسط لمحاكمة هؤلاء في العراق أو سوريا، رغم ترجيح كفة الأولى أكثر، كون الإدارة الذاتية التي يتعامل معها الغرب في شمال سوريا، لم تكسب الشرعية اللازمة دولياً لمحاكمة إرهابيي داعش.


لكن بلداً مثل العراق يطبق عقوبة الإعدام، يبدو أنه لن يكون محل ترحاب لمحاكمة الدواعش الأجانب، ففي يونيو الماضي، أصدرت محكمة عراقية، احكاماً بالإعدام على فرنسيين دواعش، فيما كانت فرنسا أكدت ثقتها في عدالة الإجراءات التي اتخذها القضاء العراقي قبل الحكم بإعدام مواطنين فرنسيين بتهمة الانتماء لتنظيم “داعش” الإرهابي.


وهو ما اربك السلطات الفرنسية التي قال وزير خارجيتها لو دريان، إن باريس تكثف الجهود الدبلوماسية لمنع إعدام أربعة من مواطنيها في العراق بعد إدانتهم بالانتماء لتنظيم “داعش” الإرهابي، مؤكداً في الوقت ذاته، إن فرنسا تحترم سيادة العراق لكنها تعارض عقوبة الإعدام.


مقترحات لم تجد النور..


ورغم إعلان مناقشة بلدان أوروبية “فكرة” تشكيل محكمة دولية في العراق لمقاضاة العناصر الأجانب في تنظيم “داعش” الإرهابي، لم يجد المقترح النور بعد، رغم مرور خمسة أشهر من الحديث عنه.


حيث كانت وزيرة العدل الفرنسية نيكول بيلوبيه قد ذكرت في يونيو\حزيران إن “هذه الفكرة طرحت على المستوى الأوروبي مع عدد من زملائي، من وزراء داخلية وعدل.. هذه المناقشات تجرى في إطار مجموعة فندوم، التي تضم خصوصاً وزراء عدل ألمانيا وإسبانيا وإيطاليا”.


وأضافت أن “المحكمة ليست سوى فرضية عمل، وأنها ستنشأ في المكان المعني، ليس في سوريا على الأرجح، ربما في العراق، والمحكمة يمكنها العمل بمشاركة قضاة أوروبيين وفرنسيين وعراقيين”، لكنها ذكرت ـ”الصعوبات”، إذ “يتعين الحصول على موافقة العراق، وطرح شروط، خصوصاً شرط عقوبة الإعدام التي يتعين حظرها”، لافتة إلى أن “إنشاء هذا النوع من المحاكم يستغرق دائماً وقتاً طويلاً بعض الشيء”.


رفض كردي..


بدورها رفضت الأحزاب الكردية في سوريا المقترح الغربي لإنشاء محاكم دولية في العراق ومقاضاة الدواعش هناك، بمن فيهم المعتقلين لدى قسد، وبينت سبب رفضها على لسان نائب سكرتير حزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا "يكيتي" مصطفى مشايخ ضمن مؤتمر صحفي عُقد شمال سوريا، حيث قال: " نرفض أي نوع من  أنواع المحاكمات لمرتزقة داعش ممن هم في سوريا خارج الأراضي السورية, ونوّد ونطالب أن تكون المحاكم برعاية دولية ضمن مناطق شمال وشرق سوريا, نظراً لارتكابهم جرائم حرب وإرهاب ضمن هذه الأراضي, وسنستمر في مناقشة هذا الأمر داخلياً حتى الوصول لصيغة محددة لهذا الموضوع " .


الرفض من الإدارة الذاتية كان بالتزامن مع نفي عراقي لتخفيف عقوبة الاعدام إذ نفى مجلس القضاء الأعلى في العراق، وجود أي صفقة بين حكومتي بغداد وباريس لتخفيض عقوبة الإعدام لعناصر من تنظيم “داعش” أدينوا في بغداد بعد تسلمهم من قوات سوريا الديمقراطية، وفقاً لـ “أ ف ب”، وهو لربما السبب الذي أدى فيما بعد تأجيل قضية محاكمة داعش، نتيجة عدم التوصل إلى حلول ترضي جميع الاطراف.


محاكم شمال سوريا..


وفعلياً، فإنّ العقوبة القصوى التي ستفرض على أي داعشي ستكون بسجنه 20 عاماً، وهو ما قالته "أمينة"، القاضية في محاكم شمال سوريا لـموقع "npr"  في مايو\أيار الماضي، حين صرّحت: "إذا تمّ العثور على زعيم داعش أبو بكر البغدادي وحوكم في شمال شرق سوريا، فسيتم الحكم عليه بذات العقوبة، على أمل إعادة تأهيله".


وحيث لا تطلق محاكم الإدارة الذاتية شمال سوريا أحكاماً بالاعدام على منتسبي داعش، وأقصى عقوبة قد تطلقها قد تصل للمؤبد أو السجن لعشرات السنوات، وهي قد تكون أحكاماً مقبولة أكثر للأوروبيين، لكن عدم حصول "الإدارة الذاتية" على الشرعية الدولية اللازمة لإقامة المحاكمة، تجعلها تختصر في محاكماتها على السوريين المنتسبين لـ داعش، وارسال العراقيين للعراق، أما الأجانب فهم رهن الاعتقال، ويبدو أنهم سيبقون هناك دون مُحاكمة، إلى أن يُحسم ملف شرق الفرات.


توصيات..


وكان منتدى دولي حول داعش أقامه مركز روج آفا للدراسات الاستراتيجية يوليو الماضي، في مدينة عامودا شمال سوريا، وشارك فيه أكثر من 200 شخصية أكاديمية من مختلف بلدان العالمي العربي والأوربي، وضمت باحثين وسياسيين وإعلاميين، قد أصدر توصيات عدة لمنع ظهور التنظيم الإرهابي، ولعل أبرز ما أوصى به المنتدى، كان الفقرة التي تقول: "تطبيقاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بمكافحة داعش ومن أجل تحقيق العدالة يجب إنشاء محكمة ذات طابع دولي في شمال وشرق سوريا لمقاضاة الآلاف من أفراد تنظيم داعش المعتقلين وعوائلهم الموجودة في مخيمات تابعة للإدارة الذاتية وتقديم الدعم المادي واللوجستي من قبل التحالف الدولي لمساعدة الإدارة الذاتية في تحقيق ذلك"، لكن تلك التوصيات لا تزال حبراً على ورق، ولا يزال الدواعش معتقلين بانتظار الآلية التي سيتم محاكمتهم بها.


ليفانت-خاص


متابعة واعداد: احمد قطمة

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!