-
المركزي على خط دعم الليرة... شعبية أردوغان في الحضيض والمعارضة بالمرصاد
- البنك المركزي يتدخل لدعم الليرة
- أردوغان يدعم الإجراء ولا عودة للوراء..
- المعارضة: أردوغان سيفقر الشعب ويراكم ثروة الأغنياء
- استراتيجية العدالة والتنمية مع أسعار الفائدة
- الهبوط العنيف لليرة وتراجع شعبية أردوغان
تُظهر الأرقام الصادرة اليوم الأربعاء أسعار التجزئة في إسطنبول، أكبر مدن تركيا قفزت بنسبة 4.71٪ على أساس شهري في نوفمبر بزيادة سنوية قدرها 24.05٪. تلك لمحة عن مفاعيل انخفاض قيمة الليرة التركية مقابل الدولار على نحو عام خلال هذا العام وتحديداً خلال الفترة الأخيرة، ما استدعى البنك المركزي التركي للتدخل ومعادلة سعر الصرف.
لقد أعلنت تركيا العودة إلى سياسة التدخل في أسواق العملات المثيرة للجدل في محاولة لتثبيت الليرة المتراجعة، على الرغم من التزام سابق بعدم فعل ذلك ومحدودية احتياطيات النقد الأجنبي. لكن البنك المركزي التركي قال كلمته اليوم الأربعاء وتدخل في سوق الصرف بواسطة بيع عملات أجنبية. وتدخل البنك نظراً للحركة "غير الصحية" للأسعار حسب إعلانه. ويأتي تدخل المركزي ببيع العملات الأجنبية دعماً لليرة أول مرة منذ سبع سنوات.
وتأتي خطوة البنك بعد أن هوت الليرة إلى مستوى قياسي منخفض بلغ 13.87 ليرة تركية مقابل الدولار الأمريكي في وقت سابق يوم الأربعاء، بانخفاض قدره 46 في المئة مقارنة بما كانت عليه في عام 2021. .5 في تعاملات لندن - قلصت لاحقًا بعض مكاسبها لتستقر عند 13.2 ليرة تركية للدولار.
وأصدر المركزي التركي بياناً صحفياً أعلن تدخل مباشر في سعر النقد الأجنبي، مبرراً ذلك بأنه يحاول السيطرة على تشكلات أسعار الصرف غير الصحية. وقال المركزي أنه تدخل بشكل مباشر في السوق دعماً للاتجاه البيعي لعملات النقد الأجنبية، لمنح المزيد من القوة لليرة التركية أمام الدولار الأمريكي واليورو.
وفي سياق متصل، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مقابلة مع محطة تي آر تي الحكومية مساء أمسِ الثلاثاء إنه: "لا عودة إلى الوراء" عن السياسة الجديدة، مدافعاً عن سياسة التيسير التي وصفها معظم الاقتصاديين بأنها متهورة. وأضاف: "بدلاً من ذلك انتقلنا إلى استراتيجية نمو تهدف إلى الاستثمار والتوظيف والإنتاج والصادرات". "أسعار الفائدة شر يجعل الأغنياء أكثر ثراء والفقراء أفقر."
لكن المعارضة ليست راضية عن أداء حزب العدالة والتنمية على المستوى الاقتصادي ولاسيما في سنوات جائحة كورونا، ومع تردي شعبية أردوغان تحاول المعارضة التركية الاستفادة من الظروف قبل 18 شهراً من الانتخابات الرئاسية.
لم يفوت زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض كمال قلجدار أوغلو الفرصة لتصويب سهام النقد، ففي الأسبوع الماضي قال: "أردوغان ومؤيديه لديهم هدف واحد فقط: إفقار تركيا. كلّما خسرت الليرة التركية من قيمتها، كان أردوغان سعيداً لأن الذين لديهم حسابات بالدولار في المصارف فازوا بالجائزة الكبرى"، متّهماً الرئيس التركي بخدمة مصالح الطبقة الأكثر ثراء.
يبدو الأمر ملحاً بنظر الشعب الجمهوري حتى دعا قلجدار أوغلو وميرال أكشينار في منتصف تشرين الثاني/نوفمبر إلى انتخابات مبكرة وهو احتمال رفضه أردوغان، "صارخا" قلجدار أوغلو بالقول "يجب علينا إخراج مواطنينا من النار". لكن أردوغان ردّ على خصومه محذّراً الشعب من الانجذاب للمعارضة (242 نائباً معارضاً من أصل 600 نائب في البرلمان).
