الوضع المظلم
الإثنين ٢٣ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • "حزب الله" في أوروبا.. بارون مخدرات وآلة غسيل أموال وجمع تبرعات

"حزب الله" في أوروبا.. بارون مخدرات وآلة غسيل أموال وجمع تبرعات

في قلب برلين، وبالتحديد في شارع رويتر شتراسه، يقع مركز "الإمام رضا" الإسلامي، وهو مسجد شيعي لا يتمتع بسمعة جيدة في العاصمة الألمانية لارتباطه بميلشيا حزب الله اللبنانية وأنشطتها المريبة.


ورغم تزايد الضغوط على الحكومة الألمانية لحظر أنشطة حزب الله بشكل كامل، لا يزال مركز "الإمام رضا" يفتح أبوابه، ويمارس أنشطته بشكل كامل، وخاصة نشر بروباغندا حزب الله، وتجنيد أتباع جدد، وجمع التبرعات، بل أيضاً تقوية الروابط مع إيران، فضلاً عن انخراط عناصر المليشيا اللبنانية المترددين عليه في أعمال اتجار بالمخدرات، وغسيل الأموال من أجل جمع الأموال اللازمة لتمويل عملياتها.


وخارج أسوار المركز، تتسارع الخطى في ألمانيا من أجل حظر أنشطة الميلشيا اللبنانية بشكل كامل، وسط ضغوط برلمانية وسياسية وأمنية، وخارجية أيضاً، وفي ظل مخاوف من ارتكاب عناصرها أعمال انتقامية في الأراضي الألمانية. 


وتعد ألمانيا مركز أنشطة حزب الله في أوروبا، ومركز جمع الأموال، نظراً لامتلاكها أقوى اقتصاد في أوروبا، لكن الحزب ينشط أيضاً في النمسا، وتمر أنشطته بموانئ هولندا وبلجيكا.


أنشطة مشبوهة.. تجنيد ومخدرات وغسيل أموال


كشف تحقيق صحفي أجرته صحيفة تاغس شبيغل الألمانية "خاصة" أن المساجد والمراكز الثقافية التابعة لحزب الله في ألمانيا، "تمارس أنشطة مريبة في مقدمتها البروباغندا، وتجنيد أتباع جدد وجمع التبرعات لصالح قيادات حزب الله في بيروت".


الصحيفة نقلت عن هيئة حماية الدستور "الاستخبارات الداخلية" أن ما يقرب من 1050 عنصراً من حزب الله يعيشون في ألمانيا حالياً، بينهم 250 في العاصمة برلين وحدها.


ودائما ما تروج مراكز ومساجد حزب الله في ألمانيا، لصورة براقة للحزب، وتصف قياداته ب"مقاتلي الحق".


إلا أن أنشطة حزب الله لا تتفق مع هذه الصورة البراقة؛ فالحزب يستغل الأراضي الألمانية ليس فقط في جمع الأموال وتجنيد الأتباع، بل أيضا لتهريب المخدرات وغسيل الأموال، وفق تاغس شبيغل. 


وفي هذا الإطار، قالت الصحيفة "توثق السلطات الألمانية والأوروبية عمليات حزب الله لتهريب المخدرات، حيث تصل شحنات المخدرات إلى ألمانيا قادمة من أمريكا الجنوبية عبر القارة الأفريقية، في مسارات محددة رسمها الحزب".


وتابعت "بخلاف ميناء هامبورغ الألماني، تصل المخدرات عادة إلى موانئ روتردام في هولندا وأنتويرب في بلجكيا، ويستخدم الحزب الأموال التي يجنيها من هذه التجارة في شراء الأسلحة وتمويل أنشطته وعملياته العسكرية".


وخلال السنوات الماضية، مرّ حزب الله بضائقة مالية لأن داعمه الرئيسي، إيران، لم يعد قادراً على دفع الأموال بسبب الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي يمر بها، وفق تاغس شبيغل التي أضافت "لذلك لجأ حزب الله لمسارات أخرى لجني التمويل منها غسيل الأموال وتجارة المخدرات".


ولفتت الصحيفة إلى أن حزب الله يستغل شركة لتأجير السيارات في مدينة دوسلدورف غربي ألمانيا، كواجهة لعمليات غسيل الأموال.


