الوضع المظلم
السبت ١٨ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
  • كوفيد-19 وحقوق ذوي الاحتياجات الخاصّة أصحابنا أصحاب الهمم

كوفيد-19 وحقوق ذوي الاحتياجات الخاصّة أصحابنا أصحاب الهمم
رقية العلمي

أولت المؤسسات الأممية والإنسانية أهمية كبيرة لجهة ضمان حقوق ذوي الاحتياجات الخاصّة وتمتعهم بجميع الحقوق الصحية مرتكزة على البنود الواردة في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية حول صحة المعاقين واتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، حيث تقع على الحكومات مسؤولية ضمان الحقوق في الصحة والتعليم، والوصول إلى المعلومات، هذا بالظروف العادية، وإلزامية تطبيق هذه الحقوق في الحالات الطارئة.كوفيد-19


ملزمة الحكومات ضمان تمتع هذه الفئة بجميع الحقوق الصحية بما يتماشى واحتياجاتهم الخاصة، من أجل البقاء في صحة جيدة والتمتع بالحق في الصحة دون تمييز على أساس الإعاقة.


والإعاقة، حسب تعريف منظمة الصحة العالمية، هي مصطلح يغطي العجز والقيود على النشاط ومقيدات المشاركة وعدم تمكن المرء من الحصول على الاكتفاء الذاتي وجعله في حاجة مستمرة إلى معونة الآخرين وإلى تربية خاصة تساعده على التغلب على إعاقته.


واقع مستجد


في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، نيويورك/ 15 مايو 2020، يسلط الضوء فيه على الكيفية التي يؤثر بها الوباء على بليون شخص من ذوي الإعاقة في العالم، في كل جانب من جوانب المجتمعات، كاشفاً مدى الاستبعاد الذي يعاني منه أكثر أفراد المجتمع تهميشاً حتى في الظروف العادية؛ يقل احتمال حصول الأشخاص ذوي الإعاقة على التعليم والرعاية الصحية وفرص كسب الدخل ويتردى الوضع بالنسبة إلى من يوجدون منهم في السياقات الإنسانية والهشة، والأشخاص ذوي الإعاقة أكثر عرضة للعيش في حالة فقر يعانون من ارتفاع معدلات العنف والإهمال وسوء المعاملة. وعليه فهم أشد الأشخاص تضرراً من الجائحة كونهم لا يستطيعون الوصول إلى المعلومات عن حالة الصحة العامة، ويواجهون حواجزَ كبيرة تعوق الأخذ بتدابير النظافة الصحية الأساسية، ومرافقَ صحية يتعذر وصولهم إليها.


وإذا ما أصيبوا بمرض فيروس كورونا، يُرجَّح أن ينتهي الكثيرون منهم إلى التعرض لظروف صحية قاسية، ممكن يؤدي إلى الوفاة. حيث تزداد نسبة الوفيات ذات الصلة بمرض فيروس كورونا في دور الرعاية حيث ترتفع أعداد المقيمين من كبار السن ذوي الإعاقة.


وفي بعض البلدان، تستند قرارات تقنين الرعاية الصحية إلى معايير تمييزية، مثل السن أو الافتراضات المتعلقة بنوعية الحياة أو قيمتها، على أساس الإعاقة.


لذلك ومن أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة طالب التقرير الحكومات إقامة مجتمعات تتسم شمول الجميع وضمان المساواة في الحصول على الرعاية الصحية وإجراءات إنقاذ الحياة أثناء الوباء وضرورة التشاور معهم وإشراكهم ضمن الجهود والبرامج التي تتصدى للمرض والتعافي منه.


الحقوق الإنسانية


وحسب هيومن رايتس ووتش، في تقريرها الصادر مارس 2020، بداية الجائحة، فإن فيروس كورونا كوفيد-19 يشكل مخاطر لكثير من الأشخاص ذوي الإعاقة حول العالم، مطالباً الحكومات بذل جهود إضافية لحماية حقوقهم في الاستجابة للجائحة؛ فالأشخاص ذوي الإعاقة هم من الفئات الأكثر تهميشاً وتعرضاً للوصم في العالم، حتى في الظروف العادية، ما لم تتحرك الحكومات لإدراج ذوي الإعاقة في استجابتها للفيروس، سيتعرضون لخطر العدوى والموت مع انتشار الجائحة.


مبيناً أن هذه الفئة هي في خطر بسبب التمييز والعوائق التي تحول دون حصولهم على المعلومات والخدمات الاجتماعية والرعاية الصحية والإدماج الاجتماعي. مشدداً على ضرورة تزويد هذه الفئة بالمستلزمات والخدمات أثناء الحجر الصحي والعزل الذاتي.


المؤثرات


الفئة الأكثر تضرراً المتأثرة من تداعيات الجائحة لهذه الفئة، يعود ذلك لأسباب كثيرة، من أهمها انقطاع مراكز التربية الخاصة عن العمل وتوقف الخدمات التعليمية والتأهيلية والخدمات الاجتماعية المقدمة لهم. حيث أُغلقت جميع المراكز المعنية بتدريبهم وعليه قامت بتسريحهم فتم تحويل المسؤولية على عاتق أسرة المعاق التي تفتقر للمهارات المطلوبة للتدريب والمساعدة بطريقة علمية صحيحة.