استراتيجية أردوغان مع الفائدة
لقد أيّد أردوغان خطوة البنك المركزي في التدخل، وقال للصحفيين إن قوانين البنك المركزي تحتوي على بند يسمح بالتدخل في العملة. قال: "إذا احتاجوا إلى التدخل بهذه الطريقة، فإنهم يفعلون ذلك".
بعد ذلك، وللمرة السادسة في أسبوعين، أكد التزامه بأسعار فائدة منخفضة يوم الأربعاء، وطلب من الأتراك التصرف بحكمة وتجنب الذعر وتعهد بإصلاح التضخم بسرعة. وأبلغ نواب حزب العدالة والتنمية الحاكم في البرلمان أن "تركيا تخلت الآن عن السياسة النقدية القائمة على أسعار الفائدة المرتفعة التي تسببت في ركود العديد من الدول النامية".
علّق بريان جاكوبسن، كبير محللي الاستثمار في الحلول متعددة الأصول في شركة Allspring Global Investments، على رؤية أردوغان: "إنها تجرِبة خطرة يحاول أردوغان إجراؤها ويحاول السوق تحذيره من العواقب".
وجاء إعلان البنك وَسْط تذبذب في أسعار صرف العملات الأجنبية. وفي أعقاب الخطوة، ارتفعت الليرة التركية بنسبة 6.27% مقابل الدولار، لتصل إلى 12.65 ليرة لكل دولار، بعدما كانت وصلت لأدنى مستوى لها على الإطلاق عند 14.05 ليرة لكل دولار. كان تدخل يوم الأربعاء محدود الحجم حيث تراوح بين 300 مليون دولار و 500 مليون دولار، وَفْقاً لـمصدرين في الصناعة المالية.
كان آخر تدخل مباشر للبنك في سوق الصرف كان في يناير من عام 2014 ببيع 3.15 مليار دولار. ووفقاً لبيانات صدرت الجمعة الماضية، فقد ارتفعت الأصول الاحتياطية الرسمية للبنك المركزي التركي إلى 123.9 مليار دولار بنهاية أكتوبر، بارتفاع بـ 2.2% عن الشهر السابق.
الهبوط العنيف.. وتراجع شعبية أردوغان
شهدت الليرة أمس هبوطاً كبيراً وحققت أسوأ إغلاق لها عند مستويات 13.4732 هبوطًا بأكثر من 5% بعد تصريحات الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، التي أكد فيها استمرار سياسة خفض أسعار الفائدة التركية، وأنه سيعمل على الدخول في الانتخابات الرئاسية القادمة وَسْط معدلات أسعار فائدة منخفضة، بهدف تقوية سوق العمل التركي وجذب المزيد من الاستثمارات.
ويُتداول زوج الدولار/الليرة التركية منذ أربع ساعات عند مستويات 13.0880 ليرة / دولار، هبوطًأ مرتفعًا بـ 3%، وهو ما يعتبر إيجابيًا لليرة التركية. ومن المرجح أن يستمر ارتفاع قيمة الليرة التركية مقابل الدولار في الساعات القليلة القادمة.
لقد تعافى صندوق حرب العملات الأجنبية لدى البنك المركزي بشكل كبير هذا العام، حيث أظهر إجمالي الاحتياطيات على وجه الخصوص تحسناً بفضل اتفاقيات المقايضة مع البنوك المركزية الأخرى ومخصصات لمرة واحدة من صندوق النقد الدَّوْليّ. بيد أن صافي الاحتياطيات التي تقدم مؤشراً على قوة البنك النارية للدفاع عن العملة - تظل سلبية للغاية بمجرد تجريد الأموال المقترضة.
يُقدر صافي احتياطيات البلاد، باستثناء الأموال التي يتم تبادلها من خلال المقايضات مع البنوك التجارية التركية والبنوك المركزية الأخرى، بنحو 46.8 مليار دولار، وفقاً لـ Goldman Sachs. وقال بنك وول ستريت إن إجمالي الاحتياطيات بلغ 128.4 مليار دولار في الأسبوع المنتهي في 19 تشرين الثاني (نوفمبر).