بدورها، حققت صحيفة ذود دويتشه تسايتونغ الألمانية، مؤخراً، في أنشطة حزب الله في ألمانيا، وخلصت إلى أن الأخير يستغل ألمانيا واقتصادها الأقوى في أوروبا، لجمع الأموال لتمويل عملياته العسكرية. الصحيفة قالت "ليس سراً أن حزب الله نشط جداً في ألمانيا"، مضيفة أنه "يستغل ألمانيا، في جمع الأموال اللازمة لتمويل عملياته العسكرية وتحركاته السياسية في لبنان وغيرها".


وتابعت "كما يستغل وجوده في ألمانيا لممارسة نفوذ على الجالية اللبنانية الكبيرة، وتقوية علاقاته مع إيران". وأضافت "تشاهد أعلام حزب الله الصفراء بكثافة في الفعاليات والمظاهرات في برلين، وترصد الشرطة تحركات صناديق التبرعات الخاصة بالحزب، كما تصنّف هيئة حماية الدستور "الاستخبارات الداخلية" حزب الله كجماعة تهدد الدستور".


وفي النمسا، فإن حزب الله يملك عشرات الأتباع، وينشط في الدعاية والتجنيد، ولكن بوتيرة أقل من ألمانيا.


ووفق تقديرات وزارة الداخلية النمساوية، تملك الميلشيا اللبنانية عشرات الأتباع، لكن لا تملك منظمات كبيرة.


وفي هذا الإطار، قال توماس شميدنغر، الخبير المتخصص في شؤون تنظيمات الإسلام السياسي، إن حزب الله ينشط في النمسا من خلال منظمة "المركز الإسلامي للإمام علي" و"المركز الإسلامي للتعليم والثقافة"، وغيرها من المنظمات الشيعية.


وتابع أن أنشطة حزب الله في الأراضي النمساوية تشمل جمع التبرعات، وغسيل الأموال.


الحظر.. ثنائية العسكري والسياسي


رغم التهديد الذي يمثله حزب الله اللبناني في أوروبا، واستغلاله ألمانيا والنمسا في جمع الأموال، ومرور مسارات تجارة المخدرات الخاصة به، بموانئ بلجيكا وهولندا، لا يحظر الاتحاد الأوروبي الميلشيا بشكل كامل.


ويقع الاتحاد الأوروبي أسيراً لثنائية العسكري والسياسي، حيث يحظر الجناح العسكري فقط للميلشيا، ويترك جناحها السياسي يعمل بحرية في الأراضي الأوروبية.


ووفق صحيفة تاغس شبيغل الألمانية، يستغل حزب الله هذا الموقف "غير الحاسم"، ويحول الأراضي الأوروبية يوماً بعد يوم إلى منطقة آمنة لأنشطته المريبة.


وفي ألمانيا، لا يختلف الأمر، حيث كتبت صحيفة ذود دويتشه تسايتونغ "من المدهش والغريب جداً لمراقبي ملف حزب الله، أن الحكومة تتردد بشكل كبير في تصنيفه منظمة إرهابية"، وأضافت: "منذ أعوام طويلة، تناقش وزارة العدل في لجان مختلفة تصنيف الحزب منظمة إرهابية، وكل شهر تجتمع لجنة سرية من وزارات العدل والداخلية والخارجية ومندوب من المستشارية لبحث الأمر".


ومنتصف الشهر الماضي، أصدر البرلمان الألماني بأغلبية كبيرة، توصية للحكومة بحظر جميع أنشطة حزب الله بشكل كامل في ألمانيا، والتحرك في أروقة الاتحاد الأوروبي لفرض حظر أوروبي شامل عليه.


وجاء تصويت البرلمان بعد تقديم الكتل البرلمانية للاتحاد المسيحي "يمين وسط"، والحزب الاشتراكي الديمقراطي "يسار وسط"، والحزب الديمقراطي الحر "يمين وسط"، مشروع قرار لحظر الميلشيا اللبنانية في ألمانيا والتحقيق في أنشطتها.


