-
كل شيء أصبح جاهزاً لبدء العملية العسكرية التركية في الشمال السوري بعد العيد
استكملت تركيا معظم الاستعدادات العسكرية، والأهم منها التحضيرات الدبلوماسية لكي لا تصطدم عمليتها التي أعلنت عنها بعقبات لم تحسب حسابها مسبقاً، خاصة من الغرب والأمريكان؟ ثم من الروس.
لقد استغلت تركيا الحرب الأوكرانية بشكل فعال، واستغلت حاجة كل من روسيا وأمريكا لكسب ودها، وخاصة طلب انضمام فنلندا والسويد للناتو الذي وضعت عليه تركيا مجموعة شروط، وأعلنت بذات الوقت عن العملية، لكي يفهم الغرب والشرق أن إرضاء تركيا يتطلب الرضوخ لمطالبها، فالثمن الحقيقي لتركيا هو السيطرة على مناطق جديدة شمال سوريا، تجعل من حلم الدولة والكيان الكردي أكثر صعوبة، بانتظار تحويله لحلم مستحيل عملياً، بعمليات أخرى في أقصى شمال شرق (القامشلي).
فبعد تهديدات تركيا رصدت قسد جدية وقرب حصول العملية، وما لفت نظرها وخيب أملها موقف أمريكا التي أبلغتها أنها لن تدخل في صراع مع تركيا، بعد تصريحات غاضبة تبعتها مشاورات داخلية أدت لتزايد المخاوف من مغادرة تركيا الناتو والانضمام للتحالف مع روسيا.
تواصلت قسد مع الروس الذين أبلغوها أنهم غير معنيين بالدفاع عنها كميليشيا، هم يدافعون عن النظام الشرعي في دمشق كما يدعون، وعلى قسد أن تحتمي بالنظام الذي يطلب هو الدعم الروسي، مع أن روسيا منشغلة جداً في أوكرانيا وتقلص وجودها وعملياتها في سوريا كثيراً جداً، فقامت قسد بالتواصل مع النظام وإيران برعاية روسية وتقرر تشكيل غرفة عمليات مشتركة، ودخول قوات للنظام ولحزب الله للمناطق الحدودية.
وهكذا قبلت قسد العودة للتحالف مع النظام وإيران لمقاومة الهجوم التركي، وهذا ما جعل الأمريكان متشجعين أكثر فأكثر لإعطاء الضوء الأخضر لتركيا، والتخلي عن قسد، وقد تم ذلك بطريقة ذكية عن طريق طرح موضوع انسحاب قسد سلمياً من تل رفعت وهذا بحد ذاته يعني تحول الموقف الأمريكي من الرافض للوسيط، بما يعني الضوء الأخضر لأردوغان، رفضت قسد الاقتراح الأمريكي فأعطت العذر للأمريكي، بسبب التزام قسد مع الإيراني ومع النظام، مما سيفتح الباب لحصول توتر ومعارك بين تركيا وقسد ومعها إيران والنظام، ومن ورائهم روسيا، وهو ما يعتبر نصراً كبيراً لأمريكا عندما تجر تركيا بعيداً عن إيران وعن روسيا.
طبعاً التفاهمات التركية الإيرانية، خاصة تلك التي حصلت في سوتشي، ربما تجنبهم التصادم، وتجعلهم يتخلون عن قسد ولا يشاركون إلا بشكل رمزي، وجود إيران والنظام في صف واحد مع قسد سيجعل المقاتلين من المعارضة أكثر حماساً لخوض المعارك التي ستعتبر معارك تحرير.
تل رفعت ومنبج متفق على تسليمها لتركيا مقابل المعرة، لكن الروس تعنتوا، لذلك لن تسارع تركيا في هذه المرحلة لإعطائهم طريق اللاذقية M4، مقابل تل رفعت ومنبج، وربما تحتفظ بهم ليكونوا مقابل القامشلي.
وهكذا سيحقق الجميع رغباتهم إلا قسد التي حاولت الرقص فوق الحبال الرخوة فوقعت، الروسي لن يتورط في دعم النظام ضد تركيا، وإيران لن تدافع عن قسد ولن تقطع خيوط الود مع تركيا، ولكنها ستحاول قضم ما تستطيع من قسد التي هي الخاسر الأكبر والوحيد في هذه اللعبة، وبالتالي تركيا ستربح الجولة وتقضم قطعة جديدة من حلم الدولة الكردية القسدية، الذي نما بعد تحالف قسد مع الغرب، وانهار بعد عودتها للتحالف مع خصومهم، حلفائها القدماء.
لتبقى القضية الكردية في ضمير الشعب السوري الذي سيستعيد حريته مهما طال الزمن، وسيبحث عن عناصر استعادة وحدته وتعايش أطيافه بعيداً عن لعب أمراء الحرب.
ليفانت - كمال اللبواني
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!