الوضع المظلم
الجمعة ١٩ / أبريل / ٢٠٢٤
Logo
  • العالم لم يعد آمناً للنساء.. انتكاسة في حقوق المرأة بأمريكا والخطر داهم بالدول العربية

العالم لم يعد آمناً للنساء.. انتكاسة في حقوق المرأة بأمريكا والخطر داهم بالدول العربية
اجهاض

قُتلت الطالبة المصرية "نيرة أشرف" أمام جامعة المنصورة بمصر نحراً على يد زميلها الاثنين، قبل أن يصيب الرصاص إيمان أرشيد مؤخراً داخل حرم جامعة العلوم التطبيقية في الأردن، يوم الخميس الفائت.

جرت الحادثتان خلال أسبوع واحد  لنساء قتلن، "نيرة" قتلت على  يد زميلها محمد عادل و كانت بدافع "الحب" كما قيل، أما إيمان، فقصتها  غامضة المعالم حتى اللحظة.

يأتي ذلك المشهد، فيما تشهد الولايات المتحدة الأمريكية انتكاسة في حقوق المرأة بعد أن ألغت الحق الدستوري في الإجهاض، الصادر في عام 1973 في قضية (رو ضد ويد) الذي أباح الإجهاض في الولايات المتحدة.

هذا القرار الصادر عن المحكمة العليا الأمريكية، اعتبرته المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، "ضربة موجعة للحقوق الإنسانية للنساء".

يستحيل المقارنة بين ما اكتسبته المرأة الغربية في رحلتها لانتزاع حقوقها، وبين ما تعانيه المرأة العربية من تمييز وعنف واضطهاد، لكنّ الانتكاسة الأخيرة في الولايات المتحدة الأمريكية شكّلت وصمة عار على المحكمة الاتحادية وعودة إلى الوراء، لأنّ شوطاً كبيراً قُطع في مجال حقوق النساء والحريات بشكل عام.

لم يعد العالم آمناً للنساء

كل 11 دقيقة، تُقتل امرأة على يد شريكها أو أحد أفراد أسرتها، غالباً في منزلها، "حيث يجب أن تكون أكثر أمناً"، وذلك بحسب إحصائيات الأمم المتحدة في 22 مارس 2022

فيما أشارت بيانات منظمة الصحة العالمية وشركائها لعام 2021، أن هناك امرأة واحدة من كل ثلاث نساء أي حوالي 736 مليون امرأة، تتعرض أثناء حياتها للعنف البدني أو الجنسي من قِبل العشير أو للعنف الجنسي من قِبل غير العشير، وهو عدد لم يتغيّر تقريباً طوال العقد الماضي.

وأكّدت أرقام الأمم المتحدة في عام 2017، على أن نسبة 37 في المئة من النساء العربيات، تعرضن لأحد أنواع العنف، الجسدي أو الجنسي، في حين أن نسبة 35.4 في المئة من المتزوجات في المنطقة، تعرضن للعنف الجسدي أو الجنسي من الزوج، في مرحلة من حياتهن، وهو معدل يعد أعلى بقليل من المعدل العالمي.

اقرأ أيضاً: عمرو واكد مطلوب للعدالة إثر تغريدة مسيئة بحق المرأة المصرية

ما تزال الجرائم التي تستهدف النساء ظاهرة لا تحظى بالاهتمام في معظم البلدان، وذلك لعدم وجود إحصائيات مُعتمَدَة. 

في بداية مارس 2022، تبنَّت الأمم المتحدة توصيات لاعتماد إحصاءات هذه الجرائم التي تستهدف النساء بشكل خاص. 

وتتلخص الفكرة، التي تتبناها سويسرا، في أنه لا يُمكن مكافحة ظاهرة ما إلا إذا كانت قابلة للقياس.

