-
للإخوان المسلمين صفات تدلّ عليهم
بإمكان المتصفح لفكر الإخوان المسلمين أن يلاحظ تكرار مصطلح «استعلاء الإيمان».. والمقصود منه أن المؤمن المتصل بخالقه يمتلئ قلبه بمشاعر العزة والتفوق على «مجتمع الكافرين»، فالمؤمن يمتلك منهجاً ربايناً وحق له أن يتعالى ويتسامى على أرباب المناهج الوضعية.
نظرياً لا يستهجن فريق من الناس هذا الطرح، لكنهم سيندهشون حينما يرون أنّ «استعلاء الإيمان» الذي تدّعيه كوادر الإخوان المسلمين يمارسونه على جميع الناس خارج حزبهم تكبراً وتجبراً.
يتباهى الإخوان دوماً بالمحن التي يخوضونها، وكأنّها أوسمة نصر على جباههم، ويفتخر أحدهم بعدد السياط التي تلقاها في السجون، وكأنّها شهادات «حسن سلوك»، أو وثيقة دخول إلى الجنة ولا يضره ما يفعل بعدها، حتى لو سرق مال اليتيم ونهب متاع الأرملة، ضامناً- حسب زعمه- جنة عرضها السماوات والأرض أعدّت للمتقين.
دخل الإخوان المسلمون في الثورة السورية مترددين، وعندما عقدوا العزم على المضي قدماً فيها أبَوْا إلا أن يتصدروا الصفوف الأولى ويمسكوا بكامل قرارها رافضين الشراكة مع القوى الوطنية، وقد مارسوا كل أنواع التهميش والإقصاء بحق الآخرين.
دخلوا في الثورة السورية معتدِّين بتاريخ حافل بالمحن حسب ادّعاءاتهم، مع أنّ المحن التي يتفاخرون بها كان يكتوي بها فئات من الشعب السوري أما هم فيسلمون من جحيمها، والأكثر من ذلك أنهم كانوا هم المحركين لها والمتسببين بها.
تعامل الإخوان المسلمون مع الشعب السوري الثائر بمنتهى الفوقية، وكأنّ الشعب مدين لهم، على اعتبار أنّهم قارعوا النظام في الثمانينات حين كان الشعب صامتاً وقد آن الأوان لاستيفاء الدين من الشعب السوري، المطلوب منه اليوم أن يخوض غمار المحن الجديدة.
ومع التحاق الإخوان المسلمين بالثورة السورية سارعوا لتأسيس منظومة فساد رهيبة لا تقلّ سوءاً عن تلك التي انتفض السوريون ضدّها. فدعموا العناصر الفاسدة وتلك التي تقبل بالفساد ولا تنكره ووضعوهم في الواجهة للاستثمار فيهم حتى صار الأمر تقاسماً بينهم يحتفظ فيه الإخوان دوماً بالحصة الكبرى.
أقاموا صناديق الدعم وقنوات الإعلام، وكان لهم في كل بلد مجلس أو تجمع، مثل صندوق الرياض والمجالس الإسلامية في الكويت وغيرها من الدول، ومجلس الصحابة في بريطانية والسعودية، وتيار الأمة في الأردن ولبنان، وغيرها الكثير من المجالس والمسميات ولكل تجمع أو صندوق في أي بلد مكاتب وجمعيات وفعاليات ومراصد إعلامية وناشطون ثوريون ميدانيون.
وأمسك الإخوان بالتنسيقيات وتحكموا بتسميات الجمع واختيار ما يرفع من شعارات في المظاهرات، وتدخلوا بعمل الفصائل، وركزوا على القضاء والشورى في كل فصيل. وما زال الإخوان المسلمون، وبدعم من دول محددة إلى يومنا هذا، يمسكون بكل مفاصل الثورة السورية.
فقد أداروا غالبية المنظمات والجمعيات والمخيمات، ومكاتب الصرافة والحوالات ودور الجرحى والمراكز التعليمية ومعاهد تحفيظ القرآن في الشمال السوري المحرر، وفي العديد من الدول، بهدف إكمال مشروعهم، وليتمكنوا من اختراق الشخصيات والتكتلات وجمع المعلومات وإفساد الذمم والضمائر ومحاصرة من تبقى من شرفاء الثورة.
كان للإخوان الدور الأكبر في دعم الفصائل الجهادية القاعدية في سوريا والتحكم بقادتها واللعب بهم كيفما يشاؤون، وكان لهم الدور الأكبر بحماية مناطق النظام السوري عن طريق الهدن والتوازنات على حسب وصفهم، وكانوا أكثر من خانوا وسلموا المناطق وباركوا المصالحات.
في الوقت الذي يحرص الإخوان على الظهور بمظهر الحزب المبدئي المحافظ على ثوابته، نجدهم يمارسون «البرامغاتية» في أعلى مراحلها، حتى قال القائل: إنّهم مستعدّون أن يعبدوا الشيطان لتحقيق غاياتهم، وهذا حالهم منذ بداية الثورة السورية. فالمبادئ والثوابت هي مجرد شعارات يبرزونها عند الحاجة ويخفونها عند اللزوم. وهي- بمعنى آخر- بنود تقنينية يحاسبون الناس عليها عند الحاجة.
