الوضع المظلم
الإثنين ٢٣ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • أحد عشر عاماً على انطلاق الثورة السورية.. اقتصاد منهك وانسداد للأفق السياسي

أحد عشر عاماً على انطلاق الثورة السورية.. اقتصاد منهك وانسداد للأفق السياسي
النظام السوري والمعارضة \ ليفانت

تمرّ الذكرى الـ 11 لانطلاق الثورة السورية تزامناً مع الحرب التي تشنها روسيا على أوكرانيا، في مشهد يعيد لذاكرة السوريين التدخل الروسي لمصلحة الأسد ضد معارضيه.

تحولت الثورة  التي انطلقت في 15 من آذار 2011، لاحقاً إلى حرب عنيفة، استخدم فيها النظام السوري أسلحة ثقيلة، فيما دخلت جماعات متشددة الأراضي السورية، وسيطرت على مساحات واسعة من البلاد.

وبعد 11 عاماً، يبدو الوضع اليوم أسوأ من أي وقت مضى، أمام غياب الحلول الجدية وانقسام البلاد إلى 4 مناطق تخضع لسلطات مستقطبة ومدعومة من القوى الدولية المتصارعة. 

كل ذلك وحجم الكارثة يزيد، والأعوام الـ 11 مثقلة بحصيلة قتلى تجاوزت النصف مليون، وعشرات  الآلاف المفقودين والنازحين، فضلاً عن نزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل سوريا وخارجها ودمار البنى التحتية واستنزاف الاقتصاد.

وفي كل عام، يحيي السوريين خارج سيطرة النظام، وفي ساحة وسط مدينة إدلب، تظاهر أكثر من خمسة آلاف شخص، رافعين ليس فقط شعار "ثورتهم" بل أيضاً لافتات منددة بغزو روسيا، التي يعدونها عدواً لدوداً لهم، لأوكرانيا.

وتظاهر الآلاف أيضاً في مدن أخرى، مثل الباب وأعزاز، واقعة تحت سيطرة فصائل موالية لأنقرة في شمال سوريا. 

اقرأ أيضاً: الثورة السورية في عقدها الثاني.. هل نشهد مبادرة وطنية تنهي الخصام السياسي

دعت "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)  إلى مظاهرات شعبية في مناطق نفوذها بشمال شرقي سوريا، لأول مرة احتفالًا بذكرى الثورة السورية،

ومع بدء التجمع للتظاهر، تداول ناشطون وشبكات محلية عبر مواقع التواصل الاجتماعي صورًا وتسجيلات مصوّرة تظهر الاحتفالات التي طغت عليها رايات "قسد" وأخرى منها غاب عنها علم الثورة السورية.

 

 

Posted by ‎قوات مجلس دير الزور العسكري‎ on Tuesday, March 15, 2022

يزداد المشهد تعقيداً، مع انسداد التام أمام الحلول السياسية وغياب الجدية من جانب المجتمع الدولي للتوصل إلى حلول للأزمة، إلى جانب انهيار الاقتصاد السوري الذي أنهكته الحرب، حيث بات غالبية السوريين تحت خط الفقر.

انسداد الأفق السياسي

مع حلول الذكرى 11 للثورة السورية، تستمر التصريحات المتعلقة بضرورة الحل السياسي وتطبيق قرار مجلس الأمن 2254، لكنّ النوايا لا تبدو جدية لتطبيق ذلك على البلاد، في ظل ارتفاع وتيرة إقبال دول عربية على إعادة علاقاتها بنظام بشار الأسد،  ما زاد من تعنّت النظام السوري وحليفته روسيا.

وخلال العام الماضي، أجرى وزراء خارجية كل من مصر والأردن وتونس والجزائر والعراق وعُمان، لقاءات مع فيصل المقداد وزير خارجية النظام السوري، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

فقد أعاد الأردن، فتح "معبر جابر" الحدودي مع سوريا، بعد إغلاق دام 60 يوما، إثر تطورات أمنية على الجانب السوري.

الثورة السورية

لم يكن الشق الاقتصادي وحده العامل بالدفع للانفتاح الأردني على نظام الأسد ولاسيما من خلال إعادة إحياء مشروع خط الغاز العربي، لكن العلاقات أخذت أبعاداً سياسية باتصال رأس النظام السوري بشار الأسد بالعاهل الأردني هاتفياً خلال العام الماضي.

فيما قادت الإمارات عملية تطبيع مع النظام بزيارة وزير الخارجية الإماراتي إلى دمشق خلال العام الماضي، في محاولة منها لإعادة سوريا  "للحضن العربي" وذلك "بعد عشر سنوات من جمود العلاقات،  وانتزاعها من الحضن الإيراني.

وسلطنة عُمان لم تغلق سفارتها، وظلت تفتح قنوات التواصل مع دمشق. وأعادت الإمارات والبحرين فتح سفارتيهما في دمشق، نهاية 2018، على مستوى القائمين بالأعمال، بينما فشلت تونس والجزائر في إعادة عضوية سوريا في الجامعة العربية.

