الوضع المظلم
الأربعاء ٠١ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
فخ غزة.. نظف سيطر، وابني
إبراهيم جلال فضلون (1)

إسرائيل لا تتعلم بل تُكرر سلسلة أخطائها، لتضرب بكافة القوانين الدولية وأنظمتها التي تحميها عرض الحائط، حيثُ لا كبير ولا وصي ولا رقيب على أفعالها الإرهابية، فعملياتها في قطاع غزة على مدار خمسة اشهر لم تُكلل إلا بالخراب عليها، وهو ما صار بتحالف الغرب وماما أميركا ببوارجها وقواتها، التي وسعوا حلقة الإرهاب بالمنطقة بتحالف دولي بمنطقة البحر الأحمر وباب المندب، ولم توتي كل تلك التحالفات "أُكُلها" ولو اجتمعوا جميعاً على حماس وحدها، فشن حملة لمكافحة التمرد في غزة مرة أخرى دون حسابات مؤكدة من شأنه أن يؤدي إلى حرب أبدية، تجعل من استراتيجية "حماس" ضد إسرائيل تتمثل في "الموت البطيء"، رغم الرعب الإسرائيلي إلا أنها تُكابر وتجتهد في إذلال نفسها بعملية برية قاتلة لما تبقى من حُطامها لاسيما الحُطام النفسي الذي سببته "حماس" والتي تُحذر غريمتها اليهودية من "مجزرة لا ريب فيها"، حال أقدمت المتهورة دولة الاحتلال على ضربات شاملة على رفح، التي كثفت مصر من تواجدها المُسلح على الحدود، وحذرت هي والسعودية والدول العربية والعدولية من التداعيات الخطرة لاقتحام إسرائيل لرفح، التي يشعر العالم وليس فقط النازحين إلى رفح  بالقلق المتزايد والذعر المُرعب كونهم لا يعرفون إلى أين يذهبون، ولأن جيش الاحتلال لا كلمة له صادقة، فهم "يقولون ما لا يفعلون"، ولو تشدقوا بالإعلام وأقسموا على التوراة والانجيل وكل ما لديهم ويحبون، فهم كاذبون، حيثُ حذرت الوكالات والمنظمات الدولية والعالم بأممه المتحدة ومجلس أمنه (الغير أمن) من أن الهجوم العسكري في مثل هذه المنطقة المكتظة بالسكان قد يؤدي في النهاية إلى مقتل أعداد كبيرة من الأبرياء.

إن كل ما بدأته إسرائيل كحرب تقليدية في الأساس، قد يتحول فجأة كما حدث بعد طوفان الأقصى إلى شيء مختلف تماماً: (حملة لمكافحة التمرد غير محسوبة العواقب)، لاسيما وأنها على الحدود الجيش الذي لا يٌقهر بعون الله ومن ورائه أمته العربية، فتطهير الأراضي من مقاتلي حماس، ثم السيطرة عليها، ثم خدعة البناء لها مرة أخرى بنقود وأموال العرب، لكن قول ذلك أسهل من فعله، وقد جربته الماسونية العالمية وإداراتها بعد حرب السابع من أكتوبر الماضي واقعياً وللأن.

فبدلاً من الاستمرار في الأساليب الحالية المتمثلة في تحركات القوات كافة وانتشارها السريع، بهذا التكتيك في غزة، وفق وصية رئيس المخابرات الإسرائيلي في خطاب ألقاه في الـ30 من نوفمبر: "لا تكتفوا بإخلاء المناطق ومن ثم المضي قدماً"، مكرراً نفس التكتيك والاستراتيجية الأمريكية لمكافحة التمرد في فيتنام والعراق وأفغانستان، التي لخصها الشعار: "نظف، سيطر، وابني". رافقها الابتعاد عن الأهداف المحدودة بأخرى أكثر غموضاً وأكثر تدميراً. حيثُ كانت نية أميركا تدمير القاعدة في أفغانستان وداعش في العراق، لكنها وجدت نفسها في النهاية وسط فشل محدق لتواجدها العالمي كشرطية العالم ولم تُحقق أي من النتيجتين، ومثلها المستنقع الإسرائيلي في غزة اليوم، وقد تكرر في جنوب لبنان، مع حملة عام 1982 لما يقرب من عقدين تقريباً. ولم تقضي على مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية، لتنسحب فجأة في عام 2000 دون تحقيق أي هدف، بل زاد ببزوغ عدو جديد، "حزب الله" اللبناني.

إذاً فهذا النهج ورؤية "بتريوس" في غزة قد يغرق الجيش الإسرائيلي في مستنقع يمكن أن يستمر لسنوات عديدة. خاصة وأن مقاتلي حماس يتكيفون وفق الأحداث والوضع الميداني ليس فقط اعتماداً على شبكة أنفاقها التي تصل لتل أبيب نفسها، والاستفادة من أكوام الركام الهائلة التي صنعتها الألة الإسرائيلية وكأنها هدية ساترة تحمي جُند حماس التي قد تُفكر في استخدام انتحاريين ضد الأهداف الإسرائيلية، بل وقد يمهد لزيادة تطرف المدنيين في غزة ستكون سبباً لانتفاضة واسعة النطاق من شأنها أن تودي بتدمير بقية الحالة النفسية الصهيونية وجنود الاحتلال اللذين يرتعدون من مواجه حتى طفل إسرائيلي الأن، وقد رأينا هروب وهلع العديد منهم في الميدان، ولا ننسي ما يسمى بمحور المقاومة التابع لإيران كحزب الله وشن هجمات على أهداف في إسرائيل وغيرها، مما يُمهدُ إلى اندلاع حرب أبدية.

ليفانت: إبراهيم جلال فضلون

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!