الوضع المظلم
السبت ١٨ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
هزلية التناقضات: قمة أنقرة في منشورات السوريين
هزلية التناقضات: قمة أنقرة في منشورات السوريين

أحمد طلب الناصر 


اختتمت قمة أنقرة التي جمعت رؤساء تركيا وروسيا وإيران أعمالها، الاثنين، بانعقاد المؤتمر الصحفي بعد تلاوة البيان الختامي، الذي تكرّرت فيه ذات العبارات التي أعقبت غالبية المؤتمرات والاجتماعات والقمم السابقة، كالمحافظة على "سيادة ووحدة الأراضي السورية"، و"إحلال السلام في سوريا من خلال الحل السياسي"، و"الانتهاء من تشكيل لجنة دراسة الدستور"، و"تأمين الظروف الملائمة لعودة المهجّرين".. وهلمّ جرّاً.


ورغم ذلك تميّزت القمة عن سابقاتها ببروز العديد من المخالفات والتناقضات التي حملتها تصريحات وتصرفات الطرفين الروسي والإيراني بشكل خاص، لتثير حفيظة فريق واسع من المتابعين والإعلاميين السوريين، ما دفعهم لتسجيلها ونشرها على صفحاتهم الخاصة والتعبير عن استهجانهم ودهشتهم، بصورة لا تخلو من السخرية في بعض الحالات.


- "السوخوي" فوق رؤوس السوريين في إسطنبول!

يقول "مؤيّد المحمد" في منشور على صفحته الخاصة في (فيسبوك): "صاح طفلي مرتعباً: صوت هذه الطيارة بشع يا بابا، ثم استلقى مختبئاً تحت الطاولة. نعم، كان ابني معه حق، فصوت الطائرة التي ظلّت تحلّق فوقنا لأكثر من ساعة، يدلّ على أنها حربية، وبدا مرعباً جداً هذه المرة، لدرجة أنني وزوجتي شعرنا بالقلق أيضاً رغم إدراكنا بأننا آمنان وبعيدان جداً عن مناطق القصف في سوريا".


مؤيد، الذي يعمل مراسلاً لأحد المواقع الإعلامية، يقطن في حي "ييني بوسنة" القريب من مطار "أتاتورك" وسط مدينة إسطنبول، وكان متعوداً على سماع أصوات الطائرات المدنية الهابطة والصاعدة من المطار قبل إنهاء خدمته ونقلها إلى المطار الجديد خارج المدينة.


يتابع منشوره فيقول: "نظرنا باتجاه مصدر الصوت القريب، فتبيّن لنا أنها طائرة (سوخوي 35) الروسية، تؤدّي عرضاً فنياً على ارتفاع يكاد يلامس أبنية المنطقة، تحضيراً لفعاليات معرض (تكنوفست) للطيران الذي سينطلق قريباً في أرض مطار أتاتورك.


وينهي المحمد منشوره قائلاً: "إنها إحدى الطائرات التي شاركت بدمار بيوتنا، وقتلت وشردت السوريين".

وما إن انتهى من النشر حتى تبيّن له بأن عائلته لم تكن الوحيدة التي أرعبها صوت الطائرة، فمنشورات غالبية أصدقائه في الصفحة تسأل عن مصدر أصوات الطيران.


بالتزامن مع عرض الـ "سوخوي" في سماء إسطنبول، كان بوتين وروحاني ونظيرهما التركي يعقدون قمتهم الثلاثية في العاصمة التركية أنقرة، لبحث الملف السوري عموماً وملف محافظة إدلب وأهلها على وجه الخصوص؛ المحافظة التي تتعرض لقصف طائرات السوخوي ذاتها!


- السعودية والـ "إس 400" وضحكة روحاني:

أما الإعلامي "فراس عليوي" رئيس تحرير موقع "الشرق نيوز" فيورد في منشوره "تصريحين مخالفين للأعراف الدبلوماسية في قمة أنقرة" حسب وصفه، ويتابع:

التصريح الأول لبوتين يقول فيه: "أدعو المملكة العربية السعودية لشراء صواريخ (S400) من أجل حماية منشآتها النفطية من الاعتداء" في إشارة واضحة للقصف الصاروخي الذي طال منشأة (آرامكو) النفطية مؤخراً، والذي تشير فيه أصابع الاتهام للنظام الإيراني.


ويكمل العليوي "قال بوتين ذلك بوجود الرئيس الإيراني ووزير خارجيته اللذان اكتفيا بالضحك".

أما التصريح الثاني، يورد العليوي، فكان لروحاني الذي قال: "على جميع القوى الأجنبية (التي لم تتم دعوتها من قبل الحكومة السورية) الخروج من سوريا".. قال روحاني ذلك بوجود الرئيس التركي أردوغان!

- بوتين والقرآن الكريم!


ولعل أشد المفارقات والتناقضات التي شهدتها قمة أنقرة، وزخرت بها صفحات التواصل الاجتماعي ومواقع الإعلام، تمثّلت باستشهاد بوتين بآيات من القرآن الكريم خلال المؤتمر الصحفي، في معرض ردّه على سؤال يستفسر عن الطريقة التي يمكن لروسيا أن تساعد بها السعودية بعد هجمات آرامكو.

فتحدث بوتين عن الآية التي تدعو للدفاع عن النفس، في إشارة إلى الآية الكريمة "وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ".

كما استشهد أيضاً بآيات أخرى من القرآن الكريم خلال حديثه عن الأزمة بين اليمن والسعودية، مشيرًا إلى الآية القرآنية: "واعتصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا".


قوبل كلام بوتين بابتسامة رُسمت على وجوه الحضور، ولا يختلف اثنان حول ماهية تلك الابتسامات وما حملته من سخرية واضحة حتى من أقرب حلفائه، الإيرانيين، الذين يعون جيداً حجم التناقض بين مضمون الآيتين الكريمتين وبين ما يُمارَس على الأرض السورية من "اعتداء" سافر من قبلهم وقبل الروس، هذا من جهة. ومن جهة ثانية، يعلم الروس والإيرانيون جيداً بأن الآيتين المشار إليهما من أكثر الآيات التي ترددها الجماعات "المتشددة" التي يحاربانها بذريعة "القضاء على الإرهاب"!

العلامات

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!