الوضع المظلم
الجمعة ٢٦ / أبريل / ٢٠٢٤
Logo
ليبيا.. التنافس المصري - التركي
خالد الذعتر

ليس هناك من شك أنّ الساحة الليبية تشهد حالة من التنافس بين قوة الاستقرار وبناء الدولة الحديثة وتفعيل كافة مؤسساتها والذي تمثلها الجهود المصرية، وبين القوة الفوضوية التي تحاول أن يبقى الوضع الليبي على ما هو عليه من حالة عدم الاستقرار، وساحة لاستنزاف الأمن القومي العربي، والذي تثلها الجهود التركية التي تحاول عرقلة بناء الحلول السياسية في ليبيا.



تعتبر تركيا الملف الليبي بأنّه يعدّ الطريق نحو تغيير الخارطة الإقليمية لما يخدم مصالحها الفوضوية في المنطقة، وذلك عبر كسر وإجهاض الجهود المصرية لتثبيت الاستقرار الليبي، لأنّها تدرك أن النجاح المصري في الملف الليبي سيشكل بداية مرحلة جديدة تشهد معها تصاعد عودة الدور الإقليمي المصري، الذي ظلّ متراجعاً لفترة حكم الإخوان، والذي أفسح المجال أمام القوى الدخيلة على المنطقة لتعزّز من نفوذها في المنطقة، وأن تسعى لملء الفراغ الذي خلفه تراجع الدور الإقليمي للدولة المصرية.


عودة الدور المصري الإقليمي لاشك أنّه سوف يسحب البساط من تحت الكثير من الأقدام التي حاولت أن تضخم من دورها لملء الفراغ، وأن تحلّ محل الدور الإقليمي المصري، وبذلك تحاول تركيا عبر السياسات الفوضوية في ليبيا والعمل على تغذية الحالة الإرهابية في الأراضي الليبية أن تقوّض الدور المصري، وأن تجهض المساعي الدبلوماسية والأمنية التي تقودها القاهرة، وربما هذا ما يفسّر التصريحات التركية الأخيرة عبر وزير الدفاع التركي، الذي هدّد باستهداف الجيش الوطني الليبي، والتي تمثّل تحولاً قوياً في الخطاب السياسي التركي من التصريحات غير المباشرة إلى التصريحات المباشرة، والتحوّل من الاستهداف غير المباشر عبر التنظيمات الإرهابية، إلى التصريح بالاستهداف المباشر، وهو ما يؤكد حجم الاختناق في السياسات التركية تجاه تصاعد الدور المصري الداعم للجيش الوطني الليبي.


أيضاً هذه التصريحات التركية من قبل وزير دفاعها باستهداف الجيش الوطني الليبي هي تترافق مع زيارة الوفد الدبلوماسي والأمني المصري إلى ليبيا لتثبيت الاستقرار والدفع باتجاه الحل السياسي، وهو ما يعني أنّ الغاية الرئيسة من التصريحات التركية هي ضرب الجهود المصرية، وأنّ الهدف الرئيس للأتراك في الملف الليبي هو عرقلة عودة الدور الإقليمي المصري، والذي لن يتوقف نجاحه على الملف الليبي، بل سيشهد معه تعافٍ في دور مصر الإقليمي بأكمله، وهذا ما تحاول تركيا العمل على إجهاضه.


ونقطة أخرى في غاية الأهمية تقف خلف المساعي التركية لاستمرارية تصاعد الوضع الفوضوي والإرهابي في ليبيا، وهي الأهمية الاستراتيجية التي تحظى بها الدولة الليبية، حيث تعدّ بوابة مصر الغربية وامتدادها الحيوي، ومن هنا يأمل الأتراك عبر النفخ في نار الأزمة الليبية أن يوفر لهم ذلك فرصة لزعزعة الاستقرار المصري، ومدخل لاستنزاف الأمن القومي المصري، بخاصة وأنّ ذلك يعدّ أحد أهم أهداف تركيا الرئيسة منذ سقوط حكم الإخوان على يد ثورة الـ30 من يونيو، والتي قادت إلى تبخر وسقوط الأطماع التركية تجاه السيطرة على الدولة المصرية.


لاشك أنّ الدور الإقليمي يشهد حالة من التعافي المتصاعد، خاصة بعد أن نجح الرئيس عبد الفتاح السيسي في عملية البناء الداخلي ما بعد فوضى الـ25 من يناير، وبالتالي ليس هناك من شك أنّ الملف الليبي يعدّ من أحد أهم الملفات لدور مصر الإقليمي، وسيظلّ يشكل هذا الملف التحدّي الأكبر أمام إثبات قدرة مصر على إعادة بعض التوازن إلى المنطقة العربية، بعد سنوات من الحالة الفوضوية التي شهدتها المنطقة، وفقدت فيها البوصلة توازنها، وأصبحت تميل لصالح الإيرانيين والأتراك.




 


ليفانت - خالد الزعتر

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!