الوضع المظلم
الخميس ٢٣ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
سوريا على حافة أزمة صحية كبيرة
سوريا على حافة أزمة صحية كبيرة

وصل فيروس كورونا إلى سوريا. في 29 مارس، وثق نظام الطاغية بشار الأسد أول حالة وفاة مؤكدة بسبب المرض، ولدى دمشق الآن زهاء 12 حالة إصابة بكوفيد - 19، وهو رقم سيرتفع دون شك في الأيام القادمة.


كان وصول هذا الوباء إلى سوريا أمرا متوقعا في نهاية المطاف. منذ تفشي كورونا المستجد في مقاطعة ووهان الصينية في ديسمبر من العام الماضي، انتشر الفيروس على مستوى العالم.


اليوم، لا توجد دولة على وجه الأرض تقريبا لم تتأثر، ولو بشكل قليل على الأقل، بالجائحة. مع الوقت، يتنبأ علماء الأوبئة، بأن جميع الدول ستتعرض للفيروس، وسيتأثر كثير منها بشدة. لكن الحقائق السياسية للحرب الأهلية السورية، التي اندلعت منذ عام 2011 والتي دخلت في موجة جديدة من العنف في الأسابيع الأخيرة، تضمن فعليا أن للمرض آثارا كارثية هناك.


اقرأ المزيد: سلطات النظام السوري تضع 10 أفارقة في الحجر الصحي


والواقع أنه حتى قبل أن يتفشى فيروس كورونا بالكامل في الخارج، كانت الأمم المتحدة تحذر من الوضع المتدهور في سوريا، حيث بدأت مؤخرا دورة جديدة من العنف. في منتصف فبراير، حذر مارك لوكوك، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، من أن النزاع المتمركز حاليا في شمال غرب سوريا، حيث تصطدم قوات النظام السوري مع الفصائل المعارضة المدعومة من تركيا ـ قد وصل إلى "مستوى جديد مرعب". في غضون الأسابيع القليلة الماضية، أوضح لوكوك، أن ما يقرب من مليون سوري (الغالبية العظمى منهم من النساء والأطفال) قد تشردوا نتيجة القتال.


العواقب تترك سوريا بدون مسار واضح إلى الأمام في مواجهة الوباء الذي يلوح في الأفق


ومع ذلك، فإن هذا يمثل مجرد التصعيد الأخير، في سياق ما أصبح كارثة إنسانية طويلة الأمد. قبل هذا الشتاء، كانت الأمم المتحدة تقدر أن ما يقرب من ثلاثة ملايين سوري ـ ثلاثة أرباع سكان شمال غرب سوريا ـ كانوا "بحاجة إلى المساعدة الإنسانية". واليوم، يوجد أكثر من ذلك، مع وجود العديد منهم في مخيمات اللاجئين، حيث لا يمكن ببساطة اتخاذ الاحتياطات اللازمة التي يجب اتخاذها ضد فيروس كورونا (مثل التباعد الاجتماعي وإجراءات النظافة المعززة).


وفي الوقت نفسه، أدت الانقسامات السياسية الحالية في البلاد لأن تكون الاستجابة الشاملة للمرض حلما بعيد المنال. كما أوضح آرون زلين وعلا الرفاعي من معهد واشنطن، أن هناك ثلاث سياسات وبائية منفصلة على الأقل يتم توظيفها الآن في البلاد. نظام الأسد "يتلاعب بالطوارئ" ويحاول، أسوة بشريكه الاستراتيجي إيران، استخدام الأزمة لتسهيل رفع العقوبات الدولية. ما يسمى بـ "حكومة الإنقاذ" (الجبهة السياسية لجماعة تحرير الشام) تتصرف بشكل بنّاء أكثر بمواردها المحدودة، وتغلق الأماكن العامة في المناطق الخاضعة لسيطرتها وتعمل على رفع مستوى الوعي والسلامة بين السكان المحليين. في غضون ذلك، لا تزال الإدارة المستقلة التي يقودها الأكراد في شمال البلاد غير مستعدة بشكل مؤسف لحالة الطوارئ الصحية، وتفتقر إلى الإمدادات الكافية من المعدات الحيوية (مثل أجهزة التنفس).


اقرأ المزيد: 300 إصابة بالكورونا..في فندق واحد للميليشيات الشيعية في دمشق


نظام الأسد "يتلاعب بالطوارئ" ويحاول استخدام الأزمة لتسهيل رفع العقوبات الدولية


في الوقت نفسه، فإن اختيار النظام السوري للشركاء الاستراتيجيين يجعل البلاد أكثر فقرا، على مدى نصف العقد الماضي، نظمت الجمهورية الإسلامية قوة ضخمة من الشيعة غير النظاميين، من أماكن مثل العراق وباكستان واليمن، دربتها وأرسلتها إلى ساحة المعركة السورية لدعم نظام الأسد. بدورها، لعبت هذه المليالشيات دورا فعالا في مساعدة دمشق على تحويل مسار الحرب الأهلية السورية. ولكن يبدو أن هذه القوى نفسها مسؤولة أيضا عن نقل فيروس كورونا إلى البلاد في المقام الأول. وفقا لتحليل جديد أجراه معهد الشرق الأوسط لبحوث الإعلام (MEMRI) ، وصل المرض إلى البلاد قبل أسابيع من اعتراف دمشق به علنا، وتم نقله إلى هناك بشكل أساسي من قبل أعضاء الحرس الثوري الإيراني والميليشيات الموالية لإيران. أشارت مواقع المعارضة السورية إلى العديد من حالات الإصابة بفيروس كورونا في جميع أنحاء البلاد، حيث يعمل رجال الميليشيات المدعومة من إيران وإيران كسبب رئيسي لانتشاره.


في غضون ذلك، واصلت روسيا دعم نظام الأسد في جهوده للقضاء على جيوب المعارضة، على الرغم من توقيع مذكرة تفاهم مع تركيا في أكتوبر 2018 تهدف إلى فرض وقف لإطلاق النار في شمال البلاد. وفي الوقت نفسه، استخدمت موسكو حق النقض في الأمم المتحدة لمنع أي عمل متعدد الأطراف حازم قد يسود في دمشق ويخفف من قمعها المحلي.


اقرأ المزيد: جائحة الكورونا في سوريا..نحن نرحّب بالموت


العواقب تترك سوريا بدون مسار واضح إلى الأمام في مواجهة الوباء الذي يلوح في الأفق. من المرجح أن تكون النتيجة توسعا كبيرا للأزمة الإنسانية الشديدة بالفعل في البلاد ـ أزمة ستضطر المنطقة والعالم إلى التدخل فيها وإدارتها.


الحرة

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!