الوضع المظلم
الجمعة ١٠ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
يوم أمريكي طويل
إبراهيم جلال فضلون

إنّ الواقع الانتخابي المُر حتى في بلاد العَم “سام”، فأيّاً كان الفائز في حُمّى نوفمبر الأمريكي، فسيواجه احتمالاً حقيقياً، برفض المرشح الآخر نتيجة الانتخابات الأمريكية، ليصل تهديد الخلافات بين مؤيدي المُرشحين المُختلفين بالتصاعد إلى صراع مُسلح، يجعل الجميع في قلق حقيقي من صراع يوم أمريكي طويل، بل خطير وشرس على السلطة.


وهو ما استنتجته كافة البوادر السابقة لماراثون البيت الأبيض، وبيان حال “أمة مُنقسمة بشكل خطير”، والذي توصل إليه أعضاء مجموعة تجنّب الأزمات الدولية ICG وتتمتع بصلاحية إنهاء ومنع وتخفيف الصراعات العنيفة أينما حدثت، وبغض النظر عن النتيجة التي فاز بها العجوز “بايدن”، فإنّ الولايات المتحدة تبقى دولة مُنقسمة بمرارة.. لتُعطي الزيادة الهائلة في التصويت عن طريق البريد للخاسر فرصة للطعن في الانتخابات على نطاق واسع، إلى درجة أنّ 31 % من مؤيدي بايدن، في ولاية فرجينيا، قالوا إنّهم لن يعدّوا فوز ترامب شرعياً، كما أنّ 26% من مؤيدي ترامب كانوا غير مُستعدين بالمثل لقبول فوز بايدن، وفقاً لاستطلاع أجرته واشنطن بوست، حيث فهم الأمريكيون التهديد الذي يمثّله ترامب “يشنّ حرباً على شعبه”، وأنّهم لا يُريدون أربعة أعوام أخرى مثل التي مرت عليهم، فخرجوا بأعداد قياسية للتصويت ضده، كشفتها هذه الانتخابات بشكل محبط، وكان هناك رد فعل مُتساوٍ ومُعاكس تقريباً من قاعدة ترامب، وصفها ترامب الابن بأنّها معركة بين الكنيسة والعمل والمدرسة مقابل أعمال الشغب والنهب والتخريب، ولابد أنّ والده فخور به، لذلك أسهب في الحديث عن هذه المفاهيم في مؤتمر الحزب الجمهوري.


هذه المرة هي الأكثر خطورة في التاريخ الانتخابي الأمريكي؛ من ناحية أنّ النتائج لا تُحسم بالطرق المعتادة، نتيجة إصرار ترامب إعلان فوزه والتشكيك في نتيجة فرز التصويت عبر البريد الذي لم يكن لصالحه، مما يؤسس لكل الاحتمالات بما فيها الطعن لدى المحكمة العليا، قابلها إعلان أنصار بايدن فوزه قبل النتيجة، التي يحسمها معدّلات المشاركة المرتفعة والمفاجئة في الانتخابات الرئاسية، واحتمال وقوع عمليات تزوير بسبب التصويت عن بُعد.


ولعل الخطابات السياسية لكلا الحزبين أكدت نبرة سامة من القومية الأمريكية التي تُلهب أعمال العنف وخرافات التفوق، استدعت إجراءات احتياطية استثنائية، وجدت هدوءاً غريباً يُخيم على عالم الشرق الأوسط المُرتقب لحاله الجديد أو عهده السابق، إذ تبدو خطوط الصدع وتغير الحسابات السياسية التي تتقاطع مع المنطقة أهدأ من المُعتاد، لكن هذا السلام النسبي لا يعكس سوى خوف بعض القادة الإقليميين الذين يتطلعون إلى واشنطن لمعرفة ما إذا كان هناك تغيير وشيك في القيادة العالمية، ومصير الاتفاق النووي الإيراني إلى ما يُسمى بـ”صفقة القرن” للإسرائيليين والفلسطينيين ونمو الاستبداد غير المنضبط، ليعد بايدن بإلغاء ما يعتبره الكثيرون عنصراً أساسياً في سياسة ترامب الخارجية، من غض الطرف عن الأوتوقراطية وانتهاكات حقوق الإنسان لصالح السياسة الواقعية الفظة التي أسقطت أخيراً مظهر دعم أميركا للديمقراطية في منطقة يطغى عليها رجال أقوياء، كالسعودية والإمارات ومصر.


ولعل القيادة الفاسدة وسوء الإدارة الحكومية على مدار التاريخ الأمريكي هو جزء رئيس من المشكلة، وكذلك السياسة الخارجية وتدخُلها العدواني في بلدان مثل العراق، وترك الساحة لتدمير سوريا، ودعم الحكومات الفاسدة والقمعية، لكن بالنظر إلى تعقيدات قانون الانتخابات الأمريكي، وما هو الآن على المحك، يمكن توقع “حرب عصابات أو قتال شوارع” بين كلا الجانبين بضراوة، حتى عند أدنى خلاف حول النتيجة، ويُمكن أن تؤدّي إلى شهور مُتوترة من عدم الحسم، فماذا لو فاجأ القضاء العالم وفاز ترمب؟


 


ليفانت – إبراهيم جلال فضلون

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!