الوضع المظلم
الأحد ٢٨ / أبريل / ٢٠٢٤
Logo
سوريا في عيون التاريخ
عماد شريتح


لا أعرف إذا كان الوقت مناسباً لهذا الكلام، إذ سوف يعتبره البعض مساساً بالخطوط الحمراء لا يقبل النقاش بها، كقدسيّة الثورات، أو أبدية الأنظمة الحاكمة والتغني بأمجادها، فهذا أو ذاك، لا يسمح للأحد بالاقتراب، إما أن تكون مع أو ضد، وبينهما استشهد الآلاف وشرّد الملايين. 


من وجهة نظر التاريخ وتحوّلاته، ما يحدث في سوريا عبارة عن حرب أهلية أفنت كل شيء، هذا ما تورده الصحف الغربية باستمرار. تلك ستتحول فيما بعد وثائق تاريخية سوف يتم الاستشهاد بها بعد عشرات السنوات لتأريخ وتدوين تحولات كبرى  من أبرزها الحرب السورية، فيما إذا صمدت سوريا إلى ذلك الوقت. في المستقبل، إذا أردنا تدوين حقبة الأزمة السورية، هل سنكون محايدين أو معارضين أو مؤيدين؟

يستخدم منهج البحث التاريخي في دراسة التاريخ، المتمثِّل بدراسة الماضي بمختلف ظواهره وحوادثه بالمعنى العام، ومجمل الحياة البشرية الماضية، من علاقات بين الأحداث والمتغيرات عبر الزمن، بالمعنى الخاص، مثل العلاقات السببية المسؤولة عن تطور هذه الظواهر وتغيّرها.

وحتّى يكون التاريخ السوري صحيحاً، بمعلوماته وحقائقه ونتائجه للأجيال في المستقبل، على الباحث أن لا يتجاهل جزئيات وأحداث صغيرة غيّرت مسار شعب كامل بغية دراستها، وكشف أسبابها.


جزئيات صغيرة التي يجب أن لا يغفل عنها التاريخ


أين أولئك الذين ظهروا فجأة ونصّبوا أنفسهم ثواراً على أكتاف الشعب البسيط، وأخذوا على عاتقهم إصدار الأوامر والفتاوى “كالعرور”، وراح بسبب دورهم الخبيث عشرات من الشعب البسيط، بين شهيد ومشرّد، ذلك الشعب الذي أراد نيل حريته، فقط، ولم يجد مرجعاً له ليتم توجيهه، ثم اختفوا مثلما ظهروا؟.

من يريد تدوين الأزمة السورية، عليه أن لا يصنّف الرعاع ضمن فئة الثوار، الذي يعيشون حياة الرفاه والبحبوحة في المهجر، ويدعون إلى إسقاط النظام أمام السفارات في برلين وباريس وفيينا وعواصم أخرى، عبر السباب والشتام أو بحرق الأعلام في مجمل الأحوال.


أما الحمقى الذين يظهرون على شاشات الدنيا والإخبارية السورية، والذين يهتفون باسم العائلة “الكريمة”، ويعتبروها امتداداً لسوريا وللوطن العربي، بل للمجرّة، لا يمكن اعتبارهم وطنيين، بل أظنّهم بالدرك الأسفل من جهنم مع المنافقين، ولا يجب ذكرهم أبداً في المستقبل.


كيف لقائد فصيل “معارض” أن يملك سلسلة مطاعم وفنادق في تركيا؟


من سمح لعشرات الآلاف من المقاتلين، من باكستان وشيشان وتركمانستان وتونس، بالعبور عبر تركيا إلى إدلب و ريف حلب؟. كيف وصلت قطع أثرية إلى متاحف أوروبية وأمريكية، قادمة من تدمر، وعبرت عشرات الفصائل المسلحة والقوات النظامية السورية، بداية من داعش، إلى تركيا؟

عشرات الآلاف من السوريين عبرت إلى اليونان عام 2015، أمام أنظار وحماية الأمن التركي، وسمحت أوروبا بدخولهم، و أعطتهم حق اللجوء، والآن تمنّعت وبدأت بالتضييق، من خلال قوانين اللجوء الجديدة، كيف، ولماذا الآن؟.


إلى الآن ما زال جواز السفر السوري النظامي مقبولاً لدى كل الدول، وخاصة التى استقبلت اللاجئين، بالرغم من اعترافهم بعدم شرعية النظام وفق زعمهم.

عند اندلاع الأعمال القتالية في درعا عام 2011، توافد العشرات من الهاربين إلى الحدود الأردنية السورية، عانوا ما عانوه، بسبب رفض السلطات الأردنية، في بداية الأمر، السماح بدخول الحدود، لكن مع تدخل الأمم المتحدة، من خلال وعود أطلقتها بمساعدات كبيرة للدول الجوار، إضافة إلى أنّ أطفالنا يغتصبون ويقتلون في لبنان ولم يحرّك أحدا ساكناً.


كيف تمكن الناشطون من الوصول إلى الدول الأوروبية، من خلال قوائم اسميّة محددة، من دول معينة، بأمان، تحت ما يسمى الحماية الدولية عبر “مصالحات”، أفضت إلى وقف القتال وإخراج المدنيين، بينما ملايين لا تجد خيمة في شمال سوريا. لماذا هؤلاء فقط؟.


في الحقيقة هناك تفاصيل وجزئيات لا يمكن الحديث عنها، إما لكثرتها، أو أنّها تمسّ “مقدسات”، وتعدّ تشكيكاً لمعتقدات الفكر “الثوري” و”الوطني”. مهمتنا ليست استقراء الأحداث وتحليلها ودراسة نتائجها وجمعها، لأنّنا لا نملك القدرة العلمية والبحثية لذلك، بل يجب أن تكون مهمتنا _كشعب مسحوق_ إيصال الأمور التي عشناها، وإخبار الأحداث، حتى يكون التاريخ مكتوباً بدماء المظلومين وأصحاب الحق لا بالأقوياء.


ليفانت – عماد شريتح 








 




النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!