الوضع المظلم
السبت ٠٤ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
مُدّع على “رسلان” يروي قصص تعذيب وقتل.. شملت أخاه
محاكمة كوبلنز







تقرير: لونا وطفة


 


“أريد أن أؤكد للمحكمة بأنّني لستُ شاهداً بل أنا مدّعٍ، وأتهم رسلان مباشرةً بجريمة اعتقال شقيقي الطبيب حيَّان محمد محمود، وإخفاء مصيره حتى هذه اللحظة. وحسب ما توارد لنا من أنباء -إن كانت صحيحة- أتهمه بقتله تحت التعذيب”.


بهذه الكلمات وبنبرةٍ قوية وبعد تلاوة التلقينات القانونية عليه من قبل القاضي الأولى، ابتدأ الشاهد والمدّعي حسان محمد محمود شهادته في الجلسة الخامسة والثلاثين من محاكمة المتهمين، أنور رسلان وإياد الغريب، اليوم، بتاريخ السادس من شهر تشرين الأول لعام 2020.


وأكمل المدّعي الحديث عن نفسه بعد أن طلبت منه القاضية ذلك، فقال إنه يبلغ من العمر 52 عاماً، وإنّه اعتقل مرتين لدى النظام السوري من مدينته السَّلميِّة، لأّنه كاتب ولأنّه شارك في المظاهرات السِّلمية واشترك بالعمل الإعلامي بتنسيقية مدينته عام 2011.


الاعتقال الأول من قِبل المخابرات الجوية بتاريخ 03.05.2012 وأُفرج عنه في اليوم العاشر من ذات الشهر، والثاني من قِبل الأمن العسكري بتاريخ 16.07.2012 وأفرج عنه بتاريخ 29.07.2012، وأخبرهم أنه عُذِّب تعذيباً شديداً لدرجة أنّ جيرانه رؤوا علامات التعذيب على جسده عندما أفرج عنه من الاعتقال الأول، وبأنّ جريدة الشرق الأوسط ومراسلون بلا حدود كتبوا حينها عن اعتقال النظام له.


وأخبر السيد حسان القضاة عن رؤيته لجثث قتلى تحت التعذيب في اعتقاله الأول، تحديداً في مطار حماه، أما في اعتقاله الثاني فلم يرَ جثثاً أو تعذيباً ولم يُعذَّب، بيد أنّه رآهم يسكبون ماءً مغلياً على سيدةٍ معتقلةٍ لديهم.


وعن الاعتقال الأول، أخبر السيد حسان القضاة أنّ العساكر قاموا بضربه بشدة في السيارة بعد اعتقاله وقبل وصوله إلى الفرع على يديه، بشكل أساسيٍ، لأنّه كاتب.


وصل بعدها إلى فرع الجوية ووضع بزنزانة مساحتها 18 م²، وجد فيها ما يقارب الخمسة وسبعون معتقلاً، العديد منهم كان ينزف ويحتضر. ثم تحدّث عن الظروف الصحية والطعام السيء في الفرع، وعن ضربهم للمعتقل عند الخروج إلى المرحاض مرة واحدة في اليوم. ثم أخبرهم أنّه وفي منطقة المراحيض، رأى سبع جثث ومعتقليَن اثنين آخرين كانا معلقين، وبدا عليهما أنّهما يلفظا أنفاسهما الأخيرة، وأيضاً في زنزانته توفي اثنين من المعتقلين وجاء السجَّان لأخذهما بعد مضي 12 ساعة على وفاتهما.


وبعد حديثه قليلاً عن عائلته ودراسته أكمل السيد حسان عن أخيه حيَّان المُعتقل من قِبل أمن الدولة/ فرع الخطيب، فقال بأنّه كان على وشك السفر إلى أمريكا لاستكمال دراسته هناك بعد أن تخرَّج وكان الأول على دفعته في كلية الطب في حلب، ولكنه قرر أثناء استكمال إجراءات السفر أن يختصّ في مستشفى المجتهد بمجال الداخلية والقلبية.


وأثناء وجوده في المشفى سكن معه طبيبٌ آخر يدعى إ.ش، ويعمل كما قال حسان مخبراً للنظام. قبل يومين من اعتقال حيَّان نشب خلافٌ بين حيَّان وإ.ش بسبب رأي الأخير بضرورة قتل كل المتظاهرين السلميين وإبادتهم.


