-
متأثراً بالحرب الروسية - الأوكرانية.. الذهب يحلّق عالياً
لطالما عُدّ الذهب ملاذاً آمناً للناس، سواء أكانوا أفراداً أم شركات، لا سيما في ظل الحروب والصراعات، لخفة وزنه وغلاء ثمنه، فضلاً عن كونه عملة دولية يمكن بيعها في أي مكان من العالم دون التعرض لخطر التذبذب الذي تواجهه العملات الورقية.
ومنذ 5 أسابيع تواصل أسعاره ارتفاعها بالسوق العالمية، وجاء هذا الارتفاع بالتزامن مع نشاط عمليات شراء المعدن كملاذ آمن، بفعل المخاوف حيال الأزمة الروسية - الأوكرانية، وبعد بيانات تضخم تاريخية في المملكة المتحدة، وفى ظل توقف صعود عائد سندات الخزانة الأميركية، قبل خطاب هام لرئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي، جيروم باول، بحسب وول ستريت جورنال.
أسباب ارتفاع سعر الذهب 2022
بعد انخفاضه إلى ما دون 1200 دولار للأوقية في عام 2018، انتعش الذهب بشدة خلال الاثني عشر شهراً التالية، وبدأ بتكوين اتجاه تصاعدي كبير. وزادت مكاسبه بنسبة 20٪ تقريباً، إذ ارتفعت أسعاره إلى 1556 دولاراً للأوقية، واستمر الانتعاش في عام 2020، وزادت جائحة كوفيد- 19 من شعبية المعدن الثمين باعتباره أداة تحوط، مما أدى إلى زيادة سعره.
وشهد عام 2021 ارتفاعاً وهبوطاً لمرات عديدة في سعر الذهب، وكانت الأسباب وراء تلك التقلبات مختلفة، وقادت حزم التسهيلات النقدية لمواجهة فيروس كورونا وفترات الانتعاش الاقتصادي إلى انخفاض في سعر الذهب، بينما أدّى ارتفاع التضخم وانتشار وباء كورونا والتوترات الجيوسياسية إلى زيادة جاذبية الاستثمار في الذهب، فيما كانت نهاية عام 2021 وبداية عام 2022 مضطربة للغاية، مما دفع سعر الذهب عملياً إلى أعلى مستوياته.
ربط العديد من الخبراء الاقتصاديين بين ارتفاع أسعار الذهب والغزو الروسي لأوكرانيا، إذ إن الكثير من المستثمرين بدؤوا يحجمون عن شراء الأصول المحفوفة بالمخاطر، واتجهوا إلى شراء سبائك الذهب (التي ارتفعت أسعارها بنسبة تزيد عن 12 في المئة هذا العام وفقاً لوكالة رويترز للأنباء)، لأنها تعتبر استثماراً آمناً في أوقات التقلبات الجيوسياسية ومعدلات التضخم المرتفعة.
وأوضح الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادي ورئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، أنَّ الأسباب الرئيسة في ارتفاع سعر الذهب، تكمن في شيوع الحرب بين روسيا وأوكرانيا.
وأضاف، أنَّ الموجة العالمية فرضت العديد من التغيرات، سواء ارتفاعاً في الأسعار، أو في السلع المتجمّدة، مثل العقارات والذهب.
وأشار إلى أنَّه من ضمن هذه الأسباب أيضاً، تخوّف المواطن مما سيحدث غداً، ما يجعل الكثيرون يضعون أموالهم فيما يُسمَّى بـ"الملاذات الآمنة".
العوامل التي تتحكم في أسعار الذهب:
إضافة إلى عدم الاستقرار السياسي والصراعات والتهديدات الإرهابية التي قد تؤدي إلى رفع أسعار الذهب، كذلك فإن العرض والطلب يؤثران على أسعار الذهب، مثله مثل أي سلعة أخرى، فزيادة الطلب وانخفاض المعروض يؤديان إلى زيادة السعر، والعكس صحيح، زيادة المعروض وانخفاض الطلب يؤديان إلى انخفاض الأسعار.
كما أن انخفاض أسعار الفائدة وارتفاع معدلات التضخم تؤدي إلى زيادة أسعار الذهب، الشيء ذاته ينطبق على أسعار الصرف، فإذا كانت العملة المحلية ضعيفة، تحدث زيادة في أسعار الذهب، وفقاً لخبراء.
علاوةً على ما تقدم، فإن عملية تعدين الذهب تزداد صعوبة مع مرور الوقت، ويعتبر ذلك أحد أسباب الارتفاع المستمر لأسعاره على المدى الطويل.
ووفقاً لخبراء بنك أوف أمريكا، يساهم التضخم المتزايد، واستمرار مخاطر الأوبئة، والصراعات الجيوسياسية في زيادة الاستثمارات في الذهب.
وكانت قد توقعت وكالة التنبؤات الاقتصادية أن يكون سعر الأوقية أكثر من 2,000 دولار على مدار العام، ويزداد في أبريل إلى 2091 دولاراً، وأن يصل لأعلى سعر في سبتمبر عند 2,536 دولاراً، وأن يغلق العام عند 2,391 دولاراً.
غلاء الأونصة عالمياً
يقول رئيس “جمعية الصاغة وصنع المجوهرات” بدمشق، غسان جزماتي، أن الارتفاع المتدرج الذي يشهده سعر الذهب منذ بداية العام يعود بشكل أساسي لارتفاع سعر الأونصة الذهبية عالمياً والتي تتأثر بشكل مباشر بأي تغييرات على الساحة السياسية والاقتصادية العالمية.
وأكد أن سعر صرف الدولار محلياً لم يؤثر في ارتفاع أسعار الذهب، إذ توجد حالة استقرار، على عكس سعر الأونصة الذهبية عالمياً، والتي لا يمكن التنبؤ باستقرار سعرها في ظل التقلبات السياسية والاقتصادية العالمية التي تؤثر بشكل مباشر في آلية تسعير الذهب عالمياً.
توقعات حول سعر الذهب خلال الفترة المقبلة:
يتوقع خبراء الذهب أن تشهد الأسعار ارتباكاً كبيراً، حتى يتم إعلان نتائج اجتماع لجنة السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي الأميركي والمقرر أن ينعقد قبل نهاية أبريل الجاري، وسترسم السياسة النقدية للاقتصاد الأمريكي خلال الفترة المقبلة لمواجهة ارتفاع معدلات التضخم لمستويات هي الأعلى منذ 40 عاماً، ويتوقع الخبراء في حالة بدء سياسة نقدية مشددة ورفع سعر الفائدة سينخفض سعر الذهب بشكل كبير حيث ستيزد الفائدة من تكلفة الفرصة البديلة لمقتنى الذهب.
وأخيراً.. نوّه الكاتب الأيرلندي الشهير جورج برنارد شو إلى أهمية الذهب في الاقتصاد، حيث قال في كتابه "دليل المرأة الذكية إلى الاشتراكية والرأسمالية": "عليك أن تختاري ما بين الثقة في الاستقرار الطبيعي للذهب، والاستقرار الطبيعي لأمانة وذكاء أعضاء الحكومة. ومع كل الاحترام لهؤلاء السادة، أنصحك بأن تصوتي للذهب، طالما بقي النظام الرأسمالي قائماً".
ليفانت - خاص
إعداد وتحرير: تغريد إبراهيم
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!