ولم يكن هذا المشروع هو الأول في البرلمان، حيث قدّم حزب البديل لأجل ألمانيا، حزب المعارضة الرئيسي، مشروعاً آخر في يونيو الماضي، لحظر حزب الله.


كما قدم الحزب الديمقراطي الحر "يمين وسط\معارض" طلباً للبرلمان مؤخراً لتصنيف حزب الله كمنظمة إرهابية. وفي هذا الإطار، قال السياسي البارز بالحزب الديمقراطي الحر، بنجامين ستراسير، في تصريحات صحفية: "حزب الله منظمة إرهابية ويجب معاملتها على هذا الأساس".


وخلال العام الماضي، طالب وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، والسفير الأمريكي في ألمانيا، ريتشارد غرينل، برلين، أكثر من مرة، بحظر حزب الله.


إلا أن الحكومة الألمانية لم تحول هذه الضغوط لقرار، خلال السنوات الماضية، متحججة بأسباب سياسية. ونقلت صحيفة زود دويتشه تسايتونغ عن مصادر في وزارة الخارجية لم تسمها، قولها "الحكومة الألمانية تضع أهمية كبيرة على الاعتبارات السياسية والدبلوماسية"، موضحة "ألمانيا تلعب دور وسيط سياسي ودبلوماسي في الشرق الأوسط، ولم ترد الحكومة أن تعرض هذا الدور للخطر".


ومضت قائلة "حزب الله جزء من هيكل الحكم في لبنان، وتملك السفارة الألمانية في بيروت خط اتصال قوي مع قادته منذ فترة الوساطة الألمانية بين الحزب وإسرائيل في العقد الأول من الألفية الحالية".


تهديد للأمن في أوروبا


ساهم مقتل قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، في فتح ملف حزب الله في ألمانيا، وأوروبا بشكل عام، وزادت الدعوات لحظره في ظل مخاوف من تنفيذه هجمات انتقامية في الأراضي الأوروبية، والألمانية بشكل خاص، وفق صحيفة دي فيلت الألمانية "خاصة".


وفي ضوء ذلك، قال عضو البرلمان الألماني، بنجامين شتراسر، هذا الأسبوع "عناصر حزب الله في ألمانيا، المدعومة من إيران، يمكن أن تنفذ عمليات انتقامية رداً على مقتل سليماني".


وتابع "لذلك، لابد أن تتخذ الحكومة الألمانية خطاً أكثر تشدداً حيال حزب الله".  وتابع "أتوقع أن يصدر وزير الداخلية الاتحادي هورست زيهوفر، قراراً بحظر جميع أنشطة حزب الله في ألمانيا في أقرب وقت ممكن". ورأى شتراسر أن حظر حزب الله في ألمانيا سيكون مقدمة لحظره في أوروبا كلها.


كما حذّر النائب البرلماني البارز وخبير الشؤون الداخلية، كونستانتين كوهل، من تنفيذ إيران أو حزب الله، هجمات إرهابية على الأراضي الألمانية، انتقاماً لمقتل الجنرال الإيراني.


ووفق تقرير لمجلة دير شبيغل ذائعة الصيت، فإن الحكومة الألمانية تتجه لإنهاء سياستها القديمة وتخطط بالفعل، تحت وطأة الضغوط الأمنية والسياسية والدولية، لحظر حزب الله.


وفي هذا الإطار، قال النائب البرلماني عن الاتحاد المسيحي الحاكم "يمين وسط"، ماريان ويندت لصحيفة فرانكفورتر روند شاو الألمانية "خاصة": "حظر حزب الله سيوفر الأساس لاتخاذ إجراءات أقوى ضده داخل ألمانيا".


وتابع "يجب حظر الحزب بشكل كامل بأسرع وقت"، مضيفاً "حزب الله يحصل على تمويله من الجريمة المنظمة، وغسيل الأموال وتأجير السيارات، وتعد ألمانيا منطقة عمل أساسية في استراتيجية تمويله".


ومضى قائلاً: "حظر الميلشيا اللبنانية سيكون خطوة أولى للقضاء على أذرعه الإجرامية وتجفيف منابع تمويله، واتخاذ إجراءات أوروبية ضده".


صحفي

العلامات

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!