-
هل ينتقل صراع الموانئ بين طهران وموسكو نحو الاستحواذ على "المطارات السورية"؟
لم يغب الصراع على الموارد الطبيعية والمنشآت الحيوية السورية في العقد الأخير بين روسيا وإيران، حيث خلطت الضربات الجوية الإسرائيلية الأوراق، وفتحت الباب أمام تنافس بين الطرفين، للهيمنة على المنافذ، كالموانئ والمطارات، والاستحواذ على عقود الفوسفات، من أجل تعزيز حضورهم واسترداد نفقاتهم على نظام بشار الأسد لضمان بقائه في السلطة من خلال مشاركتهم بالصراع الدائر في البلاد.
تفيد مصادر مطلعة لـ"ليفانت نيوز"، أن شركات روسية في طريقها للتعاقد مع النظام السوري للاستحواذ على استثمار مطار دمشق الدولي الواقع على بعد 25 كيلو متر من العاصمة في الاتجاه الشرقي، بعد إخفاق وزارة النقل السورية وشركائها الإيرانيين في إدارة المطار، وتعرض محيطه بين الحين والآخر للقصف الإسرائيلي، بسبب تواجد حزب الله اللبناني والميليشيات الإيرانية الموالية للنظام بالقرب منه.
تنافس على القطاعات والمنشآت الحيوية
وهذه ليست المرة الأولى التي تقوم فيها روسيا، بالضغط على النظام السوري لنقض عقود كان قد أبرمها مع داعميه الإيرانيين، حيث تعاقدت حكومة النظام قبل عامين مع شركات إيرانية تعود مليكتها لقياديين في الحرس الثوري الإيراني، لاستخراج الفوسفات في مناجم الشرقية (45 كم جنوب غرب تدمر)، إلا أنّ الأمر لم يرق للحكومة الروسية، وهو ما أدى للضغط على النظام لفسخ العقد وإبرام آخر مع شركات روسية، تعود مليكتها لمقربين من الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" ولمدة خمسين عاماً، حتى انتهاء الاحتياطي السوري في هذا القطاع.
وتعتبر هذه الواقعة نموذجاً للتنافس الروسي الإيراني في سوريا كوسيلة لتحصيل ديونهم المتراكمة على النظام، عبر توزيعها على شكل عقود استثمار طويلة المدى وبشروط مجحفة بحق الشعب السوري.
وبحسب المصدر، فإنَّ الروس عينهم على مطار دمشق الدولي وسحب استثماره من الإيرانيين، لكن حكومة النظام نفت في بيان أصدرته منتصف عام 2019، وجود أي مفاوضات استثمار لمطار دمشق، عندما أثيرت حوله أقاويل عديدة تفترض استثماره، إلا أنَّ البيان الذي أصدرته وزارة النقل حينئذ، لم ينفِ مناقشة تأهيل مطاري دمشق وحلب من قبل روسيا وفق نظام BOT.
ونقلت وكالة "سبوتنيك" الروسية، في وقت سابق، عن مصدر في سفارة بلادها بدمشق، أن شركات روسية تعتزم استثمار مطار دمشق وتوسعته ليتمكن من زيادة قدرته الاستيعابية المقدرة بـ 5 ملايين مسافر سنوياً.
ونوّهت الوكالة، بأن "النظام يرحب بعقود الاستثمار مع الجانب الروسي لسببين، أولهما تعرض قطاع النقل لخسائر فادحة خلال الحرب، والثاني كسر الحصار الأمريكي المفروض على الموانئ البرية والبحرية والجوية في سوريا". وكانت وسائل إعلام روسية قد أشارت إلى احتمال قيام موسكو باستئجار مطار القامشلي في شرق سوريا، والذي يقع على بعد كيلو مترات من الحدود التركية، ولمدة 49 سنة.
