-
لماذا التحالف مع مسد
لم يكن خيار تحالف الجمعية الوطنية السورية وانضمامها إلى مجلس سوريا الديموقراطية، في السابع عشر من شهر حزيران (يونيو) الماضي، قراراً مستعجلاً أو خاضعاً لمرحلة سياسية وظروف إقليمية معينة، سيما وأنّ هذا التحالف والانضمام إلى مسد كان نتيجة مشاورات طويلة ومعمقة مع مسد.
كان الهدف من هذا التحالف وضع الحالة السورية المعارضة على سكة الحوارات السياسية، وإرساء أسلوب جديد، يقوم على التفاهم السياسي والشراكة في الداخل السوري، وهذا لا يأتي إلا من خلال القناعة الحقيقية والأصيلة بضرورة الحوار مع جميع القوى السياسية، ومن بينها مسد، على أنّ هذا التحالف هو بداية لدخول كافة قوى المعارضة في حوارات على أساس الوطنية وبناء الدولة الديموقراطية العلمانية، وهذا لا يأتي إلا من خلال صيغة سياسية تجمع المعارضة سواء كان هذا الأمر تحالف أو انضمام، ليست هناك مشكلة في التسميات ما دام الهدف الوطني هو السبيل.
منذ البداية، كانت الجمعية الوطنية السورية تؤمن بالحوار السياسي والحل السياسي للأزمة السورية، وكان ميثاق الجمعية في نوفمبر (تشرين الثاني)، العام 2012، واضح في هذا الإطار، إذ وضعت تصورها لسورية الجديدة الخالية من الديكتاتورية والحكم المطلق، متجاهلاً كل شرائح المجتمع السوري إثنياً وطائفياً ودينياً، ومن هناك جاء إعلان التحالف من أجل نضوج فكرة الحوار السياسي على أساس سوري وطني يحافظ على وحدة البلاد التي مزقتها تدخلات الدول الإقليمية.
إنّ المبدأ العام للجمعية الوطنية السورية، هو الحوار والانفتاح مع كل الأطراف السياسية السورية، والتشجيع على الحوار بين المكونات السورية الأخرى، وهي مهمة سورية وطنية لا بد من المضي فيها وتحويلها إلى مبدأ عام لكل السوريين، لأنّ التقارب بين أطراف المعارضة السورية الوطنية هو الحل من أجل بناء سوريا الجديدة.
وحين وجدت الجمعية الظروف مناسبة للتحالف مع مسد، التي تعمل مؤسساتها في مساحة تبلغ ما يقارب 29 %، من الأراضي السورية، لم توفر الجمعية الفرصة في العمل من الداخل من أجل أن تكون أكثر قرباً من الشعب السوري، وكذلك إيجاد أرضية سياسية قد تكون نواة لكل الحوارات السياسية، إذ طالما كان المجتمع الدولي يوجّه اللوم إلى المعارضة بأنّها غير موحدة في رؤية سياسية واحدة، ومن هنا كان الدخول في تحالف مع الإدارة الذاتية، وبدء العمل من الداخل، عبر مكاتب تمثل الجمعية الوطنية التي تجمع تيارات وشخصيات سياسية متنوعة، تمثل شكل سوريا التي يريدها الجميع.
مثل هذه الخطوة، تمنح المعارضة السورية الثقة وكذلك تعكس صورة قوية ومتينة أمام المجتمع الدولي، إذ يمكن من خلال هذه الخطوة القول، إنّ هناك إمكانية في صياغة موقف معارض، على أنّه من المفترض أن يتبع هذه الخطوة حوارات على مستوى أكثر اتساعاً، وهي لا تدخل في إطار سياسة المحاور، ذلك أنّ الهدف إنقاذ سوريا عبر طرق سياسية حقيقية.
كانت مشكلة المعارضة السورية، حالة التشتت والتجاذبات طوال السنوات الماضية، والتي لم تسفر عن أيّ خطوة عملية، واليوم بعد كل هذه التجارب الطويلة، لا بد من تغيير الذهنية السياسية السورية إلى مستوى سياسي أكثر تنوعاً ونضجاً، ذلك أنّ السوريين هم المسؤولين في النهاية عن إدارة شؤون بلادهم من دون إقصاء أو تهميش أي طرف سياسي فاعل على الأرض، ومتى توفرت الرؤية السياسية الجامعة على أساس المواطنة وقبول الآخر، فإنّ هذا هو الانتصار السوري الحقيقي على كل سنوات الحرب، فسوريا تستحق فعل الكثير من أجلها، لذا تعمل الجمعية الوطنية، ومن خلال مجلس سوريا الديمقراطي مع قوى ديموقراطية أخرى تؤمن بالعمل الديموقراطي، على تشكيل منصة سورية وطنية ديموقراطية لجمعها في مؤتمر موسع، لتوسيع دائرة العمل السياسي، من أجل سوريا الديموقراطية، وهذا المؤتمر يتم التحضير له بوتيرة عالية المستوى، من أجل بلوغ الهدف في إيجاد حوارات سورية حقيقية، تنقذ ماتبقى من سوريا.
ليفانت – حسين عساف
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!