شهادة كوبلنز


عرف أهل حيَّان من باقي الأطباء في المستشفى بعد اعتقاله أنّ الطبيب إ.ش أخبر مدير المستشفى بطبيعة الخلاف الذي حدث بينه وبين حيَّان، الأمر الذي أدّى لاعتقاله بعد يومين من هذه الحادثة. ويكمل حسان أنّه وفي ذات اليوم الذي اعتقل فيه حيَّان من جهة أمن الدولة بدمشق، اعتقل هو الآخر من جهة الأمن العسكري “أي اعتقاله الثاني” في السلميَّة.


سُئل السيد حسان بعد ذلك عن تواصله بعد خروجه من المعتقل مع أحد المعتقلين السابقين لدى فرع الخطيب، ويدعى ع.ح، والذي تم بناءً على منشور فيس بوك، قام الأخير بكتابته ونشره، ثم قام السيد “آكاد الجبل” المعروف لدى السوريين بمشاركته في صفحته حيث رآه السيد حسان وطلب من السيد آكاد الجبل أن يضعه على تواصل مع كاتب المنشور وهو ما حدث.


وتشارك هذه المحادثة -والتي أحضرها حسان مطبوعة لإعطائها للمحكمة- المعتقل السابق ع.ح، والذي قال إنّه كان مع حيَّان في لحظاته الأخيرة، والسيد حسان وأخٌ آخر لحسان يعمل كطبيب لأجل معرفة الحالة الصحية التي كان عليها حيَّان قبل قتلهم له. فأخبرهم ع.ح أنّ حيَّان عُذِّب كثيراً، وبعد اعتقاله بيومين نشب خلافٌ بينه وبين سجين آخر يدعى م.ع كان رئيساً للمهجع وشبيحاً أيضاً، حيث قام بضرب حيَّان ضربةً واحدةً فقط.


وبعد ذلك وعندما أرادوا إيقاظ حيَّان لتناول الإفطار كان تنفسه قد توقف وبدأ الزبد يخرج من فمه، إذ جاء السجَّان بعد مدة من إخبار المعتقلين له بأنّ حيَّان قد توفي وأخذه ثم عاد لاستدعاء ع.ح وأخذه إلى مكتب مساعد أول يدعى أبا صخر من مدينة صافيتا، وقد طلب الأخير من المعتقل كتابة إقرار أنّ حيَّان توفي من تلقاء نفسه ولم يتعرّض للتعذيب.


ويظن السيد حسان أنّه ما زال هناك أمل بسيط في رواية هذا المعتقل، لأنّه لم يرَ حيَّان بعد سحبه خارج الزنزانة فربما تم إنقاذه، وأنّ إرغامهم له على كتابة إقرار بوفاة حيَّان قد يكون أسلوباً من أساليبهم في إخفاء الأشخاص قسرياً. أخبره هذا المعتقل أيضاً أنّ في زنزانته وحدها في فرع الخطيب توفي سبعةُ أشخاص آخرين غير حيَّان.


وسُئل الشاهد عن اتباعهم لطرقٍ أخرى في سبيل معرفة مصير حيَّان، فأجاب بأنّهم تواصلوا أيضاً مع أحد أقاربهم، وهو زوج ابنة عمه ويدعى م.ف، كان يعمل محققاً تحت إمرة رسلان مباشرةً، حيث أخبرهم أولاً باعتقال حيَّان وبأنّ أموره جيدة وسيخرج بعد عدة أيام، ليفاجئوا لاحقاً باتصالٍ منه بعد ثلاثة أيام وإخبارهم أنّ حيَّان مات وقام بتهديدهم بعدم السؤال عنه أو الحديث عنه بالمطلق، وإلا سيقومون باعتقال شقيقٍ آخر له.


وتواصل حسان أيضاً مع شخص في الأردن يدعى ف.ج بعد انشقاق رسلان، ليقوم بالتواصل معه وسؤاله عن حيَّان فأخبره رسلان حينها أنّ حيَّان مات على أغلب الظن لشدة التعذيب الذي طاله.


