الوضع المظلم
الأربعاء ٠٨ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
  • هرباً من لهيب الإيجار.. نازحون يبنون منازل لهم في إدلب ريف إدلب الجنوبي

هرباً من لهيب الإيجار.. نازحون يبنون منازل لهم في إدلب ريف إدلب الجنوبي
هرباً من لهيب الإيجار.. نازحون يبنون منازل لهم في إدلب

بسام الرحال - ريف إدلب الجنوبي


تعتبر أزمة السكن من أكبر المشاكل التي يعاني منها النازحون في محافظة إدلب،


وخصوصاً مع توافد مئات الآلاف من معظم المناطق السورية، حيث باتت قرى وبلدات إدلب تغص بالسكان، فانتشر بعضهم في المخيمات قرب الحدود التركية، في حين فضل آخرون استئجار منازل والمكوث فيها ريثما يعودون إلى ديارهم، ظناً منهم أن فترة نزوحهم مؤقتة ولن تطول.


مؤخراً ومع طول أمد النزوح لمعظم الوافدين إلى إدلب، وانعدام بارقة أمل في المدى المنظور تشير إلى إمكانية عودة النازحين إلى مناطقهم، بدأ العديد منهم بشراء أراض وبناء منازل خاصة لهم بعد أن ارتفعت إيجارات البيوت بشكل كبير خلال الفترات السابقة، كما أقدم العديد منهم على بيع منازلهم في المناطق التي هجروا منها وشراء منازل في إدلب رغبة منهم بالاستقرار والتخلص من إيجارات المنازل المُطالبين بدفعها كل شهر.


"خالد العمر" أحد مهجري مدينة حمص قال لـ "ليفانت":


إنه "بعد أن هُجرنا من مناطقنا إلى الشمال السوري بات حلم العودة إلى الديار صعب المنال وليس هناك ما يدل أن العودة قريبة، إضافة إلى أنني لا أحبذ أبداً فكرة الهجرة خارج سوريا إلى تركيا أو دول أوروبا لأن هذا الوطن يجب ألا يُترك لنظام الأسد الذي يعمل على استقدام الإيرانيين وتوطينهم، وهو ما دفعني إلى الإقدام على شراء أرض صغيرة بالقرب من منطقة أطمه في ريف إدلب الشمالي وبناء بيت صغير يأويني مع عائلتي المكونة من 5 أطفال وأمهم".


وأضاف "العمر":


"في بادئ الأمر عارضت زوجتي فكرة أن نبني منزلاً في إدلب، بسبب خوفها من تقدم النظام إلى المحافظة والسيطرة عليها، إضافة إلى خشيتها أن يتدمر المنزل بقصف طائرات النظام الحربية التي تستهدف معظم المناطق في الشمال السوري، وخاصةً أني قمت ببيع جميع مصاغها الذهبي لتسديد أجور البناء، ولم يبق معنا أي رصيد مالي في حال اضطررنا للنزوح مرة أخرى، ولكن في النهاية عزمنا على المضي في قرارنا بهدف الاستقرار وعدم التنقل مجدداً من منطقة إلى أخرى".


من جهته، عبر "عدي عثمان" وهو مهجر من إحدى قرى ريف حماة الجنوبي، عن سخطه من معاملة بعض السكان الأصلين في إدلب للمهجرين واستغلالهم في إيجارات المنازل خلال حديثه مع "ليفانت"، قال: "يعاني الوافدون إلى ريف إدلب الشمالي من غلاء فاحش في إيجارات المساكن، كما أن قيمتها مرشحة دائما للزيادة مع ارتفاع سعر الدولار، ومالك المنزل لا يراعي حالة المستأجرين المادية أو أوضاعهم الصعبة، حيث كان مطلوب مني أن أدفع قيمة 100 دولار شهرياً إيجار منزل استأجرته بالقرب من مدينة سرمدا، وعند أي حديث أجريه مع صاحب المنزل عن تخفيض الأجرة كان يقول لي اخرج من المنزل إذا كان لا يناسبك".