اقرأ المزيد: أدنوك الإماراتية تستثمر 127 مليار دولار في 2022
ومنذ سبتمبر، خفض البنك المركزي سعر الفائدة بمقدار 400 نقطة أساس إلى 15٪ تحت ضغط من أردوغان، تاركًا المعدلات الحقيقية سلبية للغاية، مع تضخم يقترب من 20٪. ومن المتوقع على نطاق واسع أن يخفضه مرة أخرى في ديسمبر.
يقول الاقتصاديون إن انخفاض قيمة العملة والتضخم المتسارع - الذي من المتوقع أن يصل إلى 30٪ العام المقبل بسبب انخفاض قيمة العملة في جزء كبير منه - سوف يعرقل خُطَّة أردوغان. وتعمل جميع البنوك المركزية الأخرى تقريباً على رفع أسعار الفائدة أو تستعد لذلك.
ويشهد حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أردوغان تراجع دعمه في استطلاعات الرأي، التي تظهر أن أردوغان سيخسر وجهاً لوجه مع خصوم الرئاسة الأكثر احتمالا. ودعت المعارضة إلى انعكاس فوري للسياسة وإجراء انتخابات مبكرة.
في استطلاع جاء تحت عنوان "نبض تركيا – أكتوبر/تشرين الأول 2021"، وأجرته مؤسسة "متربول" التركية للدراسات والأبحاث، تراجعت شعبية أردوغان 8 نِقَاط وشارك في الاستطلاع 1568 شخصا من 28 ولاية مختلفة.
ويأتي الاستطلاع ضمن سلسلة من الاستطلاعات التي تظهر نتائجها بين الحين والآخر، وتكشف بشكل عام عن تراجع شعبية أردوغان وحزبه الحاكم وكذلك حليفه حزب الحركة القومية المعارض، ووفق النتائج المعلنة، أجاب 38.9% من المشاركين، بـ"أوافق"، فيما قال 56.2% "لا أوافق"، ما يعد تراجعا في نسب تأييد إدارة أردوغان، بمعدل بلغ 1.5 نقطة مقارنة باستطلاع سبتمبر/أيلول السابق، حيث كانت نسبة الموافقة حينها 41.4%.
وتتزايد علامات الانقسام داخل حزب العدالة والتنمية تتزايد. ووجوه القطاع الخاص تعارض بشكل علني أكثر سياسة الرئيس أردوغان"، وَفْقاً لـِ المحلّلة في مركز البحوث "ذي إكونومست انتليجينس يونيت" أدلين فان هوت. ففي استطلاع متربول، بالنسبة لناخبي العدالة والتنمية فإن 71.3% منهم عبر عن تأييده لأردوغان، فيما كانت هذه النسبة في استطلاع سبتمبر/ أيلول الذي أجرته الشركة نفسها 79.2% ما يعني أن تأييد الرئيس التركي بين أنصاره تراجع بمعدل 8 نِقَاط كاملة خلال شهر واحد فقط.
وفي تقرير من وكالة بلومبيرغ الأمريكية صدر في أيلول المنصرم تناول مسألة التضخم في دول العالم، ومنها تركيا حيث أظهر أن الاقتصاد وليس السياسة هو ما يهدد شعبية أردوغان بالتراجع، خاصة مع تسارع تضخم أسعار الغذاء إلى 29 في المئة في أغسطس الماضي.
اقرأ المزيد: احتجاجات مستمرة في أصفهان… اعتقالات وجرحى وآثار جفاف تتحمل مسؤوليته إدارة فاشلة
وقالت مديرة مركز "أستن بول" سيرين سلفين قرقماز لوكالة فرانس برس "عندما ننظر إلى التاريخ السياسي التركي، فإنّ الاقتصاد عامل مؤثر دائمًا"، معتبرة أن أردوغان والحزب الذي يترأسه أي حزب العدالة والتنمية "يتراجعان" من ناحية جذب المقترعين بسبب الأزمة الحالية.
وتوقّعت عدّة استطلاعات رأي هزيمة أردوغان في الانتخابات الرئاسية المقبلة، مبرزة رئيسي بلديتي إسطنبول وأنقرة المنتميين إلى حزب الشعب الجمهوري أكرم إمام أوغلو ومنصور يافاس كمرشحين لهما حظوظ في الجولة الثانية.
إعداد وتحرير: وائل سليمان
ليفانت نيوز _ البنك المركزي التركي _ FT _ REUTERS _ AFP
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!