الوضع المظلم
الثلاثاء ٠٥ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • إيران تشمت بهزيمة ترامب.. مُتنفسةً الصُعداء بقدوم بايدن

إيران تشمت بهزيمة ترامب.. مُتنفسةً الصُعداء بقدوم بايدن
بايدن يفوز


مما لا شك فيه أنّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي بات يمكن وصفه بـ”السابق”، كان ظاهرة غريبة من نوعها، على الصعيد السياسي، لأقوى دولة في العالم، حين حمل الرجل شعاراته الخاصة، كـأمريكا أولاً، وهو ما اعتبر شعبوية لم تكن مقبولة إلى حدّ بعيد من دولة تدّعي الدفاع عن حقوق الإنسان، ولا تميز بين أعراقهم وخلفياتهم الإثنية والعقائدية.


ولعلّ أهم الأحداث التي وقعت في عهد ترامب على صعيد منطقة الشرق الأوسط، كانت قضية انسحاب واشنطن بالعام 2018، من الاتفاق النووي الإيراني المبرم بين طهران والقوى الدولية في العام 2015، وما تلى ذلك من عقوبات صارمة ومتواترة، كان هدفها الأساس تضييق الخناق على ولاية الفقيه، وقد تمكنت العقوبات من إلحاق أضرار جسيمة بالاقتصاد الإيراني، ففقدت العملة الإيرانية الكثير من قيمتها، وبدأت حالات التذبذب تظهر في الشارع الإيراني من التردّي الاقتصادي، وعجر السلطات عن سداد مرتبات الكثير من عمالها وموظفيها لأشهر عديدة.


الانتخابات الأمريكية وإيران


ومع مواصلة حملات التضييق الاقتصادي والعقوبات على طهران، كانت الأخيرة تنتظر الفرج في أفول عهد ترامب، مع دنو فترة رئاسته الأولى من نهايتها، حيث كغيرها من الأطراف المتضررة من سياساته، كانت تنتظر طهران بفارغ الصبر أي بارقة أمل قد تزيح ترامب عن سدّة الحكم، ليتنفس معها أصحاب العمائم السوداء الصعداء.



بيد أنّهم حاولوا على الدوام الإيحاء لعدم اكتراثهم لنتيجة الانتخابات الأمريكية، والتي يمكن إعادتها لسببين، ويتمثّل الأول في عدم منح الإيرانيين إشارة سلبية بنهاية اقتصادهم وبنيان كيانهم في حالة إعادة انتخاب ترامب، والثانية في عدم منح الأمريكيين أي دافع للتصويت لترامب، من خلال إظهار دعم طهران لبايدن، وعليه قال المتحدّث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زادة، في الثاني من نوفمبر، أي قبل يوم من موعد الانتخابات الأمريكية، إنّ “طهران لا تكترث بنتيجة الانتخابات الأمريكية، بل تنظر إلى سياسات الإدارة الأمريكية المقبلة”، مضيفاً: “نحن لا ننظر إلى المرشح الذي سيفوز في الانتخابات الأمريكية، بل إلى سياسات الحزب تجاه إيران”.


في حين قال خامنئي: “إنّ الوضع في الولايات المتحدة وما يقولونه هم أنفسهم عن انتخاباتهم مجرد مسرحية.. هذا مثال على الوجه القبيح للديمقراطية الليبرالية في الولايات المتحدة”، ليرد عليه بومبيو بانتقادات شديدة اللهجة، متهماً إياه بسرقة الملايين من الدولارات وخوض حروب بالوكالة، وهو ما عقّب عليه سعيد خطيب زاده بالقول: “أتفهم تماماً سخط مايك بومبيو من حقيقة أنّه سيترك وزارة الخارجية بعد سنتين ونصف من الإخفاقات المتتالية، لقد فشلت سياسة الضغط الأقصى والمشعوذين المخالفين للقانون الذين يقفون خلفها، قريباً سيكون بومبيو في غياهب النسيان بينما يقف الشعب الإيراني الفخور شامخاً”.


شماتة إيرانية بهزيمة ترامب


وعلى خلفية انتصار جو بايدن بالانتخابات، لم يكن من طهران إلا أن تشمت بهزيمة ترامب، رغم عدم ضمانها عدم انتهاج بايدن السياسة عينها، لكنها وبأي حال لن تفوّت فرصة الشماتة بترامب الذي أضرّ باقتصادها وأوصله للحضيض، فقد دعت الخارجية الإيرانية، في الثامن من نوفمبر، واشنطن لإعلان “التوبة” و”التعويض عما فات” ووقف حربها الاقتصادية على إيران، وذكر سعيد خطيب زادة في تصريح صحفية، أنّ هناك فرقاً واضحاً بين معسكري الرئيس الحالي دونالد ترامب وبايدن، لكن طهران تترقب الإجراءات العملية من الإدارة الأمريكية المقبلة.


