-
التحرر من هيمنة إيران.. بوصلة العراق نحو السعودية بحثاً عن حلول لأزمة الطاقة
وتسعى الحكومة العراقية للإنقاذ البلاد من أزمتها، خاصة مع الأضرار الفادحة التي تسببتها الهجمات على أبراج الطاقة وتدميرها على نحو ممنهج، والضغط الإيراني مؤخراّ بتعليقها تصدير الكهرباء في وقت حرجٍ يمرّ به العراق.
وجهت بغداد بوصلتها باتجاه الجارة السُّعُودية والمحادثات بين الطرفين تجري حاليا على قدم وساق من أجل شراء الطاقة الكهربائية، حَسَبَ ما أكده وزير النفط العراقي، إحسان إسماعيل.
وخلال لقاء مع صحفيين، قال الوزير العراقي أمسِ الأحد إن "الحوار مع المملكة العربية السُّعُودية والربط الخليجي داخل ضمن محور تأمين واستقرار إنتاج الطاقة الكهربائية. حتى الآن الموضوع قيد النقاش". مضيفاً: "هناك استجابة وتنسيق عال من الأخوة في مجلس التعاون الخليجي، وخصوصاً المملكة العربية السُّعُودية، وهناك رغبة في مساعدة العراق".
اقرأ أيضاً: العراق قد يلجئ إلى مخزونات السدود.. للتعامل مع شح المياه
هو أمر ليس بالجديد فقد سبق أن أعلنت وزارة الكهرباء العراقية، في 19 أغسطس 2021، أن المفاوضات مع الجانب السعودي بشأن خطوط الربط المشترك بواسطة منافذ عرعر ومحطة اليوسفية وإمكانية ربط خط آخر مع محطة السماوة، قطعت شوطاً كبيراً.
لقد شكلت لجان فنية مؤخراً بين بغداد والرياض، وصلت إلى مراحل متقدمة حول الربط مع منظومة الطاقة الكهربائية لدول مجلس التعاون الخليجي.
في مارس 2021، أعلنت السُّعُودية والعراق، في بيان مشترك عقب مباحثات رسمية عقدها ولي العهد محمد بن سلمان مع رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي في الديوان الملكي بقصر اليمامة بالرياض، الاتفاق على إنجاز مشروع الربط الكهربائي لأهميته للبلدين.
مشروع الربط الكهربائي بالخليج
يطمح العراق من خلال مشروع الربط الكهربائي مع دول الخليج العربي لسد جزء من حاجته من الطاقة الكهربائية. وقد أعلنت وزارة الكهرباء، مؤخراً أن العراق أنجز نحو 81 بالمئة من مستلزمات ومتعلقات هذا الربط، مع وجود مباحثات ومفاوضات مع هيئة الربط الخليجي لإنشاء خط بطول 300 كم، وسيكون بواقع 220 كم داخل الأراضي الكويتية و80 كم داخل الأراضي العراقية، هو ما شكّل ضربةً موجعة لإيران.
سيوفر مشروع الربط الخليجي وإنشاء الخط الناقل بين محطة الفاو في البصرة جنوبَ العراق ومحطة الزور في الكويت نحو 500 ميغاوات من الكهرباء للعراق. وسبق أن أكد المتحدث الإعلامي باسم وزارة الكهرباء العراقية أحمد العبادي في تصريحات صحفية، تحقيق العراق مستلزمات الربط كاملاً من جهته، مرجحا بَدْء العمل الفعلي وتلقي الطاقة في صيف 2022.
لكنّه استبعد، وقتئذٍ، استغناء العراق عن استيراد الغاز والطاقة في المدّة المقبلة. لأن إنتاج العراق من الطاقة الكهربائية يبلغ الآن نحو 21 ألفا و145 ميغاوات، والمستورد من الخليج سيكون نحو 500 ميغاوات، في حين أن حجم الحاجة المحلية للكهرباء تربو على 35 ألف ميغاوات.