وتابع "العثمان": "بعد أن ضقت ذرعاً من سوء المعاملة التي كنت أتلقاها من صاحب البيت مع نهاية كل شهر، قررت أن أبيع منزلي الذي هُجرت منه في ريف حماة الجنوبي، وشراء منزل خاص بي لا يطالبني أحد بإيجارات أو يفرض عليّ شروط، فقمت بشراء منزل مكون من غرفتين وتوابعها في قرية "قاح" القريبة من الحدود التركية، وافتتحت بقالية صغيرة بباقي المبلغ، وأعيش الآن هادئ البال ودون أن يطرق بابي أحد ويطالبني بالأجرة".


وليست حالة "العثمان" أفضل من حالة "بلال الساهر" الذي تحدث إلينا قائلاً: "قبل عدة سنوات نزحت مع عائلتي المكونة من 4 أشخاص من حي الخالدية في مدينة حمص إلى ريفها الشمالي الذي كان يسيطر عليه الجيش الحر حينها، ثم خرجنا مع المهجرين من ريف حمص قبل نحو عام إلى الشمال السوري، وتنقلت مع عائلتي بين المخيمات في ريفي إدلب وحلب، لكن لم نستطع العيش فيها لأننا لم نعتد على هكذا ظروف، ثم انتقلنا إلى سراقب في ريف إدلب الجنوبي واستأجرنا منزلاً، اضطررنا بعدها للنزوح إلى ريف إدلب الشمالي الذي يعد أكثر أمناً بعد أن أصبح القصف على تلك المناطق بشكل يومي من قبل قوات النظام".


وأضاف "الساهر" أنه "قبل نحو عام انتهى بي المطاف إلى منطقة بالقرب من سرمدا شمالي إدلب، قررت الاستقرار وبناء منزل بعد أن بعت سيارتي وساعدني أحد الأصدقاء بمبلغ من المال، وذلك بعد أن أيقنت أن عودتي إلى بيتي في حمص أصبحت من المستحيل في هذه الظروف الحالية، بالإضافة إلى أنني أنهكت مادياً ومعنوياً من التنقل بين المناطق والمخيمات ولابد من الاستقرار والبحث عن عمل ثابت والعناية بأطفالي ليكملوا تعليمهم في المدارس الموجودة في المنطقة، وتكوين علاقات اجتماعية تهون علينا مرارة النزوح والابتعاد عن الأهل والأصحاب".


أما "ناصر المحمد" وأخوته فقد قاموا ببناء عدة منازل لهم في قرية "كفردريان" القريبة من معبر "باب الهوى" الحدودي مع تركيا، وذلك بعد أن تدمرت بيوتهم في مدينة مورك في ريف حماة، ونزحوا منها قبل عدة سنوات إلى ريف إدلب الشمالي.


وأردف قائلاً: "أن تعيش في الإيجار فأنت مهدد بأي لحظة بالطرد من المنزل مع عائلتك، وذلك بحسب أهواء صاحب المنزل الذي يستغل معظمهم موجات النزوح إلى المنطقة لرفع الأجرة بهدف الكسب المادي، وربما يفرض عليك دفع مبلغ أكبر من المتفق عليه مع قدوم نازحين جدد أو الخروج من المنزل".


وأضاف أن "جميع هذه العوامل جعلتني أفكر في بناء منزل جديد لنا، حيث قمت بالشراكة مع أخوتي الثلاثة بشراء قطعة أرض وبناء أربعة منازل بجانب بعضها، ولم نعد مطالبين بدفع مبالغ مالية مع كل نهاية شهر".


تضم مدينة إدلب ملايين المدنيين، من سكان أصليين ووافدين، التي تحولت إلى منفى إجباري لآلاف المهجرين قسرياً والنازحين، ويعاني المهجرون فيها من ارتفاع إيجارات البيوت بشكل غير معقول، والتحكم بهم تارة من المؤجر، وتارة أخرى من المكاتب العقارية التي تتحكم بأغلب البيوت في المدينة، حيث يتم التضييق على الكثير من المستأجرين بشروط صعبة وأجور مرتفعة.

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!