اقرأ المزيد: لبنان يرفض استقبال سوريين حاملي الجنسية السويدية
اقرأ المزيد: ألمانيا وأوكرانيا.. كفة المصالح ترجح لصالح روسيا
وتكمن أهمية مطار دمشق الدولي بالنسبة للنظام السوري، من كونه الوحيد في العاصمة، ولأنه بوابة السوريين القادمين إلى بلدهم، مما يسهل على النظام ابتزازهم بسحبهم إلى الخدمة العسكرية الإلزامية أو تخليص مبالغ كبيرة منهم، حيث تصب كل معلومات السوريين عند أمن المطار.
وفي وقت سابق، تحدث النائب في مجلس الدوما الروسي، ديمتري بيليك، "عن خطة روسية لتوسيع مطار دمشق، لاستقبال 15 مليون مسافر سنوياً، وذلك خلال مقابلته مع وكالة "تاس" الروسية، أكد فيها عن استعداد مستثمرين روس في مجال إنشاء المطارات لبناء محطات وإعادة تأهيل البنية التحتية للمطار".
وفي حال تم توقيع العقد بين الجانبين، الروسي والسوري، تكون موسكو قد سيطرت على كل المنافذ السورية البحرية والجوية، باستثناء ميناء اللاذقية المستثمر من قبل شركات إيرانية، بعد عقد استثمار طويل الأمد لميناء طرطوس، والخلاف مع الإيرانيين على ميناء بانياس، الواقع بين قاعدة حميميم الروسية ومرفأ طرطوس على ضفاف البحر الأبيض المتوسط.
وقبل أيام قليلة، نشر موقع "rusvesna" الروسي، صوراً لوحدات من الشرطة العسكرية الروسية، تقوم بدوريات في ميناء اللاذقية، وذلك بعد استهداف ساحة الحاويات التجارية فيه من قبل مقاتلات إسرائيلية، في نهاية ديسمبر الفائت، مما أسفر عن حرائق وأضرار جسيمة، بحسب الصور التي نقلتها وكالة الأنباء الرسمية "سانا". مما يشير إلى أن ميناء اللاذقية قد يذهب إلى الروس أيضاً في القادمات تحت ذريعة استهدافه المتكرر من قبل الطيران الحربي الإسرائيلي.
خطوط حديدية تربط ميناء شلمجة الإيراني باللاذقية
كثيراً ما يكرر المسؤولين في إيران حديثهم عن إحياء مشروع خط السكة الحديدية الذي يربط مدينة شلمجة الحدودية في خوزستان بميناء المعقل في البصرة، ثم ببغداد ليحط منتهاها في ميناء اللاذقية على سواحل البحر المتوسط.
ووفقاً لخبراء، إذا ما أنُجز خط السكك الحديدية، فسيمنح إيران امتيازات اقتصادية وتجارية وفرصة لازدهار قطاع النقل؛ وبذلك تنتشر السياحة الدينية الإيرانية مع العراق وسوريا، مما يعزّز الوجود الإيراني في هذه الدول وعلى كافة المستويات السياسية والعسكرية والاقتصادية.
ويُشار إلى أنّ سكة حديد شلمجة – البصرة، هي جزء من شبكة سكك حديدية إقليمية تضم خط المسيب - كربلاء، تتطلع القيادة الإيرانية وحلفاؤها العراقيون لربطها مستقبلاً مع دول المشرق العربي (سوريا والأردن والخليج العربي عبر الكويت).
لكن الروس يدركون جيداً، أن التمدد الإيراني في سوريا، يُنهي فرص إعادة الإعمار، وإدخال مستثمرين خليجيين وأوروبيين؛ مما يطيل عودة الاستقرار لهذا البلد المنهك بالحرب على مدى عشر سنوات ويساهم بخسائر للروس، لا سيما بعد تلويح واشنطن بورقة استجرار الغاز القطري إلى أوروبا، في حال أقدمت روسيا على اجتياح أوكرانيا، وهو ما يؤدي بالإضرار بالاقتصاد الروسي، الذي يعتمد على مشتقات الطاقة النفطية في ميزانيته، حيث يُصدر نحو 40 بالمئة من الغاز الروسي، و36 بالمئة من النفط الخام إلى دول أوروبا البالغ عددهم 27، أي ما يمكن قوله، إنَّ نصف الدخل الروسي من المشتقات النفطية عائداته باليورو.
ليفانت - خاص
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!