الوضع المظلم
الجمعة ١٩ / أبريل / ٢٠٢٤
Logo
  • مستشار الحوار الوطني الدكتور حسام بدراوي لـ"ليفانت": الحوار لن يكون سوى بغطاء سياسي وضروري للجمهورية الجديدة

مستشار الحوار الوطني الدكتور حسام بدراوي لـ
الدكتور حسام بدراوي لـ"ليفانت"

في حوار خصّ به المفكر السياسي ومستشار الحوار الوطني بمصر، الدكتور حسام بدراوي، ليفانت نيوز، قال إن الحوار الوطني فرصة عظيمة لرسم مستقبل مصر والتوافق على أولويات العمل الوطني وتأسيس الجمهورية الجديدة للبلاد.

وأوضح بدراوي في حواره مع "ليفانت نيوز" أن رؤية مصر 2030 هي رؤية تم وضعها من أجل مستقبل مصر على جميع المستويات، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وتتبنى سياسات جادة لبناء المستقبل.

وحول ذلك، يشير المفكر السياسي المصري ومستشار الحوار الوطني بمصر إلى أنه يتعين النظر لأهمية الحوار الوطني من خلال تقدير أهمية العمل على مفهوم الجمهورية الجديدة وفقاً لرؤية لمصر 2030.

ويردف: "لا أتفق مع وصف مصر باعتبارها في مرحلة تحول، بيد أن الوصف الدقيق أننا مررنا بحالة استثنائية كانت تهدد وجود الدولة وأن تلك المخاطر قد تم تجاوزها وعلينا العمل على النحو الذي يبرز حالة الاستقرار كنهج استراتيجي تستطيع أن تتلمسه في كل أمر وتدرك ثباته كل حين.

أما فيما يتصل بالارتباك الإقليمي، فيقول بدراوي: "لا يمكنني اعتباره مبرراً لأي وضع استثنائي لأنه لن يتوقف سواء على مستوى النظام الدولي أو المستوى الإقليمي، ولهذا علينا اعتماد مبدأ المشاركة الفعالة وضم فئات المجتمع نحو البناء والارتكاز على مبدأ العدالة والتنمية المستدامة عبر التعليم والضمان الاجتماعي وحياة كريمة".

نص الحوار:

*يبدو الحوار الوطني فرصة لافتة لصياغة مستقبل مصر والتوافق على محددات الجمهورية الجديدة للبلاد.. وفقاً لذلك كيف ترى أهمية الحوار الوطني في صياغة المنظور السياسي وفلسفة الحكم في الجمهورية الجديدة؟

حقيقة أنظر إلى الحوار باعتباره ينبغي أن يكون في ديمومة داخل أي أمة. قد يكون من الضروري الاجتماع في لحظة ما للمراجعة والنقاش حول ما فات وما يحرصوا على أن يكون في قادم الأيام. لكن الحوار بصفته وهيئته ينبغي أن يكون في حالة مستمرة وفاعلة لضبط إيقاع الأمة وحالة نضجها.

فيما يختصّ بالوضع في مصر تحديداً وانطلاق الحوار الوطني في هيئة منضبطة وعبر لجان محددة إنما جاءت من أجل صياغة معتبرة "للجمهورية الجديدة"، من حيث الواقع السياسي ومشتملاته وكيف عليه أن يكون المستقبل، خاصة أن الجميع عليه أن يسعى نحو التوافق مع رؤية مصر 2030.

الجمهورية الجديدة لها إطار رئيسي يبدو في المحور السياسي حيث نسعى نحو فك الارتباط مع أسئلة مهمة؛ كيف تحكم البلاد؟ وبأي طريقة؟ وبأي نظام سياسي؟

وكذلك علينا الالتفات نحو الدستور باعتباره السبيل الآمن نحو استقرار مستقبل البلاد، خاصة ديباجته وفلسفته التي من الضروري أن تكون واضحة وحاسمة كون مصر دولة مدنية حديثة وأن مصر تحكم في إطار ديمقراطي يحترم حرية المواطنين والتعددية والاختلاف.

إن الحوار الوطني فرصة عظيمة لرسم مستقبل مصر والتوافق على أولويات العمل الوطني وتأسيس الجمهورية الجديدة للبلاد.

رؤية مصر 2030 هي رؤية تم وضعها من أجل مستقبل مصر على جميع المستويات، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وتتبنى سياسات جادة لبناء المستقبل. وحول ذلك أنظر لأهمية الحوار الوطني وأقدر العمل على مفهوم الجمهورية الجديدة وفقاً لرؤية لمصر 2030.

