الوضع المظلم
الثلاثاء ٣٠ / أبريل / ٢٠٢٤
Logo
  • هل فعلها “أردوغان” وأخرج “الأسد” من حماية “بوتين”؟ -الجزء الثاني-

هل فعلها “أردوغان” وأخرج “الأسد” من حماية “بوتين”؟ -الجزء الثاني-
أردوغان


خاص ليفانت



إعداد وتحرير: أحمد قطمة


الجزء الأوّل، اقرأ هل فعلها “أردوغان” وأخرج “الأسد” من حماية “بوتين”؟ -الجزء الأول-


الصفقة ربّما جاءت عقب الصفعة الروسيّة لأنقرة:   


أمر ما حدث، وتفاهمات يبدو أنّها قد بدأت تعدّ في المطابخ التركيّة الروسيّة، حيث ذكرت الخارجيّة الروسيّة أنّ موسكو وأنقرة أكّدتا سعيهما لنزع فتيل التوتر على الأرض في إدلب مع المضي قدماً في مواجهة العناصر الإرهابيّة.


ويبدو أنّ الثمن لما تمّ الاتّفاق عليه، وما سيجري الاتّفاق عليه، كان حياة الجنود السوريين، ففي الرابع من مارس، أي قبيل يوم من لقاء بوتين_أردوغان في موسكو، فقد العشرات من قوّات النظام السوري حياتهم، جرّاء ضربات جويّة نفّذتها طائرات مسيّرة تركيّة على مواقع ونقاط بمدينة سراقب وريفها شرق إدلب، وهو ما لم يكُ ليحصل لولا فتح المجال الجوي السوري من قبل روسيا، ما مهّد للطائرات التركيّة لتنفيذ ما يطيب لها من ضربات انتقاميّة على مقتل جنودها، والتي جاءت في إطار حفظ ماء أمام الشعب التركي الذي كان يشعر بأنّه تورّط في حرب ليس له فيها ناقة أو جمل.


وما يؤكّد تلك الفرضية، كان انسحاب الشرطة الروسية من مدينة سراقب بعد أن كانت قد دخلت قبل يوم من ذلك التاريخ، وهو ذات السيارينو الذي حصل في مدينة عفرين شمال غرب سوريا، عندما سحبت روسيا نقاطها في المنطقة ذات الغالبية الكردية في يناير العام 2018، تمهيداً لاستباحتها من قبل أنقرة ومليشياتها السورية.


لقاء بوتين-أردوغان والصفقات السريّة


وعقب مقتل الجنود الأتراك الـ36، وردّ أنقرة عليه في الرابع من مارس، جاء اللقاء الموعود بين بوتين وأردوغان في الخامس من مارس، حيث قال بوتين إنّ الأوضاع في إدلب توترت إلى درجة تتطلب حديثاً مباشراً بين الطرفين، مؤكداً على ضرورة تجاوز التوتر وعدم تكراره، مشيراً إلى مقتل العسكريين الأتراك في سوريا، إذ حاول التبرير من خلال الادّعاء بأنّ العسكريين الروس والسوريين لم يكونوا على علم بموقع الجنود الأتراك، مبيّناً أنّ قوّات النظام وخلال هذه الفترة تكبّدت أيضاً خسائر كبيرة، وهي كانت إشارة واضحة من بوتين إلى رغبته بعقد صفقات جديدة مع أنقرة، وتلميحاً للأتراك بأنّ ثمن جنودهم قد دُفع من دماء الجنود السوريين، والنتيجة أضحت تعادلاً بينهما.


 


وبعد نحو ست ساعات من الاجتماعات، أعلن الجانبان الروسي والتركي، التوصّل إلى اتّفاق (معلن) لوقف إطلاق النار في مناطق التّماس بإدلب، يدخل حيّز التنفيذ اعتباراً من منتصف ذاك اليوم، ليبقى السؤال المطروح عن الاتفاقات السرية التي تمّت والتي لن تكشفها سوى الأيام.


فيما نصّ الاتّفاق العلني على إنشاء ممرّ آمن بطول 6 كلم على الطريق الدولي “إم 4″، وأنّ لتركيا الحقّ بالردّ على أيّ خرق لاتفاق مناطق خفض التصعيد، كما اتّفق الجانبان على وحدة الأراضي السورية، وأنّ الحلّ سياسي وليس عسكري وبإشراف الأمم المتّحدة.


لكن ما لا يدركه العموم، يدرك بعضه النظام السوري الذي يبدو أنّه قد استشعر بمخاطر الاجتماع المطوّل بين بوتين وأردوغان، فقالت المستشارة السياسية في رئاسة النظام السوري، بثينة شعبان، في السابع من مارس، إنّ الاتّفاق التركي_الروسي بشأن إدلب، مؤقّت ولمنطقة معينة، واستكمالاً لتنفيذ اتّفاق سوتشي، مشيرة إلى أنّ “تضحيات الجيش السوري” فرضت الاتفاق الذي بموجبه يتمّ فتح طريقي (M4) و(M5)، مع التأكيد على استمرار مكافحة “التنظيمات الإرهابية”، في الوقت الذي واصل فيه الجيش التركي، رغم سريان وقف إطلاق النار، بموجب اتّفاق بوتين_أردوغان، حشد المزيد من القوّات إلى محافظة إدلب، وأنشأ نقاط مراقبة جديدة فيها.


