الوضع المظلم
السبت ٠٤ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
  • هل سيظهر خُميني جديد في العراق.. وهل سيعيش العراق فترة حكم فرانكو لإسبانيا؟

هل سيظهر خُميني جديد في العراق.. وهل سيعيش العراق فترة حكم فرانكو لإسبانيا؟
كمال الزغول
خلال فترة الحرب الأهلية التي عاشتها إسبانيا منذ عام 1936 وحتى عام 1939، أنتجت حكماً إقصائياً تحت سيطرة الجنرال فرانكو، والذي امتدّ لعدّة عقود حتى عام 1975، لكن قدرة الملك خوان كارلوس على تفكيك شيفرة الديكتاتورية الفرانكية الأبوية أنهت الحكم إلى الأبد بسبب تفعيله للقنوات الدستورية ومجاراته لجيرانه الأوروبيين، وذلك بتبنّيه أسلوباً ديمقراطياً.

مقارنة بذلك، فإنّ وصول الخُميني أيضاً على متن طائرة فرنسيّة كمحرر للشعب الإيراني من حكم الشاه، جعل إيران تخضع للحكم الأبوي الذي بقي حتى وقتنا الحاضر، وبالرغم من أن هناك نظاماً سياسياً إلا أنّ مفاتيح الاقتصاد و"الجنة" ما زالت بيد المرشد الأعلى، وبقيت إيران لحد الآن تحت رسالة الخُميني الثورية التي لم تنتهِ، فهل ستنتهي كما انتهت نواميس فرانكو في إسبانيا عام 1975 بوصول شخصية كشخصية الملك خوان كارلوس الأول، أم نهايتها لم تحن بعد.

وبالتقريب لصورة الخميني وفرانكو من المشهد العراقي من خلال الانتخابات، فإنّ فوز التيارات والفصائل المسلحة بمقاعد البرلمان في الانتخابات التشريعية العراقية واهتمام الصحف الأمريكية والعالمية بالكتل السياسية "التياريّة" ستؤدّي إلى صعود تلك التيارات على حساب الدولة، وينشأ لدينا برلمان ثوري لا ديمقراطي يحكمهُ أحد قادة هذه التيارات، وتتشكل الحكومة بناءً على أجندات ثورية لا أجندات حاكمية رشيدة، الفائز من قادة هذه التيارات في النهاية سيفعل كما فعل الخُميني عام 1979 بعد الثورة، ويتسيَّد كما تسيّد فرانكو في إسبانيا بعد الحرب الأهلية، فالامتيازات واحدة وتأخذ نفس الصيغة.

فعلى سبيل المثال، فوز أي فصيل بـ100 مقعد أو بمقعد واحد في البرلمان العراقي يعطي نفس النتيجة الواقعية للعراق ما بعد عام 2003 وصولاً إلى الانتخابات التشريعية لعام 2021، لأن سلاح المقعد الواحد المنفلت هو نفس سلاح الـ100 مقعد، لسبب وجيه وهو أن الممثل التشريعي هو نفسه صاحب السلاح، ولا يعكس برنامجاً إصلاحياً، وبالتالي فإن الصعود السياسي لا يعكس رؤية قاعدة انتخابية حقيقية وإنما يعكس حجم التمثيل في مخازن السلاح الذي تحرسه الفتوى.

العراق بصراحة لا يحتاج إلى الحكم الأبوي على الإطلاق، فلديه حكومة وجيش ودستور ويمتلك طائراته ودباباته الخاصة، ولا يحتاج نزولاً لوحي من قبل تيار معين، فقد انقطع الوحي بعد وفاة رسول الله محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم، ما يحتاجه العراق هو إعادة هيكلة مؤسساته الأمنية لاستعادة الهوية الوطنية العراقية بغض النظر عن المنابت والأصول وليس النواميس والطرائق، فلم يعد هناك ما يسمى بالجهاد الشعبي داخل جيش حكومي لأن الجهاد هو على التخوم ضد عدو واضح وليس داخل مؤسسات الدولة، ولا يبدأ الجهاد من القاعدة، وإنما يعلن من الهرم.

دعنا نتفاءل أن لا يتحوّل العراق تحت حكم جنرال أبوي، كفرانكو الإسباني ما بعد عام 1939، وأن لا يتحول إلى حكم ثوري إيراني كما حدث بعد عام 1979، فما زال أمامنا وقت طويل لتفكيك شيفرة التيارات وعلاقتها بالدساتير الحكومية وتفكيك علاقة الفتوى بالسلاح من أجل ضبطها بعملية سياسية ناجحة وإلَّا سيخسر الجميع، وندعو الله أن يجنّب العراق الفتن ما ظهر منها وما بطن، فالعراق الموحد هو مطلب للجميع.

كمال الزغول

ليفانت - كمال الزغول

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!