*هل تتفق مع اﻵراء التي تذهب أن القاهرة بوصفها دولة خبرت ثورات الربيع العربي، وأخرى في 2013 لتصحيح المسار ما زالت في مرحلة التحول وتبحث عن موطئ قدم لتصوراتها الداخلية في ظل هذا الاضطراب الاقليمي والدولي؟

لا أتفق مع وصف مصر باعتبارها في مرحلة تحول. بيد أن الوصف الدقيق أننا مررنا بحالة استثنائية كانت تهدد وجود الدولة وأن تلك المخاطر قد تم تجاوزها وعلينا العمل على النحو الذي يبرز حالة الاستقرار كنهج استراتيجي تستطيع أن تتلمسه في كل أمر وتدرك ثباته كل حين.

بالنسبة للارتباك الإقليمي لا يمكنني اعتباره مبرراً لأي وضع استثنائي؛ لأنه لن يتوقف، سواء على مستوى النظام الدولي أو المستوى الإقليمي. ولهذا علينا اعتماد مبدأ المشاركة الفعالة وضم فئات المجتمع نحو البناء والارتكاز على مبدأ العدالة والتنمية المستدامة عبر التعليم والضمان الاجتماعي وحياة كريمة.

ومن خلال ذلك؛ جاء تشكيل محاور ولجان الحوار الوطني حيث إن الاختيارات ضمت العديد من الأسماء أصحاب الخبرة والعلم، إضافة إلى عدد كبير من الشباب الواعي الذي يشكل قوة حقيقية لحاضر ومستقبل البلاد.

يأتي الحوار الوطني في سياق المبادرة الرئاسية للعفو عن بعض المسجونين وكذا مبادرة "عودة آمنة".. هل تقدر ذلك في ضوء سعي الدولة نحو حلحلة التوتر ومشاركة المعارضة في البناء أم أن الحريات أمر لا ينبغي ربطه بجلسات الحوار؟

لا أتفق مع ذلك.. الحوار الوطني هو احتياج يحدث كل مرحلة تاريخية. وفي تقديري الخاص، إن الحوار الوطني بدأ مع طرح مفهوم الجمهورية الجديدة حيث السعي نحو دولة مدنية ديمقراطية حديثة.

لا يمكن النظر بارتياح نحو القضاء على حالة التوتر سوى باستدامة التنمية والارتكاز على الحوار كآلية منتظمة لا حالة طارئة استثنائية. إن المدخل الحقيقي للجمهورية الجديدة والحوار الوطني لن يكون سوى بغطاء سياسي.

إن التبصّر جيداً في الفضاء السياسي يجعلنا ندرك أن أي مسار للمعارضة يتم وصفه تلقائياً بالخائن، وأي مسار لقبول الوضع كما هو يعتبره البعض محض نفاق بما يعني ضرورة العمل نحو توسعة المجال العام الذي أراه حاضراً مع جلسات الحوار الوطني ومشاركة طيف واسع من القوى السياسية والشبابية الفاعلة في المجتمع.

وحقيقة لا يمكنني الموافقة على الأمرين؛ المعارضة عليها أن تظهر في مناخ يسمح بالمعارضة البناءة التي تتفق وتختلف بأريحية حول قرارات السلطة ويكون لديها القدرة على تقديم المقترحات الفعالة والبناءة لتجاوز الأزمات.

أستطيع القول إن مفهوم المعارضة يبدو واضحاً في تقديري، حيث مجموعة من الناس تستطيع أن تحقق لبلادها أفضل الإجراءات من خلال حكومة، وفي ظلّ غياب ذلك نجد حدة واستقطاب في المناخ السياسي.

قد يمثل الإفراج والعفو عن بعض المسجونين ليس فلسفة ثابتة ولذلك أشرت في سؤال سابق أننا مررنا بظرف استثنائي وفي ظنّي أننا تجاوزناه وعلينا المضي قدماً بكافة الإجراءات التي تثبت ذلك مثل سقف مدة الحبس الاحتياطي وليكن القضاء العادل هو الحد الفاصل بين الإدانة والبراءة.

*ربما ما سبق يطرح السؤال حول مفهوم المعارضة الوطنية وكيف يتّسق ومراحل التحول السياسي؟

دعني أعترض على وصف المعارضة بالوطنية أو غير الوطنية، أتصور أنك تقصد المعارضة البناءة التي تستطيع أن تختلف وتضع جملة من مقترحاتها الفعالة بعيداً عن مفهوم الاختلاف الذي يبعث الهدم والتدمير.

الوطنية لا ينبغي أن تمنحها وتمنعها وقتما تشاء دون بينة واضحة. على أية حال هذا رأيي وأرجو أن أكون مصيباً.

