-
سوريا «ليست أولويّة» لبايدن وهو ليس بالمستعجل على حلّ في سوريا
حسب قول المبعوث السابق إلى شرق الفرات، السفير روباك، "واشنطن لا تدعم (دولة كردية) ومصلحتنا تصبّ بتشكيل حكومة وطنية في دمشق تسيطر على البلاد". لكن الجاليات السورية حول العالم تعلم بأنّ الوقت يكلف الكثير من المعاناة والدم، ولهذا نلاحظ في الآونة الأخيرة الكثير من التحركات لتجمعات سورية من أجل تقديم حلّ مقبول للأزمة، سورياً ودولياً.
وهنا يراود الكثيرون سؤال حول إمكانية الحصول على ضوء أخضر دولي داعم لتشكيل مجلس مدني وعسكري سوري، مع العلم أنّ المجتمع الدولي بحاجة ماسة لهذين المجلسين، كما يعتقد كثيرون، بعد فشل كل الأطراف الدفع بالعملية السياسية بسبب تعنّت النظام بتوجيهات، أو لنقل حسب نصائح إيرانية، وفي ذات الوقت نجد أنّ أكثر المهتمين بالشرق الأوسط يطرحون تساؤلات عن سبب استمرار المأساة والهولوكوست السوري كل هذا الوقت الطويل.
وتذهب آراء البعض عند الإجابة على هذه التساؤلات أنّه لا بد من إنشاء مجلس عسكري مدني سوري يحظى بتوافق دولي وشعبي سوري من أجل عدم تفويت فرصة الاستفادة من توافق دولي بين الأمريكان والروس، ومن خلفهما الدول الإقليمية التي تملك تأثيراً ومشاركة بشكل ملحوظ في المأساة السورية، لا بد من إيجاد صيغة في القريب العاجل من أجل تأمين استقرار العمليات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في سوريا، وإلا ستكون كل الأطراف خاسرة، وعلى رأسها الشعب السوري.
ويضيف المراقبون، أنّه لا بدّ لهذا الهيكل أن يكون توافقياً يتم تشكيله مع مراعاة قرار مجلس الأمن الدولي 2254، وعلى أساس التوافق بين الأطراف العاملة في سوريا، مع الحفاظ على الدور القيادي لروسيا كضامن. كما أنّ الأفكار تتضمن أن يضم المجلس المدني خيرة السياسيين والاقتصاديين السوريين، أما المجلس العسكري فيجب أن يضم، حسب قولهم، الضباط العاملين في الجيش السوري والذين لم يشاركوا في عمليات القتل ضد المدنيين.
لماذا اللواء مناف طلاس؟
تكررت التصريحات من ممثلين مؤثرين للعشائر العربية ونشطاء وسياسيين يطالبون بتعيين اللواء مناف طلاس، نجل وزير الدفاع السوري الراحل، العماد مصطفى طلاس، على رأس الهيكل العسكري، ويُعتقد أنّه هو الذي يستطيع إنهاء إراقة الدماء ووقف العملية الانتخابية المزيفة، التي يطلقها بشار الأسد ورجاله، مراراً وتكراراً، ولأنّه يكاد يكون العسكري السوري الوحيد الذي يمكن أن يستمع إليه الضباط العاملين في الجيش، حتى اللحظة، لما يتمتع به من احترام وهيبة شخصيّة لم تفقد بريقها، ولأنّه ابن هذا النظام ويعرف تفاصيله، كما أنّه نأى بنفسه عن الخدمة في الجيش عندما بدأت الأزمة السورية، وبالتالي يحظى بنفس التقدير والاحترام لدى ضباط الجيش الحر الذين انشقّوا عن النظام، وهذا الرجل يحظى بمصداقيّة لدى كل الطوائف السورية والأديان.
وقد تمكّن من الوصول إلى تفاهم متبادل مع جميع الأطراف المشاركة في النزاع السوري، وهو يحظى بمصداقية لدى كل الطوائف السورية والأديان الأخرى، أضف إلى ذلك أنّ لديه القدرة على التفاوض مع مختلف القوى الدولية، مع مراعاة خصوصيات مصالحهم في سوريا. وهو ممثل سابق لدوائر الجيش، ويعرف كيف يتفاعل بشكل بنّاء مع وزارة الدفاع، علاوة على ذلك، نأى بنفسه عن فساد ومهاترات المعارضة.
وسبق أن طالب ضباطاً منشقين عن نظام الأسد، يطلقون على أنفسهم اسم (تجمع الضباط الأحرار) بتشكيل مجلس عسـكري بقيادة اللواء مناف طلاس، لقيادة المرحلة المقبلة، وقال التجمع: (نحن في تجمع الضباط الأحرار نؤمن بأنّ العميد مناف طلاس هو ضابط منشق مثلنا مثله، آثر على نفسه وانحاز الى أهله وشعبه). وأضاف التجمع أنّ طلاس انشق بعد أن حاول جاهداً مع النظام لإيقاف الآلة العسـكرية التي استخدمها بالنار والحديد ضد شعب أعزل، وأنّ طلاس سعى بعد انشقاقه لتوحيد الجهود مع الائتلاف الوطني والمعارضة السورية لإجبار العالم على وقف القتـل، لكن الموقف الدولي كان مخيباً لآمال كل السوريين. وأعلن التجمع وقتها أنّه يؤيد أن يقود المجلس العسـكري المرحلة المقبلة بقيادة اللواء طلاس، وهذا ما يجعل الكثير من التجمعات السورية على مستوى النخبة تعتبر اللواء طلاس رجل المرحلة المطلوب.
