الوضع المظلم
السبت ١١ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
ماذا لو تعايشت إيران؟ الجزء العاشر
خالد الجاسر

ماذا لو تعايشت إيران؟! وحجمها الفعلي الذي لا تريد الاعتراف به، فضلوعها في مختلف بؤر التوتر وتهديدها للمصالح القومية العربية، وحركة الملاحة الدولية في المنطقة، وأمن واستقرار الدول والمجتمعات، جعلها أمام حتميةَ التفكير الجدي والفِعلي للملمة أشلائها من كل مكان في منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط، جراء سياساتها التوسعية التي تتفارق والمصالح الدولية بعدم خلق توازناتٍ جديدة ومُقلقة لها.



ماذا لو تعايشت إيران؟! ومستقبل «سناب باك» وانعكاساتها، عُقب قوّة العقوبات الأممية وحظر الأسلحة التي تفرضهُ الأمم المتحدة عليها، وهي أقلّ وطأةً مقارنةً بالعقوبات الأمريكية الأُحادية، والتي حال عدم تمامها، ستجد مزيدًا من الصراعات الدموية التي قد تُحيق بالمنطقة، وتمكِّنه من ترسيخ وجوده بالمنطقة. وقد يكون لروسيا والصين دورٌ عسكريٌّ، بل ومن المُستبعَد أن تدافع أيٍّ منهما عن إيران، في حالة نشوب صراع مع جيرانها أو مع الولايات المتحدة.



ماذا لو تعايشت إيران؟! ومعاناة سوقها الاقتصادي الذي أصبح مجالًا لانتقادات شديدة، لسوء الإدارة وغياب التخطيط، في ظلّ مستجدّات «كورونا»، وتهاونها الإنساني، بوضع19 قيدًا في كرمنشاه.. وتوجيه 120 طبيبًا معارضتهم لسياسات روحاني، وحُكم قصره الخاوي إلا من حرسه الثوري وميليشياته الإرهابية، ومرتزقتهم في الدول العربية.. وهو المطلب الرئيسي والمهمّ للمجتمع الإيراني اليوم على جميع مستويات وشرائح المجتمع، أن يتفهم النظام مطالبه بخلق الاستقرار وترميم بعض انعدام الثقة في هذه القطاعات أولوية وحاجة رئيسية للدولة.



ماذا لو تعايشت إيران؟! وتتعلم أن السعودية تمثِّل صمام الأمان في المنطقة، وضابطَ الإيقاع في العلاقات والمبادرات والتحالفات العسكرية، وسعيها للتقارب ببعض دول الخليج كسلطنة عُمان والكويت وقطر؛ بهدف إحداث شرخٍ بين دول المنطقة يتسعُ مع السنين، ويكون كفيلًا بنسف كل المبادرات الرامية إلى عزل إيران ومحاصرتها إقليميًا، والحدِّ من نزعتها التوسعية في المنطقة، والذي يجرَّ المنطقة إلى إعادة صياغةٍ ديمغرافيةٍ جذرية، تُدخِلها في دوامةٍ من الصِراع الإثنِي والهوياتِي، لأن مسألةَ الإقرار في هذه الدول ليست مسألةً سياسيةً أو دبلوماسية، وإنما هي مسألةٌ اجتماعيةٌ وهوياتية، سرعان ما تتضح خيوطها بمجرد توقف إيران عن التدخل في شؤون هذه الدول.



ماذا لو تعايشت إيران؟! ووقفِ تمدُّد جماعاتها الحوثية في اليمن، وحزب الله في لبنان وسوريا والعراق للدفع إلى مزيد من التعقيد، ما يُكلِّف المنطقة خسائرَ مادية وبشرية كبيرة على المنظورين القريب والمتوسط، لهذا فإن الأمرَ يستدعي مراجعةً إستراتيجيةً فورية لتحديد مُتغيرات الكبح للدفع بمبادرةٍ أمنيةٍ إقليمية، توحد المواقف بشأنِ القضايا الحساسة، وعلى رأسها الخطرُ الإيراني في المنطقة.



ماذا لو تعايشت إيران؟! ومحاولتها إعادة بناء الثِقة بين أطراف النظام الإقليمي الخليجي، وضرورةِ بعث الحوار الخليجي بين الأطراف وجبرِ الشقاق، عبر المبادرات كمبادرةُ هُرمز للسلام في 2019م، وهي مناورةٌ حاسمة من قِبل النظام الإيراني في خطوةٍ تستهدِف مركز ومكانة السعودية، للدَّفع بها نحو وضعِ الشريك غير المؤثر في نظامٍ أمنيٍ جديد، يُؤرق صانع القرار الإيراني، ويُرهن السِلم الاجتماعي الذي يُعتبر أحد ركائز البقاء، خاصةً وأن موجةَ الثورات والحركات الشعبية والطلابية أخذت تتزايد وتتصاعد بشكلٍ مقلقٍ لصنَّاع القرار في إيران.



ماذا لو تعايشت إيران؟! ومفهوم القوة الناعمة مجسَدةً في الإعلام والمذهبية واستخدام رؤوس المال والشعارات المؤثرة على سيكولوجية الجمهور العربي، بإثارة النعرات المذهبية، فالتهديد الاجتماعي لا يقل أهميةً عن التهديد العسكري، لأنه يمس بكيان وحاضر ومستقبل الشعوب العربية، فالخطر العسكري على جسامته وأهميته يمكن احتواؤه أو تخفيف حدِّته، أما الأمن الاجتماعي فيصعُب تدارُكه إن استحكم بدعائم البناء الاجتماعي وقيمِه ومؤسساته، وهو ما تُراهن عليه إيران ويفاقم أزماتها الحادة.


 


خالد الجاسر

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!