-
الإخوان يضحون وبالاً على تركيا.. وفشلهم في ليبيا “بداية للنهاية”
رغم الدعم التركي الهائل لتنظيم الإخوان المسلمين في مختلف البلاد العربية، مادياً ومعنوياً وإعلامياً، وانتهاج التنظيم سياسة المواربة والعمل في الخفاء مستتراً بشعارات (الثورة والحرية والكرامة)، إلا أنّه يقترب مجدداً من الفشل الذي مني به سابقاً، في دول كمصر والسودان.
فمع وصول عمر “الربيع العربي” إلى العقد من الزمن، نجح التنظيم في جعله خريفاً في دول عربية، وشتاءً في أخرى، وعواصف وكوارث في ثالثة، كسوريا وليبيا، اللتين وصل التدخل التركي فيهما، عبر أدواته المحلية إلى دركها الأسفل.. فأضحى وجود العلم التركي أو التفاخر بالولاء لتركيا والعثمانية.. “وجهة نظر” و”حرية تعبير” أو “مطلباً شعبي” ينبغي احترامه، وهي كلها تبريرات لا أكثر لأفعال أقل ما قد يقال في حقها بأنّها “ارتزاق أعمى”، ساندها التنظيم وروّج لها.
في تركيا.. طفح الكيل
ليطفح الكيل بها، ليس في تلك الدول فحسب، بل في تركيا عينها، وهو ما أكدته صحيفة “دوفار” الإلكترونية التركية gazeteduvar، في الثاني عشر من سبتمبر الجاري، عندما قالت إنّ تنظيم الإخوان أضحى يشكل خطراً وشيكاً على أنقرة، منبّهةً في مقال إلى تنامي ذلك التنظيم والتوجّه الداعم له، واحتمالية سيطرته على حكم البلاد.
وعرضت الصحيفة مقالاً للكاتب موسى أوز أورلو، طرح نقاطاً مهمةً، واستفسارات عن الأسبابِ التي تدفعُ أردوغان وحكومتَه إلى دعمِ التنظيم، ونبّه من فرضِ أجندةِ تنظيمِ الإخوان داخلياً، واعتبرَ أنّ الوضعَ قد يصلُ لحدِ سيطرتِهم على الحكمِ في البلاد، (رغم أنّ التنظيم مسيطر على البلاد بشكل أو بآخر من خلال حكم حزب العدالة والتنمية ذي الجذور الإخوانية، بغضّ النظر عما تدّعيه من تمدّن وابتعاد عن العنف).
وتابعت الصحيفة أنّ الحكومة الراهنة ما تزال تعوّل على تنظيم الإخوان وتقدّرهم بأكثر من حجمهم، دون النظر إلى وضعهم في مصر، حيث تأسس الفرع الرئيسي للتنظيم، ولفتت إلى أنّ أنقرة لا تخفي سياستها الداعمةُ للإخوانِ، فـ”ياسين أقطاي” مستشار الرئيسِ التركي، قالها علناً في إحدى القنوات منذُ أعوام: “جماعة الإخوان تمثّل اليوم ذراعاً للقوة الناعمة لتركيا في العالم العربي، وينظرون إلى الدور التركي على أنّه النائب للخلافة التي تم إسقاطها سابقاً”.
كما خاض الموقع التركي المستقلّ إلى ما تردد في الآونة الأخيرة، عن اتصالات بين المخابرات التركية والمصرية، وأشار الموقع أنّ أول الشروط الأساسية، وأهمها بالنسبة لمصر، لتطبيع العلاقات مع أنقرة هو أن تنهي تركيا دعمها للإخوان، ونوّه أنّ شخصيات إخوانية قيادية بارزة تتخذ من تركيا مأوى لها بتمويل قطري، وأنّه لا يمكن إغفال حقيقة خيار أنقرة بالوقوف في السنوات الأخيرة إلى جانب الإخوان مع قطر.
الفشل ينذر بالنهاية في ليبيا
أما على الساحة الليبية، فقد تمكّنت أنقرة من عقد اتفاقات وإبرام صفقات مع حكومة الوفاق الإخوانية، رغم أنّ شرعية الأخيرة “موضع شك”، كونها لم تحظى باعتراف البرلمان الليبي، علاوة على تجاوز ولايتها الفترة المُتفق عليها في اتفاق الصخيرات، والتي كانت 18 شهراً، علماً أنّ الاتفاق عقد في العام 2015.