مصطلح "جرائم قتل النساء"، أي قتل النساء أو البنات المرتبط بصفتهن من الإناث، الذي كان يُنظَر إليه في السابق على أنه نضالي، لأنَّ الحركات النسوية هي التي كانت تستخدمه. صار يُعرَّفُ اليوم من قبل الأمم المتحدة على أنه "الظاهرة الأكثر تطرّفاً ووحشية من أشكال العنف التي تتعرض لها النساء". وبالفعل، وضع المجتمع الدولي لنفسه هدف القضاء على هذه الظاهرة التي "تمسّ جميع الدول"، ولكنه يُواجه صعوبة في تحديدها وقياسها بشكل صحيح.

يعتبر الأشخاص الأكثر معارضة لهذا المصطلح أنه عبارة عن مفهوم فارغ وأنَّ كلمة "القتل" تكفي. وفي بعض الأحيان يتداخل تعريفه مع تعريف القتل العائلي. في حين تطالب بعض المجموعات النسوية، بدورها، بمنحه معنى واسعاً جداً، بحيث يتم من خلاله اعتبار قتل النساء غير المتعمّد "كالوفيات الناجمة عن عمليات الإجهاض السرية على سبيل المثال" كجرائم قتل بحق النساء.

وقد أدت صعوبة الاتفاق على تعريف حتى الآن إلى عدم وجود إحصائيات دولية موثوقة ومنسقة، مع أنَّ جميع المنظمات المنخرطة في مكافحة العنف ضد المرأة تؤكد على أهمية وجود معطيات ذات نوعية جيدة. وفي هذا الصدد، ينوه المعهد الأوروبي للمساواة بين الرجل والمرأة إلى أنَّ "معرفة الدوافع والظروف (...) تساعد الحكومات على توفير حماية أفضل للضحايا المحتملات، بالإضافة إلى معاقبة وردع الجُناة".

مجتمع يبرر  

كشفت الأبحاث التكنولوجية المتقدمة والمعتمدة في لعديد من دول العالم، النقاب عن جرائم العنف والقتل المرتكبة بحق النساء، لاسيما في الدول العربية. حيث أنه تكفي كبسة زر واحدة لتسجل وتصور الحدث وفي بث مباشر، وكانت في وقت مضى ترتكب في السر دون أن تظهر للعلن.

رغم ذلك تُبتكر المبررات وتُلقى اللائمة على الطرف الأنثوي وتُطلق الأحكام، فأي عنف مرتكب من قبل الرجل حتى لو وصل لحد القتل هناك ما يبرره.

أظهر الفضاء الرقمي الأزرق نسبة انحياز ليست بالقليلة للجاني ضد الضحية، فقصة مقتل الفتاة "نيرة" كانت مثالاً مروعاً لتبرير البعض قتلها بناءً على لباسها، وصورها.

أوضحت ردود الفعل هذه ما وراءها من  قانون عرفي يجيز ويبرر القتل لمجرّد عدم ارتداء "نيرة" الحجاب.

إلى ذلك، نفت جريمة قتل الطالبة إيمان المحجبة في الأردن بشكل لا يقبل الشك تعليقات منغلقي العقول ومتصلبي الأفئدة.

لا تكمن المشكلة في إقناع هؤلاء من عدم إقناعهم، لكنّها مشكلة ثقافة كاملة متجذرة في العمق الجمعي العقلي بناءً على ثقافة تكرّس عملية الوصاية الواجبة والشرعية على عقل المرأة ولسانها وجسدها.

لم تكن الصورة كالحة إلى هذا الحد رغم شدة قتامتها، خرج بصيص أمل الكثير من الأفواه الرافضة لمنطق التحيز والتمييز، ورفضوا التبرير للجريمة من أي منطلق كان.

اقرأ أيضاً: إدارة بايدن.. إلغاء الحق الدستوري في الإجهاض ضربة للحريات الإنجابية

رغم ذلك لن يغير ذلك من الأمر شيئاً، وطريق المرأة العربية مازال وعراً جداً ومحفوف بالمخاطر، والحرية قد تكون بعيدة أكثر مما نتصور، مع أنظمة تتخذ الدين مطية لتثبيت أركان حكمها.