والأكثر من ذلك أنّهم لا يتخلّون عن مبادئهم فحسب، بل يتخلّون عن حزبهم حين تقتضي الضرورة، فغالبية الإخوان تجدهم دوماً يتبرّؤون من حزب الإخوان ومن المجرمين والمفسدين، لا بل يشتمونهم، ويشتمون كل من ينتمي لحزبهم.
لن تجد جماعة تمتهن الكذب كجماعة الإخوان المسلمين. والكذب يبدأ من المنهج، فهم يدَّعون فكراً معيناً لكنهم يتعاملون بفكر آخر، ويختلقون البطولات الوهمية وينسجون عليها قصصاً من الخيال لا يصدقها إلا الغبي. ويعتمدون على التهويل والمبالغة والتبهير لدرجة أنّهم قادرون على ترميز الصعاليك من الرجال ويقدمونهم على أنّهم قامات وهامات.
يتفاخر الإخوان المسلمون دوماً بأنّهم قارعوا الطغاة، وهذا ادّعاء كاذب فمبدؤهم قائم دوماً على توريط الناس بمواجهات خاسرة وانتظار جني المكاسب والثمار، فما هم إلا مدراء يديرون المحن التي يكتوي الناس بلظاها، وحين يغرق الناس بالدماء وتطبق عليهم الشدائد يتقدّم الواعظون المنتفخة خدودهم لتذكير الناس بالصبر والاستغفار وبعذاب القبر.
المعجزة التي نجح الإخوان بتحقيقها هي قدرتهم على الاستفادة من غالبية الدول وكافة الصراعات الداخلية والخارجية، وخاصة صراع الفصائل فيما بينها. والأغرب من ذلك قدرتهم على تحصيل الدعم من دول يكرهونها وتكرههم ويروجون الأكاذيب ضدها، ثم قدرتهم على إخفاء أسماء بعض الدول الداعمة لهم واستبدالها بدول أخرى يمجدونها.
مما يميز الإخوان المسلمون انتهاجهم نهج التقية والباطنية في كل تصرفاتهم وأقوالهم، فهم ماكرون كاذبون متلونون خادعون، لا يمكن اعتماد كلامهم كوثيقة لأنهم يعلنون الشيء وضده وعكسه ونقيضه، وكل ذلك في آن واحد.
يتعامل الإخوان مع مصطلح الأعداء بالتوائية مفرطة، فقد يكون ألد أعدائهم في العلن هو الولي الحميم في السر. وبشكل عام هم يريدون من أتباعهم البقاء في شد عصبي تجاه دول غربية بعينها في الوقت الذي تعمل نخبهم كعملاء ومخبرين لتلك الدول.
لا يبالي الإخوان المسلمون بآلام الناس وعذاباتهم ولا بأعراضهم، بل إنّ منهجهم قائم على فكرة «إقحام الشعوب في الجحيم» عقاباً لهم على بعدهم عن الدين، وهي فكرة في غاية اللؤم والهمجية.
الإخوان جماعة انتهازية تقتنص الفرص وتركب الأمواج وتبني على حطام الآخرين، يتربصون بالواقع أن يفرز لهم غنيمة فينقضون عليها بنهم وشراهة ويخطفونها من أهلها الشرعيين.
الإخوان الذين يتحدّثون طويلاً عن الطغاة ويعملون على تسخين المرجل وإشعال الحرائق من عادتهم أن يلتفوا على الناس ويفتحوا قنوات معينة مع الطاغوت الذي سبق أن حرضوا عليه.
لا يمكن للإخوان أن يعترفوا بخطأ ارتكبوه مهما كان فاحشاً وقبيحاً. وبالأصل فإنّ أخطاء الإخوان حين يخطئون هي بحجم الكوارث والنكبات التي يدفع ثمنها الشعوب، بل تكاد أخطاؤهم أن تكون بحجم الشعوب ومستقبلها. فهم يلعبون بالدماء ويعبثون بالأعراض ويفرطون بالوحدة والأمن. ولديهم من الأعذار ما يمكنهم من تبرير الشيء وضده. فكل ما يفعلونه هو عين الصواب في زمانه.
يجمعون المال باسم الشعب ثم يقدمونه لكوادر حزبهم وأهل ولايتهم، بعد مصادرة الجزء الأكبر منه. فتعيش كوادرهم في ثراء ورخاء، والأنكى من ذلك أن يصبح هذا جزءاً أصيلاً من نهجهم تعايشوا معه وكأنهم أمر طبيعي ليس محل استنكار.
للنصر والهزيمة- عند الإخوان- معنى مختلف تماماً ولا علاقة له بالشعب مطلقاً، فالنصر والهزيمة مرتبطان بحزبهم، فإن كان الحزب بخير فهذا هو النصر الحقيقي حتى لو غرقت الشعوب بالدماء. وإن تضاءلت فرص الحزب فهذا في نظرهم هزيمة.
أيها القارئ الكريم لو افترضنا أنّك اقتنعت بأنّ تلك كلها من صفات الإخوان المسلمين، وهي كذلك، وأنّك عاينتهم عن قرب فسوف يقفز إلى ذهنك سؤال: لماذا هم كذلك؟ وكيف انتقلت عدوى تلك الطبائع إلى أجيالهم اللاحقة؟.
ليفانت - عبد الناصر الحسين
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!