-
مرشح بلا منافس.. انتخابات الرئاسة في إيران بمواجهة الناخبين
ليفانت - مرهف دويدري
تلقي الأوضاع الإيرانية الداخلية والانقسامات التي يشهدها النظام ظلالها بوضوح على الانتخابات الرئاسية الإيرانية، ومن المتوقع أن تكون نسبة إقبال الناخبين منخفضة في مواجهة خيبة الأمل الشعبية الواسعة النطاق بسبب المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، حيث أظهر استطلاع للرأي أجراه "مركز استطلاع طلاب إيران" أن 34% من الإيرانيين الذين يحق لهم التصويت ينوون المشاركة في الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 18 يونيو الجاري، في حين قال 32.4% من المستطلعين إنهم لن يصوتوا في الانتخابات بتاتاً.
ومن المرجح أن تعزز الانتخابات سلطة المرشد الإيراني علي خامنئي في وقت تحاول فيه طهران وست قوى عالمية إحياء الاتفاق النووي لعام 2015 الذي انسحبت منه واشنطن قبل ثلاثة أعوام، حيث تترافق الانتخابات مع خوض طهران وأطراف الاتفاق منذ مطلع أبريل، مباحثات في فيينا سعيا لإحيائه بعد الانسحاب الأميركي منه العام 2018 في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب. وتشارك الولايات المتحدة التي أبدى رئيسها الجديد جو بايدن استعداده للعودة إلى الاتفاق، بشكل غير مباشر في المباحثات ومن دون التواصل مباشرة مع وفد إيران، ويحاول دبلوماسيون التوسط في اتفاق بين إيران والولايات المتحدة من شأنه إحياء الاتفاقية التي تخلى عنها الرئيس السابق دونالد ترامب وتخفيف العقوبات على اقتصاد الجمهورية الإسلامية مقابل تقليص أنشطتها النووية.
واستخدم نشطاء حقوقيون إيرانيون في إيران وخارجها وسائل التواصل الاجتماعي في الأسابيع الأخيرة لحث إخوانهم الإيرانيين على مقاطعة التصويت احتجاجًا على النظام السياسي الاستبدادي للجمهورية الإسلامية وسوء إدارة الحكومة للاقتصاد الذي أصابه الشلل بسبب العقوبات الأميركية ووباء فيروس كورونا المستجد، حيث أشارت استطلاعات الرأي العام الإيرانية الأخيرة التي تديرها الدولة إلى أن نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية في يونيو قد تنخفض إلى أقل من 40% للمرة الأولى منذ الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979، حيث استولى رجال الدين على السلطة من النظام الملكي المنهار.
محادثات فيينا والانتخابات الرئاسية في إيران
مع بدء المحادثات الدولية في فيينا حول إعادة إحياء الاتفاق النووي الإيراني الموقّع في 2015 وانسحبت منه الولايات المتحدة بأمر من الرئيس السابق دونالد ترمب؛ حيث رسم المرشد الأعلى الخط الأساسي للمفاوضين الإيرانيين في فيينا، بتأكيده أن الأولوية هي رفع العقوبات التي أعادت الولايات المتحدة فرضها على بلاده بعد قرار ترامب الانسحاب من الاتفاق، وأتت ضمن سياسة "ضغوط قصوى" اعتمدتها إدارته خلال ولايته التي امتدت بين العامين 2017 و2021.
وأتاح الاتفاق، المعروفة رسميا باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة" ووضع إطاره القانوني بقرار مجلس الأمن الرقم 2231، رفع الكثير من العقوبات التي كانت مفروضة على إيران، في مقابل تقييد أنشطتها وضمان سلمية برنامجها وعدم سعيها لتطوير سلاح نووي، وتشترط الولايات المتحدة للعودة إلى الاتفاق ورفع العقوبات، عودة إيران إلى احترام التزاماتها، فيما تؤكد الأخيرة استعدادها للامتثال لموجباته بشرط رفع واشنطن كل العقوبات التي أعاد ترامب فرضها.
ويستبعد مراقبو الشأن الإيراني، أن يكون لنتيجة الانتخابات الرئاسية الإيرانية، حتى في حال الفوز المرجح للمحافظ المتشدد، ابراهيم رئيسي، تأثير يذكر على المفاوضات الجارية مع الدول الكبرى لإحياء الاتفاق حول برنامج طهران النووي، ويلفتون إلى أن القرار بشأن كل ما له علاقة بالملف النووي يتخذ في إيران على مستوى أعلى من الرئاسة، ويدخل في إطار السياسة العامة للبلاد التي تعود الكلمة الفصل فيها إلى المرشد الأعلى علي خامنئي، وقرار إجراء تسوية بشأن الملف النووي يتخطى المنافسات بين الشرائح السياسية في إيران، هو يتعلق بالموازنة بين استمرارية النظام السياسي المرتبط بتحسين الوضع الاقتصادي الداخلي، والرغبة في الحفاظ على الوضع القائم سياسياً.
الانتخابات الرئاسية في مواجهة الاقتصاد المنهار
أدى ضعف الريال إلى انهيار قيمة الأموال التي يحتفظ بها الإيرانيون نتيجة انهيار البنوك، حيث تسارعت وتيرة التراجع الاقتصادي في إيران عندما أعلن الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترامب في عام 2018 الانسحاب من اتفاق طهران النووي مع القوى العالمية. وشهد ذلك عقوبات ساحقة تستهدف إيران، مما أضر باقتصادها المتعثر بالفعل، فقد ارتفع سعر الحليب بنسبة 90٪، في حين ارتفعت تكلفة السلع الأجنبية المستوردة مثل الهواتف المحمولة والأجهزة الإلكترونية.
