-
اجتماع الإنتربول في إسطنبول.. مخاوف حقوقية بشأن عدالة عمل الشرطة الدولية
تستضيف الدول الأعضاء (194 عضو) في منظمة الإنتربول، مكتباً مركزياً وطنياً للإنتربول (NCB) على أرض كل منها. هذا ما يربط أجهزة تطبيق القانون الوطنية لديها بالبلدان الأخرى وبالأمانة العامة عبر شبكة اتصالات الشرطة العالمية الآمنة المسماة I-24/7 (المنظومة العالمية للاتصالات الشرطية).
المكاتب المركزية الوطنية (NCBs) أساس عمل الإنتربول، وهي تبحث عن المعلومات المطلوبة من المكاتب المركزية الوطنية الأخرى للمساعدة على التحقيق في الجريمة أو مع المجرمين في بلدها، وتتقاسم البيانات الجنائية والمعلومات الاستخباراتية لمساعدة بلدٍ آخر.
ما سبق صحيح، لكن في الآونة الأخيرة ولاسيما بعد "الانقلاب العسكري" الفاشل على حكم حزب العدالة والتنمية بزعامة الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان عام 2016 وتصدير حكومته عشرات آلاف البطاقات الحمراء بحق من عذّهم معارضين وإرهابيين، انطلقت أصوات تركية معارضة ودولية تندد بإجراءات السلطات التركية ومساعيها للالتفاف على قوانين الإنتربول باستمرار.
لقد بدأت حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان في اتباع مخطط جديد لتجاوز "آليات تصفية" المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الإنتربول) بعد محاولتها إدراج أحد منتقدي الحكومة كرجل مطلوب بتهم جنائية باطلة وفشلها في ذلك.
تتضمن خُطَّة حكومة أردوغان، المكشوف عنها بالتفصيل في وثيقة أعدتها وزارة العدل ونشرها موقع نورديك مونيتور السويدي المتخصص في الشؤون الأمنية، تعبئة موارد الحكومة التركية للضغط على الجمعية العامة وكذلك اللجنة التنفيذية للتغلب على رفض الأمانة العامة السماح باستخدام الهيئة الدولية في مطاردة المعارضة السياسية لنظام أردوغان. وستوضع هذه الخُطَّة موضع التنفيذ خلال الجمعية العامة للإنتربول التي تعقد الآن في تركيا (إسطنبول).
إلى ذلك، ومع انعقاد الاجتماع الخاص بانتخاب رئاسة جديدة للإنتربول في العاصمة إسطنبول، تتجدد التحذيرات من منظمات حقوق الإنسان والمشرعون الغربيون، من أن شبكة الإنتربول الدولية من ضباط الشرطة العالميين قد ينتهي بها الأمر تحت سيطرة الحكومات الاستبدادية، حيث تجتمع حاليا وكالة الشرطة العالمية في إسطنبول وطيلة هذا الأسبوع لانتخاب قيادة جديدة.
يتنافس ممثلو دول مثل الصين وتركيا والإمارات ودول أخرى على مناصب عليا في هيئة الشرطة التي تتخذ من فرنسا مقراً لها عندما تنعقد جمعيتها العامة في تركيا يوم الثلاثاء.
يؤكّد الانتربول دائماً رفضه استخدامه لأغراض سياسية. بينما يزعم المنتقدون (منظمات حقوق الإنسان ومؤسسات صحفية...) أنه إذا فاز أحد المرشحين، بدلاً من مطاردة مهربي المخدرات والمتاجرين بالبشر والمشتبه في ارتكابهم جرائم حرب والمتطرفين، فإن بلدانهم ستستخدم امتداد الإنتربول العالمي للقبض على المعارضين المنفيين حتى المعارضين السياسيين في الداخل كما يحصل في تركيا وتبليغاتها الحمراء منذ الانقلاب المزعوم 2016.
بالحديث عن المرشحين، هناك مرشحان لمنصب رئاسة الأنتربول اللواء أحمد ناصر الرئيسي، المفتش العام بوزارة الداخلية الإماراتية و"هو بينشين"، المسؤول بوزارة الأمن العام الصينية.
ومن المتوقع أن يجري التصويت الخميس القادم على منصب رئيس الأنتربول. ويضع رئيس الانتربول واللجنة التنفيذية السياسة والتوجيهات، ويشرفون على الأمين العام للهيئة الذي يتولى العمليات اليومية ويكون الوجه العام للمنظمة. ويشغل هذا المنصب المسؤول الألماني يورجن ستوك.
