الوضع المظلم
الجمعة ٢٩ / مارس / ٢٠٢٤
Logo
  • قيادات كردية لـ”ليفانت”: نواجه حرب إبادة جماعية من تركيا ونطالب بموقف دولي موحد

قيادات كردية لـ”ليفانت”: نواجه حرب إبادة جماعية من تركيا ونطالب بموقف دولي موحد
الأكراد

يوم تلو الآخر يواجه الشعب السوري في شمال وشرق البلاد اعتداءات وجرائم إنسانية تمارسها تركيا، تستهدف إبادة الأكراد وإذابة عرقهم، وهى جريمة تحترفها تركيا التي أبادت عرقي الأرمن والسريان، قبل عدة عقود.


وتعتمد الإستراتيجة التركية، في القضاء على الأكراد، على محور المصلحة المشتركة مع إيران، والمدعومة من جانب الحكومتين، السورية والعراقية، وانتهجت تركيا في حربها عليهم عدة أدوات، أهمها التدخل العسكري المباشر ودعم الإرهاب والمرتزقة وتوطين تنظيم داعش بالبلاد، فضلاً عن الحصار الاقتصادي ونهب موارد الأقليم.


ويمثّل شمال شرق سوريا، الذي يحظى بالاستقلال والإدارة الذاتية منذ الثورة السورية في عام 2011، حاجزاً أمام المشروع التركي بأبعاده الاقتصادية والسياسية والجغرافية.


ويقول شفان الخابوري، ممثل الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، إنّ وتيرة الانتهاكات زادت مؤخراً بشكل غير مسبوق من قبل الجيش التركي والمرتزقة التابعين له، وخاصة في المناطق المحتلة مثل عفرين، تل أبيض، رأس العين، الباب، أعزاز، دابق، جرابلس، في ظلّ استمرار الصمت الدولي تجاه الجرائم الإنسانية والحقوقية، التي ترتكبها تركيا بحق الأكراد في مناطق شمال وشرق سوريا.


أسلحة محرّمة دولياً


ويضيف “الخابوري”، في حديث لـ”ليفانت”، إنّ تركيا استخدمت كل الأساليب التي تعد انتهاكا صارخاً لكافة مواثيق القانون الدولي وحقوق الإنسان، لتجريد الشعب الكردي من هويته وفرض الاحتلال والسيطرة على موارد شمال وشرق سوريا، وثبت استخدامها لأنواع من الأسلحة المحرمة دولياً، في العديد من المناطق، وقامت بتغيير ديموغرافي في مناطق عفرين، حيث يتواجد 95% من الأكراد السوريين، بينما جلبت تركيا سكان من غير السوريين أو من يسمونهم “المهاجرين”، وجميعهم من المنتمين لتنظيم “داعش” الإرهابي، وتم توطينهم في تلك المناطق بهدف إحداث تغيير ديموغرافي ومسح للهوية، وتلك جريمة دولية صريحة ويعاقب عليها القانون الدولي.


ويؤكد “الخابوري”، أنّ تركيا تستهدف مناطق أخرى بعد عفرين، مثل رأس العين وتل الأبيض، حيث تعمل تركيا على تجريفها ومحو هويتها وتغيير التركيبة الديموغرافية واستبدال السكان الأصلين بآخريين، جلبتهم تركيا من عدة دول.


يقول “خابوري”، إنّ الجيش التركي والمرتزقة التابعين له يرتكبون جرائم إنسانية، يومياً، وعلى مدار الساعة، بحق السوريين الذين يعيشون في رعب مستمر، بسبب وقائع خطف وقتل الأطفال أمام ذويهم، والاعتداء الوحشي على النساء من جانب جنود الرئيس التركي، فضلاً عن عشرات العمليات المسلحة التي ينفذها جيش الاحتلال التركي بحق المدنين يومياً، مؤكداً أنّ هناك وثائق تثبت تلك الجرائم، وتم نشر جزء منها في تقارير دولية.


