الوضع المظلم
الإثنين ٢٣ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • أفغانستان.. مُستمسك أمريكي آخر على دور إيران التخريبي

أفغانستان.. مُستمسك أمريكي آخر على دور إيران التخريبي
أفغانستان


 





لا يبدو أنّ المستمسكات الغربية على الدور التخريبي لطهران في الإقليم ستقف عند حدود اليمن أو سوريا إلى جانب لبنان وغيرها، وفي الوقت الذي كان يدعو فيه الأمريكيون إلى قصقصة الأجنحة الإيرانية في تلك البلاد، بدأت تظهر معلومات حول دور إيراني مفترض في أفغانستان أيضاً، متمثل بكل تأكيد في دعم خصوم واشنطن، وهو ما يبدو أنّه منطقي إلى حدّ بعيد، خاصة أنّ التهمة ذاتها تلاحق حلفاء طهران في موسكو، إذ لا يرغب الجانبان في رؤية قواعد غربية مستقرّة، في منطقة يمكن اعتبارها خاصرة لـ”طهران” وموسكو معاً.


شعارات إيرانية رنانة


وفي إطار الأسلوب الاستعراضي لطهران، قال عباس عراقجي، نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية، في العشرين من يوليو الماضي، إنّ أمريكا ستغادر أفغانستان “عاجلا أم آجلا”، وإنّ إيران ستبقى دائماً جاراً لأفغانستان، تربطهما أواصر تاريخية وقيم مشتركة، ومضيفاً في تغريدة على “تويتر”: “أمريكا ستغادر أفغانستان عاجلاً أم آجلاً، وأنّ رفاهية وأمن طهران وكابول مرتبطان بشكل مباشر”.


 


وجاء حديث عراقجي عقب زيارته لأفغانستان، وزعم في حوار مع قناة “طلوع نيوز” الأفغانية، أنّ “طهران تشك في نوايا أمريكا في مسيرة السلام الخاصة بأفغانستان، وأنّ طهران ليست معارضة للسلام، إلا أنّ ما أطلقته الولايات المتحدة مع طالبان هو مجرد صفقة”، وتابع: “أمريكا تعاطت مع طالبان ودخلت في مفاوضات ووقعت معها اتفاق سلام بغياب الحكومة الأفغانية في حين تدّعي أنّها داعمة وحليفة لهذه الحكومة”.


حقّ يراد به باطل


ورغم أنّ حديث عراقجي قد يبدو منطقياً حول الموقف الأمريكي من حكومة كابول والسلام المزعوم مع طالبان، لكن الأكيد أنّه حق يراد به باطل، حيث أفصحت وكالات الاستخبارات الأميركية، في السابع عشر من أغسطس، أنّ طهران قدّمت مكافآت لمقاتلي حركة طالبان من أجل استهداف القوات الأميركية وقوات التحالف في أفغانستان، وهي ذات التهمة التي وجهت لروسيا، وبالتالي يمكن التأكيد على أن تمكن طالبان من الصمود في وجه التحالف الدولي ما كان ليحدث لولا الدعم الروسي الإيراني المُبطّن للمتشددين.


وقد أشارت الوكالة في تقرير لها، أنّ مدفوعات مرتبطة بـ6 هجمات على الأقل نفذتها الجماعة المتشددة العام الماضي وحده، بما في ذلك تفجير انتحاري في قاعدة جوية أميركية، في ديسمبر 2019، وفق ما عرضت شبكة “سي إن إن” الأميركية، حيث قال التقرير إنّه قد جرى دفع “المكافآت” من قبل حكومة طهران لشبكة حقاني، وهي جماعة إرهابية يقودها ثاني أعلى زعيم في حركة طالبان لدعم هجومهم على قاعدة باجرام الجوية في 11 ديسمبر، ما أدى لمقتل اثنين من المدنيين وإصابة أكثر من 70 آخرين، من ضمنهم أربعة موظفين أميركيين، تبعاً لوثيقة إحاطة للبنتاغون استعرضتها شبكة  CNN.