وأيضاً تواصل مع أحد المنشقّين من فرع الخطيب ويدعى ف.ح بعد ظهوره على شاشة التلفاز، وقوله إنّه هرَّب سجلات لأسماء أشخاص قتلوا تحت التعذيب في فرع الخطيب، وطلب منه البحث عن اسم شقيقه فوجده ضمن السجلَّات تحت الرقم (71)، وقام بإرسال صورة السجل لحسان الذي أحضره للمحكمة أيضاً وعُرضَ على شاشة العرض في قاعة المحكمة متضمناً اسم حيَّان الكامل ورقم 71 بجانبه مع رقمين آخرين، قال حسان إنّهما رقمي الجثة ورقم البراد الذي وضعت جثته فيه.


وذكر له هذا المنشق، أنّ السجلات وُضعت لحصر عدد القتلى زمنياً، سُئل السيد حسان عن معرفته بهذا المنشق، فقال إنّه لا يعرف عنه أكثر من كونه منشقاً ويعيش في تركيا. وعن موقف المنشق ف.ح من اعتقال رسلان، أجاب السيد حسان بأنّ ف.ح يدافع عن رسلان لأسباب طائفية فقط لكون رسلان سُنِّي، ويعتبر أنّه وبعد انشقاق رسلان يجب علينا كسوريين أن ننسى كل ما فعله سابقاً.


وكانت هذه الطرق بعضاً مما ذكره السيد حسان عن محاولاتهم الوصول لمعلومات أكيدة عن أخيهم، تضمن ما قاله أيضاً محاولات ابتزاز واستغلال ودفعهم لملايين الليرات دون جدوى.


سُئل الشاهد عن شاهدة سابقة في هذه القضية وتدعى ل.م وعن علاقته بها، فأخبر المحكمة أنّ علاقته بها سطحية وبعيدة، وبأنّهم تواصلوا معها أثناء وجودها في الأردن لتتواصل مع رسلان وتسأل عن حيَّان، بيد أنّها لم تأتهم بأي معلومات.


وتحدث أيضاً عن قدرة أحد أفراد أسرته بعد عدة وساطات الدخول إلى فرع الخطيب وقيام عناصر الفرع بتسليمه جثة أخرى، مدّعين أنّها جثة حيَّان، بيد أنّه أنكر أنّها تعود له، بعد ذلك أخبروه بالتالي: “يقول لك العقيد أنور رسلان اذهب إلى مستشفى حرستا وتشرين للبحث عن جثته”.


وسأل القاضي الثاني السيد حسان عن سبب قيامه باتهام رسلان مباشرة بداية الجلسة بتعذيب وقتل أخيه، فأجاب بأنّ رسلان كان حينها رئيس قسم التحقيق في الفرع وهو من قام بإرسال الرسائل لهم، سواءً عندما كان مع النظام “كرسالة البحث عن جثته في المشافي” أو عندما انشقّ كقوله “أغلب الظن أنّه مات”.


كما سُئل الشاهد أخيراً عدة أسئلة من أطراف الدعوى تؤكد على المعلومات المذكورة أعلاه. ثم جاءت أسئلة محامي رسلان أخيراً بالسؤال عن قريبهم م.ف وإن كان ما يزال يعمل مع النظام أم لا، فأجاب المدّعي بأنّه لا يعرف عنه أي شيء الآن، ثم سأله المحامي إن كانت مدينة السلميَّة ضد النظام بأكثريتها أم معه، فأجاب الشاهد بأن تعداد السكان في السلميَّة يبلغ تقريباً 100 ألف نسمة وأن من خرجوا بالمظاهرات السلمية منهم بلغ 15 ألف تقريباً، ولكنه يعتقد بأنّ المدينة بأكثريتها معارضة للنظام.


وتحدّث أيضاً عن إطلاق الرصاص فيها من قِبل الأمن على المتظاهرين، ولكن بشكل أقل بكثير من مناطق الأكثرية، لحرص النظام على التعامل بلطف أكبر مع الأقليات، بسبب تمسكه بروايته أمام الغرب أنّه يحارب الإرهاب، وبالتالي سيكون الإرهاب ضمن الأكثرية السنية بالطبع وليس ضمن الأقليات.


هذا وقد انتهت جلسة المدعي والشاهد حسان محمود تمام الساعة الواحدة والنصف.. وستستكمل المحكمة جلساتها غداً وبعد غدٍ مع شهودٍ آخرين.


ليفانت-خاص


 








النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!