على الضفة المقابلة

على الضفة المقابلة، ما إن أصدرت المحكمة الاتحادية قرار المحكمة العليا الأميركية، يوم أمس الجمعة، بإلغاء الحق الدستوري في الإجهاض، حتى ارتفعت الأصوات المدينة لهذا القرار.

ووصف زعماء العالم والمدافعون عن حقوق الإجهاض الحكم بأنه "مروع ومرعب"، وتجمعت حشود احتجاجية في مدن من بينها لندن وباريس وإدنبرة رافضة للقرار.

من جانبها، قالت المفوضة السامية لحقوق الإنسان، في الأمم المتحدة، ميشيل باشليه، في بيان، إن "الحق في الإجهاض الآمن والقانوني والفاعل متجذر بعمق في القانون الإنساني الدولي وهو في صلب استقلالية النساء وقدرتهن على القيام بخياراتهن بأنفسهن"، مبدية أسفها لقرار "يشكل تراجعاً كبيراً".

واعتبرت، أنّ "القرار ينتزع استقلالية ملايين النساء في الولايات المتحدة، خصوصاً ذوات الدخل المنخفض واللواتي ينتمين إلى أقليات عرقية وإثنية، (ويأتي) على حساب حقوقهن الأساسية".

وذكّرت باشليه، بأن أكثر من 50 دولة خفّفت من قوانينها التي تقيد الإجهاض في السنوات الـ 25 الماضية. 

من جانبها، كتبت رئيسة الوزراء الإسكتلندية نيكولا ستورجون على تويتر، معبرة عن رأيها بالقرار، بأنه: "أحد الأيام الأكثر ظلمة بالنسبة لحقوق المرأة في حياتي".

وأشار رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إلى أن القرار "من الواضح أن له تأثيرات هائلة على تفكير الناس في جميع أنحاء العالم"، مضيفاً أنه رأى في هذه الخطوة "خطوة كبيرة إلى الوراء".

كما وصف رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو القرار بأنه "مروع"، قائلا إنه "لا ينبغي على أي حكومة أو سياسي أو رجل أن يخبر المرأة بما يمكنها فعله وما لا تستطيع فعله بجسدها".

وكتب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على تويتر: "الإجهاض حق أساسي لجميع النساء. أعبر عن تضامني مع النساء اللواتي طعنت المحكمة العليا الأميركية في حرياتهن".

وفي حكم صدر بتأييد ستة مقابل رفض ثلاثة أعضاء، أيّدت المحكمة الأمريكية بأغلبيتها المحافظة، قانوناً صدر في ولاية مسيسيبي، ودعمه الجمهوريون، وتم بموجبه حظر الإجهاض بعد 15 أسبوعاً من الحمل.

وجاء في الحيثيات أن الحكم الصادر عام 1973 في قضية (رو ضد ويد) وسمح بالإجهاض قبل أن يتمكن الجنين من الحياة خارج الرحم، بين 24 و28 أسبوعاً من الحمل، كان خاطئا لأن الدستور الأميركي لا يأتي بالتحديد على ذكر حقوق الإجهاض.

وبحسب صحيفة "واشنطن بوست"، فقد أصبحت الولايات المتحدة الآن واحدة من ثلاث دول فقط تفرض قيوداً على الإجهاض، في القرن الحادي والعشرين.

على مدى العقود العديدة الماضية، قامت أكثر من 50 دولة بتحرير قوانين الإجهاض، وفقاً لما ذكره لمركز الحقوق الإنجابية، وهو مجموعة مناصرة عالمية تعارض قيود الإجهاض.

فيما قالت أكثر من 100 منظمة رعاية صحية عالمية في بيان، يوم أمس الجمعة، إن الولايات المتحدة "لا تتماشى مع التزام المجتمع الدولي بالنهوض بحقوق الإنسان".

ليفانت نيوز_ خاص

إعداد وتحرير_ عبير صارم

 

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!