وأكد المرشح الإماراتي اللواء أحمد الرئيسي، وهو بالفعل عضو في اللجنة التنفيذية للإنتربول، في منشور على موقع لينكد إن يوم السبت أن الإمارات العربية المتحدة تعطي الأولوية "لحماية حقوق الإنسان في الداخل والخارج".
إلى ذلك، أدار الرئيسي الذي يواجه انتقادات من الوَسْط الشرطي الدَّوْليّ حملة "رائعة" للمنصب الرئاسي، وسافر حول العالم للقاء مشرعين ومسؤولين حكوميين وحاز على شهادات أكاديمية من المملكة المتحدة والولايات المتحدة وسنوات من الخبرة في العمل الشرطي. تقول الوكالة.
في مقال رأي في صحيفة محلية قال الرئيسي إنه: "يريد تحديث وتحويل" الإنتربول، مستفيداً من "دور الإمارات العربية المتحدة كقائد في الشرطة القائمة على التكنولوجيا وبناء الجسور في المجتمع الدَّوْليّ. "
ويصر الإنتربول على أن يُتحقق طلب أي دولة لإصدار نشرة حمراء امتثلاً لدستورها، "الذي بموجبه يُمنع منعاً باتاً على المنظمة القيام بأي تدخل أو أنشطة ذات طابع سياسي أو عسكري أو ديني أو عرقي". لكن منتقدين يقولون إن الحكومات الأعضاء استخدمت الإنتربول في الماضي لأغراض سياسية كما الحال مع تركيا في أمثلة موثّقة تماما، ويخشون أن تستمر الأمور على ما هي عليه أو تزيد ربما.
مخاوف سوريين
في وقت سابق، أبدت منظمات وجمعيات سورية تخوفها من إعادة التعاون بين المنظمة الدولية للشرطة الجنائية "الإنتربول" ونظام الأسد، لما له من تداعيات خطرة على سلامة وحرية صحفيين وناشطين ومعارضين سورييين.
في ذلك الوقت، وقّعت على بيان مشترك 20 منظمة وجمعية سورية، بالرغم من أن المبدأ الأساسي الذي تتبناه منظمة الشرطة الدولية (الإنتربول) هو الحياد السياسي، والحرص على عدم التعرّض للمطلوبين لأسباب سياسية، إلا أنّ الحكومة السورية وأجهزتها الأمنية والقضائية، لديها القدرة على الالتفاف على هذا الحظر.
وأضاف البيان، المنشور في 17 نوفمبر المنصرم يوم الأربعاء، أنه "من خلال عدم اعتراف نظام الأسد بوجود معارضين سياسيين وناشطين مدنيين أو إعلاميين منذ انطلاق الانتفاضة الشعبية في سوريا فإن تصنيف هؤلاء، بما فيهم الناشطون الذين عملوا بالإغاثة الإنسانية والطبية كإرهابيين ومطلوبين".
واعتبرت المنظمات، أنّ هذه الخطوة تمنح مؤسسات الأمن السورية، القدرة على متابعة المعارضين واللاجئين السوريين المقيمين خارج سوريا ومعرفة أماكن تواجدهم حول العالم، من خلال التواصل الفردي مع الدول والنشرات التحذيرية الصادرة عن هذه الجهات تمهيداً لإصدار مذكرات توقيف بحقهم وطلبها، وتسليمهم فور تلقيهم إخطاراً من أي بلد دخلوا إليه.
ومن خلال النشرة الحمراء، يمكن للسلطات الأمنية السورية طلب تسليم أي معارض سياسي أو ناشط مدني أو إعلامي أو إغاثي، أو عائلات المعتقلين قسراً من الدول التي يقيمون فيها.
مخاوف المعارضة التركية
حدثت الحالة الأكثر شهرة لإساءة استخدام الحكومة التركية لآليات الإنتربول في عام 2017 عندما نجا أنيس كانتر، نجم كرة السلة في الدوري الأمريكي للمحترفين من أصل تركي، من الاعتقال في أثناء وجوده في جاكرتا، حيث توقف كجزء من جولة عالمية للنوايا الحسنة في مايو. في 19 مايو 2017. اعتقل كانتر في 20 مايو 2017 في مطار هنري كواندا الدَّوْليّ في بوخارست لأن الحكومة التركية ألغت جواز سفره.
