الوضع المظلم
الخميس ٢٥ / أبريل / ٢٠٢٤
Logo
  • سونداي تتر لليفانت: الفن الحقيقي هو الذي يبرر وجوده ويستمر في البقاء

سونداي تتر لليفانت: الفن الحقيقي هو الذي يبرر وجوده ويستمر في البقاء
سونداي تتر \ ليفانت نيوز

•           دائما أميل إلى الحركات والملامح الواقعية الدالة.

•           الفن جزء كبير مني وملاذي الوحيد، هو أملي ومستقبلي.

•           العمل الفني الحقيقي الصادق، هو الذي يبرر وجوده ويستمر في البقاء.

•           هدف الفنان هو إطلاق سراح أفكاره الخصبة من الفضاء الداخلي إلى الفضاء الخارجي.

•           بعد أن نضجت الانفعالات، بشكل صارخ وقوي في داخلي، أصبح الفن أنيساً لي في وحدتي.

•           كان حلمي الكبير في أن أملك ورقة بيضاء وقلماً إلى أن جلست على مقاعد الدراسة وتحقق جزء من هذا الحلم فبدأت ارسم.

فنان واحد تجتمع فيه عدة مواهب، ويعطي كل موهبة في حدها، حقها الكامل، يدعى "سونداي تتر"، والذي يرسم بأنامله ألواناً ملفتة جداً، كما ينحت  بأزميله مقدماً لنا أعمالاً قيمة، في حقل الإبداع في مجال النحت.

يقدم معزوفات والحان من طنبورة صنعها بيديه، وبشفافية بالغة مؤثرة في الروح، تجعل من الصعوبة بمكان، تحديد هوية الفنان الإبداعية، تمكن من أدواته الخاصة به في مجال الفن التشكيلي، ليرسم، ينحت ويعزف، بعيداً تماماً عن الصخب.

وكان لمكتب "صحيفة ليفانت اللندنية" في القامشلي، لقاء مع الفنان الشكيلي والموسيقي سونداي تتر، فيما يلي نصه الكامل:

بداية نود منك موجز عن حياتك الشخصية؟

"أنا فنان من عائلة متوسطة، أول صرخة لي في هذه الحياة المجهولة كانت في إحدى ليالي عام 1975، في مدينة مغبرة مليئة بالذكريات والوجع اسمها (عامودا )، عشت طفولتي بين الطيور والحيوانات ومع المغامرات الكارتونية بعيداً عن حياة الأطفال وعوالمهم، كنت أجهل المستقبل ومتاعبه لأنني بعيني الصغيرتين كنت أرى الحياة كفتاة جميلة بريئة بملابسها الأنيقة، استقبلتني المدرسة  بعد أن اجتزت حدود القبول بسنتين وذلك يعود إلى سبب وهو نقص في أحد (أعضائي الجسمانية)، أكملت مشوار الدراسة بمراقبة موهبتي المفضلة، حتى المرحلة الثانوية التي رفضتني بقسوة كبيرة، لذلك أصبح الفن جزءاً كبيراً مني وملاذي الوحيد، وهو أملي ومستقبلي".

الفن التشكيلي، بطبيعة الحال، هو رؤية وحدث، وانفعالات متى بدأت تشعر بهاجسه؟

"إن واقعنا جملة من الأحداث والمشكلات، فلا تمر سنة دون أن تخرقه الصرخات ولا يمر شهر دون أن تخرقه الآهات ولا يمر يوم دون أن يعكره الخوف والألم الشديد، وقد خلقت بين هذه الأحداث والأمواج والفروقات، وبعد ان نضجت الانفعالات والتموجات، بشكل صارخ وقوي في داخلي  أصبح الفن أنيساً لي في وحدتي، ومترجماً بارعاً لانفعالاتي وأحاسيسي، وبلسماً أداوي به عجزي وجروحي ".

هل اختارك الفن أم أنت الذي اخترته وما قصتك مع الفن؟

"ليس بمقدوري أن أقول من الذي اختار من، فربما يوم ميلادنا في يوم واحد، في بدايتي، لم يكن لي أصدقاء الطفولة البريئة، كان هناك أصدقاء جامدون لا حول لهم ولا روح فيهم  كالأحجار كالأسلاك والعلب الفارغة وقطع الأخشاب، ومن هذه المواد الميتة كما الأصدقاء الميتون – اصنع ألعابي كالسيارات – الطائرات والشاحنات والحصادات، لأنني أرى فيها روح واقعنا الريفي البسيط وأقلد مع ألعابي هذه حياة الكبار، وبعد ذلك أصبح التراب لوحة جميلة صالحة لممارسة هوايتي وأصبح إصبعي قلماً ارسم به على تلك اللوحة الترابية.. كان حلمي الكبير في أن أملك ورقة بيضاء وقلماً إلى أن جلست على مقاعد الدراسة وتحقق جزء من هذا الحلم فبدأت أرسم الشخصيات الكارتونية الشهيرة التي كانت أتابعها باستمرار وأحاول رسم لوحة تعجبني".

