الوضع المظلم
الثلاثاء ٢٤ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
حزب الله .. خليفة لقاسم سليماني في العراق
406336

إعداد وتحرير: صادق عبّارة


بعد تأسيسه في ثمانينيات القرن الماضي، أجاد حزب الله اللبناني الشعارات المتعلقة بالمقاومة وفلسطين، والتي لا يزال يرفعها حتى اللحظة، للترويج لنفسه ككيان مقاوم صاحب قضية وطنية. لكن جوهر حزب الله الطائفي كأداة إيرانية تؤمن بنشر مشروع ولاية الفقيه كان عصياً على إخفائه.



ومع اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الذي كان مهندس العبث الإيراني في العديد من البلدان العربية، والذي كان يمثل حلقة الوصل بين القيادة الإيرانية وأذرعها خارج الحدود، ظهر حزب الله بشكل أكثر بروزاً للقيام بدور سليماني في المنطقة، وهو الدور الذي سبق وأجاده الحزب الذي لم تقتصر جرائمه على لبنان، بل  امتدت للعديد من البلدان كالسعودية والبحرين والكويت وسورية واليمن والعراق.



حزب الله قبل مقتل سليماني:

شرع حزب الله في خدمة إيران مبكراً منذ تأسيسه، فكان قاتلها المأجور، والذي إبتدأه بالاستئثار بلواء المقاومة المذهبية، فعمل حزب الله على اغتيال قيادات وطنية بارزة في المقاومة الوطنية اللبنانية، على رأسها المفكر حسن حمدان الملقب بمهدي عامل، والمفكر حسين مروة والطبيب لبيب عبد الصمد. لتطال اغتيالاته قيادات من الحزب الشيوعي وانتهاء باغتيالات طالت سياسيين لبنانيين وعلى رأسهم رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري.

 

الكويت، لم تسلم من إرهاب حزب الله، ففي عام 1983، هزت سلسلة تفجيرات العاصمة الكويتية في ما عرف لاحقاً بـ"أسوأ حلقة إرهابية في القرن العشرين في الشرق الأوسط"، وهي هجمات ضربت ست منشآت أجنبية وكويتية رئيسية. كان الهجوم المنسق لمدة 90 دقيقة على سفارتين والمطار الرئيسي للبلاد ومصنع البتروكيمياويات، قتل ستة أشخاص فقط بسبب التوقيت الخاطئ لإطلاق القنابل. وكان العقل المدبر هذه المرة أيضا أحد كبار قادة الحزب، مصطفى بدر الدين، الذي اتهم بعدها بأكثر من 20 عاما بالضلوع باغتيال الحريري عام 2005، والذي قتل لاحقاً في سورية عام 2016.



القيادي في حزب الله مصطفى بدر الدين

لتعود الكويت، وتضبط  عام 2015 خلية تابعة لميليشيات إيران عرفت لاحقاً بـ"خلية العبدلي"، كشفت التحقيقات أن أعضاءها تلقوا تدريبات بمعسكرات ميليشيات الحزب في لبنان، وخططوا لقلب نظام الحكم، والتي طردت الكويت على إثرها 15 دبلوماسياً ايرانياً.



اليمن: لم يخف الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله دعمه لانقلاب المليشيات الحوثية، والتي تعد الذراع الإيرانية في اليمن، والمعدة لضرب أهداف خليجية حين الطلب، وبرز الدور الإيراني وحزب الله بعد انقلاب الحوثيين على الشرعية اليمنية مباشرة، حيث اتهمت الحكومة اليمنية حزب الله بتدريب مقاتلي الحوثي وصناعة الصواريخ. لعلن الجيش اليمني لاحقاً، ومرات عدة عن مقتل قياديين ومستشارين عسكريين من حزب الله رفقة أخرين إيرانيين في المعارك التي يخوضونها مع انقلابيي الحوثي.



البحرين: والتي اتهمت "حزب الله" بالعمل على قلب نظام الحكم فيها، وذلك في تقرير أرسلته إلى للأمم المتحدة 2011، ومتهمة "حزب الله" بتدريب عناصر المعارضة البحرينية في معسكرات بلبنان وإيران. كما نقلت "وول ستريت" عن مصادر استخبارية أمريكية حينها، رصدها اتصالات بين إيران وحزب الله وجماعات المعارضة البحرينية تزامناً مع اندلاع الاضطرابات في البحرين.



سورية: كانت من أهم مهام حزب الله التي أوكلته بها إيران، ومع حاجتها لمساندة عاجلة لنظام الأسد الذي بدأ بالتهاوي سريعاً بعد انطلاق الثورة السورية ضد نظام الأسد عام 2011، كانت إيران بحاجة لقوة عسكرية مجهزة لحماية نظام بشار الأسد، الحليف الأبرز لطهران. وهو ما نفذه حزب الله بشكل دون تردد، لينخرط في القتال إلى صفوف قوات الأسد، في الوقت الذي كانت طهران تحاول فيه تجنيد المزيد من ميليشياتها في العراق وأفغانستان وارسالهم إلى سورية. وكان لحزب الله دور بارز في قمع وقتل السوريين، وتهجير مدن بأكملها، كما فقد العشرات من قيادييه في سورية. 