سأعود مرة أخرى لفلسفة الدستور وكون مصر دولة مدنية حديثة وذلك يعني الابتعاد عن استخدام الدين وتوظيفها في صراع سياسي، ذلك هو الأصل في حقيقة الأمر. ومن خلال ذلك علينا المضي نحو إقامة ديمقراطية حقيقة بعيداً عن مخاطر الإسلام السياسي وتوظيفه للدين ومقولاته في خصم الصراع والتحولات السياسية.

يثير مفهوم الجمهورية الجديدة الكثير من المقاربات حول الصياغة الملائمة للنظام السياسي لبلد مركزي -مصر- في تقديرك ما الأكثر ملائمة الآن؟

الحقيقة علينا أن نقر كون وضع نظامنا السياسي رئاسياً وليس شبه رئاسي كما هو الآن.

مصر تحكم من خلال رئيس الجمهورية منذ لحظة ثورة يوليو 1952 وذلك أمر لا يعيب السياسة المصرية في شيء، وعلينا أن نعترف بواقعنا إذ تحتاج مصر إلى حيازة سلطة قوية حازمة بيد أن ذلك لا يمنع من إقرار مبدأ تداول السلطات لكون ذلك في تقديري هو الحد الفاصل بعيداً عن الديكتاتورية.

ولذلك أرى أن رئيس الجمهورية في مصر يحتاج إلى سلطات واسعة وإلا ينفرط العقد وتسود الفوضى. ولكن أيضاً ينبغي أن يكون الحكم القوي داخل إطار مؤسسي وقانوني بعيداً عن الفردية في اتخاذ القرارات وفي إطار محاسبية وشفافية وإمكانية تداول السلطة في إطار دستوري ومدة محددة للسلطة ومناخ يتيح وجود بدائل أمام الناخبين.

*غير مرة يطرح الرئيس عبد الفتاح السيسي رؤيته في ضرورة أن يقدم الإعلام دوراً في نقل صورة الأحداث في الداخل والخارج لكن الواقع يتفق ورؤية الرئيس نحو قصور في الأداء.. برأيك كيف السبيل لتجاوز ذلك؟

الإعلام لا يمكن أن ينمو ويتحرك بدون حرية تسمح له بممارسة دوره الحقيقي بجدية. ولذلك أرى أن الإعلام لا يقوم بدوره بسبب حد الرقابة الثقيل على دوره غير أنني أود الإشارة إلى أن ذلك كان يتماهى مع فترة استثنائية مرت بها البلاد خلال السنوات السابقة التي خاضت فيها مصر الحرب ضد الإرهاب.

الآن علينا الانتقال إلى محددات الاستقرار وممارسة الحرية المنضبطة وفق القوانين حتى نصل إلى الإعلام المؤثر الذي يمارس دوره بكل إيجابية.

ذلك كله ما نحتاجه إذا ما وضعنا نصب أعيننا مفهوم الجمهورية الجديدة ومحددات رؤية مصر 2030.

*رغم تعدد المحاور الخاصة بالحوار الوطني إلا أن المحور الاقتصادي يشغل بال الجميع نظراً لحساسية ودقة الأمر نتيجة تداعيات الوضع الداخلي وآثار كوفيد 19 والحرب الروسية الأوكرانية.. هل ترى أن السياسات الاقتصادية بحاجة إلى تدقيق وصياغة ملائمة تفرض صياغة الاولويات بدقة؟

القضية الرئيسة التي لا خلاف عليها تبدو واضحة في بناء الإنسان حيث العدالة والثقافة والتعليم.

النظام الاقتصادي واضح ومحدد في الدستور، حيث اقتصاد السوق ومشاركة الحكومة بشكل محدود لحماية الطبقات محدودة الدخل وإقرار العدالة الاجتماعية بين الطبقات.

والدولة المصرية في سياق الجمهورية الجديدة ورؤية 2030 تدعم اقتصاد السوق الحر والليبرالية الاجتماعية وضمان للعدالة الاجتماعية.

أختم حواري معكم نحو التأكيد على أن الحوار الوطني هو حوار سياسي من الدرجة الاولى وعلينا أن نتفق على فلسفة الحكم في البلاد الأمر الذي يسمح لأداء مميز للنظام السياسي الحاكم مما يسمح له بتحقيق إنجازات واضحة تعود على مقدرات المواطن وتبعد البلاد عن هوامش الفوضى والسيولة والاضطراب.

في تقديري إن البلاد ينبغي أن تمر عبر اللامركزية وذلك أمر يحتاج بعض الوقت ومخرجات التعليم حيث الوعي وتحقيق العدالة الناجزة.
 

ليفانت - رامي شفيق

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!