وأردف: “على بايدن التعويض عما فات وأعددنا لائحة بالالتزامات التي على أمريكا تطبيقها تجاه إيران”، زاعماً أنّه “ليس أمام أمريكا سوى انتهاج طريق الاحترام والعودة إلى المسار القانوني”، مدعياً أنّ “أمريكا ليست في موقع يؤهلها لفرض شروط على إيران، وقد تسببت بخسارة مليارات الدولارات للشعب الإيراني”، مستطرداً: “على أمريكا أن تعلن التوبة وتوقف حربها الاقتصادية على إيران”.


شماتة استكملها وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، بالقول إنّ الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الذي يعتبر خاسراً في انتخابات الرئاسة، رحل، بينما ما تزال إيران ودول جوارها باقية في المنطقة، وتابع ظريف، في تغريدة نشرها باللغة العربية عبر “تويتر”: “رحل ترامب ونحن وجيراننا باقون، الرهان على الأجانب لا يجلب الأمن ويخيب الآمال”، مضيفاً: “نمد أيدينا إلى الجيران للتعاون في سبيل تحقيق المصالح المشتركة لشعوبنا وبلداننا، ندعو الجميع إلى الحوار باعتباره السبيل الوحيد لإنهاء الخلافات والتوترات، معاً لبناء مستقبل أفضل لمنطقتنا”، وهي دعوة لم تكن لتأتي بكل تأكيد لولا حالة الضعف والوهن التي وصلت لها طهران عقب سنوات من العقوبات الأمريكية الصارمة في عهد ترامب.


العقوبات متواصلة خلال الشهرين القادمين


لكن الشماتة الإيرانية بهزيمة ترامب في الانتخابات لن تمر دون ردّ، فترامب ما زال يملك في جعبته شهرين من الرئاسة، ويبدو أنّه سيستغلها في سبيل توجيه آخر ما يمكن له من ضربات للنظام الإيراني، وهو ما ذهب إليه موقع “أكسيوس”، في التاسع من نوفمبر، والذي أورد عن مصادره، أنّ إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تتحضر مع إسرائيل ودول خليجية لفرض عقوبات جديدة على إيران قبل تنصيب جو بايدن، رئيساً جديداً في يناير.


لتُعلن في اليوم التالي، أي في العاشر من نوفمبر، وزارة الخزانة الأمريكية، عن فرض حزمة جديدة من العقوبات على مشتريات إيران للمكونات الإلكترونية، شملت 6 شركات و4 أفراد، فيما قال وزير الخزانة الأمريكي، ستيفن منوتشين، إنّ “النظام الإيراني يستخدم شبكة عالمية من الشركات لتعزيز قدراته العسكرية المزعزعة للاستقرار”، مضيفاً: “ستواصل الولايات المتحدة اتخاذ إجراءات ضد الذين يساعدون في دعم جهود عسكرة النظام وانتشار الأسلحة”.


وهو ما عقبت عليه السلطات الإيرانية على لسان المساعد السياسي لوزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، والذي حاول التخفيف من روع الإيرانيين مما ينتظرهم خلال فترة ترامب المتبقية، بزعم أنّ تلك الأنباء “مجرد شائعات وتخمينات”، مدّعياً أنّ ترامب لن ينجح في تحقيق أي هدف من أي خطوة سيتّخذها بحق إيران خلال الشهرين المقبلين، وأنّ الأحاديث عن “طوفان من العقوبات” جاء في محاولة لخلق أجواء نفسية متوترة ويأس من المستقبل لدى الإيرانيين.


وعليه، ومع انتخاب بايدن رئيساً، تنتظر سلطات طهران أن ينتهج بايدن سياسة لينة معها، قد تتيح لها تعويض خسائرها الاقتصادية، وتوقف التململ الشعبي، في حين تنتظر الدول المتضررة من طهران، وخاصة في الخليج العربي وإسرائيل، أن يواصل بايدن سياسات سلفه، أقله في الملف الإيراني، كونها كانت ناجعة إلى حدّ بعيد في لجم طهران، ولم تعد الأخيرة إلا بحاجة لعدة سنوات أخرى من العقوبات، قبل أن تبدأ الانهيار الكبير من الداخل.


ليفانت-خاص


إعداد وتحرير: أحمد قطمة








 




كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!