وبدلاً من أن يكون للروس موقف صلب يجبر الأتراك على سحب الآلاف من الجنود والمدرّعات كقوّة محتلّة دخلت الأراضي السورية، وهو ما يتوافق مع إعلان المزعوم بحفاظ الطرفين على وحدة الأرضي السورية، أكّدت وزارة الدفاع الروسية في السادس عشر من مارس، أنّها لم تُسجّل أيّ انتهاكات لوقف إطلاق النار في إدلب السورية من قبل التشكيلات المسلحة الخاضعة لتركيا، وهو يعني فيما يعنيه أنّ دخول التحشدات التركية قد أضحى بضوء أخضر روسي، رغم أنّه لم يكُ كذلك ظاهرياً قبل اجتماع بوتين_أردوغان.


 


وكدليل على قوّة موقفها والتي لا يمكن أن تبرّر دون اتفاق مع موسكو، قال خلوصي أكار، وزير الدفاع التركي، في الثاني عشر من مارس، إنّ الوجود التركي في إدلب متواصل، والوحدات التركية تحافظ على مواقعها هناك، وانسحابها غير وارد، كما ذكر أنّهم توصّلوا إلى تفاهمات مهمة مع الوفد العسكري الروسي بخصوص إدلب.


إيران خارج اللعبة إلى جانب النظام السوري


التفهامات التركية الروسية، لا يبدو أنّها أقلقت النظام السوري لوحده، فطهران كذلك يبدو شعرت بأنّها قد باتت خارج اللعبة السورية، وهو ما أمّن استنتاجه من طرح وسائل الإعلام الإيرانية، التي وصفت، في الرابع عشر من مارس، الاتّفاق بين تركيا وروسيا بأنّه “مؤقّت” وهو الموقف الذي تبنّاه النظام، حيث أشار الإعلام الإيراني أنّ الجيش السوري لن يلتزم به طويلاً.


فيما تناول موقع “تابناك نيوز” الإيراني، الاتّفاق بشكل متشائم مثل وسائل الإعلام الأخرى، وذكر أنّ اتّفاق وقف إطلاق النار بين بوتين وأردوغان، يتطلّب أولًا وقبل كل شيء، الحفاظ على الوضع الراهن، وهذا يعني إبقاء جيش النظام في المناطق التي استولى عليها.


أمّا موقع “Islamic World News”، فقد اعتبر الاتّفاق مقدّمة لتحرير طريقي M4 وM5 من قبل جيش النظام، وتابع: “الاتفاق بالتأكيد مؤقّت ولن يستمرّ بثبات، وهو ما كان يعني أنّ النظام وإيران ترغبان في استكمال العمليّات العسكرية بغطاء روسي للسيطرة على كامل إدلب، قبل أن تنقلب روسيا على الحلف السابق، وتوقّع مع أنقرة على اتفاقيّة تسمح لجنودها بالبقاء في نصف إدلب تحت سيطرتها، وهو ما قد يعني للسوريين قبل غيرهم أنّ تلك المناطق ستبقى “محتلة” من أنقرة إلى أمد غير معروف.


 


وفي سياق بقاء إيران والنظام دون غطاء جوي، والذي لن يسمح لهما بشنّ أي عمليات عسكرية دون عودة موسكو إلى حلفهم السابق، وصل وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، في العشرين من أبريل، إلى دمشق للقاء رئيس النظام بشار الأسد في أول لقاء بينهما منذ عام، وسط مؤشراتٍ على تغيير روسيا لاستراتيجيتها في سوريا.


حيث رجّحت المصادر الدبلوماسية أن يحاول ظريف التأكيد على وجود ثقل إيراني في سوريا يوازي الثقل الروسي، بالإضافة للتشديد على تمسّك طهران ببقاء الأسد، وهي الأفكار التي ربما لن تروق لموسكو، حيث يشكّل الوجود الإيراني في سوريا عامل توتر بالنسبة إلى الغرب وأمريكا، ومن المؤكد أنّ الوجود الإيراني سيتلقّى ضربات قويّة سواء من تركيا أو إسرائيل، لو رغبت موسكو في إجبار طهران على الانسحاب من سوريا، خاصة أنّها مهمة ستغدو أسهل مع غياب قاسم سليماني.


وعليه، قد ينتظر الوجود الإيراني، وبقاء رأس النظام السوري على سدّة الحكم، أيام عصيبة، ومن المؤكّد بأنّ أي ضربة للنظام السوري قد تطال الأسد على شاكلة خاتمة قاسم سليماني، لن تكون صعبة على موسكو، التي ستضمن حينها قصقصة آخر الأجنحة الإيرانيّة في سوريا، والاستفراد بشكل الحلّ في سوريا، والذي يشكل مطلباً إقليمياً وغريباً، بانتظار استحقاقات المرحلة اللاحقة وما قد تكون موسكو وأنقرة قد اتفقتا على رسمه للسوريين، الذين يبدو أنهم آخر من يعمل بما يُخطّط لبلادهم، سواء أكان يعتبر أنقرة جزءاً من الحل أم لا.


 

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!