 


وجاء الكشف عن تورّط طهران في دفع أموال لطالبان عقب جدل كبير في الولايات المتحدة ووسائل الإعلام عالمياً، بخصوص دفع موسكو مقابل تنفيذ هجمات ضد القوات الأميركية، وهي المسألة التي قلّصت إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، من حجمها باستمرار خلال الفترة الماضية، كما نفتها روسيا، وبالتزامن، لفت التقرير إلى أنّ الهجوم على باجرام، الذي يعدّ أبرز منشأة عسكرية أميركية في أفغانستان، كان متطوراً للغاية وأثار خشية المسؤولين العاملين في الشؤون الأفغانية، لأنّه ركّز الضوء على نقاط ضعف بعض المجمعات الأميركية، تبعاً لمصدر مشارك في جهود السلام التي تبذلها طالبان.


وصرّح الناطق باسم البنتاغون، الرائد روب لودويك، لشبكة CNN أنّ “وزارة الدفاع لا تكشف عن الجداول الزمنية أو المناقشات المتعلقة بالمداولات الداخلية والإيجازات الاستخباراتية، مردفاً: “لقد طالبت الإدارة مراراً وتكراراً، علناً وسراً، بأن تكف إيران عن السلوك الخبيث والمزعزع للاستقرار في جميع أنحاء الشرق الأوسط والعالم، واستكمل: “بينما تعمل الولايات المتحدة وحلفاؤها في الناتو، وشركاؤها في التحالف على تسهيل إنهاء 19 عاماً عن إراقة الدماء، يسعى النفوذ الإيراني العدائي إلى تقويض عملية السلام الأفغانية وتعزيز استمرار العنف وعدم الاستقرار “.


إيران في موقف الدفاع


الاتهام الغربي دفع الناطق باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، في الثامن عشر من أغسطس، إلى مطالبة واشنطن بأن تتصرّف بمسؤولية عوضاً من اتهام الآخرين بالتقصير، وأن تنهي “تواجدها الكارثي في أفغانستان بأسرع ما يمكن”، قائلاً في إطار تعقيبه على الاتهام الأمريكي بدفع أموال لطالبان لقتل الجنود الأمريكان في أفغانستان: “لقد تورّطت أمريكا في مستنقع أوجدته بنفسها في أفغانستان، وإنّ دماء جنودها تراق على بعد آلاف الأميال بعيداً عن وطنهم، وذلك بسبب السياسات الخاطئة لحكام البيت الأبيض”.


 


وأردف: “بالطبع لم تكن نتيجة ذلك سوى سنوات من الحرب وإراقة الدماء بالنسبة للشعب الأفغاني البريء”، متابعاً بالقول: “الإدارة الأمريكية التي لم يكن لديها حتى الآن أي ردّ لأسر الجنود المقتولين في أفغانستان، تحاول من خلال الضجيج الإعلامي التغطية على حساباتها الخاطئة هناك”، وأنهى حديثه بالقول: “نطالب الولايات المتحدة بدلاً من اتهام الآخرين بالتقصير، أن تتصرّف بمسؤولية وأن تنهي تواجدها الكارثي في أفغانستان بأسرع وقت”.


ورغم الدفاع الإيراني لتبرئة الذات، يبدو أنّ التدخلات الإيرانية في شؤون الدول المجاورة ليست إلا جزءاً راسخاً من سياسة “ولاية الفقيه”، الساعية إلى نشر ما يعتبره “ثورة إسلامية”، وهي “ثورة” لو كانت حقيقية، لمنحت الحق ربما لـ”جبهة النصرة” في إدلب أنّ تقول إنّها قامت بـ”ثورة” أيضاً.


ليفانت-خاص


إعداد وتحرير: أحمد قطمة 



كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!