رتل عسكري تابع لحزب الله اللبناني يدخل مدينة القصير غرب حمص بعد السيطرة عليها

بعد مقتل سليماني .. حزب الله منسق أذرع طهران في العراق:

نتيجة للخبرة الطويلة التي يملكها حزب الله وقياديه، والنشاط البارز في مختلف البلدان التي ساند فيها أذرع طهران المتناثرة، وما أتاحته له من ثقة لدى مليشيات إيران في المنطقة العربية عامة، وعلى رأسها المليشيات العراقية التي تعد الأقرب لطهران بعد حزب الله. ظهر دور جديد لحزب الله كمنسق لعمل تلك الميليشيات ريثما تضطلع قيادة فيلق القدس الجديدة بدورها هذا.



فبعد فترة وجيزة من مقتل سليماني في هجوم أمريكي بطائرة مسيّرة في العراق عقدت جماعة حزب الله اللبنانية المدعومة من إيران اجتماعات عاجلة مع قادة فصائل عراقية مسلحة وذلك لتوحيد صفوفها في مواجهة فراغ كبير خلفه مقتل مرشدهم القوي بحسب تقرير نشرته وكالة رويترز.



الاجتماعات استهدفت تنسيق الجهود السياسية للفصائل المسلحة العراقية التي تسودها انقسامات بعد مقتل سليماني و أبو مهدي المهندس، القائد العسكري العراقي الذي يقوم بدور توحيد تلك الجماعات. وتعد الفصائل المسلحة المدعومة من طهران مهمة لجهود إيران للحفاظ على سيطرتها على العراق الذي ما زالت الولايات المتحدة تحتفظ فيه بنحو 5000 عسكري.



ويمثل تدخل جماعة حزب الله اللبنانية دوراً جديداً تقوم بها، وتوسيعاً لدورها في المنطقة. فلطالما مثّل الحزب محور الاستراتيجية الإيرانية في المنطقة منذ سنوات، وساعد سليماني في تدريب الميليشيات التابعة لبلاده في كل من العراق وسورية واليمن



وسيستمر توجيه حزب الله للميلشيات في العراق إلى أن تتولى القيادة الجديدة في فيلق القدس الذي كان يقوده سليماني في الحرس الثوري الإيراني التعامل مع الأزمة السياسية في العراق، وذلك بحسب ما صرّح مسؤول إقليمي لرويترز، فضل عدم كشف هويته.




محمد الكوثراني ممثل حزب الله في العراق والذي عمل عن قرب مع سليماني، قام باستضافة الاجتماعات الخاصة لتوجيه الميلشيات العراقية التابعة لإيران. وكما صرّح مصدر لرويترز، فإن الكوثراني حل محل سليماني. وأضاف أن الكوثراني وبخ قادة المليشيات كما كان فعل سليماني في أحد اجتماعاته الأخيرة معها لتقاعسها عن التوصل لخطة موحدة لاحتواء الاحتجاجات الشعبية ضد حكومة بغداد والقوات شبه العسكرية التي تهيمن عليها. كما حثهم "الكوثراني" أيضا على تشكيل جبهة موحدة في اختيار رئيس وزراء جديد للعراق.






و يُنظر حالياً للكوثراني على أنه الشخصية الأنسب لتوجيه الفصائل المسلحة العراقية إلى أن يتم اختيار خليفة إيراني دائم، رغم افتقاره لما تمتع به سليماني من النفوذ. وذلك وفقاً للمصدرين العراقيين وزعيم شيعي عراقي رفيع المستوى صرح لرويترز.



وبحسب مسؤول أمريكي، ستعتمد إيران جزئياً على نفوذ نصر الله، لما يحظى باحترام عميق بين حلفاء إيران في المنطقة. وهو من يشرف على جهود الكوثراني، وهو ما يساهم في انصياع قادة المليشيات لأوامره وتوجيهاته. اتبعها الكوثراني بلقاء الزعيم الشيعي البارز مقتدى الصدر، لإقناعه بدعم رئيس الوزراء العراقي الجديد. 


وبحسب تقرير رويترز، فإن الكوثراني سيواجه تحديات خطيرة، ربما لا يمكن التغلب عليها، حتى يصل إلى مكانة القائدين اللذين قُتلا في الهجوم بالطائرة المسيرة. وهو ما أوضحه مصدر عراقي للوكالة ”يرى الكثير من قادة الفصائل أنفسهم أكبر كثيراً وأهم من أن يأخذوا الأوامر في الوقت الحالي، وبسبب ضغوط من إيران فإنهم يتعاونون معه، لكني أشك في أن هذا سيستمر ويعرف الإيرانيون ذلك“.



كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!