-
لمعرفة مستقبل سوريا.. هل يمكن مقارنتها بالمستعمرات والدول المحتلة من قبل الولايات المتحدة وروسيا؟
في أعقاب هزيمة دول المحور في الحرب العالمية الثانية، وتوزيع الأراضي التي كانت محتلة من قبل تلك الدول وحتى احتلال أراضي دول المحور وتقسيها بين الاتحاد الروسي والولايات المتحدة، حيث سادت أجواء الخلافات بين هاتين الدولتين من أجل محاولة إحكام السيطرة الكاملة على تلك المنطقة المستعمرة أو إخراج الطرف الثاني من المستعمرة. حيث نتجت عن هذه الخلافات إما تقسيم المنطقة المستعمرة من قبلهم وتشكل دول لكل منها تابعة لإحداهما أو خرجتا معاً ولكن بقيت تبعية تلك الدولة لإحداهما.
مثلاً في ألمانيا، خرجت الدولتان منها بعد أن عرف الاتحاد الروسي أن الشعب الألماني قد اختار الرأسمالية الغربية وأنها مجبورة على الخروج، لذلك لم تقسم ألمانيا بناء على رغبة الشعب بالتوحيد. فخرجت الدولتان منها، ولكن خرج الاتحاد الروسي مهزوماً.
أما في دولة اليابان التي احتلت من قبل الولايات المتحدة، هنا الولايات المتحدة القوة الوحيدة المتحكمة بمصير اليابان، لهذا نرى أن اليابان لم تتعرض للتقسيم المتنافس بين القوتين، وبقية اليابان تابعة للغرب والولايات المتحدة.
أما أفغانستان، فهي أيضاً لم تتقسم، وذلك لأنها احتلت من قبل دولة واحدة، سواء من قبل الاتحاد الروسي أو الولايات المتحدة.
والعراق، فقد احتل أو تحرر من قبل الولايات المتحدة وحلفائها من دون تواجد روسيا. لذلك أمريكا لن تعمل على تقسيم العراق. والدول المجاروة لن تقبل بالتقسيم أيضاً. ويبقى القرار النهائي للعراق بيد الولايات المتحدة.
أما موضوع كوريا التي تقسمت بسبب الخلاف بين الولايات المتحدة والاتحاد الروسي والتي استمرت من دون الوصول إلى تفاهم. حيث نتج عن هذا الخلاف انقسام الكوريتين إلى شمالية وجنوبية.
وفي سوريا نلاحظ أن روسيا والولايات المتحدة في حالة عداء وخلاف مستمر، مما يشبه حالة كوريا التي انقسمت إلى دولتين.
ويزيد الأمور تعقيداً في حال قررت الدولتان تسوية الخلافات بينهما. الأمور الإنسانية والدماء التي سالت بين المعارضة والنظام، وكيفية إمكانية الوصول إلى السلام بين السنة والعلويين، والذي يفصل بينهما نهر من الدم.
ولنفرض تركيا ستتنازل كلياً عن المعارضة لكي يتنازل النظام كلياً عن الكورد، الأمران صعبا التطبيق لكون إذا تنازلت تركيا كلياً عن المعارضة فلن يبقى لها حق وتأثير وتدخل مباشر في سوريا.
وأخيراً.. مصير الكورد الآن بيد الولايات المتحدة وليس بيد النظام السوري، لذلك تركيا لا تستيطع التنازل عن المعارضة كلياً. ربما ستقوم بطرد أو تسليم الشخصيات غير المرغوبة لتركيا.
وروسيا تحاول الضغط على الكورد من أجل التنازل للحكومة السورية في هذه الحالة إذا قبل الكورد التنازل للحكومة السورية، سيجعل موقف الولايات المتحدة ضعيفاً، وربما تقرر الاستسلام والخروج، وهنا يعود بنا إلى ما حصل في ألمانيا عندما قررت ألمانيا الشرقية التخلص من هيمنة السوفييت وكسرهم لجدار برلين، فأعلن السوفييت الهزيمة وخرجت باتفاق لصالح الغرب.
لذلك إمكانية التقسيم وارد بسبب الخلاف بين القوتين، ولكن التقسيم ربما يكون على شكل تقسيم داخلي بسب معارضة الدول المجاروة لسوريا، وذلك إذا استمر الكورد بعدم التنازل للشروط الروسية، سيستمر الخلاف بينهما. والخلاف المستمر بينهما لصالح الكورد، وذلك لأن روسيا لا تريد تشكيل دولة ديمقراطية وإنما تريد التعامل مع شخص واحد يتحكم بكل سوريا، لأنها تعلم سيكون مصير سوريا كمصير الدول الديمقراطية التي شكلت من قبل الولايات المتحدة أو التي تحولت من شيوعية إلى ديمقراطية واصطفافها مع الغرب والولايات المتحدة.
والولايات المتحدة لن تخرج من سوريا إلا بعد أن تتنازل روسيا لها. والتنازل هو تطيبق قرار جنيف 2254 أو ربما يتنازل عن غزوها لأوكرانيا، وأي تنازل لروسيا يعتبر هزيمة لها، لذلك نعود إلى نقطة الصفر وهو التقسيم.
ليفانت - سيبان حسين
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!