الوضع المظلم
الأحد ٢٢ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • أهمية الممارسة الديمقراطية في كردستان: انتخابات 2024 كخطوة نحو الاستقرار السياسي

أهمية الممارسة الديمقراطية في كردستان: انتخابات 2024 كخطوة نحو الاستقرار السياسي
شيار خليل

تشكل الانتخابات البرلمانية في إقليم كردستان لعام 2024 محطة مهمة في مسار الديمقراطية الإقليمية، حيث أظهرت نضجاً سياسياً متزايداً لدى المواطنين الكرد الذين توجهوا بكثافة إلى صناديق الاقتراع. على الرغم من تأجيل الانتخابات لعامين بسبب الخلافات السياسية، إلا أن هذه التجربة عززت من أهمية الديمقراطية كآلية لتحقيق الاستقرار في منطقة تعاني من النزاعات المستمرة. فقد شهدت الانتخابات إقبالاً أكبر مقارنةً بالسنوات الماضية، ما يعكس تنامي وعي الشعب بأهمية المشاركة السياسية كأداة لتحقيق التغيير والإصلاح، وبالطبع يعود الفضل لذلك أيضاً إلى الحملات الدعائية التي قامت بها قيادات الأقليم لتشجيع المواطنين بالذهاب لصناديق الاقتراع. 

الحزب الديمقراطي الكردستاني (البارتي)، بقيادة الزعيم الكردي مسعود بارزاني، تمكن من حصد النسبة الكبرى من الأصوات، حيث ركز خلال حملته على تحقيق الاستقرار الداخلي وتعزيز التنمية الاقتصادية، مع الالتزام بتحسين الخدمات العامة وتطوير البنية التحتية. في المقابل، خاض الاتحاد الوطني الكردستاني بقيادة بافل طالباني منافسة قوية، محاولاً إثارة الشارع عبر خطاب تحريضي وطرق مبتذلة للتأثير على الناخبين، إلا أن هذه المحاولات باءت بالفشل. وبدلاً من تحقيق مكاسب سياسية، أدت تلك الخطابات إلى نفور شرائح كبيرة من الناخبين، الذين اختاروا بدلاً من ذلك دعم الحزب المعارض بزعامة شاسوار عبد الواحد، الذي أصبح بديلاً قويًا للاتحاد الوطني الكردستاني في جذب أصوات الشارع.

التجربة السياسية الديمقراطية في الإقليم

ما يميز المشهد السياسي في كردستان هو التنافس الديمقراطي المستمر بين الأحزاب السياسية الرئيسية، وعلى رأسها الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني. هذه المنافسة الديمقراطية توفر فرصة للمواطنين للتعبير عن آرائهم عبر صناديق الاقتراع، وتساهم في تحسين أداء الحكومة عبر التناوب السياسي السلمي. على الرغم من التحديات العديدة، بما في ذلك الأزمات الاقتصادية والسياسية، إلا أن الإقليم يظل نموذجاً لا بأس فيه في الديمقراطية السياسية مقارنةً بالعديد من المناطق المجاورة التي تسيطر عليها الأنظمة الديكتاتورية أو الفصائل المسلحة.

الانتخابات البرلمانية لعام 2024 جاءت لتؤكد مرة أخرى على حيوية النظام الديمقراطي في كردستان. الإشراف الدولي، والمراقبة الرسمية من قبل الحكومة المركزية في بغداد، وخصوصاً بدعم من رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الذي رحب بهذه التجربة الديمقراطية، وبانفتاح كامل من الإقليم على هذه العملية ساهموا جميعاً في تعزيز نزاهة الانتخابات وشفافيتها. هذا الإشراف أسهم في إرساء مصداقية العملية الانتخابية وضمان عدم وجود تدخلات خارجية تؤثر على نتائجها.

محاولات التدخل الإيراني وفشلها

من الجوانب المهمة التي صاحبت هذه الانتخابات هي تصريحات وتحليلات سياسية عديدة تحدثت وشرحت محاولات إيران التدخل في الشأن السياسي الكردستاني عبر دعم بعض الأطراف الموالية لها، في محاولة للتأثير على النتائج بما يخدم مصالحها الإقليمية. إيران، التي طالما سعت إلى توسيع نفوذها في العراق، حاولت دعم بعض القوى السياسية المناهضة للحزب الديمقراطي الكردستاني، مستفيدة من الخلافات الداخلية بين الأحزاب الكردية. إلا أن هذه المحاولات باءت بالفشل نتيجة الدعم الدولي للعملية الانتخابية، ورفض الشعب الكردي أي تدخل خارجي يؤثر على قراره السياسي.

كما أن الإقليم نجح في الحفاظ على استقلاليته السياسية عن تلك التأثيرات بفضل وحدته الداخلية ودعمه المستمر للحلول الديمقراطية. هذا الفشل الإيراني يؤكد مرة أخرى على قوة النظام الديمقراطي في كردستان وقدرته على مقاومة التدخلات الخارجية التي تهدف إلى زعزعة استقراره.

ختاماً، تبقى هذه العملية الديمقراطية تجربة مهمة في ظل الصراعات العسكرية التي تجتاح المنطقة. ففي الوقت الذي تلجأ فيه العديد من الدول المجاورة إلى السلاح والقوة لحسم النزاعات، نجح إقليم كردستان في تقديم نموذج ديمقراطي يُحتذى به، حيث تجسد الانتخابات البرلمانية لعام 2024 خطوة نحو تعزيز الاستقرار السياسي والتنمية المستدامة. التزام الشعب بالمشاركة في هذه العملية الانتخابية يعزز من قوة المؤسسات الديمقراطية ويبعث برسالة قوية بأن الحلول السلمية والتداول السلمي للسلطة هما الطريق الأمثل لبناء مستقبل أفضل.

 

ليفانت-شيار خليل

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!