المحادثات الجديدة مع السُّعُودية قد تزوّد العراق بكافة احتياجاته من الكهرباء وتخرج إيران من لُعْبَة الكهرباء خاسرة، وما تزال المفاوضات جارية على السعر، حيث ذكر وزير الكهرباء العراقي أن المفاوضات تتركز خصوصاً على السعر، موضحاً "نحن تسلمنا تسعيرة ونعتقد أنه يمكن تحسينها".
وتحدث عن عدة معايير متعلقة بكيفية تحديد السعر، لا سيما "كَمَيَّة الطاقة الكهربائية المطلوب استيرادها، ومدة هذه الاستيرادات، إن كانت على مدى 365 يوماً، أو ستة أشهر خلال فترة الصيف وذروة الشتاء".
ديون إيران المستحقة
ينتج العراق حالياً 15 ألف ميغاواط من الكهرباء، أي أقل بكثير من الـ30 ألف ميغاواط التي يحتاج إليها لتلبية احتياجاته في فترة الذروة خلال الصيف كل عام، وفق الوزير. ويتوقع أن تتعاظم الاحتياجات في المستقبل، في بلد تتوقع الأمم المتحدة أن يتضاعف عدد سكانه بحلول العام 2050.
رغم أن العراق بلد نفطي، فإنه يعتمد بشدة على إيران في مجال الطاقة، إذ يستورد منها ثلث احتياجاته الاستهلاكية من الغاز والكهرباء، وذلك بسبب بنيته التحتية المتهالكة التي تجعله غير قادر على تحقيق اكتفاء ذاتي لتأمين احتياجات سكانه البالغ عددهم 40 مليون نسمة. ولم يتمكن طوال السنوات الماضية من تشييد بنية تحتية تلبي احتياجات البلاد.
وتطالب طهران بغداد بسداد ما يزيد عن 6 مليارات دولار من المتأخّرات، هي فواتير مستحقّة على وزارة الكهرباء العراقية التي تمنعها العقوبات الأميركية من دفع أي مبلغ بالدولار لإيران.فيما تتحدث تقارير عن أن الديون تبلغ 4 مليارات دولار.
حَسَبَ المعلومات، يستورد العراق يومياً قرابة 1.7 مليار قدم مكعب من الغاز من إيران، وستبقى بهذا الوضع بشكل دائم ما لم ينتج الكهرباء محلياً، علماً أن حاجات العراق من الكهرباء تبلغ 30 غيغا واط، تملك أكثر من ثلثيه، وتستورد الباقي.
علّقت إيران في العاشر من أغسطس الحالي تصدير الكهرباء للعراق بحجة ضرورة سد احتياجاتها داخلياً ولاسيما وأنها تعاني أزمة داخلية. وسبق أن نوّه الدكتور مثنّى العبيد الباحث الأكاديمي في تقرير سابق لـ "ليفانت نيوز" بأنها “ليست المرة الأولى التي تعلق فيها إيران تصدير الكهرباء إلى العراق، ففي سنوات سابقة تكرر هذا الأمر واللافت للنظر فيه أن إيران تعلق تصدير الكهرباء إلى العراق في أوقات الحاجة الفعلية لها من قبل الموطن العراقي ولا سيما في فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة”.
اقرأ أيضاً: الحرب على الكهرباء في العراق.. من يقف خلفها وما مصلحة إيران؟
يسعى العراق للخروج من العباءة الإيرانية في مِلَفّ الطاقة، لذلك أبرم اتفاقيات للشروع في إنشاء محطات إنتاج للكهرباء عبر الطاقة الشمسية. ويطمح إلى توقيع عدة عقود تتيح له إنتاج 7500 ميغاواط بحلول العام 2023، و12500 ميغاواط في المرحلة التالية، أي ما يساوي أكثر من 25% من احتياجات البلاد من الكهرباء، وفق الوزير إسماعيل.
إعداد وتحرير: عبير صارم
ليفانت نيوز_ وكالات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!