أما الإيرانيون القادرون على استبدال ريالاتهم بالعملات الأجنبية فقد استثمروا أموالهم في المعادن الثمينة مثل الذهب أو في العقارات، وأدت هذه العملية إلى ارتفاع أسعار المساكن، مما أدى إلى خروج الناس من السوق، كما أصبحت بورصة طهران ملاذًا آخر يسعى إليه المستثمرون، حيث ارتفعت قيمتها إلى مليوني نقطة في أغسطس 2020، حيث شجعت الحكومة الجمهور على الشراء. لكن القيمة انخفضت بمقدار النصف تقريبًا عند 1.1 مليون نقطة.
ومن سيتولى الرئاسة في إيران بعد الرئيس الحالي حسن روحاني، سيواجه مهمة لا يحسد عليها وهي محاولة إصلاح الاقتصاد الإيراني الذي تسيطر عليه الدولة إلى حد كبير. وشهدت جهود خصخصتها انتشار مزاعم بالفساد حيث فقد الكثيرون مدخراتهم واحتجاجات في جميع أنحاء البلاد، ويعتبر التحدي الأكبر للرئيس المقبل هو استعادة الثقة في سوق الأسهم، حيث بات الإيرانيين يرون أموالهم تتلاشى، وكلما طال الانهيار، كلما استغرق الأمر وقتًا أطول لإصلاح الأمور واستعادة الثقة"، وليس من الواضح على الفور كيف سيتعامل الرئيس الإيراني المقبل مع الاقتصاد، خاصة إذا تولى المتشددون زمام الأمور، وفشل المحادثات بشأن العودة إلى الاتفاق النووي، مما يحد من برنامجها النووي ويعيد تخفيف العقوبات.
مرشح بلا منافس.. المتشددون يحاولون استعادة الرئاسة بأي ثمن!
انحصرت الانتخابات الرئاسية في إيران عبر جولتها الأولى، بين سبعة مرشحين أعلنت أسماؤهم رسمياً وزارة الداخلية بعد تصديق مجلس صيانة الدستور وهو هيئة غير منتخبة يهيمن عليها المحافظون وتتألف من 12 عضواً، ، بينهم خمسة من المحافظين المتشددين أبرزهم إبراهيم رئيسي، بعد أن استبعد المجلس، أسماء بارزة مثل المحافظ المعتدل لاريجاني، مستشار المرشد خامنئي، والمحافظ المتشدد محمود أحمدي نجاد الذي تولى الرئاسة بين 2005 و2013، والإصلاحي إسحاق جهانغيري، النائب الأول لروحاني، وفي حين جاء استبعاد أحمدي نجاد تكراراً لما واجهه في انتخابات 2017، شكل إقصاء لاريجاني الذي رأس مجلس الشورى (البرلمان) بين 2008 و2020 والمرشح الخاسر في انتخابات الرئاسة 2005، إضافة إلى جهانغيري، خطوة مفاجئة.
وكانت قد عنونت صحيفة "اعتماد" الإيرانية الإصلاحية "رئيسي مرشحٌ بلا منافس"، مؤكدة أن المرشح إبراهيم رئيسي سيكون الرئيس الحالي لـ"السلطة القضائية"، هو "الحصان الرابح"، لا لكونه ينالُ شعبية واسعة، أو لبرنامجه الانتخابي العملي الذي يلبي احتياجات الإيرانيين، أو خبرته الإدارية؛ وإنما لأنه تمت إزاحة المنافسين له، وتحديداً الرئيس السابق لـ"مجلس الشورى الإسلامي" علي لاريجاني، والنائب الأول لرئيس الجمهورية إسحاق جهانغيري، فيما أُبقي على عدد محدود جداً من الأسماء، التي ليس من المتوقع أن تشكل تحدياً حقيقياً لرئيسي الذي يحظى بتأيد التيار "المتشدد"، ومؤسسة "الحرس الثوري" وأيضاً مباركة غير معلنة من مرشد الثورة آية الله علي خامنئي!
اقرأ المزيد نحو 33% لن يصوتوا بالانتخابات الرئاسية.. وخامنئي يصفهم بـ”الأعداء”
بالمقابل وبعد استبعاد مرشحي الإصلاحيين للسباق الانتخابي، أعلنت آذر منصوري، المتحدثة باسم "جبهة الإصلاحات في إيران"، أنه "حُرمنا من فرصة المشاركة الفعالة في الانتخابات الرئاسية المقبلة، ولن يكون لدينا مرشح في هذه الانتخابات"، بحسب ما نقلته قناة "إيران إنترناشيونال"، ما يعني أن الفريق الداعم للمشاركة في الانتخابات من التيار "الإصلاحي" لن يشارك هو الآخر، لمعرفته أن اقتراعه لن يكون له أي أثر، فضلاً عن عدم وجود شخصية تمثل أفكارهم، أما المرشح الرئاسي محسن مهرالي زاده اتهم النظام بعمل كل شيء ممكن لتسهيل فوز رئيسي، رغم أنه لا توجد انتخابات حرة في إيران، حيت يسيطر رجال الدين على كل شيء، إلا أنه حتى بهذه المعايير فالانتخابات المقررة في 18 يونيو تعد "مهزلة".
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!