-
مؤسسات ليبية جديدة تنخرط في مُواجهة الوجود التركي على أرضهم
تبرأ "مصطفى صنع الله" رئيس المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا الاثنين، من الاتفاق البحري الذي وقّعته حكومة الوفاق الليبية مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، مؤكداً إن المؤسسة لم يتم إعلامها ببنوده، وقال صنع الله خلال كلمة ألقاها في معهد تشاتام هاوس بالعاصمة البريطانية لندن أمس الاثنين، إن أحداً لم يستشر المؤسسة في الاتفاق البحري المثير للجدل الذي وقعته حكومة فائز السراج ومقرها طرابلس مع تركيا، مضيفاً في بيان أصدرته المؤسسة الوطنية للنفط: "أنا واثق من أنّ جميع الدول الأعضاء في مجلس الأمن تريد السلام، والحرية والعدالة الاقتصادية في ليبيا، ولكن الإرادة وحدها غير كافية ما لم تُترجم إلى مواقف وأفعال".
وانتقد البيان، البيانات الدولية الداعية إلى وقف إطلاق النار والتوصل إلى تسوية سياسية فيما تعمل دول أخرى على تقويضها، مؤكداً أن "بعض الدول مستعدّة للتوقيع على أي شيء، وأنّ ذلك لن يمنعها من مواصلة تزويد المقاتلين بالأسلحة، وتغذية النعرات وتأجيج الاختلافات على مواقع التواصل الاجتماعي من خلال حملات التضليل الإعلامي والأخبار الكاذبة التي يطلقونها، في إشارة لوصول مقاتلين سوريين موالين لتركيا إلى طرابلس عبر مطار إسطنبول في حين يدعى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في كل الاجتماعات التي يحضرها بشأن ليبيا على إنه يؤيد الحل السلمي والسياسي فيها.
المؤسسة العسكرية: النفير والجهاد ضد تركيا.
ولا يعد رفض المؤسسة النفطية الليبية للاتفاق التركي مع السراج الأول ليبياً، فالوجود التركي المرعي من قبل السراج بات نقطة خلاف رئيسية بين الليبيين بمختلف مشاربهم من جهة والسراج من جهة أخرى، إذ أعلن قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر في الثالث من يناير، في كلمة متلفزة "النفير" و"الجهاد" لصدّ أيّ تدخّل عسكري تركي في بلاده.
وقال حفتر في كلمة بثّتها في وقت متأخّر قناة "ليبيا الحدث" ومقرّها بنغازي (شرق) ليبيا: "نعلن المواجهة وقبول التحدّي ورصّ الصفوف ونبذ خلافاتنا في ما بيننا، ونعلن الجهاد والنفير والتعبئة الشاملة، وعلى كلّ ليبي حرّ حمل السلاح، رجالاً ونساء، عسكريين ومدنيين، لندافع عن أرضنا وعرضنا وشرفنا"، وأضاف أنّ "العدوّ يحشد قواته اليوم لغزو ليبيا واستعباد شعبنا من جديد، وقد وجد من الخونة من يوقّع معه اتفاقية الخنوع والذلّ والعار بلا سند شعبي أو دستوري أو أخلاقي لاستباحة أرضنا وسمائنا".
وتابع "لقد هرول الخونة لأسيادهم ليقبّلوا أيديهم ويستجدونهم الإغاثة والنجدة، من هول ما أحاط بهم من كل جانب، بعد مشاهدتهم طلائع القوات المسلحة تتقدّم لتدكّ أوكارهم في قلب العاصمة"، واعتبر حفتر أنّ "المعركة اليوم لم تعد من أجل تحرير العاصمة، بل يشتدّ سعيرها حرباً ضروساً في مواجهة مستعمر غاشم يرى في ليبيا إرثاً تاريخياً ويحلم باستعادة امبراطورية بناها أجداده بطوب الفقر والجهل والتخلّف والغطرسة وقهر أمّة العرب ونهب ثرواتها".
المؤسسة التشريعية: التعامل مع تركيا خيانة عظمة.
وإضافة إلى المؤسسة العسكرية الممثلة بالجيش الوطني الليبي، إنضمت المؤسسة التشريعية إلى قائمة مؤسسات الدولة الليبية الرافضة للوجود العسكري التركي على أرضهم، إذ صوّت أعضاء مجلس النواب الليبي في الرابع من يناير، على رفض اتفاقيتي تركيا وحكومة الوفاق، وطالب النواب بسحب الشرعية من الحكومة، في جلسة طارئة عُقدت بمدينة بنغازي.
واتهم أعضاء المجلس رئيس حكومة الوفاق فائز السراج بارتكاب جريمة خيانة عظمى، مطالبين بإحالته إلى النائب العام لمحاسبته، وطالب المجلس، بتفعيل اتفاقيات الدفاع المشترك لصد التدخل التركي، وسحب الشرعية من حكومة الوفاق في طرابلس، مصوتاً بالإجماع على إحالة رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فائز السراج، ووزير خارجيته، ووزير داخليته، للقضاء، بتهمة الخيانة العظمى.
وجاء ذلك عقب أن أقر البرلمان التركي بأغلبية الأصوات مذكرة لإرسال قوات عسكرية تركية إلى ليبيا، حيث صوّت 325 برلمانياً لصالح المذكرة، فيما أعلن 184 رفضهم لها.
رموز نظام القذافي: تركيا تسعى ليحكم الإخوان ليبيا.