ويشير القيادي الكردي إلى جرائم تركية أكثر بشاعة بحق السوريين، قائلًا: “إنّ المليشيات التركية اختطفت عشرات المواطنين، وطالبت ذويهم بدفع “الفدية”، وقتلت من لم يستطع أهله توفير المبالغ المطلوبة، ومثلت بجثته بشكل بشع”.


بشكل مستمر يستهدف الطيران التركي المسير مناطق مكتظة بالسكان، من المدنين، بزعم أنّهم يهاجمون الإرهاب ويقتلون أشخاص معاديين للدولة التركية، ولكن هذا الكلام مجرد كذب وافتراء للتغطية على جرائمهم، ومن يتم قتلهم هم من المدنيين الأبرياء، وليس لهم أي ذنب، وما يحدث هو محاولة لإبادة وتهجير الشعب الكردي، كما فعلت تركيا مع الأرمن والسريان من جنوب الأناضول.


ويقول الصحفي الكردي، نورهات حسن، لـ”ليفانت”، إنّ تركيا استخدمت الفوسفور الحارق، المحظور استخدامه دولياً، في رأس العين، وأصيب عدد من عناصر قوى الأمن الداخلي التابعة للإدارة الذاتية بحروق في جسمهم، بالإضافة إلى الطفل محمد الذي تم نقله إلى فرنسا للعلاج، ظهرت حروق على جسده ظهر جلياً إنّها أسلحة محرمة.


ويتابع: “في عفرين استخدمت تركيا النابلم الحارق في تلة اسمها “كافري كار”، بعدما تمت محاصرة 35 جندياً تركياً مع قائدهم هناك، حيث طلب قائد المجموعة بقصفهم هم ومقاتلي وحدات حماية الشعب، وبالفعل أطلقت الطائرات التركية النابلم الحارق وحرقت التلة، وفي قرية اسمها “أرندة” في ريف عفرين، استخدمت تركيا الكلور، وهذا ما أكده أطباء في مشفى حينها في عفرين.


صمت دولي



ويؤكد “الخابوري”، أنّ كل هذه الانتهاكات تزداد بشكل غير مسبوق في ظل الصمت الدولي، بالعكس هناك تهديدات إقليمية تواجه الدول العربية بسبب تركيا، سواء دول مجلس التعاون الخليجي أو مصر، التي تواجه العدوان التركي والمرتزقة في دولة لييبا الشقيقة، ونحن نقدر ونشكر الموقف المصري الرادع للعدوان التركي، وأيضاً الداعم لحقوق الأكراد في شمال وشرق سوريا، ونأمل أن يكون الموقف المصري بداية لموقف عربي ودولي موحد ورادع ضد الانتهاكات التركية في المنطقة، والذي يمثّل خطراً كبيراً وغير مسبوق.


وأكّدت لجنة التحقيق الدولية المستقلة حول سوريا، في تقريرها المنشور نهاية الشهر الماضي، أنّ تركيا سوف تتحمل مسؤولية جنائية للانتهاكات الجسيمة التي ارتكبها حلفاؤها في “الجيش الوطني السوري” (مجموعة معارضة موالية لتركيا).


ونقلت اللجنة التي شكلتها الأمم المتحدة للتحقيق بجرائم تركيا، في شمال وشرق سوريا، عن عائلات كردية نازحة، ومدنيين آخرين، اتهام القوات السورية المدعومة من أنقرة بارتكاب عمليات إعدام ونهب ومصادرة أملاك. 