إن إغلاق المراكز التي تؤمن الخدمة الصحية والعلاجية والتدريب والعلاج الطبيعي لذوي الإعاقات ربما سيؤدي إلى تدهور في صحة المعاق بضمنها أن الأهل غير مؤهلين لتدريبهم ورعايتهم. قابل ذلك بأن بعض المراكز لم تغلق فعلياً، لكن بسبب الحظر لم تتمكن الطواقم المساندة الوصول إلى هذه المراكز، قابله الأزمة المالية التي لم تمكن إدارة مراكز الأيواء من دفع رواتب العاملين والعاملات لذلك قامت كثير من المؤسسات بتسريح الكوادر المتخصصة.


وعليه أدت النتيجة إلى تراجع وضعهم الصحي، وفي بعض الحالات، طالهم التهميش، لأن هذه الفئة في المجتمع لا تنال الأولوية بالضرورة بسبب التمييز وبسبب العوائق التي واجههتا المؤسسات الرسمية والخاصة المسؤولة عن هذا القطاع.


من دواعي القلق أيضاً وجودهم في البيوت المزدحمة بجميع أفراد الأسرة سينتج عنه بعض المشاكل الصحية بسبب عدم الرعاية الكافية في المنزل وفرضية انتقال العدوى لهم وهم بحاجة إلى رعاية لا يمكن تجاهلها، خصوصاً للذين يعانون من مشاكل صحية بالجهاز التنفسي، وهناك تخوف مستتر من ممارسة العنف اللفظي أو المباشر ضدهم من قبل أحد أفراد الأسرة. كذلك قصور في التغذية الصحية، حيث كانت تؤمن هذه المراكز وجبات طعام صحية مثالية تتبع لمعايير وإجراءات الصحة والسلامة الغذائية.


حلول ومقترحات:


منذ بداية الجائحة تطالب المنظمات الإنسانية الأممية الحكومات بضرورة استخدام جميع القنوات المتاحة للتواصل مع ذوي الإعاقة ومدهم وذويهم بالمعلومات الصحية العامة وتلبية احتياجاتهم، بما فيها المناطق الطرفية والنائية. وإتاحة الفرصة لهم في الوصول للمعلومات عن طريق المواد التثقيفية المنقذة لحياتهم وتثقيفهم حول المرض وطرق الوقاية من انتقال العدوى عبر التلفزيون والمواقع الالكترونية.


نشر التوعية في المواقع المخصصة لذوي الإعاقة من خلال الخدمات الهاتفية ذات الخيارات النصية للأشخاص الصم وذوي صعوبات السمع بلغة الاشارة وللكفيف بلغة برايل.


إعادة تشغيل مؤسسات الرعاية التي انقطعت بسبب الأزمة، مع تأمين الخدمات الاجتماعية والزيارات الميدانية للأخصائيين الاجتماعيين والكوادر الطبية.


إدماج هذه الفئة في برامج الصحة وإيجاد البيئة المناسبة لحمايتهم من الإصابة بالعدوى وعمل برامج لضمان استمرارية تقديم الرعاية الصحية والدعم لهم.


تظافر جهود الحكومات والمنظمات الدولية ومؤسسات المجتمع المدني وفرق التطوع عند إعداد الاستراتيجيات الوطنية الخاصة بالجائحة.


ضمان حصول أفراد الأسرة وطواقم الرعاية لذوي الإعاقة على معدات الوقاية الشخصية المجانية، مثل الكمامات والقفازات ومواد التعقيم وعدم استثنائهم من الاختبارات الدورية الخاصة بالفيروس والوصول لهم أينما كانوا.


الأولوية في التطعيم ضد الفيروس لهذه الفئة وللعلاج في المستشفيات من الفيروس والطلب من مزاولي المهن الصحية تقديم الرعاية الصحية لهم بنفس جودة الرعاية التي يقدمونها إلى الآخرين.


وهناك المشكلة الرئيسية التي يواجهها العالم، اليوم، وهي التأقلم على النمط الجديد من التعليم ألا وهو "التعليم عن بُعد"، فالكثير من التلاميذ ذوي الإعاقة ليس لديهم جهاز حاسوب أو خط إنترنت أو كهرباء التي قد لا تصل الى المناطق النائية، والمأزق المادي المستجد صَعب على الأهل تأمين الحاسوب المتخصص وخط الإنترنت للمعاق، مما يعيق تعلمه عن بُعد بسبب عدم حصوله على الوسائل المتاحة للوصول للتلفاز التربوي.


وأخيراً، خلال الجائحة، عانت هذه الفئة المهمشة في المجتمع بسبب الإعاقة، منها رفض مساعدة الكفيف عن قرب بحجة تجنب الملامسة وتطبيقاً لشروط التباعد الاجتماعي.


كما أعاقت الكمامات التفاهم بلغة الإشارة التي تعتمد على حركة الشفاه في التواصل للصم وضعاف السمع، مما دعا البعض الى إنتاج كمامات ذات نافذة شفافة حول منطقة الفم، حيث تكون الشفاه غير مغطاة وفي نفس الوقت تقي من مخاطر انتقال العدوى من الفيروس، ورغم أن هذه الكمامات ما زالت محدودة الانتشار ولكنها ستنتشر مع الوقت فزيادة الوعي حول أهمية لغة الإشارة سيزيد من إنتاج هذه الكمامات المتخصصة.


رقية العلمي

ليفانت- رقية العلمي

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!