الوضع المظلم
الثلاثاء ٠٥ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • طوفان الأقصى والنظام الإيراني

  • وجهة نظر في سجل نظام الملالي في فلسطين بشكل عام وقطاع غزة بشكل خاص
طوفان الأقصى والنظام الإيراني
سامي خاطر

بداية؛ لم يفِ نظام الملالي الحاكم في إيران (نظام ولاية الفقيه) يوما ما مع شعبه ولم يُنصِف بحقهم ولم يكن مؤمنا إيماناً حقيقياً بأي قضية عقائدية على الإطلاق، ولا بأي قضية لا تعنيه ولم يؤمن سوى بقضية السلطة والسلطان والنفوذ فكان الدين أفضل الوسائل والسبل لبلوغ غاياته، وكانت القضية الفلسطينية إحدى الوسائل التي ستغطي على نهجه التوسعي وتمدده الإقليمي والعالمي، وكانت اسم فلسطين والقدس مجرد شعار للمناورة وتوجه تآمري ضد الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة، ولم يكن الشعب الإيراني ضد تحرير القدس وفلسطين لكنه دفع ثمن كذب وخداع ومؤامرات ملالي بشأن فلسطين.

كانت وما زالت منظمة التحرير الفلسطينية هي الشرعية الرصينة للشعب الفلسطيني لكن خميني ونظامه من بعده ناصباً العداء للزعيم الخالد ياسر عرفات ومنظمة التحرير منذ استيلائهم على سلطة الشعب سنة 1979 وقد تنبأ أبو عمار ياسر عرفات -رحمة الله- عليه بمستقبل الأوضاع السياسية في إيران منذ أن اطلع على الخطى السياسية الأولى للملالي، ولم يكتفِ الملالي بعدائهم وكراهيتهم لمنظمة التحرير وقيادتها بسبب رفض المنظمة أن تكون جناح خميني فراحوا يشقون الصف الفلسطيني ويدعمون الاعتداءات على الفلسطينيين في لبنان ويغضون البصر عن الدم الفلسطيني الطاهر المُراق في لبنان بحجة أن ذلك شأنٌ لبناني داخلي لا يتدخلون به وبنفس التصريحات المخادعة التي أطلقها ولي الفقيه وجنوده بشأن عملية طوفان الأقصى بقولهم إن هذا قرار المقاومة الفلسطينية ولا يتدخلون به وبعد شهر من الأحداث خرج جنود الملالي من جحورهم ليعترفوا بكونهم كانوا الأساس لعملية طوفان الأقصى وأنهم إن لم يفعلوا ذلك في غزة لكان يتعين عليهم القتال في شوارع طهران وتحمل القنابل الفسفورية تتساقط فوق إيران، وهذا اعتراف منهم بنقل صراعاتهم إلى خارج وجعل الشعب الفلسطيني طيلة الأربعة عقود ونصف الماضية قربانا لهم، واليوم جعلوا من أطفال ونساء وأهالي غزة الأبرياء قرابين لهم ولنظامهم وهذا باعترافات متفرقة ومختلفة للنظام وجنوده، ومن هنا يتضح أن دعم الملالي لبعض الفصائل الفلسطينية لم يكن لتحرير فلسطين أو لقدسية القدس الأسيرة وإنما نكاية في منظمة التحرير وشقاً للصف الفلسطيني وإدارةً للصراعات التي من شأنها أن تحفظ بقاء نظام ولاية الفقيه وتدعم توجهاته التوسعية التي من أجلها يجب أن تبقى الأزمة الفلسطينية قائمة بدون حلول، في حين كانت منظمة التحرير وقيادتها تقف إلى جانب الشعب الإيراني وحقوقه وطموحاته وترى أن نضال المقاومة الإيرانية ومنظمة مجاهدي خلق نضالاً مشروعا إذ لا يمكن اختصار نضال الشعب الإيراني في أطماع الملالي ورؤيتهم السياسية وربطت بين قيادة منظمة التحرير وقيادة مجاهدي خلق قيم وأواصر أخوة عميقة.

لقد تسبب نظام الملالي منذ عهد خميني حتى اليوم في أكبر شكل مأساوي من أشكال معاناة الشعب الفلسطيني سواء في غزة أو الضفة الغربية، وهو حالة الصدع القائم في الصف الوطني الفلسطيني وقد خدم هذا الصدع سلطات الاحتلال وعطل قيام الدولة الفلسطينية وقضى على وجود غزة الذي سيعقبه هيمنة كاملة للاحتلال على باقي الأراضي الفلسطينية.

أشكال المعاناة التي تسبب فيها النظام الإيراني للشعب الفلسطيني وغزة منذ عهد خميني حتى اليوم

عند النظر إلى الكوارث التي حلت بفلسطين وغزة منذ عهد خميني حتى اليوم، يمكن القول إن المنطقة شهدت العديد من الصراعات والحروب والأزمات الإنسانية، ومنذ الثورة الوطنية في إيران عام 1979 قام الملالي بدعم بعض فصائل المقاومة الفلسطينية المؤمنة بخميني ونظامه وقد تسبب ذلك الدعم في خلق جملة من الصراعات والتدخلات الخارجية التي فاقمت معاناة الشعب الفلسطيني وخاصة سكان قطاع غزة الذين يعيشون تحت حصار مستمر منذ سنوات، وتشير بعض المصادر وكذلك اعترافات مسؤولي نظام ولاية الفقيه إلى أن ملالي إيران متورطين في سلسلة من التفجيرات والصراعات في المنطقة مما أدى إلى تفاقم الوضع الإنساني والاقتصادي في غزة وفلسطين بشكل عام، وآخرها كان إدارة الملالي لعملية طوفان الأقصى التي تسببت ووفرت الأسباب للمحتل الغاشم لهدم غزة على من فيها. 