تواجه سوريا هذا العام الانتخابات الرئاسية المقبلة، وإذا حاول النظام بالطريقة المتوقعة الحصول على دعم روسيا، فإنّه سيسبب إحراجاً كبيراً لروسيا التي تبنّت القرار 2254، وقد بدى ذلك من خلال جلسات اللجنة الدستورية المصغرة، في جنيف، والتصريحات الرسمية وغير الرسميّة حولها من قبل الروس والمهتمين وخبراء الشؤون الروسية حول ضرورة تنفيذ القرار المذكور، والذي تتبناه روسيا إلى جانب المجتمع الدولي، وقد أصبح من الواضح لنا هنا أنّ عدم تنفيذ هذا القرار لن يؤدي إلا إلى زيادة في الابتزاز الغربي لروسيا وسوريا بزيادة العقوبات الاقتصادية الدولية، مما يعني تعميق الفقر والعزلة الدبلوماسية لسوريا وزيادة الهجرة، مما سيبقي سوريا في نهاية المطاف مدمرة وفاشلة، وهذا ما لا تريده روسيا على الإطلاق، حسب علمي، وحسب كل التصريحات الرسمية وغير الرسمية. ناهيك عن استمرار الوجود الإيراني المدمر في عرقلة أي قرارات، بما في ذلك تلك التي يتخذها الدبلوماسيون الروس، ولم تكتفِ طهران بنسف الجهود الدولية التي بذلت في جنيف، بل شاركت أيضًا في تثبيط الجهود الروسية التركية في عملية أستانا.
لقد سعت إيران إلى تعطيل الحلول فقط لاستخدام سوريا في صفقات التفاوض مع أمريكا، وذلك لتخفيف الضغط عليها من قبل الأمريكان. ويمكن رؤية هذا المنطق من خلال التوغل الإيراني في المؤسسة العسكرية السورية، وعلى سبيل المثال، في الفرقة الرابعة في الجيش العربي السوري، والإشراف المشترك على التهريب من لبنان لإغراق الجيش في عمليات الفساد، مع أنّه لا ينبغي أن تنخرط التشكيلات العسكرية في مثل هكذا تحركات مشبوهة، بل يجب أن تتحرك نحو بناء دولة مستقرّة ومسالمة ومنع التوسّع الأجنبي.
يفتح ترشيح شخصية مثل طلاس فرصاً كبيرة لتجميع ما تبقى من الجيش السوري، ويمكن أن تطيعه التشكيلات المسلحة من كلا طرفي الصراع، مع العلم أنّ روسيا تعرف هذا القائد العسكري جيداً، والرهان على ذلك حسب رأيي سيمنح موسكو الفرصة لتعلن في مختلف المحافل الدولية أنّها هي التي أوجدت خريطة طريق جديدة لتسوية سورية مبنية على القرار 2254، وبالتالي تكون قد حققت إنجازاً سورياً سياسياً يتوّج الانتصارات العسكرية.
بات من الواضح أنّ عمل اللجنة الدستورية لن يؤدي إلى نتائج مهمة وسريعة، في الوقت الذي بات لا بدّ من إيجاد حلول سريعة وإسعافية، ومن غير المعقول أن يتم الوصول إلى حل سياسي إذا لم يكن لسوريا حكومة مستقرّة وجيش يهتم حقاً بوحدة البلاد، وليس العكس، بإثارة حرب أهلية بأفعالها غير الموفقة، كما يحصل في الوقت الحالي.
نعم لقد أجبر تفاقم الأزمة السورية المسلحة وظهور تهديدات إرهابية عالمية على أراضي البلاد، في وقت ما، على تأجيل النظر في العديد من المبادرات السياسية التي كانت تعتبر جيدة في وقتها. فإذا واصلت دول العالم تأجيل مناقشة حل الأزمة السورية، يبدو أنّ هذا سيعقد المشاكل القائمة، ويحرم سوريا العديد من الفرص المحتملة في الاستقرار، وسيزيد من مشاكل المجتمع الدولي، وذلك عبر تصدير الإرهاب واستنزاف الدول المشاركة في الملف السوري، الدولية والإقليمية.
أخيراً، إنّ التسريبات التي وصلتني عبر أشخاص موثوقين، تشير إلى تشكيل مجلس مدني ومجلس عسكري يضم أطرافاً من المعارضة السورية والنظام السوري، بقيادة العميد “مناف طلاس" والعديد من الشخصيات السورية المرموقة. فهل سيكون لها صدى قوي وإيجابي، سورياً وعربياً ودولياً، ويؤدي لمزيد من التقارب الدولي في حلّ النزاعات الدولية في القريب العاجل؟ هذا في ظل انخفاض مستوى الأمل لدى السوريين في الشتات والمخيمات والنزوح، هل سيحصل السوريون على حلّ نهائي منصف يستحقوه؟.
ليفانت - بسام البني
قد تحب أيضا
كاريكاتير
من وحي الساحات في سوريا
- December 19, 2024
من وحي الساحات في سوريا
ليفانت-خاص
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!