الوضع المظلم
السبت ٢٧ / أبريل / ٢٠٢٤
Logo
لعبة بغداد مع أربيل.. لعبة لا تنتهي
 صبحي ساله يي

الألعاب أنواع، وأكثرها شيوعاً بعد الرياضية، هي السياسية. ولا شك أن لكل لعبة سياسية لاعبين وجمهور وملعب وقواعد تستخدم فيها الأوراق المتاحة لتغيير المعطيات وتحقيق الفوز ونيل رضا وتصفيق المتابعين دون تجاوز لغة العقل والمنطق، ولكن عندما تكون بجرأة ممزوجة بخبث وصلافة انتقامية تكسر التقاليد، وعندما يكون لاعبوها ساسة لا يسمعون ولا يفهمون، ويجدون صعوبة في التمييز بين الحق والباطل، ويغذون في طروحاتهم وتحليلاتهم وتفسيراتهم الميول المذهبية والعنصرية، ولم يصلوا مرحلة النضج التي تؤهلهم لفهم الحاضر وقراءة المستقبل لا أحد ينتصر فيها وتخلف ورائها الغدر والقذارة والخيانة والكراهية العمياء وسلسلة طويلة من الأخطاء والمصائب والكوارث والمآسي والتجارب القاسية التي تهدم وتسهم في تضييع المكاسب وإشاعة العبثية. وتدفع الفريق المقابل نحو التفكير بمواقفهم متغيرة والبحث عن صيغة أخرى للعب قبل إعلان نهاية اللعبة.

اللاعب الذكي، بعد أن يلمس الحقيقة، يتجاوز الصمت دون أن يبالغ في مواقفه، ولا يتردد ولا يقع في حيرة، ويبدأ بإعادة ترتيب أولوياته ويبحث عن مخرج ليجعله نقطة انطلاقة جديدة ليخرج من اللعبة مرفوع الرأس ودون أن يتنازل عن أي شىء.

وغير الذكي، يلعب على الحبال، ويجازف ويرهق نفسه قبل الآخرين، ويزيد الضغوط والمناورات ويمعن بالإساءة لتحريف الرؤية نحو صورة مختلفة عن الواقع ويحاول توجيه كل شيء لدعم قراءته، وفي النهاية لاينجح  في مساعيه ولا يصح إلّا الصحيح.

سقت بهذه المقدمة لأتحدث عن لعبة منع تصدير نفط كوردستان خلال الأشهر الثمانية السابقة، وشروط بغداد التي لم تنته ولا تنتهي، وعن تكرار خلط الأوراق وكثرة المشاغبات والبدع والتحايل والمزاجات الشخصية وهدر الوقت، والرغبات المميتة لتسجيل نقاط الفوز على الإقليم بأدوات ناقصة وأعذار هشة ومكشوفة وبخيارات عقيمة قادت إلى نتائج خاطئة وإلى تأخير إعلان النهاية وتبلور النتيجة، وارتفاع الأصوات المحذرة للسقوط في الفخ، والاعتداء على اللاعبين في إحدى الفريقين من قبل طرف ثالث منحاز دخل إلى دهاليز اللعبة دون أن يحسب أي حساب لأي شيء في سبيل تغيير موازين القوى والدفع لتأجيج التوترات وإرغام طرف على الرضوخ للطرف الآخر والقبول بالأمرالواقع والتوقيع على صفقات مليئة بالخلل. أو الاستمرار في هذه اللعبة أو أي لعبة أخرى من شأنها تغيير الوضع الميداني على الأرض.

جرى تبادل العشرات من الزيارات بين أربيل وبغداد وعقد خلالها الكثير من الاجتماعات التي وصفت بالمهمة، وسمعنا بعدها تصريحات واعدة تحمل في ثناياها التفاؤل، وتتحدث عن قرب التوصل إلى اتفاق واضح المعالم على تصدير نفط إقليم كوردستان، يقوم على مراعاة القانون والدستور، ولكن اللعبة التي لا مثيل لها لم تنته، وبالتأكيد ستستأنف في العام الجديد، وطبعاً سيعود معها اللاعبون السلبيون إلى مواقعهم القديمة لإدارة الأزمات وممارسة الاستفزازات، ويعود الخطاب السابق، المنساق خلف الأوهام والادعاءات المضللة، لعباقرة الفضائيات للتعاطي مع الأكاذيب التي تسوق الى إثبات الفشل في عقد التسويات، كما ستعود صراعات ما قبل تشكيل حكومة السوداني إلى الواجهة، والدوران فوق خرائب تراجع الثقة بين اللاعبين، ويظهر على أرض الواقع ما يشير إلى أن مرحلة ما قبل التصدير ستكون طويلة من خلال تكرار ادعاءات الفارغة غير القابلة للحياة والترويج للحاجة إلى بعض التعديلات الطفيفة ضمن ما يتلاءم مع مصالح الجانبين، أو من خلال المراهنة على تكريس الانقسام الكوردي وخوض مغامرة اللجوء إلى الوعيد والتهديد وعدم القبول بمجمل الشروط الكوردستانية.

كما يتأكد للجميع تحويل حلم التغيير في العراق إلى خيبة أمل، خصوصاً أن المتحكم بما يدور فيه يريد الإستفادة من كل شيء، ولا يهمه مستقبل العراقيين عموماً أو خوض مغامرة تكلفهم خسائر كبيرة وتأخذهم نحو الكارثة والمأزق.

ليفانت - صبحي ساله يي

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!