نسف وتدمير وإبادة عرقية



يقول الباحث والكاتب السوري، بدرخان علي، إنّ السياسة التركية في شمال سوريا، تهدف أساساً إلى نسف وتدمير الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، التي يقودها الأكراد، عبر الاحتلال العسكري المباشر، وتحويل الشمال السوري بأكمله إلى إمارات تركية_إخوانية، عبر سياسة التطهير العرقي التي ينتهجها الاحتلال التركي في المناطق المحتلة، حيث انخفضت نسبة الكرد في منطقة جبل الكرد( عفرين)، في شمال غرب حلب، من ما يقارب 97% إلى دون 25% بعد الاحتلال، والأكراد الذي هجّروا قسراً من رأس العين وتل أبيض في شمال شرق سوريا، لا يستطيع معظمهم العودة إليها بسبب الجرائم الممنهجة التي يرتكبها الجيش التركي والعصابات الإرهابية المرتبطة به، بحق المدنيين، من خطف وتعذيب حتى القتل في السجون والاستيلاء على منازل المدنيين وممتلكاتهم وأراضيهم الزراعية.


ويروي تقرير أسبوعي، صادر عن حزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا( يكيتي)، تحت عنوان “عفرين تحت الاحتلال”: “إنّ جيش الاحتلال التركي أجبر، برفقة الميليشيات الإرهابية العاملة تحت اسم “الجيش الوطني”، التابع للحكومة السورية المؤقتة الإخوانية، ما يزيد عن 300 ألف مغادرة منازلهم، وبقي حوالي 200 ألف نازح مشردين وبظروف معيشية صعبة في الداخل، وما يزال حوالي (85) ألفاً منهم في مناطق النزوح، شمال حلب، وحوالي (10) آلاف منهم يعيشون في مخيمات بائسة، في ظل غياب شبه تام للمنظمات الإغاثيّة الدولية، زد على ذلك تطبيق حصار شديد وخانق عليهم من قبل حواجز تابعة للحكومة السورية من جهة، والمليشيات المسلحة من جهة أخرى”.


ويروي “علي” في حديث لـ”ليفانت”، جريمة بشعة لجيش الاحتلال التركي، مقتل الشاب محمود حسن أومري، من ذوي الاحتياجات الخاصة، تحت وطأة التعذيب، الذي استمرّ لنحو 8 أشهر من اعتقاله من مدينة رأس العين (“سري كانيه” بالكردية)، بعد عودته مع والدته لتفقّد منزلهم بعد الاحتلال التركي الإخواني القاعدي، على يد عصابة “فرقة الحمزة” الإرهابية، المنضوية في إطار ما تسميه تركيا وقطر وشبكة الإخوان المسلمين ب(الجيش الوطني السوري)، التي كانت قد استولت على منزل العائلة، وضربوه بشدة أمام والدته عند محاولة السؤال عن منزلهم.


ويتابع: “طالبت عائلته مراراً بإطلاق سراحه، وأرفقت وثائق طبية وأدويته الخاصة تثبت أنّه من ذوي الاحتياجات الخاصة، وراجعوا قيادة الفصيل الارهابي، وكذلك مناشدات عبر الاعلام، دون جدوى”. وكنموذج آخر للانتهاكات التي ترتكب في منطقة رأس العين التي خضعت للاحتلال التركي، يقول “علي”: لقد استولى الاحتلال التركي وأدواته من السوريين على الأراضي الزراعية العائدة ملكيتها إلى عائلة الصديق محي الدين عيسو، في ريف مدينة رأس العين، بعد اضطرار عائلته للنزوح إثر العدوان التركي على المنطقة، وتم الاستيلاء على منزل العائلة في المدينة، وتحويله إلى مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم، وتم افتتاحه رسمياً بحضور الوالي التركي لولاية “أورفا “التركية، في إشارة واضحة إلى تبعية هذه المنطقة السورية للحكم التركي من جهة. قيادات كردية


ومن جهة أخرى، اللعب على الوتر الديني، عبر استخدام الحكومة التركية لأدوات تستغل الدين من أجل ربط السكان بالسياسة التركية، وترويج الولاء للرئيس التركي أردوغان وحكومة العدالة والتنمية وتنظيمات الإخوان المسلمين، ومن هذه الأدوات هي رئاسة الشؤون الدينية التركية التابعة مباشرة للرئاسة التركية، التي تعمل بميزانية ضخمة ونشاط كبير، يتغلل في مناطق الشمال السوري.


