الوضع المظلم
الثلاثاء ٠٥ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • القنبلة الموقوتة في لبنان.. "بكركي" في مواجهة "الضاحية"

القنبلة الموقوتة في لبنان..
لبنان

مرهف دويدري - ليفانت 




بدأ الانهيار الاقتصادي الأسوأ في لبنان منذ عقود في صيف العام 2019، عندما بدأت الليرة اللبنانية تتراجع تدريجياً أمام الدولار تزامناً مع أزمة سيولة حادة وتوقف المصارف عن تزويد المودعين بأموالهم بالدولار. ولا يزال سعر الصرف الرسمي يساوي 1507 للدولار، حيث لامس سعر الصرف في مقابل الدولار عتبة العشرة آلاف في السوق السوداء، ما دفع بعشرات المحتجين إلى قطع الطرقات في مناطق عدة، بالإطارات المشتعلة والحجارة في مناطق عدة، بينها بيروت وصيدا جنوباً وطرابلس شمالاً وفي بلدات في البقاع، وهتف البعض "ثورة ثورة"، الهتاف الذي اعتادوا عليه خلال الاحتجاجات غير المسبوقة التي شهدها لبنان ضد الطبقة السياسية كاملة في أكتوبر 2019.



وينعكس الانخفاض في العملة المحلية على أسعار السلع والمواد الغذائية وكل ما يتم استيراده من الخارج. وقد ارتفعت أسعار السلع بنسبة 144 في المئة، وفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي، فيما بات أكثر من نصف السكان تحت خط الفقر، وكان قد طلب المصرف المركزي اللبناني، في تعميم صيف 2020 من المصارف العاملة داخل لبنان، زيادة رأسمالها بنسبة عشرين في المئة بحلول نهاية فبراير. كذلك طلب منها تكوين حساب خارجي حر من أي التزامات لدى بنوك المراسلة في الخارج لا يقل عن ثلاثة في المئة من مجموع الودائع بالعملات الأجنبية.


لبنان


وعلى مواقع التواصل الاجتماعي تصدر وسم "دولار" التغريدات في لبنان. وسخر كثيرون من انخفاض سعر الصرف في بلد يشهد شللاً سياسياً منذ استقالة الحكومة بعد انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس. ولم تتمكن القوى السياسية حتى الآن من الاتفاق على شكل الحكومة الجديدة التي كُلف رئيس الوزراء السابق سعد الحريري تشكيلها، حيث تنهار ليرة لبنان أكثر فيما الجمود السياسي مستمر ولا سياسات لوقف الانهيار ودعم الفقراء اللبنانيين المثقلين بالتضخم.



الاحتجاجات تعود للشارع 



عادت الاحتجاجات إلى شوارع المدن اللبنانية، في مشهد ذكّر بيوم السابع عشر من أكتوبر 2019، الذي يعتبره معظم اللبنانيين أنه اليوم الأول في الثورة اللبنانية ضد الطبقة السياسية التي تحكم البلاد، حيث استطاعت هذه الاحتجاجات من إسقاط حكومة سعد الحريري الذي استقال، ليتم تكليف خلفه حسان دياب الذي استقال بدوره بعد حادث انفجار بيروت الذي أوقع نحو 200 قتيل وخسائر مااية هائلة للبنان.


 


لبنان


مع تفاقم الأزمة المعيشية، حيث زادها تراجع غير مسبوق في قيمة العملة المحلية، نزل المحتجون من مختلف المناطق إلى التقاطعات الرئيسية في المحافظات وأشعلوا الدواليب ودعوا المواطنين للنزول إلى الشارع، فيما تشهد الطرقات اللبنانية ازحاماً للسير، حيث علق الكثير من المواطنين في سياراتهم سيما وأن اليوم كان بداية لفتح بعض القطاعات التجارية تنفيذا لقرار تدابير إقفال فيروس كورونا، وكانت قد وصفت قوى الأمن الداخلي اللبناني الوضع بات مقلقاً بعد قطع الطرقات في كافة مدن ومحافظات لبنان وعزل العاصمة بيروت عن بقية المناطق، يأتي ذلك بعد أن اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بالتعليقات على تردي الوضع الاقتصادي وعلى تساوي الدولار الأميركي بالعشرة آلاف ليرة لبنانية.


اقرأ المزيد   مخابرات الجيش اللبناني توقف عدداً من منتسبي “داعش”


وعلى وقع هذه الاحتجاجات التي باتت بشكل شبه يومي في بعض المناق ومنها مدينة طرابلس، قرر مفوض الحكومة اللبنانية لدى المحكمة العسكرية، القاضي فادي عقيقي، الإدعاء على 35 شاباً من الموقوفين وممن سبق أن أخلي سبيلهم بجرم "الإرهاب والسرقة"، مما أثار غضب واستهجان المنظمات الحقوقية والرأي العام اللبناني لكونه أول اتهام من هذا النوع وبوزن تهمة الإرهاب، يطال نشطاء ومتظاهرين منذ اندلاع الاحتجاجات قبل سنتين في 17 أكتوبر 2019، وقد يحمل دلالات على توجه جديد لدى السلطة اللبنانية في التعامل مع الموجة الاحتجاجية في البلاد.