سعى النظام الإيراني منذ عهد خميني إلى التدخل في شؤون الشعب الفلسطيني وقطاع غزة بهدف تعزيز نفوذه في المنطقة وتحقيق أهدافه الأيديولوجية، وقد تسبب هذا التدخل في أشكالٍ متعددة من المعاناة للشعب الفلسطيني منها:

التدهور الاقتصادي: يعتمد قطاع غزة المُحاصر بشكل كبير على المساعدات الخارجية، وصيد الأسماك والزراعة وبعض الصناعات القائمة على الزراعة وأي اضطرابات سياسية وأمنية وأية أعمال عسكرية ترتبط بغزة تؤدي بشكل تلقائي إلى تدهور الوضع الاقتصادي والمعيشي في القطاع حيث يؤدي ذلك إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات ونقص المواد الغذائية والأدوية، وعادة ما يكون نظام الملالي جزءاً من هذه الأزمة، وتدفع السلطة الفلسطينية رواتب عموم الجهاز الإداري للقطاع الذي تديره حماس الموالية لملالي إيران.

العزلة الدولية: أدى الدعم الإيراني لحركة حماس إلى عزل قطاع غزة دولياً حيث فرضت العديد من الدول عقوبات على حماس، مما أدى إلى تقييد حركة سكان قطاع غزة والأنشطة الاقتصادية في القطاع ويتحمل الفلسطينيين من سكان القطاع تبعات نهج النظام الإيراني وموالاة حركة حماس له.

التصعيد العسكري: أدى دعم النظام الإيراني لحركة حماس وفرضه لسياساته عليها إلى تصعيد عسكري في قطاع غزة، حيث شنّت إسرائيل العديد من العمليات العسكرية على القطاع، مما أسفر عن مقتل وجرح آلاف الفلسطينيين الأمر الذي جعل قطاع غزة وسكانه في حالة دمار وقلق دائمين وتردٍ مستمر للأوضاع المعيشية والإنسانية.

وعلى الرغم من أن النظام الإيراني يدَّعي أنه يدعم الشعب الفلسطيني إلا أن سياساته في الواقع تزيد من معاناة الشعب الفلسطيني وتساهم في استمرار هيمنة الاحتلال الإسرائيلي، وإن ما حدث في غزة لأمرٌ فظيعٌ ومأساوي يجب التوقف عنده وتحليله والوقوف على أسبابه حتى لا تتكرر مثل هذه الجرائم مرة أخرى، فما حدث في غزة يرقى إلى مستوى جرائم الإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية، هناك العديد من الأسباب التي أدت إلى وقوع هذه الجرائم، منها:

  • إصرار الاحتلال الإسرائيلي المستمر للأراضي الفلسطينية والذي يتسبب في معاناة الفلسطينيين المستمرة على النهج العنصري الإبادي الذي يتبعه من أجل تشريد الفلسطينيين والتوسع في عمليات الاستيطان الجائرة التي تقوم على حساب أصحاب الأرض.
  • عدم وجود حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية مما يخلق أجواءً من التوتر والعدوان الذي تنتهي نتيجته لصالح المُحتل بسبب ما يتلقاه من دعم غربي.
  • دعم الولايات المتحدة والدول الغربية لإسرائيل مما يمنح إسرائيل حصانة من المحاسبة عن جرائمها.

تصريحات مسؤولي نظام الملالي

يعتمد الملالي على ميليشياتهم من المرتزقة في خلق الأزمات مهما كانت التكلفة كما يحدث في قطاع غزة بالوقت الراهن وذلك للتغطية على مشاكلهم الداخلية المستعصية، ويسعى هذا النظام الفاشي إلى نقل ساحات القتال خارج البلاد حتى لا يضطر إلى قتال عدوه (الشعب الإيراني والمنتفضين) في شوارع المدن الإيرانية، ويتخذ في سبيل ذلك من شعب غزة وفلسطين درعاً في مواجهة انتفاضة الشعب الإيراني، وبذلك جعل من أهل غزة وفلسطين كبش فداء وضحايا لأهدافه الشريرة وهدفه الرئيس هو الاحتفاظ بالسلطة والحكم، وما تصريحات مسؤولي نظام الملالي إلا دليل دامغ على أن الملالي أبناء إبليس وأنهم هم المفسدون في الأرض حقاً، ولقد أيقظت نكبة غزة اليوم الضمير العالمي إلى ضرورة الإسراع في إسقاط هذا النظام القروسطي المعادي للإنسانية وإنقاذ المنطقة والإنسانية من شروره وعبثيته.

ليفانت - د. سامي خاطر

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!