الوضع المظلم
الثلاثاء ٠٥ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
هل تطلق تركيا صواريخ (S 400) على “أحلامها” التوسعية؟!
تركيا

 ليفانت – خاص 


 





من الواضح أن الخلاف التركي الأمريكي، بات يأخد منحى المواجهة المباشرة في التصريحات، حيث كان  الطرفان يحاولان فيما مضى، العمل على تجنّب المواجهة الكلامية على اعتبار أن تركيا شريك للولايات المتحدة في حلف الناتو من جهة، وشريك في التفاهمات حول مناطق شمال شرق سوريا التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية، شركاء الولايات المتحدة في الحرب على داعش، من جهة أخرى. حيث لا يمكن تحديد السياسة الأميركية تجاه تركيا، ولا يمكن حتى رؤية مكان الرئيس دونالد ترامب. إنها معضلة كبيرة لسياسة الولايات المتحدة، إذ يبدو أنها نختلف استراتيجياً مع تركيا، حول كل القضايا تقريباً.





هذه الانقسامات الاستراتيجية في تزايد مطّرد، وهي تشمل دعم تركيا لمختلف الجماعات المسلحة في سوريا وليبيا، وشرائها لمنظومة الدفاع الروسية إس -400، رغم اعتراض أميركا وأعضاء الناتو، وانتهاكها لحظر الأسلحة في ليبيا، والتنقيب عن البترول في شرق البحر المتوسط. 


بالمقابل، وصلت المواجهة التركية الأوروبية أوجها بعد أزمة شرق المتوسط، والتي باتت تشكل خطراً على التوافق داخل أروقة حلف الناتو، خاصة أنها تعطل سياسة التحالف، حيث منعت لعدة أشهر خطة الناتو للدفاع عن بولندا ودول البلطيق، لأنها تريد من حلف الناتو أن يصنّف مختلف الجماعات الكردية المسلحة، التي حاربت من أجل استقلالها، كمجموعات إرهابية ، على الرغم من كونها أفضل حليف لواشنطن في محاربة داعش في سوريا والعراق.


وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تصريحات، قد وصف حلف الناتو بأنه يمر بحالة “موت دماغي”، بسبب عدم قدرتها على كبح جماع تركيا أو التصرّف بطريق سياسية منسقة، مؤكداً أنه في كل مرة نناقش فيها ملف روسيا في الناتو، يفكر الجميع في منظومة S-400، ولا أحد يقول أي شيء عن تركيا التي اشترت هذه المنظومة، والتي تشكل خرقاً كبيراً في منظومة الدفاع الجوي للناتو. 



(S 400).. الصفقة التي أفقدت ثقة الشركاء بتركيا



استطاعت صفقة منظومة صواريخ الدفاع الجوي الروسي، أن ترسّخ العلاقة بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي، فلاديمير بوتن، وذلك في تدعيم العلاقة بينهما، فإذا أراد الأول امتلاك تأثير سياسي في مستقبل سوريا، فينبغي عليه التواصل مع الروس، أما بالنسبة لبوتن، فالأمر ساهم في تسويق سلاح بلاده في دولة عضو في الناتو، خاصة أنها السلاح المخصص لضرب مقاتلات الحلف، وساعد أيضاً في دكّ أسافين بين تركيا والولايات المتحدة، ومن المتوقع أن تكون الهند الزبون التالي بعد تركيا، الذي يشتري صواريخ (S 400).


وكانت قد توتّرت العلاقة بين أنقرة وواشنطن على خلفية عدة ملفات، منها مطالبات  أردوغان بتسليم الداعية فتح الله غولن، المقيم في الولايات المتحدة، بتهمة الضلوع في محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016، ويمتد إلى مسألة الدعم الأميركي لوحدات حماية الشعب الكردية في سوريا، التي تعتبرها أنقرة “منظمة إرهابية”، لكن تلك الخلافات تتضاءل أمام مسألة شراء منظومة “إس 400”. فحتى قبل تسلم أنقرة للدفعة الأولى من الصواريخ الروسية، حذّرت واشنطن من تداعيات خطيرة، وأوقفت تدريب الطيارين الأتراك على هذه المقاتلة في أميركا، وعلى الرغم من اقتراح الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، فرض عقوبات مخففة على تركيا، حيث يصر أعضاء كثيرون في الكونغرس على معاقبتها، وفقا لقانون محاسبة خصوم أميركا.



أزمة المتوسط والمواجهات المباشرة بين الشركاء



فيما يبدو أن تركيا تحاول دفع أزمة شرق المتوسط إلى التصعيد، سواء بالتصريحات العنيفة التي تنطلق بين الحين والآخر من أنقرة، أو بالتحركات العسكرية في البحر المتوسط، أو ببدء نشاط سفن التنقيب عن الغاز والبترول في مناطق التوتر مع اليونان، ربما لتعظيم المكاسب التي قد تتحقق عند الجلوس إلى طاولة المفاوضات، فيما يخشى آخرون خروج الأمور عن السيطرة، لتندلع مواجهات عسكرية غير محسوبة العواقب. 


