الوضع المظلم
الجمعة ٢٧ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
مخرجات مهرجان الدوحة
كمال اللبواني

لم يختلف مهرجان الخطابات في مدرج جامعة دمشق، عن مهرجان الخطابات في بهو فنادق الدوحة، كلاهما ألقى كلمات رنانة على الشعب المصفق المتروك في الشوارع يرقص من الخوف أو البرد، وكلاهما جمع عدداً من المنتفعين والمتاجرين ووكلاء الدول الاستعمارية أو المحتلة، التي يخدمها سراً، بينما يدّعي مقاومتها علناً، فالمشكلة دوماً كانت أن ما يُرفع من شعار هو معاكس تماماً لما يجرى من أفعال، حتى قام نظام المقاومة بقتل شعبه وتهجيره، بينما سلمت المعارضة ثورة الشعب للمحتل والغازي.

من يدّعي أنه صوت الشعب وصاحب قرار مستقل هو ذاته يتحرّك ويعمل بالمال والدعم الخارجي، أما كومبارس الحضور الذي تُلقى عليه الكلمات فهو منتفع من عظام الموائد، يحصل على شهادة معارض فندقي، ترفعه لمستوى يعوض عن شعوره بالذل والقهر ويرضي طموحه التعويضي عن كبته المزمن.

التوصيات التي خرجت ليس أكثر من شعارات تشبه شعارات المقاومة والعمال والفلاحين، بينما يصاب كل من يرفع اسمه على شعار بنكبة ماحقة، فالذي جرى هو إعادة تذخير وشحن الهيئات الراهنة وتفعيل قدراتها على الاستمرار في سكة الخيانة التي بدأت بحرمان الثورة من قياداتها الحقيقية واستبدالها بقيادات فندقية تعمل بالمال السياسي والنفوذ الإقليمي، واستمر بتسليم المناطق تباعاً للنظام عبر مسار سوتشي، المتزامن مع مسار جنيف، الذي يستكمل الهزيمة العسكرية بهزيمة سياسية.

لم يتطرق البيان، الذي صدر كتوصية لا نعرف لمن، لأي آلية لتحقيق توصياته بدءاً بتمثيل الشعب، مروراً بإعادة إنتاج وتفعيل مؤسسات المعارضة، وصولاً لاستراتجياتها. فذلك سيستمر كما هو وضمن ذات السياق وبذات الشخوص، والذي يخدم راعي المؤتمر الخطابي، أقصد الدوحة وأنقرة وطهران وموسكو، في إفراغ محتوى القرار ٢٢٥٤ وتنفيذه بطريقة خرقاء، تنتهي بإعادة شرعنة الأسد والقفز فوق المحاسبة  وقضية المعتقلين والمشردين والمنهوبين، وترسيخ النفوذ والاحتلال الروسي الإيراني التركي، وضم المعارضة الإخوانية برعاية إيرانية تركية للنظام الذي ترعاه روسيا، لتحتال على القرار وعلى المجتمع الدولي، وعلى ثورة الشعب وحقوق الضحايا، ولتكرس نظام الاستبداد والفساد والإجرام، وتدعم أركانه المتهاوية بشريك جديد هو التعصب الديني والاستبداد المقدس، ليكون الشكل الذي سيكرس تقاسم سوريا بين تركيا وروسيا وايران، من دون أن يسمى احتلالاً.

لم يقارب المجتمعون أياً من القضايا الحساسة المتعلقة بمسار سوتشي أو جنيف أو الدستورية أو خطوات بيدرسون، ولا بالعدالة وشكلها، ولا بالوفود وطريقة تسميتها، ولا بما يجري من رعاية ودعم لنظام الإجرام أو عصابات التطرف والإرهاب، وما تقوم به من مجازر في عموم أراضي سوريا وبحق شعبها. لقد اختار المجتمعون أن يكذبوا ويخادعوا، وكانوا مطية سهلة لمشروع إيران وروسيا وتركيا في جعل الحل السياسي هو تقاسم السلطة وتشاركها بين الإخوان والبعث، بعد أن عمت عيونهم "طماشة" المال والإضاءة عن رؤية الحقائق.

أليست عشر سنوات من التجربة كافية للحكم على هكذا شخوص وهكذا وسائل؟ هل يمثل الشعب السوري بفندق في الدوحة أم بمخيم للمشردين؟

 

ليفانت كمال اللبواني

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!