الوضع المظلم
الجمعة ٠٥ / يوليو / ٢٠٢٤
Logo
هل الدستور هو المشكلة أم الحل؟
هنادي زحلوط

هنادي زحلوط – ليفانت نيوز


يكثر الجدل بين أوساط السوريين حالياً حول اللجنة الدستورية التي يفترض بها وضع دستور جديد للبلاد خلال الفترة المقبلة.

ويمكننا التأكيد على وجود انقسام حاد تفرضه هذه اللجنة, بين غالبية سورية ترفض هذه اللجنة ولا ترى أي جدوى منها, وبين قلة ترى أن هذه اللجنة يمكنها أن تحقق شيئاً, وربما يكون مع كلا الطرفين حق في ما استنتجاه.


وبينما يبدو من الطبيعي الاقتناع بعدم جوى لجنة فرضها واقع بقاء النظام, وداعميه الروس والايرانيين, والشهود الجدد الذين أضيفوا للمشهد في لحظاته الأخيرة, متمثلين بالأتراك, فإن اللجنة تحقق توازناً دولياً أكثر مما تحقق رغبة السوريين على اختلاف آرائهم السياسية واصطفافاتهم, وتطلعهم لدولة تكون الكلمة العليا فيها للدستور, ويتم احترام القانون فيها, كما يحلمون.


اللجنة الدستورية التي سيكون هدفها وضع دستور للبلاد, وأغلب السوريين يعرف بأن المشكلة في البلاد هي ليست مشكلة دستور, فالدستور السوري وحتى الحالي منه يحترم حرية التعبير وسلطة القضاء, ويشرعن التظاهر, وفي ظل هذا الدستور ذاته تم اعتقال آلاف السوريين, إن لم نقل مئات الآلاف, وتم تدمير المدن المنتفضة ضد النظام القمعي بأكملها وتسويتها بالتراب, فهل كان الدستور يوماً هو المشكلة أم أن النظام الذي لم يفتأ السوريون يطالبون في مظاهراتهم باسقاطه هو المشكلة؟.


لم تكن هذه اللجنة الدستورية وليدة تطلعات السوريين, وتمت ولادتها على أيد أجنبية, وبغياب الشعب السوري, فكيف تكون ابنة شرعية لهم؟ وكيف يطلب من السوريين تبني دستور تقوم لجنة بهذه النشأة المشبوهة بوضعه؟

كان الأولى بالقوى الدولية التي أشرفت على اللجنة الدستورية أن تراعي توازنات القوى الفاعلة على الساحة السورية, أو أن يجرى استفتاء فعلي لممثلي كل طرف, أو في الحد الأدنى أن تكون هنالك شفافية أثناء النقاشات والتحضيرات لهذه اللجنة.


الأطراف السورية ذاتها المشاركة في اللجمة الدستورية, من النظام والمعارضة والمجتمع المدني لم تحترم هي الأخرى التزاماتها أمام جمهورها ولم تنقل وثائق الاجتماعات ولا حتى أجواءها, وكان السوريون يتداولون ما يرشح من غرف التفاوض السرية, في تعامٍ واضح عن حقيقة أن هذه اللجنة الدستورية كلفت السوريين على اختلاف مواقفهم مئات آلاف القتلى وملايين النازحين ودمار بلد بالكامل!


على الضفة الأخرى يبدو أن هذه المعطيات ذاتها تدفع بعض السوريين للاعتقاد بأن عملية ولادة هذه اللجنة الدستورية لم تكن باليسر الذي تخيله داعمو النظام, وبأن تكلفة بقائه, وانتصاره كما يروجون, باتت فاتورة كل ذلك مكلفة جداً لهم, وأن الروس لم يعودوا بقادرين على تغطية بقاء الأسد في السلطة ودفع ثمن ذلك وحدهم خصوصاً أن لا مصلحة دولية للمشاركة في دفع فاتورة إعادة الإعمار في ظل هذا الاخفاق الشعبي الذي تقابل به اللجنة الدستورية, مصادر عديدة تقول, وربما تأمل في أن ذلك سيدفع الروس لتغيير رأس النظام, وإجباره حقاً على دفع النظام ليسير على السكة الصحيحة, فهل هذا كاف؟.


هؤلاء أيضا يقولون أن اللجنة الدستورية هي وسيلتنا لعرقلة تقدم النظام سياسياً على الساحة الدولية, وعلينا أن نشارك ونكون ايجابيين, وأن نفعل ما نستطيع, لكن المشكلة أننا لا نعرف ما يجري في الكواليس لنفعل ذلك, وأن ما يرشح أو ما يظهر كفيل بجعلنا نؤكد أنها عملية قذرة لإعادة الشرعية لهذا النظام وللقفز فوق كل مطالب الثورة.


وعلى الرغم من ذلك فإن السوريين يأملون حقاً في أن تكون هذه المصادر المتفائلة باللجنة جادة وتملك حقائق على ما تذهب إليه, لكن الوقائع كلها ذاهبة باتجاه تبييض صفحة النظام وإعادة شرعنة وجوده, خصوصاً مع حملة مكافحة الفساد التي طالت رامي مخلوف وتجاراً بارزين وأذرع النظام الاقتصادية, وروج لها النظام, للقول بأن عهداً جديداً قد بدأ وأن المنقذ هو الأسد!


يستطيع الروس وسواهم من الفاعلين انتهاز فرصة اللحظة الأخيرة ومفاجأتنا بلجنة تضع دستوراً, يتم احترامه, يستطيعون وضع ثقلهم لتكون هنالك انتخابات حرة نزيهة ما أمكن لو أرادوا, وهم برأيي الكاسبون أيضاً من ذلك, فهل يفعلون؟ لا نستطيع لذلك سوى انتظار ما ستحمله قادمات الأيام من دستور وما بعده.


 


 




العلامات

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!