الوضع المظلم
الجمعة ٢٠ / سبتمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • قمة الرياض الخليجية.. نقطة تحوّل واستقرار أم تحدٍّ للجوار؟

قمة الرياض الخليجية.. نقطة تحوّل واستقرار أم تحدٍّ للجوار؟

اختتمت في العاصمة السعودية الرياض، مساء أمس الثلاثاء، أعمال قمة مجلس التعاون لدول الخليج العربي في نسخته الـ 42 (قمة الرياض الخليجية)، بدعوة من العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، وترأس القمة ولي عهده، محمد بن سلمان، وبحضور ملك البحرين، حمد بن عيسى آل خليفة، والشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر، والشيخ مشعل الأحمد، ولي عهد دولة الكويت، والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، وفهد بن محمود آل سعيد، نائب رئيس الوزراء في سلطنة عمان، والدكتور فلاح الحجرف، الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي.

وأكد الحضور على "قوة وتماسك مجلس التعاون، ووحدة الصف بين أعضائه، ورغبته في تحقيق المزيد من التنسيق والتكامل والترابط في جميع الميادين، ووقوف دوله صفاً واحداً في مواجهة أي تهديد تتعرّض له أي من دول المجلس".

وسبقت قمة الرياض الخليجية، جولة لولي العهد السعودي في دول الخليج، لصياغة توافق على رؤية خليجية موحدة من شأنها مواجهة التهديدات الخارجية واستكمالاً للتكامل الاقتصادي، وتشكيل قوة ردع تحقيقاً للأمن والاستقرار لدول الخليج العربي، مما ينعكس إيجاباً على المنطقة العربية والشرق أوسطية.

وفي اتصال لـ "ليفانت نيوز" مع اللواء والمحلل العسكري والاستراتيجي "محمد الحربي"، قال إنَّ «قمة الرياض الخليجية، تعتبر استثنائية وغير مسبوقة، لأنها اتخذت بعداً استراتيجياً متقدماً، وبُنيّت على ركائز رئيسة، أولاً: رؤية خادم الحريمين الشريفين "الملك سلمان" عام 2015 في المجلس الأعلى على مستوى مجلس التعاون الخليجي، في الدورة الـ 36، وهي الانتقال من الشراكة إلى التكامل، وتجسيداً للوحدة الخليجية».

وتابع حديثه، بأنَّ «الركيزة الثانية، جسدتها قمة العلا مطلع العام الحالي، حيث كانت مهمة للغاية في إعداد مرحلة جديدة لمجلس التعاون الذي مضى على تأسيسه أكثر من 42 عاماً، وإعادة دولة قطر إلى عمقها الاستراتيجي والبناء على ذلك.

وفي المرحلة الثالثة، كانت الجولة الأخيرة لولي العهد محمد بن سلمان إلى خمس دول خليجية.. وتستند هذه الركائز على الشراكة وتعزيز التكامل والوصول إلى التنمية الشاملة المستدامة».

وأضاف المحلل الاستراتيجي، أنَّ «أمام زعماء الخليج مسارات عديدة ستكون في مقدمة عملهم، مثل المسار العسكري والسياسي والاقتصادي والبيئي والاجتماعي، وخلق الفرص وتنويع مصادر الدخل لتحقيق الاستراتيجيات بعيدة المدى، فكان المسار الاقتصادي والاستثماري، الأكثر فعالية ومباشرة، إضافة إلى المرونة والبراغماتية التي تمتع بها من خلال التنافس الإيجابي للوصول إلى الجودة الأفضل، مما يعود بالنفع على اقتصاد جميع دول مجلس التعاون الخليجي».

دول الخليج ستجاري إيران.. سلاح بسلاح

وتعليقاً على القمة الخليجية، يقول أستاذ العلوم السياسية الإماراتي عبد الخالق عبد الله لـ "ليفانت نيوز: "أكدت قمة الرياض أنَّ مجلس التعاون، جاء ليبقى رغم كل الأزمات والصعوبات والتشكيك حول بقائه واستمراره"، مؤكداً أنَّ التعاون مكسب وطني لدول الخليج، ولا مجال للتفريط فيه، مهما كان سجله متواضعاً من حيث ما هو متوقع منه.

وأثبت المجلس، خطأ من شكك في استمراره منذ ولادته الأولى، مبرهناً تسرّع من أصدر شهادة وفاة بحقه خلال الأزمة مع قطر.

وردّاً على سؤال "ليفانت نيوز" عن خيارات دول الخليج في حال حصول إيران على سلاح نووي، قال الأكاديمي الإمارتي:

"إيران تزجّ المنطقة في سباق تسلّح نووي وصاروخي غير تقليدي، ودول الخليج ستجاري إيران، سلاح بسلاح، ودولار بدولار، وتواجه التهديد الإيراني بالحوار وتطوير قدراتها الدفاعية الرادعة وتقوية علاقاتها الدولية".