ما هي كوامن هذا الفن، أي بمعنى أخر ما هو الإبعاد، العمق، المدى؟

"بإمكاننا القول عن هذا العصر بأنه عصر الحداثة والعطاء والتجديد، ينبع منه كل ما هو غريب وغير مألوف، ولدت فيه شخصيات عظيمة، وكان لهم الفضل الكبير في اختصار المسافات للأجيال القادمة من بعدهم، نحن نعتز بهم ونفتخر بهم أيضاً فكل شخصية تختلف عن الأخرى، غير مكررة ومستنسخة من بعضها، كذلك هو الفن أيضاً وهو من عمر أقدم إنسان خطاء على كرتنا الأرضية هذه، وسيستمر إلى ما لا نهاية ويتأقلم مع كل التغيرات التي تحصل، وهنا الفنان الحقيقي هو الذي سخر كل ما حوله للفن، من أجل انفجار رغباته وأفكاره وأحلامه السجينة والمختفية داخل أعماقه".

"إذن فهدف الفنان في رأيي هو إطلاق سراح أفكاره الخصبة من الفضاء الداخلي إلى الفضاء الخارجي، كيف ما كان الأسلوب المستخدم في التعبير، فالعمل الفني الحقيقي، الصادق، هو الذي يبرر وجوده ويستمر في البقاء".

شاهدنا لك أعمال مصنوعة من النحت، نريد منك التحدث عن هذه الأعمال وعن هذه التجربة؟

"بعد انقطاعي عن الدراسة، شعرت بفراغ طويل وممل يسلب مني وقتي ويتآكل عمري يوما بعد يوم على الرغم من ممارستي لفن الرسم، وكان لا بد من أن أجد شيئاً أملأ به كأسي الفارغة لشراب يقضي على هذا الدهاء، فوجدت فن النحت، هو الشراب الذي أمتع به نفسي، وهكذا دخلت إلى هذا العالم الغريب عن باقي الفنون، في صراع من التحدي والصبر، لكنني كنت مسلحاً بأدوات الرسم، وحين شاهدت بعض أعمال الفنانين الكبار: (مايكل انجلوا، اوغست رو دان)، أعجبت بهم وكانت فعلاً منحوتاتهم التي تسري فيها الحياة ، فعل السحر وكان الدافع القوي الذي شجعني على هذا الفن، أنجزت بعض الأعمال النحتية المعبرة، ودائماً أميل إلى الحركات، والملامح الواقعية الدالة، ولكن الظروف والواقع يتحكم فينا بشراسة ويأخذنا إلى مالا نشتهيه".

يبدو إنك عازف موسيقي أيضاً، كيف تنظر إلى الموسيقى وهل أنت متخصص في هذا المجال بالإضافة إلى تجربتك الفنية؟

"أحببت الموسيقى منذ نضوج حسي السمعي، أتفاعل معها، تشاركني في لوحاتي، وهي تشاركني في أعمالي الفنية، وتشاركني حتى في أوقات راحتي، إنها تثير مشاعري، وتحرضني على العمل، شعرت بحبي وانجذابي إلى الآلة التي تشرق منها الأصوات الذهبية، وخاصة (الطنبورة)، دائماً كنت أراها بعيدة مني، ومحروم أنا حتى من ملامستها، فكان لابد أن اقضي على هذا الحرمان المعذب في داخلي، فعتمت على أفكاري الخاصة وفي النهاية توصلت إلى صنع (طنبورة خاصة بي) من أخشاب البوظة المتوفرة في كل مكان، فأصبحت لدي صديقة أخرى تمتص من أعماقي اليأس والكآبة، أحضنها، أتحاور معها بحركات من أناملي، وهي تحاور ما حولي برنينها العذب، وبعد ذلك جذبني صوت آلة القانون، وكانت رغبتي قوية في أن أربي أناملي في كيفية التعامل مع أوتارها، وبعد فقدان الأمل في امتلاك هذه الآلة القريبة من أحلامي، فكرت في أن أحل مشكلتي ، فصنعت قانوناً لنفسي من قواعد وقياسات وهمية، فقط لأشبع رغبتي في ذلك".

أنت متعدد المواهب، كيف توفق بين هذه المواهب الفنية كلها، وأيها أقرب إلى ذاتك وداخلك؟

"إن مواهبي كلها متداخلة ومتقاربة، أمزج بين الواحدة والأخرى في كثير من الأحايين، فأنا أحب المغامرة في مواهبي الفنية مهما كان الواقع قاسياً علي، فهذه المواهب جميعها أدوات أعبر بها عن انفعالاتي الداخلية، وأحيانا عندما أتأثر بحدث ما، الجأ إلى إحدى هذه الأدوات، الرسم آو الكاريكاتير أو النحت أو الموسيقى، ليكون مشاركاً معي في هذا الحدث، لكل واحدة من هذه المواهب مكانها وزمانها الخاص، ولكن الأقرب إلي منها، هو الفن التشكيلي الذي أرى فيه حقيقتي الذاتية".