أيضاً، نقدم حالة أخرى من بين مئات مشابهة عندما رفضت خدمة الإنتربول الفنلندية طلب تركيا بترحيل طالب لجوء سياسي بعدد طلب الإنتربول التركي. وجرى تقديم إخطارات مماثلة ضد آخرين في بلجيكا وبولندا وألمانيا، استهدفت في بعض الحالات الصحفيين المنفيين الذين فروا من تركيا لتجنب السجن غير المشروع في بلدهم الذي يعد من بين الأسوء في العالم بالنسبة للصحفيين حيث يوجد 174 صحفياً في السجون التركية حالياً وفقاً للبيانات التي سجلها مركز ستوكهولم للحرية.
ومع نفس المخاوف وفق جملة من المعطيات مر بعضها سابقا، يحذّر السيناتور الأمريكي روجر ويكر من تركيا التي ستستضيف المؤتمر هذا العام، على أن لها سجل فظيع بشكل خاص في توظيف الإنتربول كسلاح ضد المعارضين أو المختلفين مع النظام الحاكم.
وأضاف: "لسوء الحظ، أصبح الإنتربول أيضاً أداة في أيدي الطغاة والمحتالين الذين يسعون إلى معاقبة المنشقين والمعارضين السياسيين في البلدان الأخرى من خلال استغلال الآليات الدولية بطريقة مخالفة لسيادة القانون.. يجب أن يكون استئصال هذا النوع من الانتهاكات من أهم أولويات الجمعية العامة للإنتربول”.
https://www.youtube.com/watch?v=Gv_6usn5zdE&t=71s
إلى ذلك، حذّر السيناتور من أن هذه التجاوزات تسخر من الإنتربول وتهدد استمرار وجوده، معيداً للأذهان أن "دستور الإنتربول ينص على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان كأساس للتعاون الشرطي، والأهم من ذلك أن المادة 3 من دستور المنظمة تمنعها من الانخراط في أي أنشطة ذات طابع سياسي أو عسكري أو ديني أو عرقي".
انتقد ويكر إقامة اجتماع الإنتربول في تركيا سيئة السجل في مجال حقوق الإنسان، وقال: "لقد التزمت جميع الدول الأعضاء البالغ عددها 194 دولة بدعم المادة 3 ودستور الإنتربول بأكمله، لذا فإن اختيار الإنتربول تركيا لتستضيف جمعيتها العامة لهذا العام أمر مقلق، بل الأمر أسوأ من ذلك في الواقع.. إنه لأمر فظيع!".
اقرأ المزيد: آمال قليلة لإتمام صفقة النووي… واشنطن تحذّر إسرائيل من تخريب الاتفاق مع إيران
وأكد أن تركيا أصبحت من إحدى أسوأ منتهكي أنظمة الإشعار الأحمر والأزرق للإنتربول، وأنها استخدمت مراراً الإنتربول كسلاح لاضطهاد واعتقال منتقدي الحكومة بتهم سياسية الدوافع، وأردف: “الصحفي جان دوندار خير مثال على ذلك”.
وأثار الاتحاد الأوروبي ومجلس أوروبا مسألة انتهاك تركيا لدستور الإنتربول من خلال رفع قضايا لا تستدعي أي عمل جنائي، بل اعتبرها المجلس تكتيكات مضايقة ذات دوافع سياسية.
وأفادت وسائل إعلام تركية أن الإنتربول رفض ما يقرب من 800 نشرة حمراء أرسلتها الحكومة التركية. وأشار السيناتور إلى أن مجموعة حقوقية سويدية أفادت في عام 2016 بعد الانقلاب الفاشل أن الحكومة التركية قدمت عشرات الآلاف من إخطارات الإنتربول التي تستهدف أشخاصاً كانوا مجرد منتقدين ومعارضين سياسيين للحكومة، بعض هؤلاء الأشخاص تقطعت بهم السبل في المطارات الدولية، وتم احتجازهم وتسليمهم إلى تركيا، حيث انتهى بهم المطاف في السجن.
ومنذ عام 2015، ألغت الحكومة التركية جوازات سفر حوالي 650 ألف شخص بحجة انتمائهم إلى جماعة عبد الله غولن. وامتد إلغاء امتيازات جواز السفر أيضاً ليشمل الأزواج والأطفال في حملة ترهيب غير مسبوقة يُزعم أنها أكبر عملية مطاردة ضد منتقدي الحكومة في التاريخ التركي.
إعداد وتحرير: وائل سليمان
ليفانت نيوز _ AP_ الانتربول_ نورديك مونيتور
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!