في المقابل، ترى تركيا أنها أصبحت لاعباً رئيسياً في المنطقة والساحة الدولية، وتقول إنها لا تحمل أطماعاً في أراضي أو بحار جيرانها، لكنها ظلمت بشدة بسبب الاتفاقيات السابقة التي أهدرت حقوقها، في ظلّ وجود من لايقدّر قوة تركيا وهيمنتها، في الوقت الحالي ويستهين بها وبقوتها سياسياً وعسكرياً وأنه  لابد من إنهاء هذه الحالة، حسب تصريحات المسؤولين الأتراك وعلى رأسهم الرئيس التركي أردوغان.


اقرأ المزيد   تركيا تواصل استفزازاتها ..تجربة لما يعتقد أنه صواريخ إس 400 الروسية


وعلى المقلب الآخر، تقود فرنسا جناح الصقور في أزمة شرق المتوسط، إذ تدفع باريس إلى توحيد الصف الأوروبي، خلف اليونان وقبرص، وتسعى للحصول على موافقة لفرض عقوبات اقتصادية، تشمل تعطيل بعض الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية الأوروبية شديدة الأهمية لتركيا، وقد يكون أحد الإجراءات الأوروبية ضد تركيا، هو تطبيق ما تم الاتفاق عليه في نوفمبر 2019، عندما أنشأ الاتحاد الأوروبي الإطار القانوني للعقوبات ضد تركيا مثل حظر السفر وتجميد الأصول، وقد تمتد العقوبات لتشمل أصولاً تركية مثل السفن أو حظر استخدام موانئ الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. 


وعلى الناحية العسكرية فقد بدأت الاستفزازات في البحر بين فرنسا وتركيا، فيما بدأت البحرية اليونانية توسع من مناطق تحركها في البحر المتوسط. وفيما بدأت سفينة التنقيب التركية “أوروتش رئيس” تتحرك في البحر المتوسط محاطة بالحرية التركية، والمقاتلات الفرنسية تحلق فوق منطقة بحرية متنازع عليها قرب قبرص اليونانية.



هل بدأت المواجهة المباشرة بين الولايات المتحدة وتركيا بسبب (S 400)؟



أصدرت تركيا  في الأيام الماضية، إخطارات تفيد بفرض قيود على المرور عبر المجال الجوي وفي المياه قبالة المنطقة الساحلية لإجراء اختبارات الإطلاق، ما عزّز الشكوك باختبارها منظومة (S 400) التي باتت تشكل المأزق الأكبر للعلاقات التركية الأمريكية، فمنذ أن وقعت تركيا صفقة (S 400) مع روسيا عام 2017. وبدأ تسليم أول أربع بطاريات صواريخ بقيمة 2.5 مليار دولار في منتصف العام الماضي، عمدت واشنطن إلى تعليق مشاركة تركيا في برنامج طائرات إف-35 وهددت بفرض عقوبات، رداً على مضي أنقرة بشراء تلك المنظومة.


اقرأ المزيد   غضب أمريكي بعد التجربة (نظام أس-400) ودعوات لمعاقبة تركيا


بالمقابل، أكدت تقارير في وسائل إعلام يونانية أن أنقرة شغّلت منظومة الصواريخ، لكن القلق ظهر أيضاً في واشنطن، حيث أعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، مورغان أورتاجوس، أن الولايات المتحدة أبلغت أعلى مستويات في الحكومة التركية بأن حيازة أنقرة أنظمة أسلحة روسية كـ(S 400) أمر غير مقبول، وكانت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) شددت على أن القانون الأميركي يشترط فرض عقوبات على الدول التي تعزز علاقاتها الدفاعية مع روسيا، وينبغي للإدارة أن توجه رسالة قوية بضرورة تخلص تركيا من منظومة (S 400).


وهذا ما دفع السيناتور فان هولن والسيناتور الجمهوري عن أوكلاهوما جيمس لانكفورد لبعث رسالة إلى وزير الخارجية مايك بومبيو تقول إن “ما تردد مؤخراً عن تفعيل تركيا لنظام S-400 للكشف عن F-16 الأميركية يؤكد مخاوفنا الخطيرة بشأن قدرة روسيا على الوصول إلى البيانات الحساسة”، ودعا السيناتور بوب مينينديز، أكبر عضو ديمقراطي في اللجنة إلى معاقبة تركيا فوراً على شراء واستخدام هذه المنظومة التي تهدد أمن ونفوذ الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. 


 

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!