وفي السادس من يناير، ظهر آخر رئيس لجهاز الأمن الخارجي (المخابرات) في النظام الليبي السابق، أبو زيد دوردة، وأحد أبرز معاوني معمر القذافي خلال فترة حكمه، بعد غياب أشهر عديدة، محذّراً من مخططات تركيا وتنظيم الإخوان المسلمين في ليبيا والمنطقة، من وراء إرسال جنود ومرتزقة إلى ليبيا، حيث أكد عبر كلمة توجه بها إلى الليبيين، أن الدعم العسكري والقوات التي سترسلها تركيا إلى ليبيا ليست لدعم الليبيين أو لمساندة حكومة الوفاق ورئيسها فايز السرّاج، وإنما لدعم تنظيم الإخوان المسلمين ومناصرة هذا الحزب الذي يتبعهم حتى يحكم ليبيا.
وأضاف قائلاً: “هذا سبب تدخلهم، وهذا ما يريدون من ليبيا، سيجعلون منها قاعدة تمويل وانطلاق نحو البلدان المجاورة حتى تكون كلها محكومة بتنظيم الإخوان المسلمين، وهذا المخطّط تم تدارسه والاتفاق عليه في اسطنبول خلال اللقاءات المتكررة والمتواترة بين عناصر هذا التنظيم، كما ستقوم تركيا بمناصرة الإخوان في السودان من أجل العودة للحكم بعد الإطاحة بعمر البشير”، كما أشار إلى أن تصريحات وزير داخلية حكومة الوفاق فتحي باشاغا، تدل على أن تركيا وتنظيم الإخوان بصدد إعداد عمل ومخطط لمصر، لا سيما حين قال في تصريحات سابقة إنهم “سيحتفلون العام القادم في مدينة الجغبوب بدحر قوات الجيش الليبي".
ونوّه إلى أن اختيار هذه المدينة الواقعة على الحدود مع مصر دون غيرها، فيه إشارة إلى أن الخطة التالية ستكون مصر، وكذلك الأمر نفسه لتونس والجزائر اللتين تأتيان ضمن نفس المخطط، خاصة بعدما تحدّث في مؤتمره الصحافي الأخير عن تعاون كبير مع تونس والجزائر وتركيا وعن وجودهم في حلف واحد، وأضاف: “عدوان تركيا على ليبيا بدأ منذ العام 2011، عندما كانت ترسل السلاح إلى الجماعات الإرهابية في بنغازي ودرنة، وأن مشكلة ليبيا مع الرئيس رجب طيب أردوغان وحزبه العدالة والتنمية وكذلك مع نواب البرلمان التابعين للإخوان، وليست مع الشعب التركي”.
كما خلص إلى أن بقاء: “السرّاج ومن معه من الإخوان المسلمين الذين نهبوا البنوك والمال العام ونقلوها إلى تركيا وأفقروا الليبيين، لا يعني إلا دمار ليبيا”، معتبراً أن هذا التنظيم الذي أسّسه حسن البنّا وتحتضن تركيا أغلب قياداته الهاربين، هو أداة هدم.
المكونات القبائلية: النفط يستخدم في تمويل المرتزقة.
وفي منتصف يناير، اقتحم رجال القبائل ميناء «الزويتينة» النفطي وأعلنوا إغلاق كل الموانئ، وذلك بعد اتهامهم حكومة السراج باستغلال عائدات النفط الليبي في دفع مليارات الدولارات لنظام أردوغان والمرتزقة القادمين من سوريا، وقال المتحدث باسم الجيش الوطني أحمد المسماري للصحفيين في وقت لاحق: إن الشعب الليبي هو الذي أقفل الموانئ النفطية والحقول ومنع تصدير النفط.
واتهم شيوخ القبائل حكومة «الوفاق» باستخدام إيرادات النفط لدفع أجور لمقاتلين أجانب، في إشارة إلى قرار تركيا إرسال جنود ومقاتلين من الحرب الأهلية السورية إلى غرب البلاد لمساعدة السراج وميليشياته في التصدي لحملة مكافحة الإرهاب التي يقودها الجيش الوطني، حيث يقُدّر إنتاج النفط الليبي بنحو 1.3 مليون برميل يوميًا قبل إغلاق الموانئ، فيما مثل إغلاقها انتكاسة لحكومة الوفاق وتمويلها للعمليات المسلحة التي تقودها ضد قوات الجيش الوطني الليبي.
ويبدو أن الليبيين في مجملهم قد قرروا الإستفادة من التجربة السورية، والتعلم العبرة من الدرس السوري، بأن الجانب التركي لا يمكن أن يؤمن طرفه، بدليل تخلي أنقرة عن المعارضة السورية التي وضعت كامل بيضها في السلة التركية، ورفضت اللقاء مع باقي السوريين من المكونات العرقية والدينية المختلفة التي تتشكل منها سوريا، بعد أن أخذها الغرور بأن التقاطعات بينها وبين أنقرة مصيرية، فتحولوا من معارضة ضد نظام حاكم إلى مليشيات تستبيح المناطق السورية وتهجر أهلها وفق الأهواء والأوامر التركية، حتى لم تبقي لها من صديق محلي أو أقليمي أو دولي، مُحرقة كل أوراقها، لتتساقط مناطقها الواحدة تلوى الأخرى، ويدفع المدنيون ثمن سياساتها، دون أن تلقى أي إدانة إلا من بعض الجهات والتي تبقى في إطارها الإعلاني ليس إلا!
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!