هل للفن التشكيلي علاقة مع بقية الفنون الأخرى كالأدب – السينما – المسرح – الشعر – وهل هذه العلاقة متنافرة أم متداخلة أم ماذا؟

"نعم إنها علاقة قوية ومتينة، إنها عائلة متكاملة ومتعاونة مع بعضها، يحملون جنسية الفن، يشربون من ماء الحياة، من ينبوع الواقع الذي نعيشه ونحسه بحواسنا التي نملكها، لكن لكل واحدة من هذه أدواتها الخاصة بها، ويلتقون في هدف واحد من أجل شرح وفضح واقع البشرية وتطورها".

بمن تأثرت من الفنانين العالميين، أي أخذت منهم، استفدت من تجاربهم، نود لو تعطينا فكرة عن ذلك؟

"في طفولتي كنت أمضي كل أوقاتي أمام الشاشة الصغيرة (التلفزيون)، كل الأفلام الكرتونية وخاصة أفلام المغامرات، وأدقق في كل تفاصيل الشخصيات الأساسية المتكررة، وملامحهم وحركاتهم المتغيرة، وبعد انتهاء الفلم، آخذ قلماً وورقة من دفتري، أحاول رسم ما اختزنته ذاكرتي ومخيلتي، وكانت هذه التجربة كمدرسة لي، استفدت منها الكثير، وبعد هذه المرحلة المهمة، أدركت أن لكل فنان شخصية وبصماته الخاصة والمؤثرة في حركة الفن التشكيلي، حاولت أن لا أتأثر بأحد، لكن وعلى الرغم من هذا سيطر على – لوحاتي – أسلوب بعض الفنانين العالميين مثل ( ليوناردو دافنشي، سيزار، سلفا دور دالي) وتأثري بهم، جاء بشكل غير مباشر وغير إرادي".

ما هي مشاركاتك الفنية في هذا الميدان؟

"للأسف نحن نعيش في واقع مجهول وصعب، صندوق مغلق، لا ندري ما سيفاجئنا به هذا الصندوق، واقع يسيطر على جوهر الإنسان، ويبدله وأنا جزء من هذا المجتمع، بكل تقاليده وعاداته، والذي يربط أفراده بعضه ببعض، وبخيط غير مرئي من الاحترام، يلهث وراء شهواته ورغباته الشخصية، وأيضاً مجتمع ضعيف بالإمكانات المادية، هذه الأسباب هي التي أثرت على تقلص نشاطاتي ومشاركاتي على الرغم من متابعاتي لبعض المعارض والمسابقات الفنية ورغبتي في المشاركة، لم أستطع أن أجتاز حدود محافظة الحسكة، فقد أقمت خمسة معارض فنية، أربعة منها فردية، وواحدة فقط مشتركة في مدينة القامشلي، لقد أضافت هذه النشاطات البسيطة على تجربتي الفنية الشيء الكثير، بالإضافة إلى مشاركتي في بعض المجلات باللوحات الزيتية والكاريكاتيرية، وشاركت أيضاً في مجلة كليزار، وهي أول مجلة كردية للطفل تصدر في الجزيرة، ببعض الرسومات الكارتونية للأطفال".

هل لك أن تعكس لنا صدى فنك في أذواق الناس؟

"لكل فنان رؤيته ونظرته الخاصة به، فلا يستطيع أي فنان في هذا الكون أن يرضي أذواق الناس جميعاً، فأنا أرضي نفسي أولاً وأخيراً، قبل أن أطلق عنان الحرية للوحاتي، وبعد ذلك يأتي دور المتلقي الذي بدوره يقوم بتحليل اللوحة، وتفكيك رموزها، فربما يقبلها وربما يرفضها، مثلاً في معرضي الأخير استخدمت في لوحاتي أدوات بسيطة كورق الجرائد – الشعر – نشارة الخشب، بالإضافة إلى الألوان الزيتية، ومنهم من تقبل لوحات الشعر أو نشارة الخشب، أما اللوحات المصنوعة من ورق الجرائد فكانت لها التأثير الأكبر".

مستقبل رؤيتك، آفاقك، مشاريعك؟

"إن للتقدم في هذا العصر، عجلة دائمة الدوران، هذا العالم مليء بالناس الذين يحاولون دائماً أن لا يتأخروا أبداً، ومن يريد أن يسير مع هذه العجلة عليه أن يغذي فكره، بالثقافة والوعي، لكي تتجدد كرياته الدموية ويشرق له المستقبل، فالإنسان مجموعة من الأحاسيس والانفعالات، ولكل شخص أسلوبه الخاص في التعبير، واللوحة التي أمامي هي مرآتي التي تعكس أحاسيسي، فهي كالحبيبة تشاركني أفراحي وأحزاني وهي بديلة عن صوتي المرتجف، وهي لغتي الأم، وعلي أن أستمر في إبداع أعمال فنية تدل على شخصيتي وعنواني.. أما في الساحة التشكيلية فآمل أن أقيم معارضي في ساحة أكبر وأوسع من الساحة المخنوقة الضيقة التي أعيش فيها".

ليفانت – سوريا - مكتب القامشلي

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!