وعن الحراك الذي قادته بلاده وزيارة الشيخ طحنون بن زايد، قال عبد الله: هناك حراك دبلوماسي تصالحي في المنطقة، سعياً لتصفير المشكلات وتجاوز الخلافات التي عصفت بالمنطقة خلال 10 سنوات من ثورات الربيع العربي.

والإمارات تقود هذا الحراك، وتبني جسور التواصل وتمهد الطريق للآخرين، وتؤسس للحظة سياسية جديدة في تاريخ المنطقة التي أنهكتها الصراعات.

ملفات ساخنة على الطاولة الخليجية

وفي حين تشير الإحصائيات، إلى أنّ التبادل التجاري بين دول مجلس التعاون مع دول العالم يصل إلى تريليون دولار، والاقتصاد البيني بين الدول الخليجية الست 100 مليار دولار، لكن الطموح في أن ترتفع التجارة البينية إلى أرقام مضاعفة، وخصوصاً بالنسبة للمملكة، وتقارب الرؤى الخليجية كرؤية السعودية 2030 ورؤية عُمان 2040.

وفي المجال العسكري، قال اللواء محمد: «هناك جهود كبيرة تبذل من خلال تأسيس قيادة مشتركة في الرياض كمركزٍ للعمليات الرئيسة، والعمل على التكامل الأمني والمعلوماتي والسيبراني والعسكري، حيث يواجه قادة الخليج ملفات ساخنة في المنطقة؛ وعلى رأسها، الملف النووي الإيراني، والمحادثات الجارية بين طهران والدول الخمسة زائد واحد في فيينا النمساوية، الأمر الذي أدى إلى خطأ جسيم بعدم إشراك المملكة السعودية في هذه المحادثات، لأن الرياض في مواجهة مع طموحات إيران التوسعية، لا سيما ونحن في عصر التحديات».

وكانت القمة قد أوصت في مخرجاتها بمشروع الربط الخليجي عبر إنشاء سكك حديدية بتكلفة 15 مليار دولار، لوصل الدول الخليجية الستة على مرحلتين، الأولى: في عام 2023، والثانية بعد عامين، إضافة إلى مشروع الربط الكهربائي المشترك.

وتعتمد دول الخليج على اقتصادها القوي، حيث يصل 1.7 ترليون دولار، ويقودها طموحها للوصول إلى 2 ترليون في عام 2025، و10 تريليون في 2030.

استراتيجيات خليجية غير مسبوقة

ويعتمد التغيير الأخير في استراتيجيات دول مجلس التعاون الخليجي على المتقلبات الطارئة في العالم، حيث بدأنا نشهد تبدلات على مستوى الكتل والتحالفات الدولية، وتخلي الدول الكبرى عن حلفائها التقليديين، ودخول لاعبين آخرين إلى الميدان، ولا سيما في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهما المنطقتان الأكثر سخونة في العقد الأخير، وما تشهده دول، مثل سوريا والعراق واليمن ولبنان والسودان، والتي حازت على حصة من "قمة الرياض الخليجية".

وقال اللواء الحربي، فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني، تعتبر دول الخليج معنية بشكل مباشر بهذا الملف، وفي حال حيازة إيران للسلاح النووي لن تقف دول مجلس التعاون مكتوفة الأيدي، وبالتالي؛ جوار إيران سيمتلك سلاحاً نووياً للردع والمجابهة وتوزان القوة.

دول الخليج تتفوّق على إيران سياسياً واقتصادياً

في حديثه لـ "ليفانت نيوز"، قال الكاتب الصحفي في جريدة المدينة السعودية "نايف الحربي": «لقد حققت القمة الخليجية الـ 42، آمال شعوب الخليج وطمأنتهم بوقوف قادتهم صفاً واحداً للحفاظ على الاستقرار والتعاون ومواجهة التعديات الإيرانية في المنطقة، وبين أنَّ النجاح لهذه القمة يدل على وحدة الكلمة والصف والمصير، وأنَّ دول مجلس التعاون في خندق واحد وتعمل مع المجتمع الدولي لمنع إيران من تطوير برنامجها النووي».

مبيناً الكاتب الصحفي، أنَّ "دول المجلس تتفوّق على إيران في القوة السياسية والاقتصادية، وتكاملها يقضي على أي تدخل خارجي. ومن أجل أنّ يعُم السلام والأمن في العالم، يجب أنّ تستعيد إيران رشدها".

وقال: "إنَّ دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، حققت خلال الـ 42 عاماً الماضية، العديد من الإنجازات، وحولت التطلعات إلى واقع، والأهداف إلى إنجازات انعكست إيجاباً على أمن الدول الأعضاء واستقرارها، ووفرت الرخاء والتقدم لشعوبها، واتّسم سجل العمل الخليجي المشترك بإنجازات كبيرة».
 

درويش خليفة

ليفانت - درويش خليفة

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!