كشفت وثيقة مسربة، حصلت عليها صحيفة الشرق الأوسط، عن خطة أردنية لتشجيع عمليات تطبيع عربية واسعة مع سوريا تحت حكم الرئيس بشار  الأسد المتهم بارتكاب مجازر بشعة ضد شعبه.

اقرأ أيضاً: تعزيزات للنظام باتجاه درعا .. خوفاً من مظاهرات في ذكرى الثورة السورية

وتركز الخطة على خروج جميع القوات الأجنبية من البلاد بما فيها الروسية والأميركية، وضمان وصول المساعدات الإنسانية وعودة اللاجئين والإفراج عن المعتقلين.

وبحسب الصحيفة، تشكل هذه الوثيقة، التي سُميت "لا ورقة" ولا تتضمن جدولا زمنيا، أساس الخطوات التي تقوم بها الدول العربية وسوريا لتطبيع العلاقات. كل ذلك، كان يصب نحو إعادة تأهيل بشار الأسد كرئيس شرعي.

دور المرأة في الثورة السورية

مع اندلاع الحرب الروسية ضد أوكرانيا تبددت الآمال بإحياء الدبلوماسية السورية، وفق محللين، فإن الدبلوماسية السورية قد ماتت الآن. بسبب الانهيار الناتج في العلاقات الدبلوماسية الأمريكية والأوروبية مع موسكو

يبدو الآن أن أزمة إنسانية غير مسبوقة باتت وشيكة. للتكيف مع هذه البيئة الجديدة ، يجب على المجتمع الدولي النظر في تغيير شامل في النهج ، وإعطاء الأولوية لتجميد خطوط الصراع واستخدام أكثر استراتيجية للمساعدات وتحقيق الاستقرار وإعادة البناء المستهدف في المناطق الخالية من حكم نظام الأسد.

سيؤدي الصراع في أوكرانيا إلى تفاقم أزمة القمح المدمرة بالفعل في سوريا، مما يزيد من احتمالية حدوث مجاعة. وسيتضاعف هذا بسبب التضخم المتصاعد ونقص الوقود. في هذا الوضع الخطير، يبدو الأسد على وشك أن يصبح ضعيفاً للغاية.

إن استراتيجية "التجميد والبناء" لن تكون سياسة تقسيم ولن تعتبر قرار مجلس الأمن رقم 2254 ميتًا أو يضعف الالتزام الدولي به. في الواقع، ستعزز هذه السياسة التصميم الدولي وتزيد من النفوذ لمتابعة أهداف قرار مجلس الأمن رقم 2254.

اقتصاد أنهكته الحرب

أنهكت سنوات الحرب الاقتصاد السوري، قدّر تقرير صادر عن "نقابة عمال المصارف" في العاصمة دمشق، خلال العام الماضي، خسائر الاقتصاد السوري منذ بداية الحرب في 2011 وحتى الآن بأكثر من 530 مليار دولار، أي ما يعادل 9.7 أضعاف الناتج المحلي الإجمالي للبلاد عام 2010.

وتجاوزت نسبة دمار البنية التحتية 40%، وشملت خسائر المساكن وشبكات الكهرباء والمدارس والمشافي ومرافق الخدمات، وتراجع إنتاج النفط الخام من 400 ألف برميل يومياً إلى أقل من 30 ألف برميل. حسب التقرير نفسه.

اقرأ أيضاً: بيان خماسي غربي يندد بدور روسيا في سوريا

وفي حين قدرت أرقام "الإسكوا" خلال العام نفسه( 2021) الخسائر الاقتصادية لسوريا بنحو 442 مليار دولار، موزعة على أضرار رأس المال المادي البالغة 117.7 مليار دولار، وخسائر الناتج المحلي الإجمالي البالغة 324.5 مليار دولار.

وأشار تقرير لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا "الإسكوا" حينها إلى أنّ 82% من الأضرار الناجمة عن الحرب تراكمت في 7 قطاعات تعد الأكثر تطلباً لرأس المال، هي الإسكان والتعدين والأمن والنقل والصناعة التحويلية والكهرباء والصحة.

وبات غالبية السوريين تحت خط الفقر، كما يعاني 12,4 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي. وفاقمت العقوبات الغربية المفروضة على دمشق الوضع الاقتصادي سوءاً وخصوصاً لانعكاساتها على حياة السكان.

ودعت لجنة الأمم المتحدة للتحقيق بشأن سوريا في بيان في ذكرى الحرب إلى "مراجعة تنفيذ العقوبات المفروضة حالياً على سوريا وآثارها".

وحذر رئيس اللجنة باولو بينيرو "عندما لا تتم مراجعة العقوبات بشكل كافٍ، يمكن أن تؤدي إلى مزيد من أوجه النقص وعرقلة المساعدات الإنسانية للسكان الأكثر ضعفاً، ما يؤثر بشكل مدمر على الجميع باستثناء النخبة السياسية والاقتصادية".

ليفانت نيوز_ خاص

إعداد وتحرير: حنين جابر

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!