-
مانحون دوليون يعلّقون دعم مديريات الصحة في الشمال السوري
بسام الرحال – إدلب:
أعلنت مديرية صحة إدلب عن تعليق منظمات أوروبية دعمها الخاص بمديريات الصحة في الشمال السوري، مشيرة إلى أنها ستواصل تقديم رواتب الكوادر العاملة ضمن المديرية لمدة ثلاثة أشهر، حيث يأتي هذا القرار بالتزامن مع الحملة العسكرية التي تشهدها المنطقة منوقالت مديرية صحة إدلب في بيان نشرته عبر معرفاتها الرسمية، أمس السبت، إن "المشروع الحالي لتمكين مديريات الصحة قد تم تعليقه من قبل المانح بتاريخ 10 من تموز الحالي"، موضحة أنها "ستستمر بدفع الرواتب للكوادر الطبية لمدة ثلاثة أشهر، من تاريخ تعليق الدعم، وذلك حسب الاتفاقية الموقعة مسبقاً مع المانح والسياسات التي تحكمها".
وأكدت مديرية الصحة في بيانها أنها "ستبدأ بتنفيذ حملة مناصرة جديدة، كخطوة لإعادة تفعيل المشروع بما يؤمّن استمرار تقديم الخدمات الصحية للمدنيين في محافظة إدلب".
وفي حديث لـ"ليفانت" أوضح الدكتور "منذر خليل" مدير صحة إدلب أن سبب أيقاف الدعم هو التغيرات العسكرية التي تحصل على الأرض، بالإضافة إلى التغيرات السياسية التي تحصل في دوائر صنع القرار في البلدان المانحة ولها صلة بالشأن السوري.
وأضاف أن "المتضرر الرئيسي من توقف دعم المنظمات الأوروبية وعلى رأسها منظمة "GIZ" الألمانية عن القطاع الطبي هم الطبقات الأكثر ضعفاً في المجتمع من النساء والأطفال الذين زادت معاناتهم لحدود غير مقبولة بسبب القصف والنزوح، حيث شهدت المنطقة ارتفاع في معدل وفيات الأطفال تحت عمر 5 سنوات نتيجة العوامل البيئية المحيطة، كعدم توفر مياه صالحة للشرب الأمر الذي رفع معدلات الأمراض والوفيات الناجمة عن الأمراض المنقولة عبر المياه، وخصوصاً في المناطق التي تعتمد على المياه السطحية للشرب والتي تختلط في بعض الأحيان بمياه المجارير نتيجة تدمير بنية الصرف الصحي، إضافة إلى نقص الرعاية والاهتمام بالنساء نتيجة نقص الخدمات الطبية المقدمة في المنطقة والنقص الكبير الموجود في الكوادر الطبية ولاسيما الطبيبات النسائية والقابلات القانونية، وبالتالي فإن وقف الدعم عن بعض الخدمات الطبية سيزيد في إضعاف القطاع الصحي وسينعكس بشكل مباشر على كل فئات المجتمع".
وحول إيجاد حلول بديلة في حال استمر توقف الدعم عن المشافي في إدلب قال "خليل": إنه "لدينا عدة خيارات للمحافظة على الجسم الإداري الذي يلعب دور المظلة لكل الخدمات الطبية في المحافظة، منها العمل التطوعي والبحث عن مانحين جدد، كما يوجد لدينا بعض الموارد المحلية البسيطة، ولكن التحدي الأكبر هو استمرار الخدمات وانتظامها، حيث أن الدعم الخارجي دائماً يتعرض للاهتزازات وتوقف التمويل ومن ثم عودته، لكن على اعتبار أن 90% من تمويل الخدمات الطبية يأتي من المانحين، ولا يوجد حكومة قادرة على تقديم موازنات لقطاع الصحة في إدلب، والتراجع الكبير الذي حصل في القطاع الخاص خلال الفترات الماضية، فإنه لا يوجد بديل جذري عن دعم المانحين في هذه المنطقة التي يوجد فيها نحو 3,5 مليون شخص، بينهم 1,4 مليون نازح ومهجر قسراً من مناطق أخرى، ويعاني هؤلاء الناس صعوبات كبيرة في تأمين الاحتياجات الأساسية للحياة مثل السكن والطعام والمياه الصالحة للشرب والصحة والتعليم، حيث تقدر عدد الخدمات الطبية المجانية التي تقدم شهرياً في المحافظة من مختلف الشركاء حوالي 350 ألف خدمة طبية مجانية، موزعة على 230 منشأة طبية بينها 55 مشفى ضمن الحدود الإدارية لمحافظة إدلب".
وأشار مدير صحة إدلب إلى أن "المديرية تلعب الدور الرئيسي في تقديم الخدمات الطبية في المحافظة، وتضمن توزيع عادل للخدمات المقدمة، كما أنها تدعم بشكل مباشر 16 منشأة طبية بينها منظومة الإسعاف المركزية ومركز غسيل الكلى وبنوك الدم ومراكز التلاسيميا والسل وبعض المشافي والمراكز الصحية، كما تقوم بتنفيذ بعض المشاريع المركزية الحيوية جداً والتي لا تستطيع المنظمات تنفيذها لأنها تحتاج جهة إدارة وطنية، مثل مشروع نظام المعلومات الصحي من حيث الرقابة الدوائية، وإدارة النفايات الطبية ونظام الإحالة، والذي يربط المنشآت الطبية مع بعضها البعض ويحتوي على منظومة الإسعاف المركزية، بالإضافة لمشروع الطب الشرعي".
بدوره، حذر "منسقو استجابة سوريا" في بيان، من "العواقب الكارثية" المترتبة على تعليق الدعم المقدم لمديريات الصحة الحرة في الشمال السوري، وقال: إن "توقف دعم الجهات المانحة للقطاع الطبي في الشمال سيؤدي إلى إيقاف العمل في أكثر من 160 مركز طبي ومشفى وبنوك دم في المنطقة بشكل عام".
وطالب الفريق جميع الجهات المانحة للقطاع الطبي في الشمال السوري، بإعادة الدعم لمديريات الصحة التي تقدم خدماتها لـ 4 ملايين و700 ألف نسمة خاصة في ظل ما تشهده المنطقة من عمليات نزوح ضخمة وتدمير ممنهج للمنشآت الطبية من قبل النظام وروسيا.
وسبق أن علقت الوكالة الألمانية للتعاون الفني "GIZ" وعدة منظمات مانحة شهر كانون الثاني 2019، دعمها للمشاريع الصحية ومديريات "الصحة الحرة" في محافظات حلب واللاذقية وحماة وإدلب، لتعيده بعد شهر بوساطة اتحاد منظمات الإغاثة والرعاية الصحية "UOSSM"، وذلك بعد فرض "هيئة تحرير الشام" سيطرتها العسكرية والإدارية على محافظة وإدلب وأرياف اللاذقية الشمالي وحماة الشمالي وحلب الغربي.
ويتزامن تعليق الدعم الحالي، مع حملة عسكرية عنيفة تشنها قوات النظام والطيران الروسي على مناطق بشمال غربي سوريا منذ شباط الماضي، خلفت مقتل أكثر من 900 مدني، ونزوح نحو 635 ألف نسمة، علاوةً عن تدمير مرافق حيوية وبنى تحتية، حيث سجلت الأمم المتحدة 29 حادثة شملت هجمات على 25 منشأة صحية وموظفين، بالإضافة إلى 45 اعتداء على المدارس منذ نهاية نيسان حتى 5 من تموز الحالي.
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!