-
ألا يستدعي الوضع لقاءً عاجلاً؟
يسود العملية السياسية في سوريا، جمود قاتل، وخاصة منذ إجراء الانتخابات الأمريكة التي جرت في (3/11/2020)، والتي تمخض عنها فوز الرئيس (جو بايدن)، الذي لم يزل منشغلاً بترتيب أوراقه وملفاته التي لا يأتي الملف السوري إلا في آخرها.
وكذلك تعطل عمل اللجنة الدستورية في جنيف، والإعلان عن فشلها في ختام جولتها السادسة بتاريخ (22/١٠/٢٠٢١)، بسبب تعنت طرفي الحوار وارتهانهما لإرادة أمراء الحرب وتجارها الذين لا يهمهم إلاّ استمرار الحرب في سوريا وإطالة أمدها بأيّ ثمن كان، حيث يسابق النظام الوقت في كسب المزيد من أوراق الاستمرارية والبقاء، بينما المعارضة غارقة في فسادها، ومنشغلة بخلافاتها الداخلية حتى العظم، الأمر الذي جعل منها أداة طيعة بيد الجهات الخارجية الممولة لها، وغطاء لتنفيذ أجنداتها.
نعم، رغم استمرار هذا الجمود الذي يسبق العاصفة التي قد تنذر بها النتائج المرتقبة من الحوارات الجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران حول ملفها النووي، إلاّ أن تركيا من جانبها لم تتوانَ ولو للحظة واحدة عن كسر هذا الجمود بمغامراتها العدوانية، فهي تعمل ليل نهار من أجل تصدير أزماتها الداخلية إلى حيث تقودها بوصلتها العنصرية ونزعاتها الشوفينية لمواجهة الشعب الكردي أينما وجد، وخاصة مواجهة الإدارة القائمة في شمال وشرق سوريا (كردستان سوريا)، سواء باحتلالها للمزيد من المناطق التابعة لهذه الإدارة (عفرين، كري سبي وسري كانييه..)، أو بقصفها المستمر للمناطق المتبقية منها بهدف تفريغها وتهجير سكانها الكرد وتغيير ديمغرافيتها، كما قصفت مؤخراً قرية عين ديوار وغيرها من القرى التابعة لمنطقة ديريك في (2/2/2022)، أو بتحريكها بين الحين والآخر لخلايا داعش التي تتظاهر بالنوم، كما حدث خلال أحداث سجن الصناعة بمدينة الحسكة (20/1/2022)، الذي كان يضم الآلاف من زعماء تنظيم داعش وعائلاتهم، وهو يعد أكبر سجن في العالم لمعتقلي هذا التنظيم الإرهابي الخطير، ويعد قنبلة موقوتة وضعت بين مناطق مأهولة بالسكان، وكادت الأمور أن تخرج عن السيطرة خلال الأحداث الأخيرة من بين الأيدي لولا التضحيات الجسام التي قدمتها قوات (قسد)، وتعاون التحالف الدولي معها.
إن التطورات الميدانية الأخيرة وضعت سكان المنطقة بمختلف مكوناتها، وخاصة الكردية منها، من جديد بين كماشة التهديدات التركية المستمرة وقصفها المتكرر لهذه المناطق، والاختراقات الأمنية المفاجئة لتنظيم داعش الإرهابي الذي يعمل بتنسيق دقيق مع تلك التهديدات وبإيقاع منظم معها، وأثارت هذه التطورات موجة قوية من الخوف والقلق وعدم الاستقرار بين السكان العزل الذين يعانون أصلاً من انتشار الفقر والبطالة والغلاء وشحّ الخدمات، فضلاً عن تفشي مرض كورنا وموجة الجفاف، هؤلاء الذين صمدوا في وجه هذه الظروف القاتلة، وصبروا على جراحاتهم وآلامهم كل هذه السنين من الحرب، متشبثين بأرضهم وقراهم وبيوتهم، ولكن الدائرة بدأت تضيق عليهم يوماً بعد يوم، وتشتد الكماشة حول أعناقهم لحظة بعد لحظة، بينما الجميع غارقون في صمتهم إزاء ما يحدث، وخاصة أطراف الحركة الكردية في سوريا، المنشغلة بخلافاتها الجانبية وصراعاتها العقيمة.
وإزاء هذه الكارثة الحقيقية التي تهدد المناطق الكردية، يحق لنا أن نتساءل: ألا يستدعي هذا الوضع وقفة مسؤولة من هذه الأطراف، بالمبادرة دون تأخير إلى الجلوس معاً من دون تهميش أو إقصاء حول طاولة مستديرة، للمناقشة والبحث في كيفية التخفيف من معاناة هؤلاء الناس وفك هذه الكماشة من حول أعناقهم، وبعث الأمل في نفوسهم للاستمرار في الصمود والبقاء في بيوتهم آمنين؟
ليفانت - علي شمدين
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!