ويتابع: “في أوربا، أيضاً، وكذلك هيئة الإغاثة الإنسانية التركية (IHH)، التي تروّج للسياسة التركية تحت ستار “الإغاثة والمساعدات الإنسانية”، ولها علاقات مفضوحة مع التنظيمات الإسلامية المتطرّفة، وهي ذات المنظمة التي أدخلت السلاح إلى مناطق شمال سوريا، في بدايات الأزمة السورية، في شاحنات “مساعدات إنسانية” مزعومة، هاتان المنظمتان التركيتان وغيرهما ليست سوى أدوات استخباراتية لتركيا، في شمال سوريا المحتلّ، والمنطقة، وصولاً للدول الأوربية، تحت شعارات دينية وإنسانية”.


تغييرات ديموغرافية



ويقول الباحث والصحفي الكردي، نورهات حسن، إنّ تركيا تحاول تطبيق الميثاق الملي والسيطرة على المناطق، ما بين كركوك وحلب واحتلالها لعفرين وجرابلس وإعزاز ورأس العين، سري كانية، وتل أبيض يقع ضمن هذا المخطط.


ويوضح في حديث لـ”ليفانت”، أنّه ضمن هذا المخطط تحاول تركيا تغيير ديمغرافية المناطق غير العربية، وحتى العربية أيضاً، حيث وضعت الآلاف من العرب في عفرين، وطردت 350 ألف كردي من عفرين، والآن بقيت نسبة الكُرد حاولي 25% بعدما كانت 95%، بالإضافة إلى ذلك، تحاول تركيا إنشاء حزام تركماني على طول الحدود في المناطق التي تسيطر عليها، وهذا ما نشهده في عفرين، حيث تم وضع العشرات من العشائر التركمانية في النواحي الحدودية، في قرية قسطل مقداد التي أسماها الجيش التركي بسلجوق أوباسي، تم وضع ما يقارب 50 عائلة تركمانية فيها بعد طرد الكُرد. 


ويتابع “حسن”: “خلال شهر آذار/ مارس عام 2018، أي قبل انسحاب مقاتلي وحدات حماية الشعب، قصفت تركيا حي سكني اسمه المحمودية في مدينة عفرين، وقتلت ما يقارب 20 مدنياً، حينها رأيت القتلى بعيني، كانوا في مشفى آفرين غارقين بالدم دون تواجد طبيب يعالجهم، هناك احتضر مدنيون أمام عيني، في عفرين ارتكبت تركيا عدة مجازر، وسط تعامي وتغاضي دولي تام، كنا نرصد وننشر الصور والفيديوهات التوثيقية، لكن دون أن يتحرّك أحد ضد ما حصل هناك، في ناحية معبطلي قصفت المدفعية التركية منزلاً فيه 7 أفراد، قتل 6 منهم وأصيب واحد بجروح بليغة، وحينها نشرنا صور وفيديوهات لكن بلا فائدة للأسف.”


ويضيف: “الآن ومنذ أكثر من سنتين، تخطف وتقتل تركيا وفصائلها الشعب الكردي في عفرين، هناك 2200 مدني من عفرين، وفي سجون مثل الراعي وإعزاز، وسجون أخرى في عفرين، في سجن الراعي وحده هناك حوالي ألف معتقل وسط تفشي مرض الربو فيه. يوم أمس، قتلت الجندرمة التركية الطفل خليل شيخو على الحدود بالرصاص، أنا صحفي من عفرين، استولى مسلحون من فيلق الشام على منزلي، وطردونا أنا وعائلتي منه، بالإضافة إلى ذلك نهبوا زيتوننا وقالوا عنه غنائم، المسلحون سرقوا ويسرقون عفرين في وضح النهار وأمام الجيش التركي، والعالم دون حراك.


 رشا عمار   

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!