لكن ومع انفضاح تلك الحكومة، ووضعها لكامل بيضها في السلة التركية، أضحت في موقف متأزّم لا تحسد عليه داخلياً وخارجياً، إذ باتت عملياً في مواجهة الإجماع العربي، إلى جانب انطلاق تظاهرات ضدّها في العديد المناطق الخاضعة لسيطرتها غرب ليبيا، لتدفع جملة العوامل تلك، مع أخرى قد يكون لها علاقة بالنزاع على السلطة بين أقطاب الإخوان من جهة، أو المساومة عليهم لتحقيق مآرب أنقرة من جهة أخرى، إلى تلويح رئيسها فايز السراج بالاستقالة.
فيما قال الرئيس التركي إنّ “تركيا استاءت من قرار رئيس حكومة الوفاق الليبية، فايز السراج، الاستقالة من منصبه”، وفق ما نقلته وكالة رويترز، في الثامن عشر من سبتمبر، لكن ورغم قوله ذاك، تبقى استقالة السراج المزمعة “موضع شك”، في أن يكون الرجل كبش فداء لمُصالحة مع مصر، لمّح لها أردوغان نفسه في ذات الجلسة، عندما قال إنّه “لا مانع لدينا في الحوار مع مصر”، مضيفاً: “إجراء محادثات استخباراتية مع مصر أمر مختلف، وممكن وليس هناك ما يمنع ذلك، لكن اتفاقها مع اليونان أحزننا”.
العرب متيقظون
وأياً كان السبب، فإنّ التراجع التركي عن خطاباته النارية المُهددة بإحراق مصر واليونان وقبرص وغيرها، من الدول في سبيل الوصول إلى تخيلات جنرالاتها فيما تسميها بـ”الوطن الأزرق”، إشارة حقيقة إلى إدراك أنقرة لاستحالة عودة ما تتوهمه بخصوص “العثمانية الجديدة”، وعليه فإنّ الإطاحة برأس حكومة الإخوان في ليبيا من بوابة الاستقالة، والنداءات الرافضة لتحويل تركيا إلى مرتع للتنظيم من الداخل التركي، دلالات واضحة على أنّ عهد التنظيم قد ولّى، وأنّ مخططاته المكشوفة قد أضحت مهزومة لا محالة.
وهو ما يمكن الإشارة إليه من بيان اللجنة العربية المكوّنة من (مصر والعراق والإمارات والبحرين والسعودية والأمين العام لجامعة الدول العربية)، والتي عقدت اجتماعها الأول عبر الاتصال المرئي في التاسع من سبتمبر، إذ أكدت حينها، على عدم شرعية التواجد العسكري التركي في الدول العربية، وشدّدت على ضرورة سحب جميع قواتها دون قيد أو شرط، معتبرةً التدخلات التركية إسهاماً في تعزيز الانقسام الطائفي عبر الانتهاكات العسكرية المباشرة، ودعم الجماعات والتنظيمات الإرهابية والمتطرّفة والمرتزقة.
كما أدانت اللجنة في بيانها الختامي، كافة أشكال التدخلات التركية العدوانية في الشؤون الداخلية للدول العربية، وخاصة في كل من العراق وليبيا، وسوريا “باعتبارها انتهاكاً جسيماً للقانون الدولي، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وتعدياً سافراً على سيادة الدول العربية، وتهديداً جدياً للأمن القومي العربي”، وذاكرةً أن التدخلات التركية تتطلب “تحركاً عربياً ودولياً لمواجهة الأنشطة الخبيثة، والتصدّي لها على كافة الأصعدة وبمختلف الوسائل”.
ومع انحسار المكاسب التي يمكن للإخوان المسلمين تقديمها لأنقرة، نتيجة التيقّن الإقليمي لأهداف التنظيم ومن يقف خلفه تمويلاً وإعداداً، قد لا يكون التخلص من السراج إلا بداية لسلسة طويلة، تفضي بنهاية المطاف لإنهاء الدور العنفي المستتر للتنظيم في سوريا وليبيا، وهو ما يتطلب تعاطياً واضحاً، عبر تصنيف المليشيات المسلحة المرتبطة بالتنظيم في دول كسوريا وليبيا على قوائم الإرهاب العالمية، ولعلّ التقرير الأخير للجنة التحقيق المستقلة التابعة للأمم المتحدة في سوريا، والتي فضحت كمّ الجرائم المرتكبة في المناطق الخاضعة للهيمنة التركية، مدخلاً لذلك.
ليفانت-خاص
إعداد وتحرير: أحمد قطمة
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!