الوضع المظلم
الإثنين ١٣ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
هي البداية.. فقط حركات الإسلام السياسي في أوربا
عبد العزيز مطر

لم يأتِ قرار الحكومة النمساوية لحظر نشاط جماعة الإخوان المسلمين في النمسا مفاجئاً للكثير من المراقبين والمعنيين بقراءة المشهد السياسي لنشاط حركات الإسلام السياسي في أوربا، والأمر جاء استكمالاً لحظر نشاط حزب الله اللبناني وتصنيف جناحه العسكري كمنظمة إرهابية، وما تبعه من تصنيف حركة حماس الإسلامية، الذراع المشترك للحرس الثوري الإيراني ولحزب الله والإخوان المسلمين، كمنظمة إرهابية.

ويأتي هذا القرار في أكثر من بقعه أوربية، من خلال توجه للحدّ من حركات الإسلام السياسي التي بدأت تشكّل خطراً حقيقياً وعاملاً لعدم الاستقرار في أكثر من منطقة في العالم، وخصوصاً في منطقه الشرق الأوسط التي تعتبر مجالاً حيوياً لأوربا التي تحرص على استقرار هذا المجال الحيوي ومكافحة جميع الأخطار التي تهدد استقراره.

وقد أتى هذا التحرّك أيضاً، لما تمثله هذه الجماعة من تهديد حقيقي لمبادئ الديمقراطية الحرة وحرية الرأي والدين والمعتقدات، حيث طالما شككت جماعه الإخوان المسلمين بالمبادئ الديمقراطية كأسلوب للحكم والتعايش بين أفراد المجتمع الأوربي الذي بدأ يستشعر خطورة الجماعة وخطورة النسخ الثانية المشابهة لها، كحزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني وتيارات الإسلام السياسي، التي تتعارض أهدافها مع ثقافه الحوار والتعايش بين الأديان السائدة حالياً، والتي تسعى بطبيعة الحال كأهداف معلنة، لإحلال السلام وروح التعايش بين جميع مكونات أي مجتمع، بغض النظر عن البقعة التي يتواجد بها هذا المجتمع.

يعلم الجميع أن حماية المبدأ الديمقراطي في دول أوربية، كالنمسا وألمانيا، هي من أولويات القضاء والحكومات والمؤسسات الأمنية التي بدأت مؤخراً تكتشف النهج الخطير الذي تمثله جماعة الإخوان المسلمين وتغلغلها في المجتمع خدمة لأجندات خاصة بها بعيدة عن مبادئ الإسلام السمحة وعن تعاليم التعايش السلمي في الدين الحنيف. ومن يراقب مسيرة الإخوان المسلمين وطريقتها في التعاطي مع كثير من المسائل التي تخصّ أي دولة وأي شعب تتواجد الجماعة فيها، يدرك تماماً أنها تنتهج مبدأ السيطرة الفكرية والتخفي خلف جماعات وجمعيات وأهداف سامية لتنفيذ أجندات ومصالح خاصة بالجماعة تتعارض في كثير من الأحيان مع مصالح الدول والمجتمعات التي تنشط بها الحركة، بحيث يكون المحرك الأساس لنشاط الجماعة هو مصالحها الضيقة، بغض النظر عن المصلحة الوطنية لشعب أو دولة. وأتى تغلغلها في الدول الأوربية مستفيدة من المناخ الديمقراطي الذي كان يوفر بيئة مناسبة لنشاطها كونه يشكل فضاء كبيراً من حرية الرأي والعمل السياسي الذي استغلته جماعة الإخوان المسلمين بشكل سيء لتحقيق مصالحها الخاصة بالدرجة الأولى.

إن محاولة جماعة الإخوان المسلمين السيطرة على المؤسسات الدينية الإسلامية في أوربا وما يتبع لها من جمعيات، لم تكن وليدة اللحظة أو الأعوام القليلة الماضية، وإنما تأتي في إطار خطة متكاملة للسيطرة على المجتمع والجالية المسلمة في أوربا وتوجيهها بشكل غير مباشر، بما يخدم أهداف جماعة الإخوان المسلمين، ولم يعد أسلوب الجماعة في إخفاء نشاطها خلف الجمعيات والهيئات الدينية أو أسلوب الانسحاب للخلف ووضع واجهات تخدم أنشطة الجماعة وتكون في منأى عن المساءلة القانونية.

إن أسلوب المراوغة والتخفي الذي تعتمده جماعة الإخوان المسلمين هو أحد الأساليب التي تنتهجها جميع هذه الحركات السياسية الدينية، فالأسلوب ذاته متبع لدى الحرس الثوري ومؤسساته الدينية والخيرية التابعة له في دول أوربا، وهو أيضاً متبع لدى حزب الله والإخوان المسلمين ووحدة الأسلوب لدى هذه الأشكال نابع من الجذور والفكر الواحد الذي ينبع من فكر المرشد أو المراقب البعيد عن النهج والأسلوب الإسلامي في معالجة قضايا المجتمع، ولعلّ الأهم والخطر الأكبر الذي يمثله أسلوب جماعة الإخوان المسلمين وطريقتها لتحقيق أهدافها هي دعمها لتنظيمات إرهابية، كمنظمة حماس الإرهابية، التي تسببت بكارثة للشعب الفلسطيني على صعيد انقسام وحدته وتضاؤل التضامن مع الشعب الفلسطيني بسبب ارتباط هذه الحركة الوثيق مع تنظيم الإخوان المسلمين من جهة، ومع تنظيمي الحرس الثوري الإيراني وحزب الله من جهة أخرى، علاوة على تهديد هذه الحركة للسلم الإقليمي والدولي من خلال الأعمال الإرهابية التي تشنّها وفق أجندات الحرس الثوري وحزب الإخوان المسلمين بما يتوافق مع مصالح جمهورية الشر الإيرانية، التي اتخذت من حماس، ومن خلفها جماعة الإخوان المسلمين، مطية لها.

هي البداية فقط، وستكون هناك بالتأكيد إجراءات أخرى في عواصم القرار الأوربي للحد من النشاط التخريبي لهذه الجماعة على كافة الأصعدة، السياسية والعسكرية والمالية، تمهيداً لاجتثاث وتجفيف منابع تواجد تنظيمات حليفة له، كالحرس الثوري وحزب الله والقاعدة، وأفراخها، وبالتإكيد تلقى هذه الإجراءات القبول لدى كثير من الشعوب التي عانت وتعاني من هذه التنظيمات، كالقاعدة وداعش والحرس الثوري الإيراني وحزب الله، وستتفهم الجاليات الإسلامية في أوربا هذه الإجراءات بسبب ما عانته الشعوب التي ينتمون لها من جرائم على يد هذه التنظيمات.

 

ليفانت - عبد العزيز مطر

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!