دويلة حزب الله والدولة اللبنانية.. أيهما "الحاكم"؟



شهد لبنان خلال الأسابيع القليلة السابقة، واقعة اغتيال الناشط السياسي والباحث لقمان سليم، المعروف بمعارضته الشرسة لحزب الله، توجهت أصابع الاتهام في عدد من الوسائل الإعلامية إلى حزب الله مجدداً، لاسيما وأن سليم كان قد حمل مسؤولية سلامته الشخصية لشخص أمين عام حزب الله حسن نصر الله في بيان إعلامي وزعه عقب تهديده واقتحام منزله من قبل أنصار حزب الله ولصق منشورات على جدران المنزل تدعو إلى قتله.

ولم يتقبل الحزب خروج تلك الاتهامات، وأطلق حملات إعلامية في الصحف والقنوات المحسوبة عليه ومعها الجيوش الإلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي لتهاجم وتخون وتتوعد الوسائل الإعلامية والإعلاميين، وعاد نصر الله أمين عام حزب الله لتهديد الوسائل الإعلامية التي تحمل الحزب مسؤولية انفجار المرفأ وتتهمه بتجارة المخدرات وتشن الحملات المدفوعة، وتوجه للوسائل الإعلامية بالقول "أنتم تعتدون علينا وعلى كراماتنا، ولا يجوز أن يكمل الموضوع بهذه الطريقة، هذا أمر لم يعد يحسن السكوت عليه على الإطلاق".


 


لبنان


فيما تناقل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة للإشكال تظهر تطويق عناصر حزب الله لقوة فرع المعلومات التي دخلت إلى الضاحية الجنوبية لبيروت أثناء ملاحقتها لمطلوبين، دون تنسيق مسبق مع حزب الله بحسب ما جرت العادة، حيث يمنع الحزب الدولة اللبنانية من الحضور أو تنفيذ أي عمليات أمنية دون تنسيق وإذن مسبق، وتظهر الفيديوهات ان عناصر فرع المعلومات عرفوا عن أنفسهم بأنهم "دولة" فيما رد العناصر بأنهم من حزب الله وعلا إطلاق النار في الهواء بين الطرفين. لينتهي الأمر بحسب المعلومات باحتجاز عناصر الحزب لسيارات الدورية وسلاح أحد عناصرها قبل أن يحل الأمر وتعاد الآليات والسلاح المصادر بعد التواصل مع اللجنة الأمنية التابعة للحزب.



الراعي يدخل على خط المواجهة



تجمّع آلاف اللبنانيين في باحة البطريركية المارونية شمال شرق بيروت، تأييداً لدعوة الراعي إلى عقد مؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة لإنقاذ لبنان، وقال الراعي أمام الآلاف الذين وصلوا بالسيارات وسيرا على الأقدام الى المكان، وبينهم رجال دين من مذاهب إسلامية، "نريد من المؤتمر الدولي الذي دعونا إليه إعلان حياد لبنان فلا يعود ضحية الصراعات والحروب، وأرض الانقسامات، وبالتالي يتأسّس على قوّة التوازن، لا على موازين القوى التي تنذر دائماً بالحروب"، وهو ما أثار انتقادات حزب الله، لم تمر مواقف أبرز القيادات الدينية المسيحية في لبنان مرور الكرام، فقد توالت خلال الساعات الماضية موجة الانتقادات والغضب، بين أنصار البطريرك الماروني بشارة الراعي، وبين مؤيدي حزب الله وأنصاره.


لبنان


ويرى مراقبون أن دخول البطريرك الماروني على خط السياسة أتى بعد الانهيار المالي والاقتصادي والاجتماعي، وفي ظل فشل المبادرات التي كانت أبرزها "المبادرة الفرنسية"، حيث وصل لبنان إلى مفهوم انحلال الدولة وهو ما جعل بكركي تنتفض للوقوف في وجه السياسيين، حيث راح البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي يملأ الفراغات التي أحدثتها بعبدا، متبنّياً التشخيص الذي شاركه فيه رؤساء جمهورية سابقون وسياسيون مهمّشون ومنظّرون مجرّبون ومعارضون منزّهون وكتّاب مرموقون وخبراء دوليون.


اقرأ المزيد  يتهم متظاهريه بـ”الإرهاب”.. هل تحول لبنان إلى “دولة بوليسية”؟


الراعي، مثله مثل غالبية اللبنانيين والمجتمع الدولي، يعتبر أنّ تشكيل حكومة جديدة، بمواصفات "معقولة"، من شأنه أن يخفّف أهوال الجحيم التي يعاني منها اللبنانيون، ولكن أيّ حكومة لا تُعطي مصداقية كافية لتنفيذ سياسة التحييد المطلوبة، هي حكومة آيلة الى فشل حتمي، ممّا يسمح، في اللحظة المناسبة، بتجسيد مطلب تدويل إنقاذ لبنان.

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!